سموتريتش يقول أنه لا وجود للشعب الفلسطيني وأنه أفراد عائلته هم “الفلسطينيون الحقيقيون”
في باريس، الوزير اليميني المتطرف يقول إن الشعب الفلسطيني هو "اختراع"، وأن "على العالم أن يسمع هذه الحقيقة"، ويلقي كلمته من على منصة حملت خريطة لأرض "إسرائيل الكبرى" التي تشمل الأردن

قال الوزير اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش يوم الأحد إن الشعب الفلسطيني هو “اختراع” من القرن الماضي، وأن الناس مثله ومثل أجداده هم “الفلسطينيون الحقيقيون”.
متحدثا في باريس في مراسم تأبين لجاك كوبفر، وهو ناشط يميني بارز في حزب “الليكود” وعضو في مجلس إدارة الوكالة اليهودية والذي توفي بعد صراع طويل مع مرض السرطان في عام 2021، قال سموتريتش أنه “لا وجود للفلسطينيين لأنه لا وجود لشعب فلسطيني”، في تصريح حظي بتصفيق حار في صفوف الحاضرين، كما يظهر من مقطع فيديو للحدث تم نشره على الإنترنت.
وقال رئيس حزب “الصهيونية الدينية” القومي المتطرف ووزير المالية الإسرائيلي: “هل تعلمون من هم الفلسطينيون؟ أنا فلسطيني”، وأشار أيضا إلى جدته التي وُلدت في بلدة المطلة في شمال البلاد قبل 100 عاما، وجده، جيل ثالث عشر في القدس، باعتبارهما “فلسطينيين حقيقيين”.
سموتريتش تحدث من على منصة حملت خريطة “إسرائيل الكبرى” التي تضم أراضي الأردن المعاصر، وفقا للتطلعات المتشددة لبعض الجماعات الصهيونية في بداياتها.
ولسموتريتش تاريخ من التصريحات المثيرة للجدل ضد الفلسطينيين، والمواطنين العرب، واليهود غير الأرثوذكس، ومجتمع الميم، بما في ذلك تباهيه مرة بأنه “معاد فخور للمثلية”. في عام 2021، قال إن دافيد بن غوريون، رئيس الوزراء الأول لإسرائيل، كان ينبغي عليه “إنهاء المهمة” وطرد كل العرب من البلاد عند تأسيسها. في وقت سابق من العام نفسه، قال إن أفراد الأقلية العربية في إسرائيل هم مواطنون “في الوقت الحالي على الأقل”.
في الشهر الماضي، أثار الوزير – وهو شخصية بارزة في الإئتلاف الحاكم المتشدد الذي يقوده رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو – ردود فعل غاضبة في العالم بعد أن دعا إلى “محو” بلدة فلسطينية في أعقاب هجوم نفذه مسلح فلسطيني أسفر عن مقتل شقيقين إسرائيليين، قبل أن يتراجع في وقت لاحق عن تصريحاته ويعتذر.

