إسرائيل في حالة حرب - اليوم 584

بحث

سوريا تؤكد إجراء حوار غير رسمي مع إسرائيل بشأن المسائل الأمنية

الرئيس السوري يقول إن المحادثات تهدف إلى ”تخفيف التوترات“؛ بحسب تقرير فإن الحوار بدأ في منتصف أبريل، ويركز على بناء الثقة بين دمشق والقدس

الرئيس السوري أحمد الشرع يتحدث خلال مؤتمر صحفي مشترك في قصر الإليزيه في باريس، في 7 مايو 2025. ((Stephanie Lecocq / POOL / AFP)
الرئيس السوري أحمد الشرع يتحدث خلال مؤتمر صحفي مشترك في قصر الإليزيه في باريس، في 7 مايو 2025. ((Stephanie Lecocq / POOL / AFP)

أكد الرئيس السوري أحمد الشرع يوم الأربعاء أن بلاده تشارك حاليا في محادثات غير مباشرة مع إسرائيل. وأفادت تقارير في وقت سابق من اليوم أن الإمارات العربية المتحدة سهلت قنوات اتصال سرية للحوار بين القدس ودمشق.

وكانت وكالة رويترز أول من أورد نبأ هذه المحادثات، نقلا عن ثلاثة أشخاص مطلعين على الموضوع، قالوا إنها بدأت بعد زيارة الشرع إلى الإمارات في 13 أبريل، وتركز على المسائل الأمنية والاستخباراتية وبناء الثقة بين الدولتين اللتين لا تربطهما علاقات رسمية.

وقال الشرع يوم الأربعاء إن المفاوضات غير الرسمية تهدف إلى ”تخفيف التوترات ومنع الوضع من الخروج عن السيطرة بالنسبة لجميع الأطراف المعنية“.

وأضاف أن ”التدخل الإسرائيلي (التوغل العسكري في الأراضي السورية) يشكل انتهاكا لاتفاقية عام 1974“ بين إسرائيل وسوريا، وشدد على أنه منذ توليه منصبه، التزم بالتمسك بهذه الاتفاقية.

كما صرح الشرع بأن سوريا تتواصل مع أي دولة لها علاقات مع إسرائيل في محاولة للضغط عليها لوقف ما وصفه بالتدخلات والهجمات في سوريا.

وأدلى بهذه التصريحات خلال مؤتمر صحفي عقب اجتماعه مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في باريس. وتعد هذه الزيارة الأولى للرئيس السوري إلى أوروبا منذ توليه منصبه.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (على يمين الصورة) يصافح الرئيس السوري أحمد الشرع بعد مؤتمر صحفي مشترك عقب اجتماع في قصر الإليزيه في باريس، في 7 مايو 2025. (Stephanie Lecocq / POOL / AFP)

ووصف مصدر أمني سوري لرويترز الجهود الجارية بأنها تركز حاليا على “مسائل فنية”، وأضاف أنه لا حدود لما قد يشمله النقاش في نهاية المطاف.

وأكد المصدر الأمني ​​السوري الكبير لرويترز أن القناة الخلفية تقتصر فقط وحصريا على القضايا الأمنية، مع التركيز على عدد من ملفات مكافحة الإرهاب.

وأضاف المصدر أن المسائل العسكرية، وخاصة تلك المتعلقة بأنشطة الجيش الإسرائيلي في سوريا، خارج نطاق المناقشات حاليا.

وذكر المصدر المخابراتي أن مسؤولين أمنيين إماراتيين ومسؤولين في المخابرات السورية ومسؤولين سابقين في المخابرات الإسرائيلية شاركوا في قناة الاتصال، من بين آخرين.

تظهر هذه الصورة التي قدمها الديوان الرئاسي الإماراتي الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان (على يمين الصورة) أثناء لقائه بالرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع في قصر الشاطئ، 13 أبريل 2025. (Abdulla AL-BEDWAWI / UAE PRESIDENTIAL COURT / AFP)

وطلبت المصادر الثلاثة عدم نشر أسمائها نظرا لحساسية الأمر.

ولم ترد وزارة الخارجية الإماراتية على طلب للتعليق. وأحجم مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي عن التعليق.

وجرت جهود الوساطة قبل ضربات إسرائيلية على سوريا في الأسبوع الماضي، بما في ذلك غارة على بعد 500 متر فقط من القصر الرئاسي في دمشق، ولم يتسن لرويترز التأكد مما إذا كانت قناة الاتصال استُخدمت منذ وقوع الضربات.

وتوجه إسرائيل عبر تلك الغارات رسالة إلى قادة سوريا الجدد ردا على تهديدات للدروز، وهم أقلية دينية في سوريا ولبنان وإسرائيل.

يرفع مشيعون صورا خلال جنازة أفراد من الطائفة الدرزية في سوريا الذين قُتلوا في الاشتباكات الطائفية الأخيرة، في بلدة صلخد في محافظة السويداء جنوب البلاد، 3 مايو 2025. (Shadi AL-DUBAISI / AFP)

وفقا لأحد المصادر ودبلوماسي إقليمي، جرت في الأسبوع الماضي وساطة غير رسمية بين إسرائيل وسوريا بهدف تهدئة الوضع عبر قنوات أخرى. ورفضوا الإدلاء بمزيد من التفاصيل.

