إسرائيل في حالة حرب - اليوم 433

بحث
تحليل

رون ديرمر رفض العودة إلى واشنطن ويحئيل لايتر فاز بمنصب السفير

ستعمل إدارة ترامب مع قيادة سياسية، تتألف من نتنياهو وديرمر ولايتر، تشكل في الواقع كيان سياسي ومفاهيمي واحد؛ الثلاثة يمينيون، متشددون سياسيون، خبراء في أمريكا، جمهوريون في مواقفهم، مؤيدون للإستيطان ولتطبيق السيادة على الضفة الغربية، ويتحدثون مع بعضهم البعض باللغة الإنجليزية، بالطبع

يحيئيل لايتر خلال الـ "شيفعا" (عزاء) لنجله موشيه يديديا لايتر، الذي قتل في قطاع غزة. 16 نوفمبر 2024 (Shalom Yerushalmi)
يحيئيل لايتر خلال الـ "شيفعا" (عزاء) لنجله موشيه يديديا لايتر، الذي قتل في قطاع غزة. 16 نوفمبر 2024 (Shalom Yerushalmi)

يحئيل لايتر موجود حاليًا في الولايات المتحدة لزيارة والدته البالغة من العمر 90 عامًا. وبين الزيارات تلقى المكالمة الهاتفية من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو التي أبلغه فيها بقرار تعيينه سفيرا لإسرائيل في واشنطن فور دخول الرئيس دونالد ترامب البيت الأبيض في 20 يناير 2025.

هذا أسعد وفاجأ لايتر. إنه رجل موهوب ويستحق هذا المنصب، لكنه كان متأكداً من أن السفير القادم إلى واشنطن سيكون رون ديرمر. نتنياهو أيضا أراد أن يكون ديرمر مبعوثه إلى أمريكا ترامب، لكن وزير الشؤون الاستراتيجية قرر أنه لا يريد إعادة عائلته إلى واشنطن، حيث عمل سفيراً لمدة سبع سنوات. وهكذا فاز لايتر بأهم وظيفة في السياسة الخارجية الإسرائيلية.

بالنسبة لنتنياهو، لا يوجد فرق كبير بين ديرمر ولايتر. كلاهما ولدا في الولايات المتحدة، من أبناء اليمين الأيديولوجي المتشدد، ويرتديان الكيبا، ومتدينان عصريان (لايتر هو أيضًا حاخام)، وجمهوريان في القلب، ومثقفان ولديهم معرفة جيدة بمؤسسات الحكومة الأمريكية وأروقة واشنطن.

من الواضح أن لدى ديرمر خبرة أكبر واتصالات أوسع، وهو على علاقة بنتنياهو منذ سنوات عديدة، لكن لايتر يعود الآن إلى الشراكة مع رئيس الوزراء، بعد سنوات من الانفصال.

سيعود لايتر إلى إسرائيل في نهاية الأسبوع. وعندما توافق الحكومة على تعيينه سفيرا، سيبدأ الاستعداد لإحياء ذكرى استشهاد نجله في حرب غزة. قُتل الرائد موشيه يديديا لايتر الذي خدم في وحدة “شلداغ” في 10 نوفمبر 2023، بانفجار عبوة ناسفة قوية زرعت عند مدخل نفق في بيت حانون.

هذه الكارثة الرهيبة هي التي أحيت علاقة نتنياهو ولايتر. جاء رئيس الوزراء لتعزية لايتر في كيبوتس عين سوريم، حيث سمع منه أشياء استثنائية عن ابنه الراحل ومستقبل البلاد.

وطلب لايتر من نتنياهو حسم الحرب حتى يتضح له أن ابنه لم يسقط عبثا. كما دعا إلى الوحدة بين جميع الفئات في البلاد، كما كان الحال في لواء ابنه: متظاهري شارع كبلان، ومستوطنين، وسكان الكيبوتسات، والعلمانيين والمتدينين.

وقال لايتر في ذلك الوقت “ذهبت لزيارة جرحى الحادث في مستشفى هداسا. إليشع مادان، ابن الحاخام يعقوب مادان من ألون شافوت، فقد ساقيه. وبجانبه كان يرقد عاموس لابيدوت، الذي فقد إحدى ساقيه، والذي يتظاهر في كابلان كل أسبوع. وبقي لكلاهما ساق واحدة. على هذه الساق الآن تعتمد دولة إسرائيل”.

رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يقدم التعازي ليحئيل لايتر لمقتل نجله موشيه يديديا لايتر في المعارك بقطاع غزة. 16 نوفمبر 2024 (Chaim Tzach/GPO)

واستشهد نتنياهو في خطاباته اللاحقة بهذه الأقوال، بما في ذلك أمام مجلسي الكونغرس في واشنطن، حيث ظهر في نهاية يوليو. وكان لايتر يجلس حينها في المدرجات إلى جانب الجنود الذين قاتلوا في غزة وأفراد عائلات الرهائن الذين انضموا إلى الرحلة، ومن بينهم نوعا أرغماني.

