رمضان في ظل الحرب على غزة: الصلوات الإحتجاجية تحل مكان الاحتفالات والولائم
إلغاء المسيرات والأسواق - وبدلاً من الجوائز، تقدم المتاجر الكبرى نصائح لتقليل هدر الطعام؛ ما تبقى هو السفر إلى القدس: "لا يمكن الانفصال عما يحدث في غزة. زيارة الأقصى أصبحت عملاً سياسياً"
وقف رجلان مع لافتة في إحدى الساحات المركزية في شارع ييفت في يافا بعد ظهر الجمعة. توضح اللافتة المبالغ المالية الموصى التبرع بها للأعمال الخيرية، بدءا من 10 شيكل وما فوق. “هذه فريضة خلال شهر رمضان”، وسرعان ما انضم إليهما شباب لتوزيع منشورات.
بين الحين والآخر تتوقف سيارة وتودع ورقة نقدية في أيدي الناشطين، الذين يجمعون الزكاة لجمعية يافا للإغاثة الإنسانية.
“الوضع صعب للغاية هذا العام. كنت أقوم في الماضي بإعداد وجبات للمحتاجين في العيد، أو شراء الحلوى للأطفال وملابس العيد أو ترميم منازل الأمهات العازبات. لست قادرا على تمويل ذلك هذا العام، ولذلك أركز فقط على توزيع الطرود الغذائية الأساسية”، قال لي أحد أعضاء الجمعية التي تعتني بحوالي 500 عائلة في يافا، بما في ذلك النساء اليهوديات.
وانخفضت أيضا التبرعات، في ظل المصاعب التي تواجه بعض المطاعم التي تبرعت في السابق منذ بداية الحرب – وبعضها لم يفتح أبوابه إلا في الأيام القليلة الماضية بسبب قلة العملاء ونقص العمال الفلسطينيين، المحظورين من الوصول إلى إسرائيل.
وكان بجانب زاوية جمع التبرعات في يافا عدة ملصقات وضعتها بلدية تل أبيب لتهنئة السكان بالعيد، لكن خلت أزقة المدينة وحي العجمي من الزينة التقليدية على الشرفات والساحات. يبدو أن ليالي رمضان في يافا ستكون أكثر تواضعا هذا العام.
مساء السبت الماضي في مدينة اللد، بالقرب من ساحتي مسجد النور في رمات اشكول والعمري وسط المدينة، كان العديد من السكان في طريقهم لأداء صلاة التراويح، والتي ستستمر حتى الليل. هنا أيضًا، تخلو المساحات العامة من زينة فوانيس رمضان والهلال. وقالت الناشطة السياسية والعضو السابق في مجلس مدينة اللد فداء شحادة “يوجد حرب، لا توجد زينة”.
مثل جميع الأشخاص الذين تحدثنا إليهم، شحادة لا تريد الاحتفال هذا العام. وقالت إن قرار عدم وضع الزينة هو أيضا لإظهار موقف سياسي: “هل يبدو لكم ما يحدث الآن عاديا؟ الأغلبية ترى أنه ليس من الطبيعي أن يموت الناس من الجوع (في غزة)، لذا فتزيين المنازل يبدو سخيفا”.
“لا يمكننا أن نفعل أي شيء على أي حال، ولا يستمعون إلينا في هذه الحكومة، هذا أمر مؤكد – ولا يمكن الذهاب إلى المظاهرات لأن الوضع معقد. الناس خائفون، لذا فإن عدم التزيين هو أقل شيء يمكن ان نفعل”.
هل يمكن أن يكون هناك أيضًا خوف في المدن المختلطة من أن تدل زينة العيد على هويتهم كعرب؟
“بالعكس، كانت هناك نقاشات وجدالات على شبكات التواصل الاجتماعي، أثير فيها الرأي بأنه بالذات في المدن المختطلة يجب تزيين المنازل لإثبات وجودنا. أنا شخصيا عارضت هذا الرأي لأنني أعتقد أنه “لا داعي للقول إننا موجودون عندما يموت الناس في غزة… القرار كان عدم التزيين”.