وأدانت الحكومة السورية الضربات الإسرائيلية ووصفتها بأنها تصعيد وتدخل أجنبي، وقالت إن الحكومة الجديدة في دمشق تعمل على توحيد البلاد بعد 14 عاما من الحرب الأهلية.

ويبذل القادة الجدد في سوريا جهودا لإظهار أنهم لا يشكلون أي تهديد لإسرائيل، إذ التقوا بممثلين عن الجالية اليهودية في دمشق وخارجها وألقت السلطات القبض على عضوين بارزين في حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، والتي شاركت في هجوم السابع من أكتوبر 2023.

وجاء في رسالة من وزارة الخارجية السورية إلى وزارة الخارجية الأمريكية الشهر الماضي واطلعت عليها رويترز “لن نسمح لسوريا بأن تشكل مصدر تهديد لأي طرف بما في ذلك إسرائيل”.

صبيان دروز يحملون علم الطائفة ويقفون إلى جانب مسلحين دروز بعد اشتباكات بين أفراد من الطائفة الدرزية ومقاتلين موالين للنظام في ضاحية جرمانا جنوب دمشق، سوريا، 29 أبريل 2025. (AP Photo/Omar Sanadiki)

مخاوف الأقليات

ضربت إسرائيل أهدافا في سوريا على مدى سنوات في حملة ظل عسكرية سعت بها إلى إضعاف إيران وحلفائها ومنهم جماعة حزب الله اللبنانية التي زاد نفوذها بعد تدخلها في الحرب الأهلية إلى صف بشار الأسد.

وازدادت عمليات الجيش الإسرائيلي حدة منذ الإطاحة بالأسد في ديمسبر كانون الأول وقالت إنها لن تسمح بوجود إسلامي مسلح في جنوب سوريا. وقصفت إسرائيل ما قالت إنها أهداف عسكرية في أنحاء البلاد كما دخلت قوات برية إسرائيلية إلى جنوب غرب سوريا.

وذكرت رويترز في فبراير شباط أن إسرائيل ضغطت على الولايات المتحدة لإبقاء سوريا لا مركزية ومعزولة واستندت في ذلك إلى شكوك في الشرع الذي قاد من قبل جماعة مرتبطة بتنظيم القاعدة قبل أن يقطع صلاته بالتنظيم في 2016.

وقالت المصادر إن حكومة الإمارات لديها أيضا مخاوف بشأن الميول الإسلامية لقادة سوريا الجدد لكن اجتماعا بين الشرع ورئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الشهر الماضي سار بشكل جيد جدا مما ساهم في تهدئة بعض مخاوف أبوظبي.

وأشارت المصادر إلى أن الاجتماع استمر لعدة ساعات مما تسبب في تأخر الشرع عن ارتباط بعده.

تظهر هذه الصورة التي قدمتها الرئاسة الإماراتية الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان (إلى اليمين) خلال لقائه مع الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع في قصر الشاطئ في 13 أبريل 2025. (Ryan Carter / UAE Presidential Court / AFP)

وقالت المصادر إن قناة الاتصال السرية مع إسرائيل بدأت بعد أيام من ذلك.

وترى دمشق أن علاقات الإمارات مع إسرائيل، التي بدأت باتفاق تاريخي توسطت فيه الولايات المتحدة في 2020، تشكل مضمارا أساسيا لمناقشة قضايا مع إسرائيل بالنظر إلى غياب العلاقات المباشرة بين الدولتين.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الأحدث على سوريا بعد اشتباكات بين مسلحين من السنة ومن الدروز على مدى أيام نشبت بسبب تسجيل صوتي لم يعرف مصدره قيل إنه مسيء للنبي محمد. وأسفرت تلك الاشتباكات عن مقتل أكثر من عشرين.

وقد تعهدت القدس بحماية الدروز السوريين، ويسر الجيش الإسرائيلي إجلاء عدد من الدروز السوريين الذين أصيبوا في الاشتباكات لتلقي العلاج الطبي في إسرائيل.

سيارة إسعاف عسكرية إسرائيلية تنقل جرحى من الطائفة الدرزية السورية إلى مستشفى إسرائيلي، وهي تعبر السياج الحدودي بالقرب من قرية مجدل شمس الدرزية في هضبة الجولان، في 30 أبريل 2025. (Jalaa MAREY / AFP)

وتوصلت الحكومة السورية منذ ذلك الحين لاتفاق مع الجماعات الدرزية في منطقة السويداء التي يتركزون فيها يقضي بتشكيل قوات أمن محلية من صفوفهم، وهي خطوة ساهمت حتى الآن في خفض التوتر.

وشكلت تلك الاشتباكات أحدث تحد للشرع الذي تعهد مرارا بتوحيد كل قوات سوريا المسلحة في كيان واحد وحكم البلاد دون استبعاد أي فئة. ويحاول الشرع ذلك في دولة منقسمة بسبب حرب أهلية دارت على مدى 14 عاما لحين الإطاحة بالأسد.

لكن وقائع عنف طائفية شملت بالذات قتل مئات العلويين في مارس آذار عززت المخاوف بين الأقليات من نوايا الإسلاميين المهيمنين حاليا على البلاد وأثارت إدانات وتنديدات من قوى عالمية.

اقرأ المزيد عن