وزراء يهاجمون رئيس أركان الجيش خلال اجتماع لمناقشة إستراتيجية غزة ما بعد الحرب
انتقد السياسيون اليمينيون توقيت التحقيق بينما لا يزال القتال جاريًا، ومشاركة موفاز فيه، بينما دافع غالانت وغانتس عن هاليفي، وطلبا من المشرعين عدم التدخل
انتهى اجتماع لكبار الوزراء كان يهدف إلى مناقشة المخططات لإدارة غزة بعد الحرب الإسرائيلية ضد حماس بمشادات كلامية حادة وغاضبة بين الوزراء والضباط العسكريين، وفقا لتقارير صدرت صباح الجمعة، بعد اعتراض المشرعون اليمينيون على خطط الجيش للتحقيق في أخطائه.
وشهد الشجار توجيه سياسيين يمينيين، بما في ذلك البعض من حزب الليكود الذي يتزعمه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، انتقادات إلى رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي بسبب توقيت التحقيق وضم وزير دفاع سابق له.
وقد أبرز الشجار التوترات القائمة منذ فترة طويلة بين الجيش وبعض أعضاء ائتلاف اليمين المتشدد بشأن السياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين، وكشف عن تصدعات في الجبهة الموحدة التي تسعى الحكومة تقديمها منذ اندلاع الحرب قبل ثلاثة أشهر. وجاء ذلك في الوقت الذي يتوجه فيه وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى المنطقة لإجراء محادثات طال انتظارها حول الخطط لإنهاء القتال وتسليم السيطرة المدنية على غزة.
وذكرت تقارير في وسائل إعلام عبرية، نقلا عن مشاركين في الاجتماع لم تذكر أسماءهم، أن نتنياهو أنهى الاجتماع بعد ثلاث ساعات بعد اندلاع المشادة الكلامية، عندما سارع بعض الوزراء للدفاع عن هاليفي. وقال أحد الوزراء لإذاعة “كان” إن صوت الصراخ “وصل خارج الغرفة”، وقال آخر إن بعض مسؤولي الدفاع غادروا مبكرا، احتجاجا على ما يبدو على المعاملة التي تلقوها.
ومع بدء الاجتماع في وقت متأخر من الليل، ظهرت تقارير تفيد بأن هاليفي يشكل لجنة من مسؤولين سابقين في وزارة الدفاع للتحقيق في إخفاقات الجيش في الفترة التي سبقت هجمات حماس في 7 أكتوبر على جنوب إسرائيل، والتي لم يكن الجيش مستعد لها ولم يتمكن الاستجابة عليها بفعالية لساعات.
وقُتل حوالي 1200 شخص في الهجوم وتم احتجاز أكثر من 240 كرهينة، بعد اجتياح الآلاف المسلحين الذين تقودهم حماس البلدات الجنوبية بسهولة من البر والجو والبحر.
وبحسب التقارير، واجهت وزيرة المواصلات ميري ريغيف هاليفي خلال الاجتماع حول التحقيق، وانضم وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريش ووزير التعاون الإقليمي دافيد أمسلم للمطالبة بمعرفة سبب قرار الجيش بإطلاق التحقيق بينما لا يزال القتال جاريًا في غزة.
ونقل عن أمسلم قوله: “لماذا نحتاج إلى التحقيق الآن؟ هل العسكريون في موقف دفاعي بدلا من الانشغال بالفوز في [الحرب]؟”
كما ورد أن الوزراء أعربوا عن غضبهم من إدراج وزير الدفاع السابق شاؤول موفاز في التحقيق بسبب تورطه في الانسحاب من غزة عام 2005. ويأمل البعض في اليمين المتطرف أن يتم التراحع عن فك الارتباط عن القطاع في أعقاب الحرب ضد حماس، وهي فكرة تعتبر مرفوضة على نطاق واسع.
“عينت موفاز؟ هل جننت؟”، نُقل عن ريغيف قولها.
ووفقا للتقارير، اتهم بن غفير وسموتريتش هاليفي بالتمسك بمفهوم فاشل فيما يتعلق بتعاملات إسرائيل مع الفلسطينيين، والذي كشفته الهجمات. وعكست هذه المزاعم انتقادات اليمين الانتقامي ضد خطط “اليوم التالي” في غزة التي تمنح الفلسطينيين سيطرة جزئية على شؤون القطاع.
وقد دفع هذا الادعاء وزير الحرب بيني غانتس، رئيس الأركان ووزير الدفاع السابق، إلى الانفجار قائلا: “هذا تحقيق مهني، ما علاقته بفك الارتباط والمفاهيم؟ رئيس الأركان يحقق في ما حدث لخدمة أهدافنا القتالية وقدرتنا على التخطيط لمواجهة في الشمال”.
ودافع وزير الدفاع يوآف غالانت عن قرار هاليفي، وانتقد الوزراء “لمهاجمته”، مما أثار مشاحنات جديدة حول ما إذا كان بإمكان الجيش أن يأمر بإجراء تحقيق دون موافقة السياسيين.
