زيارة سموتريتش تجلب معها الصدع بين إسرائيل ويهود الشتات إلى الاحتجاجات في واشنطن
المئات يشاركون في مظاهرة مشتركة ضد الوزير من اليمين المتطرف، ولكن في حين أن اليهود الأمريكيين ينتهزون الفرصة لتسليط الضوء على محنة الفلسطينيين, فإن المغتربين الإسرائيليين يفضلون التركيز فقط على الإصلاح القضائي
واشنطن – في ظاهر الأمر، نجح وزير المالية بتسلئيل سموتريتش بشكل نادر في توحيد اليهود عبر مساحات واسعة من الانقسام السياسي عندما تجمع المئات خارج فندق “جراند حياة” بواشنطن للاحتجاج على زيارته للولايات المتحدة وخطابه في مؤتمر “إسرائيل بوندز” مساء الأحد .
من بين أولئك الذين واجهوا المطر المتقطع ودرجات الحرارة التي اقتربت من الصفر ما يقرب من 100 مناهض للصهيونية من من حركة “الصوت اليهودي من أجل السلام” ومنظمة If Not Now (إن لم يكن الآن)، بالإضافة إلى مجموعة منفصلة يزيد حجمها عن الضعف وتتألف من يهود أمريكيين ليبراليين ومغتربين إسرائيليين.
ومع ذلك، مرة أخرى كانت المظاهرات منفصلة وأحاطت بجزء كبير من الفندق، كما وضحت الأعلام الإسرائيلية على الجزء الأكبر من الطرف الغربي والأعلام الفلسطينية على الجزء الشمالي للفندق.
إحصل على تايمز أوف إسرائيل ألنشرة أليومية على بريدك الخاص ولا تفوت المقالات الحصرية آلتسجيل مجانا!
حتى بين المظاهرات الأكبر المؤيدة لإسرائيل، كان هناك انقسام بين اليهود الأمريكيين الليبراليين وبين المغتربين الإسرائيليين.
في مرحلة معينة، وجدت المجموعة الأولى نفسه في المقدمة وهي تغني أغنية من أجل السلام العالمي بقيادة عازفة غيتار وضعت قلنسوة يهودية وجاءت مباشرة كما يبدو من طقوس صلاة السبت في كنيسها الإصلاحي أو المحافظ.
في غضون ذلك، عاد الكثير من المغتربين الإسرائيليين إلى الخلف، وكرروا هتافاتهم التي طالبت بالـ”ديموقراطية” التي اجتاحت المظاهرات المناهضة لخطة الإصلاح القضائي في الديار.
كان احتجاجهم لا يزال احتجاجا مشتركا مؤيدا لإسرائيل، حيث تشارك الطرفان بوقا ورددوا هتافات التشجيع لبعضهم البعض عبر الميكروفونات، حتى لو كانوا نظموا احتجاجاتهم بشكل منفصل مسبقا.
ولكن لم تكن اللهجات المختلفة للمجموعتين الفرعيتين فقط هي التي سهلت التمييز بينهما.
لأنه في حين أن زيارة سموتريتش كانت مصدر جذب للمغتربين الإسرائيليين لشجب جهود الحكومة لإصلاح القضاء، فضل الأمريكيون اليهود الليبراليون استغلال الفرصة للتحدث أيضا ضد معاملة إسرائيل للفلسطينيين.
قالت جيل جيكوبس، رئيسة منظمة “تروعاه” الحاخامية لحقوق الانسان: “عندما نتحدث عن الديمقراطية، فإننا نتحدث أيضا عن الاحتلال وعن الحقوق الفلسطينية”.
هذه الرسالة ما كانت ستلاقي أصداء مرحبة في مظاهرة شبيهة ضد خطة الإصلاح القضائي في تل أبيب، ناهيك عن القدس. أولئك الذين يسعون إلى جلب الأعلام الفلسطينية إلى مثل هذه المظاهرات في إسرائيل لاقوا رفضا من قبل المنظمين، الذين زعموا أن ذلك قد يؤدي إلى ابعاد الإسرائيليين من الوسط أو اليمين الذين قد يكونون خلاف ذلك على استعداد للانضمام إليهم.
لكن تلك الأقلية من المتمردين في إسرائيل العازمين على إقحام محنة الفلسطينيين في الاحتجاجات ضد جهود الحكومة لإضعاف المحكمة العليا، تشكل نسبة أكبر بكثير من اليهود في الولايات المتحدة حيث يصوت ما يقرب من ثلاثة أرباعهم للديمقراطيين وهم أكثر التزاما بحل الدولتين.
ترتيب أولوياتهم
ظهر هذا التنافر في مؤتمر صحفي عقده العديد من المتحدثين المؤيدين لإسرائيل داخل فندق جراند حياة قبل وقت قصير من المظاهرة. وضم هذا التجمع قادة مجتمع الأعمال الذين حذروا من المخاطر الاقتصادية التي يشكلها الإصلاح القضائي.
