سموتريش يوقف التمويل لاندماج العرب في الأوساط الأكاديمية، في أحدث تقليصات للميزانيات المخصصة للعرب
وزير المالية يسحب المبالغ المخصصة للبرنامج التحضيري لسكان القدس الشرقية؛ الجامعة العبرية تقول "إنه يحيل الشباب إلى الفقر والجريمة والإرهاب"
في أحدث خطواته لتقليص الأموال المخصصة للجمهور العربي، أعلن وزير المالية بتسلئيل سموتريتش يوم الإثنين برنامج مدته خمس سنوات وبقيمة 2.5 مليار شيكل (680 مليون دولار) لتطوير التعليم العالي في القدس الشرقية، حيث أشار إلى أن الخطة تتضمن تمويل برنامج تحضيري للطلاب العرب في الجامعة العبرية في القدس.
وأوضح وزير المالية، في منشور طويل على فيسبوك، أنه في حين أن الاستثمار لمدة خمس سنوات يهدف إلى تعزيز التعليم بين سكان القدس الشرقية، وأن الحكومة “تفضل اتحاق الطلاب العرب بالجامعات الإسرائيلية وليس الجامعات الفلسطينية”، إلا أنها تحتاج أولا إلى معالجة “الشوكة في جانب” الأوساط الأكاديمية الإسرائيلية، أي “الخلايا الإسلامية المتطرفة في الكليات والجامعات الإسرائيلية” قبل تسليم الأموال.
وزعم الوزير أن هذه الخلايا المزعومة “تتعاطف مع العدو” بحجة “الحرية الأكاديمية”، و”في أوقات التوترات الأمنية تجعل حياة الطلاب اليهود لا تطاق”.
لم يستطع متحدث بإسم سموتريتش تقديم أي دليل على وجود مثل هذه “الخلايا المتطرفة” في الجامعات الإسرائيلية، وأكد أن الوزير وأعضاء آخرين في حزبه كانوا يشيرون إلى مجموعات طلابية “قومية” مؤيدة للفلسطينيين.
وقال سموتريتش إن المبلغ سيخصص لتدريب عرب القدس الشرقية على مهن “عالية الإنتاج” بدلا من تشجيع اندماجهم في الأوساط الأكاديمية الإسرائيلية.
وزعم أيضا أن الطلاب العرب يُعطون الأفضلية في الأوساط الأكاديمية على اليهود الذين خدموا في الجيش، وأن البرنامج التحضيري، الذي يدرس اللغة العبرية والمواد الأخرى الأساسية للأوساط الأكاديمية، تم تصميمه في البداية للمهاجرين اليهود الجدد والجنود المنفردين، الذين اليوم هم أقلية فقط من المشاركين وتظل احتياجاتهم غير مُلباة.
تمت الموافقة على تخصيص 200 مليون شيكل (54 مليون دولار) للبرنامج التحضيري الأكاديمي لأول مرة كجزء من الخطة الخمسية السابقة للقدس الشرقية، في ظل حكومة نتنياهو في عام 2018، من قبل الوزراء زئيف إلكين وأيليت شاكيد. ثم استمرت خلال ولاية نفتالي بينيت ويائير لبيد في 2021-2022، مرة أخرى تحت إشراف أييليت شاكيد، وانتهت في يونيو 2023.
وتم وضع الخطة، وفقا للخبراء، لتأسيس وتعزيز الحكم والسيادة الإسرائيلية على الأجزاء العربية من القدس، ولم تعالج المصاعب الرئيسية التي يعاني منها سكان شرق المدينة – وهي النقص الحاد في المساكن وتصاريح البناء. لكنها شملت بعض العناصر الإيجابية، كان أحدها تعزيز التعليم بين الفلسطينيين في القدس، مع تمويل المدارس العاملة في ظل النظام الإسرائيلي، والبرنامج التحضيري الأكاديمي.
