سابقة عالمية في مهرجان البندقية مع عرض فيلم بتوقيع إسرائيلي إيراني
يروي فيلم "تاتامي" قصة كفاح لاعبة جودو إيرانية تُدعى ليلى ومدّربتها مريم اللتَين ترفضان خلال بطولة العالم في جورجيا الامتثال لطلب حكومتهما الانسحاب من البطولة تفادياً لمواجهة لاعبة إسرائيلية
أ ف ب – شهد مهرجان البندقية السينمائي المقام حاليا بدورته الثمانين، سابقة عالمية مع عرض فيلم “تاتامي”، وهو ثمرة تعاون غير مسبوق بين سينمائيَّين متحدّرَين من بلدين عدوين، إيران وإسرائيل.
يروي هذا الفيلم، الذي عُرض في فئة “آفاق” الموازية، قصة كفاح لاعبة جودو إيرانية تُدعى ليلى ومدربتها مريم اللتين ترفضان خلال بطولة العالم في جورجيا الامتثال لطلب حكومتهما الانسحاب من البطولة تفاديا لمواجهة لاعبة إسرائيلية.
وقالت زار أمير (42 عاما)، واسمها الحقيقي زهرا أمير ابراهيمي، المشاركة في إخراج العمل الذي تلعب فيه أيضًا دور مريم، لوكالة فرانس برس الأحد “تعلّمت في المدرسة أن إسرائيل غير موجودة… لذلك، لا يُسمح لنا بالعمل سويا أو الالتقاء أو نسج صداقة أو منافسة هذا العدو الوهمي”.
تعيش زار أمير، المولودة في طهران، في المنفى في فرنسا، لذلك فهي “حرة في اختيار هذه المواضيع” التي تتحمل “مسؤولية” سردها، وفق قولها.
وتابعت: “سيحمل الفيلم أيضا بعدا سياسيا لكن هذه ليست مشكلتي”.
وفازت زار أمير بجائزة أفضل ممثلة في مهرجان كان السينمائي في العام 2022 عن دورها كصحافية مشاكسة في فيلم التشويق “عنكبوت مقدّس” حول قاتل متسلسل لعاملات الجنس في مدينة مشهد الإيرانية.
وقالت أيضا: “في إيران، لا يمكن للسينمائيين قول الحقيقة فعليًا، يمكنهم معالجة (هذه المواضيع) لكنها ستُظهر دائمًا نصف الحقيقة”.
وسبق أن احتجزت طهران مخرجين اتهمتهم بالدعاية ضد النظام مثل جعفر بناهي ومحمد رسول آف.
وحُكم على المخرج سعيد روستايي ومنتج فيلمه “إخوة ليلى” بالسجن ستة أشهر لعرض الفيلم (الممنوع عرضه في إيران) في مهرجان كان السينمائي في العام 2022 “من دون إذن”. وندّد هذا الأخير بـ”اعتداء خطير على حرية التعبير للفنانين والسينمائيين والمنتجين والفنيين الإيرانيين”.
“ثورة مستمرة”
لا يتردد السينمائي الإسرائيلي المشارك في إخراج فيلم “تاتامي” غاي ناتيف، مخرج فيلمَي “سكين” (2018) و”غولدا” (2023) الذي تؤدي فيه الممثلة هيلين ميرين دور رئيسة الوزراء الإسرائيلية غولدا مئير، في رسم مقارنة جريئة بين إيران وإسرائيل.
وقال لوكالة فرانس برس، جالسا إلى جانب زار أمير على مقربة من قصر السينما في جزيرة الليدو:”في ما يشبه المعجزة، يحصل ما يمكن وصفه بالثورة في إسرائيل وإيران. في إسرائيل، الثورة ضد ما يفعله بنيامين نتنياهو بحق الديمقراطية”.
وأضاف: “نحن بلدان متشابهان بعض الشيء ويعيشان العملية نفسها بطريقة ما”.
من جهتها، قالت الممثلة الإيرانية إلى جانبه إنها “مغمورة بالأمل والإيجابية” حيال الحركة الاحتجاجية التي بدأت قبل عام بعد وفاة الشابة مهسا أميني (22 عاما) بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق في طهران لعدم امتثالها لقواعد اللبس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.
وأضافت: “أعتقد أن النساء يعملن على تغيير الوضع وأن العودة إلى الوراء غير ممكنة. تأثرتُ بشجاعتهن، خصوصا شجاعة الأجيال الشابة… إنها ثورة مستمرة. أحب فكرة أن باستطاعنا أخيرا اختيار ما سنرتدي وكيف سنتصرف (…) الرجال باتوا يدعمون النساء، وهذا جديد”.
ووُزع فيلم “تاتامي”، الذي سيُعرض في العام 2024، في دول أوروبية عدة.
وأشار المخرج غاي ناتيف إلى أن الفيلم أثار ردودا كثيرة في إسرائيل لأن “الناس ترى هذا التعاون فعلا ثوريا”.
وتابع: “آمل أن يمهد ذلك الطريق لتعاون آخر بين الإسرائيليين والإيرانيين في مجالات أخرى مثل الموسيقى”.