ساعر يعود إلى الحكومة ويعزز نتنياهو بعد اعلانهما حل الخلافات بينهما
رئيس الوزراء يعترف بالتاريخ المرير ويقول إن الخلافات "خلفنا"؛ غالانت يحتفظ بحقيبة الدفاع في الوقت الحالي، لكن المستقبل غير مؤكد؛ حزب "الأمل الجديد" يحظى بحرية التصويت على بعض مشاريع القوانين المثيرة للجدل
انضم زعيم حزب “الأمل الجديد” جدعون ساعر مجددا إلى حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الأحد، بعد أكثر من أسبوع من إعلان حليف رئيس الوزراء الذي أصبح خصمه أنه لن يقبل عرضا ليحل محل وزير الدفاع يوآف غالانت.
وأعلن ساعر ونتنياهو عن هذا التطور في مؤتمر صحفي مشترك، وبعد وقت قصير من ذلك صوت مجلس الوزراء على الموافقة على الخطوة.
وقال رئيس الوزراء: “أقدر استجابة جدعون ساعر لطلبي وموافقته على الانضمام إلى الحكومة. هذه الخطوة تساهم في الوحدة بيننا، وفي وحدتنا في مواجهة أعدائنا”.
وأضاف: “خلال المناقشات التي دارت في مجلس الوزراء الأمني [عندما كان في الحكومة سابقا]، أعجبت كثيرًا بالرؤية الواسعة التي يتمتع بها جدعون ساعر، وقدرته على تقديم حلول إبداعية لمشاكل معقدة. وفي أكثر من مرة، اتفقنا على الخطوات التي يجب اتخاذها”.
من جانبه، قال ساعر إن قراره بالعودة إلى الحكومة جاء خلال “أيام صعبة ومليئة بالتحديات”، موضحا أنه “من المهم تعزيز إسرائيل وحكومتها ووحدتها وتماسكها”، معلنًا أن خطوته كانت “الشيء الوطني والصحيح الذي يجب فعله الآن”.
وقال ساعر: “لا جدوى من الاستمرار في الجلوس في المعارضة، حيث تختلف مواقف أغلب الأعضاء بشأن قضية الحرب، بل وتبتعد حتى عن مواقفي. وفي الوقت الحالي، من واجبي أن أحاول المساهمة على الطاولة التي يتم فيها اتخاذ القرارات”.
وقال ساعر، مشيدا بسلسلة الضربات المدمرة التي وجهتها إسرائيل لحزب الله في لبنان “في الأيام الأخيرة، أظهرت الحكومة، برئاسة نتنياهو، عزمًا بارزًا. لقد تصرف جيش الدفاع الإسرائيلي بشكل مثالي. وبالمثل، في بقية الحرب، سنحتاج إلى العزم، إلى جانب الحكم السليم”.
ولم يستبدل زعيم حزب “الأمل الجديد” وزير الدفاع غالانت في الوقت الحالي، على الرغم من أن وسائل الإعلام العبرية ذكرت يوم الأحد أنه ونتنياهو لا يستبعدان إمكانية القيام بذلك. ويعتقد على نطاق واسع أن رئيس الوزراء عازم على إقالة غالانت في المستقبل القريب.
وبدلا من ذلك، دخل ساعر إلى الحكومة كوزير بلا حقيبة، وسوف يكون جزءا من المجلس الوزاري الأمني المصغر المخصص لاتخاذ القرارات الكبرى المتعلقة بإدارة الحرب.
وسيكون له ولحزبه الحرية في التصويت على بعض القضايا المثيرة للجدل، مثل الإصلاح القضائي المقترح من قبل الحكومة، ولكن لن يكون له حق النقض، بحسب وسائل إعلام عبرية.
وإلى جانب ساعر، هناك ثلاثة نواب آخرين من حزب الأمل الجديد الذين قد تؤدي أصواتهم لصالح الحكومة إلى تقليص سلطة النقض التي يتمتع بها وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتامار بن غفير، الذي هدد مراراً وتكراراً بإسقاط الائتلاف الهش بسبب الخلافات الإيديولوجية. ومع حزب الأمل الجديد، أصبح الائتلاف الآن يمثل 68 مقعدا من أصل 120 مقعد في الكنيست، وهو ما يعني أن حزب “عوستما يهوديت” الذي يقوده بن غفير، والذي يتألف من ستة أعضاء، لم يعد قادراً على إسقاط الحكومة بمفرده.
وبحسب ما ورد، توسط وزير العدل ياريف ليفين في المفاوضات بشأن دخول ساعر إلى الحكومة في الأيام الأخيرة، بينما كان نتنياهو في نيويورك لحضور الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتمت الموافقة على هذه الخطوة عند عودة رئيس الوزراء إلى إسرائيل.
وذكرت وسائل إعلام عبرية أن تفاصيل الاتفاق لا تزال قيد المناقشة، بما في ذلك التزامات ساعر فيما يتعلق بالتشريع الخاص بتجنيد طلاب المدارس الحريدية، وهي قضية مثيرة للجدل للغاية هددت بإسقاط الائتلاف من قبل، وقيل إنها كانت دافعا لعزم نتنياهو إقالة غالانت، الذي عارض قانون الإعفاء من الخدمة العسكرية دون اتفاق واسع النطاق.
