سوليفان قال لنتنياهو أن العلاقات السعودية في متناول اليد، لكنها مرهونة بمسار إلى الدولة الفلسطينية
بينما يتجادل القادة الإسرائيليون حول اتجاه الحرب، يناقش كبير مساعدي بايدن عملية رفح مع نتنياهو ومسؤولين كبار آخرين، ويجتمع مع هرتسوغ لبحث الجهود المبذولة لتحرير الرهائن

عرض مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يوم الأحد الفرصة المتاحة حاليا لإسرائيل لتطبيع العلاقات مع المملكة العربية السعودية إذا وافقت اسرائيل على مسار يؤدي إلى دولة فلسطينية مستقبلية.
وصل سوليفان إلى إسرائيل في وقت سابق من اليوم بعد أن أجرى محادثات “بناءة” حول “الرؤية الشاملة لإدارة بايدن لمنطقة شرق أوسط متكاملة” مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في الدمام بالسعودية.
وقالت المملكة إنهما ناقشا نسخة “شبه نهائية” من اتفاقية أمنية واسعة النطاق بين البلدين. وتُعتبر هذه الاتفاقيات جزءا رئيسيا من جهود واشنطن لدفع الرياض إلى الاعتراف بدولة إسرائيل للمرة الأولى – وهي الجهود التي عقّدتها الحرب المستمرة في غزة.
ويبدو أن هذه الجهود هي أمر غير وارد بالنسبة لإسرائيل، حيث أكد نتنياهو مرة أخرى يوم الأحد أنه لن يقبل بدولة فلسطينية، حتى لو كان ذلك يعني صفقة تطبيع سعودية. ولقد كانت الرياض وواشنطن واضحتين في أن التحرك نحو إقامة دولة فلسطينية ضروري للتوصل إلى اتفاق.
لكن هذا لم يمنع سوليفان من طرح الفكرة مرة أخرى على نتنياهو خلال اللقاء الذي أطلعه فيه على الاجتماعات التي عقدها في السعودية حول “الإمكانات التي قد تكون متاحة الآن لإسرائيل، وكذلك للشعب الفلسطيني”، حسبما جاء في بيان للبيت الأبيض.
ولطالما دعت السعودية إلى إنشاء دولة فلسطينية مستقلة على طول حدود إسرائيل عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية. ومع ذلك، من المرجح أن هذا أمر غير مقبول بالنسبة لنتنياهو، الذي تعتمد حكومته على دعم المتشددين الذين يعارضون حل الدولتين ويدعمون المستوطنات الإسرائيلية على الأراضي التي يريدها الفلسطينيون لتلك الدولة.

كما التقى سوليفان برئيس الدولة يتسحاق هرتسوغ، ورئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي، ووزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر، وناقش معهم أيضا الجهود الجارية لضمان إطلاق سراح الرهائن في غزة و”الهزيمة الدائمة لحماس”، بحسب البيت الأبيض.
ويبدو أن الهدفين يتعارضان أحدهما مع الآخر، بالنظر إلى أن الولايات المتحدة تهدف إلى تحويل صفقة الرهائن التي تتوسط فيها حاليا إلى اتفاق وقف دائم لإطلاق النار من شأنه يبقي على حماس في غزة بشكل ما.
لكن مسؤولين أمريكيين قالوا لـ”تايمز أوف إسرائيل” في الأسبوع الماضي إن المبادرة الدبلوماسية التي تدفع بها واشنطن مع الشركاء الدوليين ستهمش الحركة وإنها البديل الوحيد أمام إسرائيل لخيار احتلال غزة دون مساعدة من حلفائها العرب في تحقيق الاستقرار في القطاع.
ولم يلتق سوليفان بوزير الدفاع يوآف غالانت أو الوزير في كابينت الحرب بيني غانتس، اللذين انتقد كلاهما علنا تعامل نتنياهو مع الحرب في الأسبوع الماضي.
وناقش هرتسوغ وسوليفان الجهود الجارية لتأمين عودة الرهائن في غزة، حسبما قال مصدر مقرب للرئيس لتايمز أوف إسرائيل.
Thank you @JakeSullivan46 for your important visit, and for your ongoing efforts to see the immediate release of the hostages held by Hamas in Gaza. pic.twitter.com/i0LKgtXs3J
— יצחק הרצוג Isaac Herzog (@Isaac_Herzog) May 19, 2024
كما دعا سوليفان إلى عقد اجتماع معدل للمجموعة الاستشارية الإستراتيجية الأمريكية الإسرائيلية، التي اجتمعت عدة مرات عبر الإنترنت لمناقشة الهجوم الإسرائيلي المحتمل على مدينة رفح جنوب غزة.
في اجتماع وجها لوجه يوم الأحد مع كبار المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين، تم إطلاع سوليفان على العمليات الأخيرة للجيش الإسرائيلي في غزة. وجاء في البيان الأمريكي أن “الجانبين ناقشا سبل ضمان هزيمة حماس مع تقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين إلى الحد الأدنى”، مما يسلط الضوء على نقطة شائكة في العلاقات، حيث تشعر واشنطن أن إسرائيل لم تبذل جهودا كافية بشأن هذه القضية. وتشير تقديرات الجيش الإسرائيلي إلى أن عدد المدنيين الذين قُتلوا في الحرب يبلغ 20 ألفا، مقارنة بنحو 15 ألف مقاتل.
خلال هذا اللقاء، أعاد سوليفان التأكيد على موقف الولايات المتحدة ضد عملية عسكرية كبيرة في رفح بسبب المخاوف من أنها ستسبب المزيد من الضرر للمدنيين الذين يحتمون هناك، بينما يخاطر بإلحاق ضرر لا يمكن إصلاحه بالعلاقات مع حليفته مصر، التي تشترك في الحدود مع رفح.
وجاء في البيان الأمريكي أن “سوليفان اقترح سلسلة من الإجراءات الملموسة لضمان تدفق المزيد من المساعدات إلى غزة، بما في ذلك من خلال جميع المعابر المتاحة، ومن خلال الممر البحري الإنساني المتعدد الجنسيات”.
وأطلع كبير مساعدي بايدن نظراءه الإسرائيليين على المحادثات التي أجرتها الولايات المتحدة مع مصر “لتأمين حدودها بالكامل مع رفح ولتأمين التدفق المستمر للمساعدات الإنسانية عبر معبر كيرم شالوم، حتى مع استمرار المحادثات بشأن إعادة فتح معبر رفح”.