سموتريتش يشغل أيضا منصب وزير في وزارة الدفاع، حيث تمنحه الاتفاقات الائتلافية الصلاحية على بعض مسؤوليات مكتب تنسيق أعمال الحكومة في الأراضي (كوغات)، وهو وحدة في وزارة الدفاع مسؤولة عن الشؤون المدنية في المنطقة C بالضفة الغربية حيث تتمتع إسرائيل بالسيادة الأمنية والمدنية الكاملة، ومكتبها، الإدارة المدنية. تشكل المنطقة C ستين بالمئة من أراضي الضفة الغربية حيث تقع المستوطنات الإسرائيلية وحيث تحتفظ إسرائيل بسيطرة عسكرية وإدارية على كل من السكان الإسرائيليين والفلسطينيين.
ويرى سموتريتش، وهو معارض قوي لإقامة دولة فلسطينية، السيطرة على الإدارة المدنية وسيلة لبسط السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية، واستبدال الإدارة العسكرية للمنطقة بالسيطرة المباشرة للحكومة المركزية ووزاراتها.
يوم الأحد، في تصريحات باللغة العبرية تُرجمت إلى الفرنسية للجمهور، قال سموتريتش: “الشعب الفلسطيني هو اختراع عمره أقل من 100 عام”.
“هل يوجد هناك تاريخ فلسطيني أو ثقافة فلسطينية؟ لا. كان هناك عرب في الشرق الأوسط الذين وصلوا إلى أرض إسرائيل في نفس وقت الهجرة اليهودية وبداية الصهيونية. بعد ألفي عام في المنفى، عاد شعب إسرائيل إلى الوطن، وكان هناك عرب من حولنا ولم يعجبهم ذلك. ما الذي فعلوه؟ اخترعوا شعبا وهميا في أرض إسرائيل وطالبوا بحقوق وهمية في أرض إسرائيل لمجرد محاربة الحركة الصهيونية”.
وأضاف: “هذه حقيقة تاريخية، وحقيقة توراتية. على العرب في أرض إسرائيل أن يسمعوا هذه الحقيقة. ينبغي أن تُسمع هذه الحقيقة في قصر الإليزيه”، في إشارة إلى مقر الرئاسة الرسمي للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي امتنعت حكومته عن عقد لقاءات مع سموتريتش في هذه الرحلة الخاصة إلى فرنسا.
واستطرد سموتريتش قائلا: “هذه الحقيقة ينبغي أن يسمعها اليهود في دولة إسرائيل الذين اختلط عليهم الأمر. هذه الحقيقة ينبغي أن تُسمع في البيت الأبيض في واشنطن. يجب على العالم بأسره أن يسمع هذه الحقيقة لأنها الحقيقة – والحقيقة تنتصر”.
بالانتقال في حديثه إلى المواطنين العرب في إسرائيل، قال المشرع اليميني المتطرف إن عليهم “التوقف عن البصق في البئر الذي يشربون منه”.
وأضاف أن “دولة إسرائيل معجزة، واقتصاد إسرائيل معجزة. على عكس أكاذيب قادة حملة [BDS] الذين ينشرون الأكاذيب ضدنا في العالم. فإننا ننشر الخير لجميع سكان البلاد، اليهود وغير اليهود. انظروا من حولكم، في جميع الدول الـ22 [ذات الأغلبية المسلمة]، هل هناك بلد آخر [يعيش فيه الناس] مثل هذه الحياة الكريمة؟ دولة حديثة ذات اقتصاد نام، وتتمتع بحرية الدين وحرية التعبير… لا يوجد بلد مثل هذا في العالم. توقفوا عن محاربة دولة إسرائيل وشعب إسرائيل، ستخسرون وسننتصر لأن الواحد الأقدس، ليكن اسمه مباركا، معنا”.
جاءت التصريحات بعد ساعات من لقاء جمع بين وفدين إسرائيلي وفلسطيني يوم الأحد في قمة إقليمية نادرة نسبيا، وإن كانت منخفضة المخاطر في شرم الشيخ المصرية، حيث أعاد الطرفان التزامهما بتهدئة التوترات قبل أيام من بداية شهر رمضان المبارك.
كان الاجتماع، الذي حضره أيضا وفود من الولايات المتحدة والأردن ومصر، متابعة لقمة مماثلة عُقدت في مدينة العقبة الأردنية في الشهر الماضي – الأولى من نوعها التي تجمع قادة إسرائيليين وفلسطينيين رفيعي المستوى منذ سنوات. واتفق الطرفان على الاجتماع مرة ثالثة الشهر المقبل.
في زيارة للولايات المتحدة الأسبوع الماضي، حيث لم يلتق بأي مسؤول أمريكي من إدارة بايدن، اعتذر سموتريتش في كلمة ألقاها أمام مستثمرين أمريكيين عن لدعوته إلى “محو” بلدة حوارة الفلسطينية وتعهد بـ”حماية كل حياة بريئة، يهودية أو عربية”، في الوقت الذي احتج فيه عدة مئات من اليهود الأمريكيين والمغتربين الإسرائيليين على مشاركته في الخارج. ودعا البعض إلى رفض منح سموتريتش تأشيرة دخول للولايات المتحدة بسبب تصريحاته.

وكان سموتريتش قد تحدث أمام 150 قائدا في منظمة “إسرائيل بوندز” في حفل عشاء خاص، في محاولة لحشد الدعم المستمر للاقتصاد الإسرائيلي على الرغم من التقارير التي تتحدث عن هروب أموال الاستثمار من البلاد بسبب الاضطرابات المتعلقة بخطة الإصلاح القضائي التي تدفع بها حكومة نتنياهو.
في باريس في أوائل الشهر الماضي، التقى نتنياهو مع ماكرون، الذي حذره من أنه بدون تغييرات في خطط حكومته بعيدة المدى لإصلاح النظام القضائي، “ينبغي أن تستنتج باريس أن إسرائيل خرجت من مفهوم مشترك للديمقراطية”.
كما ضغط ماكرون على نتنياهو بشأن تصاعد العنف بين إسرائيل والفلسطينيين، وحث إسرائيل على تجنب “أي إجراءات يمكن أن تؤجج تصاعد العنف”، حسبما قال قصر الإليزيه.
ووجه الرئيس الفرنسي تحذيرا بشأن محاولات نتنياهو توسيع “اتفاقات إبراهيم”، وقال لرئيس الوزراء “إذا واصلتم ما تفعلونه في فلسطين، فسيكون من الصعب على السعودية قبول اتفاق معكم”.

وقال رئيس الوزراء إنه يجب أن يعطي شيئا لائتلافه فيما يتعلق بالمستوطنات، لكن ذلك سيكون أقل مما يرغب به الشريكان في الائتلاف سموتريتش وزميله في اليمين المتطرف إيتمار بن غفير، اللذان يعارضان بشدة إقامة أي دولة فلسطينية في المستقبل.
ساهم جيكوب ماغيد ولازار بيرمان في هذا التقرير