الخطة الخمسية القادمة، والتي تحتوي على زيادة طفيفة في التمويل مقارنة بالخطة السابقة (2.5 مليار شيكل مقابل 2.2 مليار شيكل، لم يتم تعديلها للتضخم)، قد تم إيقافها مؤقتًا لمدة شهرين بانتظار قرار من سموتريتش حول طريقة إعادة تخصيص 200 مليون شيكل التي تم تحويلها من البرنامج التحضيري.
“أنا لا أعتذر عن الترويج لقيمي وسياساتي. لقد انتخبت لهذا السبب. أنا لست مجرد ختم مطاطي [للقرارات التي اتخذتها الحكومات السابقة]”، كتب سموتريش.
وقال متحدث باسم الوزير إنه سيتم تشكيل فريق مشترك بين الوزارات لتقييم الخيارات لتعزيز “الوظائف عالية الإنتاج” لسكان القدس الشرقية، وفي نفس الوقت “منع التطرف القومي” بين الشباب العرب في الجامعات.
وقد أثار وزير المالية الجدل بالفعل يوم الأحد بإعلانه عن خفض 200 مليون شيكل للمنح المخصصة للبلديات العربية التي وافقت عليها الحكومة السابقة، على الرغم من تحذير وزير الداخلية موشيه أربيل (شاس) من أن ذلك قد يؤدي إلى “إلحاق ضرر كبير بميزانية السلطات المحلية”.
وبحسب أخبار قناة “كان”، أعطى رئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي سموتريتش “توصية أمنية لا لبس فيها” يوم الإثنين لتشجيع التعليم العالي في القدس كأداة لتقليل خطر الإرهاب.
وقالت الجامعة العبرية في القدس إن رئيس الشاباك رونين بار حذر سموتريتش في مكالمة هاتفية من أن “إلغاء هذا التمويل سيزيد من الحافز لأعمال قومية عنيفة”.
وكان من المقرر أن يناقش المجلس الاجتماعي الاقتصادي للحكومة الخطة الخمسية يوم الثلاثاء، لكن تم تأجيل النقاش وسط الانتقادات لقرار سموتريتش من قبل المسؤولين والخبراء.
وفي تصريح لتايمز أوف إسرائيل، أعلن زعيم “القائمة العربية الموحدة منصور عباس أن “الأموال المخصصة للبلدات العربية، بما في ذلك في القدس الشرقية، هي أموالهم بحق، وليست هبة من أي أحد”.
وأضاف عباس إن “هدفها هو تقليص الفجوات وحل المشاكل والنهوض بالمجتمع [العربي]. سموتريش لديه أجندة عنصرية ويحاول نسف أي قرار لصالح المواطنين والمقيمين العرب بناءً على تأكيدات خاطئة، وبالتالي يضر بحقوقهم الأساسية”.
وأصدرت الجامعة العبرية ردا رسميا ينتقد بشدة خفض التمويل. وفي رسالة وجهتها إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أعربت الجامعة عن “صدمتها” من الإعلان، وقالت إن القرار “سيحيل مئات الشباب إلى حياة الجهل والفقر والجريمة والإرهاب”.
“في العقد الماضي، التحق آلاف الطلاب من القدس الشرقية ببرامج تحضيرية في المدينة: في الجامعة العبرية، وأكاديمية بتسلئيل للفنون والتصميم، وكلية عزرائيلي، وكلية هداسا. معظم هؤلاء الطلاب يزدهرون اليوم في سوق العمل ويندمجون في الحياة الإسرائيلية. قرار وزير المالية المحير سيحكم على شباب القدس الشرقية بمصير الكسل، دون وعد بالتوظيف وبدون القدرة على العيش في مجتمع مشترك”، جاء في الرسالة.
وكتبت الجامعة، “معنى هذا القرار لا يقل عن إلحاق الضرر بمجتمع إسرائيل واقتصادها، وسندفع جميعًا ثمن هذا الضرر لعقود قادمة”.
كما شددت على دور الاندماج في “تحطيم حواجز التحيز والصور النمطية” و”تمكين اليهود والعرب من بناء علاقات مبنية على الثقة”، وحذرت من أن إلغاء البرنامج “سيزيد من العداء والعداوة والعنف بين المجتمعين”.