لايتر (64 عاما) من مواليد ولاية بنسلفانيا، وكان مقربًا من نتنياهو ويده اليمنى لعدة فترات من حياته. قبل انتخابات 2003، كان مدير حملة نتنياهو عندمل خاض الانتخابات التمهيدية لزعامة الليكود ضد آرييل شارون وخسر.

وعندما أصبح نتنياهو لاحقاً وزيراً للمالية، كان لايتر رئيساً لمكتبه في الوزارة وأدار الأمور بكفاءة ومهنية. وفي أعقاب الانفصال عن غزة الذي عارضه عام 2006، اضطر لايتر إلى الاستقالة بسبب خلافات مع شركاء آخرين لنتنياهو.

وشهدت العلاقة بين نتنياهو ولايتر تقلبات منذ ذلك الحين. أراد لايتر أن يكون عضوًا في الكنيست، وخاض الانتخابات التمهيدية لحزب الليكود قبل انتخابات عام 2009، واستثمر الكثير من المال والجهد في هذه الانتخابات التمهيدية. كان بإمكان نتنياهو أن يضمه إلى الكنيست لو أراد، لكنه لم يحرك ساكنا لصالح الرجل الذي قدم له كل شيء.

ولم يعرض نتنياهو دعم لايتر في مناسبات أخرى أيضًا. من جانبه، يئس لايتر من السياسة وركز على اهتماماته الأخرى المتنوعة. فهو حاخام أرثوذكسي كما ذكرنا، لكنه يصر على عدم استخدام هذا اللقب.

وهو اليوم صاحب شركة استشارات استراتيجية، ومجند أموال ممتاز، وهو محاضر في الفلسفة السياسية (كانت مشرفته على رسالة الدكتوراه في جامعة حيفا الدكتورة بينيا عوز، ابنة عاموس عوز).

وشغل لايتر منصب مدير شركة موانئ إسرائيل وأيضا منصب الرئيس التنفيذي والباحث في مركز القدس للشؤون العامة وشؤون الدولة، برئاسة الدكتور دوري جولد. جولد أيضًا كان مستشارًا سياسيًا سابقًا لنتنياهو ثم سفيرًا لإسرائيل لدى الأمم المتحدة.

لايتر هو مستوطن يميني متطرف ومتشدد، تنقل بين مستوطنات الخليل وعيلاي وألون شفوت، حيث يسكن الآن. من المرجح أن نتنياهو ما كان سيرسل لايتر إلى واشنطن في حال انتخاب الديموقراطية كامالا هاريس رئيسة للولايات المتحدة.

يحئيل لايتر يخاطب مؤتمر المنظمة المسيحية The Family Leadership (لقطة شاشة)

بينما سترحب إدارة ترامب بلايتر بأذرع مفتوحة، بترحيب يليق بشقيق إيديولوجي، وربما تساعده في التغلب على افتقاره إلى الخبرة الدبلوماسية. لايتر يتولى أحد أهم المناصب السياسية دون أن أي تدريب سياسي في وزارة الخارجية أو في مكتب رئيس الوزراء.

وقد كتب لايتر مقالات تدعو إلى الضم الرسمي وتطبيق السيادة الإسرائيلية في الضفة الغربية. ومثل صديقه الدكتور ديفيد فريدمان، الذي قد يتم تعيينه مرة أخرى سفيرًا للولايات المتحدة لدى إسرائيل، لايتر أيضًا يدعم حل السلطة الفلسطينية لصالح إقامة مدن ومستوطنات يهودية في المنطقة A من الضفة الغربية أيضا.

من المثير للاهتمام كيف سيتصرف لايتر إذا تم إحراز تقدم في القضية السعودية المشروطة بحل الدولتين، والذي تدعمه الولايات المتحدة في عهد ترامب أيضًا.

في الواقع، ستعمل إدارة ترامب مع قيادة سياسية، تتألف من نتنياهو وديرمر ولايتر، تشكل في الواقع كيان سياسي ومفاهيمي واحد. الثلاثة هم يمينيون، متشددون سياسيون، خبراء في أمريكا، جمهوريون في مواقفهم، مؤيدون للإستيطان ولتطبيق السيادة على الضفة الغربية، ويتحدثون مع بعضهم البعض باللغة الإنجليزية، بالطبع.

وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر يصل إلى اجتماع مجلس الوزراء في مكتب رئيس الوزراء في القدس في 29 يناير، 2023. (Yonatan Sindel/Flash90)

أصر نتنياهو على أن يكتب في بيان أصدره نهاية الأسبوع التالي للتعيين أن “يحئيل لايتر دبلوماسي متعدد المواهب ومتحدث بليغ ولديه فهم عميق للثقافة والسياسة الأمريكية”. كل شيء صحيح، ولكن عليك أن تكون حذراً بعض الشيء في وصفه كدبلوماسي.

لا يلتزم لايتر دائمًا بقواعد الحيث السياسي. إنه لا يلطف حديثه ولا يهرب من المواجهات ويعبر عن أفكاره. هذه الصراحة كانت سبب مشاكله في مكتب نتنياهو في الماضي. رفاقه يتعهدون بأنه سيواصل الإصرار على آرائه وسيقول كل شيء، لكنه سيفعل ذلك “بأناقة أميركية”.

اقرأ المزيد عن