وقال مسؤولون أمريكيون إن أي عملية إسرائيلية موسعة في رفح تخاطر بالإضرار باستعداد مصر للتعاون في هذه الجهود، حيث لا تريد القاهرة أن يُنظر إليها على أنها متعاونة مع إسرائيل ضد مصالح الفلسطينيين، الذين يجدون أنفسهم مضطرين إلى النزوح مرة أخرى في غزة بسبب الهجوم.
وقد أصبح معبر كيرم شالوم (كرم أبو سالم) نقطة الدخول الرئيسية للمساعدات، حيث تم إغلاق معبر رفح بعد سيطرة القوات الإسرائيلية على المنطقة في وقت سابق من هذا الشهر. وأشارت مصر إلى أنها لن تقوم بالتنسيق بشأن إدخال المساعدات عبر رفح حتى مغادرة القوات.
وشدد سوليفان أيضا على الخطوات التي يمكن لإسرائيل اتخاذها لتحسين آليات منع الاشتباك الحالية بحيث يتم حماية عمال الإغاثة، بعد أيام من مقتل شخصين آخرين من موظفي الإغاثة الإنسانية في غزة.
وأكد سوليفان على الحاجة بأن تقوم إسرائيل بـ”إنشاء ممرات ثابتة داخل غزة لضمان وصول المساعدات إلى جميع المحتاجين في جميع أنحاء غزة”.
وجاء في البيان أن مستشار الأمن القومي الأمريكي “أكد مجددا ضرورة قيام إسرائيل بربط عملياتها العسكرية باستراتيجية سياسية يمكن أن تضمن الهزيمة الدائمة لحماس، والإفراج عن جميع الرهائن وتوفير مستقبل أفضل لغزة”، في إشارة إلى انتقادات كبيرة وجهتها الولايات المتحدة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، حيث ترى واشنطن أن رفضه التخطيط لمن سيحل محل حماس في غزة أدى إلى تآكل المكاسب العسكرية الإسرائيلية.
ومع انتشال جثث أربع رهائن يوم الجمعة، يُعتقد أن 124 شخصا اختطفتهم حماس في 7 أكتوبر ما زالوا في غزة، وأكدت السلطات الإسرائيلية مقتل 37 منهم.
انهارت المحادثات غير المباشرة مع حماس في القاهرة في وقت سابق من هذا الشهر، حيث تواصل الحركة في غزة الإصرار على إنهاء الحرب كشرط لإطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم.

في هذه الأثناء، تعمل قوات الجيش الإسرائيلي ببطء على توسيع عمليتها المحدودة في رفح، وهي خطوة يصر نتنياهو على أنها الطريقة الوحيدة للضغط على زعيم حماس يحيى السنوار للموافقة على صفقة.
اكتسبت الحرب في قطاع غزة وتأثيرها على العلاقات مع السعودية إلحاحا يوم السبت عندما أصدر غانتس إنذارا نهائيا بشأن عدد من المواضيع، بما في ذلك التطبيع السعودي، كشرط لإبقاء حزبه “الوحدة الوطنية” في حكومة الطوارئ التي انضم إليها بعد أن بدأت الحرب. ردا على ذلك، أصدر مكتب رئيس الوزراء بيانا قال فيه إن نتنياهو يعارض “إقامة دولة فلسطينية ستكون حتما دولة إرهاب”.
ساهمت في هذا التقرير وكالات