ويمثل يوم الأحد المرة الثانية التي ينضم فيها ساعر إلى الحكومة منذ الهجوم الذي شنته حركة حماس في 7 أكتوبر على جنوب إسرائيل العام الماضي، والذي أشعل الحرب المستمرة في قطاع غزة والقتال ضد حزب الله المدعوم من إيران في لبنان، فضلاً عن وكلاء إيران الآخرين في المنطقة.
في ذلك الوقت، تحالف حزب “الأمل الجديد” اليميني مع حزب “أزرق أبيض” الوسطي بزعامة بيني غانتس. ودخل تحالف “الوحدة الوطنية” الذي يتألف من الحزبين حكومة نتنياهو كإجراء طارئ بعد أيام من هجوم حماس، وأصبح ساعر جزءًا من مجلس الوزراء الأمني .
ولكن لم يتم ضمه إلى المجلس الحربي المصغر، الذي تم تعيين غانتس فيه، والذي تم تعيين عضو الكنيست ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق غادي آيزنكوت فيه كمراقب. وانفصل ساعر عن تحالف الوحدة الوطنية في مارس وطالب بالانضمام إلى المجلس الحربي، وانسحب حزب الأمل الجديد من الائتلاف عندما تم رفض إنضمام ساعر إلى المجلس.
بدأ ساعر مسيرته السياسية في حزب الليكود، وأصبح أحد أبرز أعضائه حتى أدت خلافاته مع زعيم الحزب نتنياهو إلى انفصالهما، مما دفع ساعر إلى ترك السياسة في عام 2014 ثم العودة لاحقا مع تعهد بعدم التعاون سياسيًا مع نتنياهو مرة أخرى.
وفي المؤتمر الصحفي الذي أعلن فيه عودة ساعر إلى الحكومة، أقر نتنياهو بأن الرجلين لديهما تاريخ من الخلافات السياسية الشرسة، وقال “ليس سراً أننا كانت لدينا خلافات في الماضي، ولكن منذ السابع من أكتوبر وضعنا كل ضغائن الماضي خلفنا”.
وقال ساعر إنه “أُجبر على مغادرة [الحكومة] في مارس، على الرغم من دعمي لتحقيق أهداف الحرب، في مرحلة شعرت فيها أنني لا أستطيع التأثير على الأمور” بينما كان خارج المجلس الحربي.
وجاء انضمام ساعر إلى الحكومة في خضم هجوم جديد ضد حزب الله في لبنان، وبعد يومين من قيام إسرائيل بقتل زعيم الحزب حسن نصر الله والعديد من كبار القادة الآخرين في غارة جوية ضخمة على إحدى ضواحي بيروت.
كما جاءت بعد ساعات من غارات جوية جديدة على ميناء الحديدة ومحطات توليد طاقة في اليمن، استهدفت الحوثيين المدعومين من إيران، بعد أن أطلقوا عدة صواريخ باليستية على إسرائيل.
وقال نتنياهو في بداية مؤتمره الصحفي المشترك مع ساعر “إننا نغير الواقع الاستراتيجي في الشرق الأوسط. إن التغيير في ميزان القوى يحمل معه إمكانية إنشاء تحالفات جديدة في منطقتنا، لأن إسرائيل تفوز. لقد عاد أعداؤنا وأصدقاؤنا إلى رؤية إسرائيل كما هي – دولة قوية وحازمة ومقتدرة”.
وقال زعيم حزب “الأمل الجديد” الأحد إنه بينما تحدث في شهر مارس/آذار عن الركود في إدارة الحرب، فإن الضربات الأخيرة في لبنان واليمن تمثل “النهج النشط المميز الذي دعمته دائمًا”.
وعن علاقته برئيس الوزراء، قال ساعر: “لقد كانت علاقتي برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو جيدة جدًا لسنوات، وكانت هناك أيضًا سنوات من الخلافات الشخصية والسياسية. صدقوني، أيها المواطنون الأعزاء في إسرائيل، منذ صباح السابع من أكتوبر، لم يعد هذا [الخلاف] ذا أهمية بالنسبة لي”.
وتأتي عودة ساعر إلى الحكومة بعد مرور ما يقرب من عام على الحرب ضد حماس في غزة، حيث لا يزال 101 رهينة محتجزين لدى الحركة، بما في ذلك 97 شخصا تم أسرهم في هجوم الحركة العام الماضي، وأكد الجيش الإسرائيلي مقتل 33 منهم.
ويعارض منتدى عائلات الرهائن والمفقودين انضمام ساعر إلى الحكومة بشدة، وقد نظم اعتصاما أمام منزل زعيم حزب الأمل الجديد وسط التكهنات بأنه سيحل محل غالانت، مشيرا إلى معارضته لإطار اتفاق وقف إطلاق النار والرهائن الذي قدمته الولايات المتحدة في الربيع الماضي.
وتعرضت خطوة ساعر لانتقادات شديدة يوم الأحد من قبل سياسيي المعارضة الذين اتهموه بالنفاق، بالنظر إلى معارضته لنتنياهو والمستعدين للتحالف معه سياسيا.
وقال زعيم المعارضة يائير لابيد على موقع إكس إن “دخول جدعون ساعر من اللحظات التي فيها تجعلك السياسة تريد التقيؤ”.
وكتب يائير جولان من حزب الديمقراطيين اليساري “جدعون هو أوضح دليل على أن أمتنا أفضل من قادتها”.
لكن أعضاء الائتلاف رحبوا بالإعلان، وأشادوا بدخول ساعر باعتباره تعزيزا للوحدة الوطنية في زمن الحرب.