ورد هاليفي على الوزراء قائلا إن التحقيق كان عمليا، ولا يتعلق بالسياسة.
“هذا مثل عدم تقديم جدول أعمالي للغد. إذا كنت بحاجة إلى التحقيق في العمليات، فأنا لا أحتاج إلى موافقة”. وأشار إلى أن التحقيق سيساعد الجيش على تجنب نفس الأخطاء بينما يستعد لحرب محتملة ضد حزب الله في لبنان.
ودعم غالانت هاليفي، وقال لزملائه إن أمر قائد الجيش الإسرائيلي بإجراء تحقيق “لا يعنيكم”. ومع احتدام النقاش وبدء الصراخ، قال لريغيف “ميري، أنا لا أعمل لديك. دعيني أتكلم. يمكن لرئيس الأركان أن يفعل ما يريد”.
وقد رفض القادة السياسيون الإسرائيليون بشكل واضح النظر في الأخطاء التي سمحت بوقوع هجوم 7 أكتوبر، ووعدوا بأنهم سيفعلون ذلك بعد الحرب، التي شنت بهدفين مزدوجين هما القضاء على حماس وإعادة الرهائن، مع توقع البعض أن الأمر قد يستغرق سنة أو أكثر.
وعلى عكس نتنياهو وغيره من السياسيين، الذين رفضوا قبول اللوم أو تحمل مسؤولية السماح بوقوع الهجوم في ولايتهم، كان رؤساء وكالات الدفاع والاستخبارات صريحين إلى حد كبير في تحمل المنسؤولية والوعد بإجراء تغييرات.
وخلال الشجار، أشار الوزراء المتحالفون ضد هاليفي إلى أن لديهم الكثير من الانتقادات للجيش، لكنهم أحجموا عن انتقاد الجيش علنًا بسبب الحرب المستمرة. وتساءلت الوزيرة يفعات شاشا بيطون، من حزب “الوحدة الوطنية” الذي انضم إلى الائتلاف كإجراء طارئ ليكون له رأي في إدارة الحرب، عن سبب عدم انتقاد القيادة السياسية أيضا.
ومع استمرار المشاحنات، أعلن نتنياهو انتهاء اللقاء، قائلا إنه سيستمر في وقت آخر. ولم يصدر بيان حكومي بشأن الاجتماع.
وبحسب هيئة البث العامة “كان”، قال نتنياهو لهاليفي في ختام الاجتماع، “أحيانًا، عليك الاستماع إلى الوزراء”.
وعبر وزراء تحدثوا إلى هيئة البث عن غضبهم من الطريقة التي عومل بها هاليفي، وقال أحدهم إن الحكومة بحاجة إلى إعادة التفكير فيما إذا كان المجلس الوزاري الأمني المصغر بتشكيله الحالي “صالح لاتخاذ قرارات بشأن سياساتنا الدفاعية”.
وقال وزير آخر للإذاعة: “ما حدث هناك كان مخزيا. يمكن انتقاد الجيش الإسرائيلي، لكنهم لاحقوا رئيس الأركان بلا هوادة”.
وجاء الاجتماع قبل أيام من زيارة بلينكن لإسرائيل لمناقشة “الانتقال إلى المرحلة التالية” من الحرب، وفقا لما ذكره المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر، الذي أشار إلى أن المحادثات من المرجح أن تتطرق إلى مجالات الخلاف.
“لا نتوقع أن تكون كل محادثة في هذه الرحلة سهلة. من الواضح أن هناك قضايا صعبة تواجه المنطقة وأن خيارات صعبة أمامها، لكن الوزير يعتقد أن من مسؤولية الولايات المتحدة الأمريكية قيادة الجهود الدبلوماسية لمواجهة تلك التحديات بشكل مباشر، وهو مستعد للقيام بذلك في الأيام القادمة”، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية.
وكان من المقرر في البداية عقد الاجتماع يوم الثلاثاء ولكن تم تأجيله بعد اغتيال زعيم حماس صالح العاروري في بيروت، والذي نُسب على نطاق واسع إلى إسرائيل.
وسعى نتنياهو في البداية إلى إجراء النقاش في مجلس الوزراء الحربي الأصغر الذي لا يضم الوزراء الذين انتقدوا هاليفي، لكنه أجراها في المجلس الوزاري المصغر بعد ضغوط من سموتريش وبن غفير، وفقا للتقارير.
وبحسب ما ورد، حاول رئيس الوزراء تجنب أي نقاش حول مستقبل غزة لأنه سيتطرق إلى الدور المتوقع أن يتولاه مسؤولي السلطة الفلسطينية في إدارة الشؤون المدنية في غزة بعد هزيمة حماس.
وقد أحبط هذا التأخير إدارة بايدن، التي تقول إن الفشل في التخطيط لمن سيحكم غزة بعد الحرب قد يؤدي إلى تورط الجيش الإسرائيلي في القطاع إلى أجل غير مسمى.