عندما سُئل المتحدثون عما إذا كان ينبغي السماح للتغيير المقترح في الجهاز القضائي الركوب على ظهر الاحتجاجات المتعلقة بالقضية الفلسطينية، قال المغترب الإسرائيلي يوناتان شترايم-عميت، الذي يشغل منصب كبير مسؤولي التكنولوجيا في شركة الأمن السيبراني Cybereason، “من المهم جدا الفصل بين القضيتين”.
وأكد أن الاحتجاج على الإصلاح القضائي “ليس حجة سياسية”، مقارنا إياها بالقضية الفلسطينية. “يتعلق الأمر بانقلاب للنظام تحاول [الحكومة] إحداثه”، على حد تعبيره.
لكن سوزي غلمان، التي تشغل منصب رئيسة “منتدى السياسات الإسرائيلي” ومقره واشنطن ورئيسة شركة Morningstar المالية، لم توافقه الرأي.
وقالت: “لا يمكن فصل الإصلاح القضائي تماما عن مسألة ما يحدث مع الفلسطينيين في الضفة الغربية”، مضيفة أن سموتريتش وأعضاء آخرين في الحكومة المتشددة يسعون إلى “تحييد” محكمة العدل العليا بحيث لن تكون قادرة بعد الآن على حماية الحقوق الفلسطينية أو الحكم ضد ضم غير قانوني لأراضي الضفة الغربية.
سعى أوفير غوتلزون، وهو مغترب إسرائيلي ورائد أعمال اجتماعي، إلى سلوك مسلك وسط، وقال إن خيمة المحتجين ضد الحكومة واسعة بما يكفي لتشمل أولئك الذين على جانبي الطيف السياسي. ومع ذلك، لا يزال من الضروري إعطاء الأولوية لمنع تنفيذ خطة الإصلاح القضائي.
وقال: “علينا إنقاذ ديمقراطيتنا الإسرائيلية أولا، وعندها فقط يمكننا المضي قدما والتحدث عن [القضية الفلسطينية]”.
وأوضح غوتلزون، الذي ساعد في تأسيس مجموعة UnXeptable للإسرائيليين الذين يحتجون على خطة الإصلاح في الخارج، “لأنه إذا لم ننقذ الديمقراطية الإسرائيلية، فمن المؤكد أن ذلك سيؤثر [سلبا] على النقاش حول المشكلة الفلسطينية”.
فرّق تسد
أقر المشاركون في المظاهرة في وقت لاحق بهذا الاختلاف في وجهات النظر، لكن البعض أصر على أنه في الواقع جعل الاحتجاج أقوى.
وقال المغترب الإسرائيلي أفنير كوهين زمير “كل شخص لديه القضية التي تهمه والتي جاءت به إلى هنا. إذا كان ما جاء باليهود الإصلاحيين إلى هنا هو قضايا تتعلق بممارساتهم الدينية، في حين كان بالنسبة لآخرين القضية الفلسطينية، فلا بأس بذلك على الإطلاق. ما يوحدنا هو قلق أوسع بشأن حقوق الانسان إذا تحققت خطط الحكومة”.
وقال غلعاد، وهو إسرائيلي آخر طلب التعريف عنه باسمه الاول فقط: “أنا لا احتج بسبب الاحتلال. أنا أحتج من أجل مستقبل الديمقراطية الإسرائيلية”، مضيفا “مع ذلك، فإن دعم اليهود الأمريكيين موضع ترحيب”.
واتبعت شيلا كاتس، المديرة التنفيذية لـ”المجلس القومي للنساء اليهوديات”، نهج النصف الممتلئ من الكوب بشأن الاختلافات بين المتظاهرين وقالت “الشي الأهم هو أننا جميعنا هنا معا”.
وأضافت: “نحن هنا للحديث عن مجموعة متنوعة من الطرق التي نتعامل بها مع لحظة غير مسبوقة في الديمقراطية الإسرائيلية. يسعدني أن بمقدرونا القيام بذلك جنبا إلى جنب مع الإسرائيليين”.
من المفارقات أن المتظاهرين بدا وكأنهم يرددون الرسالة التي شاركها سموتريتش، الذي دعا على نحو غير معهود إلى الوحدة، على الجانب الآخر من جدران جراند حياة.
وقال سموتريتش: “على الرغم من كل الاختلافات، على الرغم من الألوان العديدة التي تشكل الفسيفساء اليهودية، إلا أننا شعب واحد”، مضيفا “لدينا أهداف مشتركة لـ’تيكون عولام’ [إصلاح العالم] ، ويسعى كل منا إلى تحقيق هذا الهدف من زاوية مختلفة”.
وتابع الوزير في جملة أخرى مشابهة لما سمعناه من المتظاهرين في الخارج “معا ليس لدي شك في أننا سننجح”.
هتف المتظاهرون مرارا “سننتصر!” قبل أن يبدأوا بغناء النشيد الوطني الإسرائيلي “هاتيكفا” والعودة إلى منازلهم.