“لم تقيم بلدية اللد أي احتفالات بمناسبة العيد قبل اليوم، لكنها حاولت حث الناس على الاحتفال هذا العام، لكن زينتها ليست كثيرة. بعد أن سئمت من مطالبة رئيس بلدية اللد يائير، عندما كنت عضوا في المجلس، تبرعت شخصيا بفانوس لتزيين ساحة المسجد. ليست لدينا قيادة عربية جادة. لو كان هناك شيء كهذا لكنا في الشوارع الآن”.
عكا: “الصوم أسهل، والشعور صعب”
حال مدينة عكا المختلطة على حال اللد. وقال تيسير الخطيب، من المدينة الشمالية، “لا يزال هناك شعور بالعيد في المجتمع اليهودي والناس يخرجون، أما في المجتمع العربي فهذا رمضان حزين”.
“من المفترض أن يكون عيداً بهيجاً يجمع العائلة مع الزينة والأجواء التي تصاحب الصيام. ورغم أن الصيام هذا العام سهل نسبياً لأن الطقس يلعب لصالحنا، إلا أن الأجواء العامة هذا العام صعبة. لا تشعر بالعيد في أزقة البلدة القديمة وخارجها، عادة تشعر بالفرحة وترى الزينة على النوافذ والشرفات ليس هذه المرة، رغم أنني شخصياً قررت التزيين”.
“لن ترى أهم الرموز – الفانوس القديم الذي فيه زيت الزيتون والذي أضاء الشوارع للمصلين قبل مئات السنين. عادة ما تلتقط العائلات صورًا لوجباتهم، وهذا العام لم أر أي صور تقريبًا على وسائل التواصل الاجتماعي. لا يجرؤ أي شخص لديه ضمير على نشر صورة لطعام عندما يتضور الناس في غزة جوعا – وليس بسبب كارثة طبيعية، ولكن بسبب سياسة الحكومة الإسرائيلية”.
“الناس تقول: هذا العام، لن نرمي جرام واحد من الطعام، انظروا إلى ما يحدث في غزة، رمي الطعام ليس مرغوبا في الإسلام، وهذا أهم الآن”.
ويشير خطيب أيضًا إلى العوامل الخارجية التي أضرت بالسياحة والتجارة في المدينة ولا تسمح لها بالتعافي “يضاف إلى ذلك أمر الحرب في الشمال. سوق رمضان هو تقليد لسوق عيد الميلاد والآن أصبحت الأسواق فارغة في حين أنها عادة ما تكون مزدهرة خلال هذه الفترة”.
“عندما بدأوا في التعافي من كورونا، وقعت (عملية) حارس الأسوار والآن هذا. عكا هي مدينة سياحية عالمية. لا يوجد سياح من الخارج على أي حال، والإسرائيليون لا يأتون للمقاطعة لأسباب أيديولوجية – وبعضهم خائفون، لذلك هناك ضرر”.
מה מברכים ברמדאן?בגלל האווירה החגיגית ברמדאן, לפעמים מברכים בברכת "חג שמח". אך חודש רמדאן הוא חודש צום, ולכן ברכה שכזו…
Posted by תפדלו: חוויה בדואית ברהט Tafadalu: Rahat Bedouin Experience on Wednesday, March 20, 2024
“عيد في أجواء من الألم والحزن”
إذا كانت هناك مناقشات وخلافات حول ما إذا كان ينبغي تنظيم المواكب في عيد المساخر وطريقة تنظيمها والاحتفال، فيبدو أن هناك إجماعًا في المجتمع العربي على أداء المراسم الدينية دون الأجواء الاحتفالية في رمضان. وفي رهط، على سبيل المثال، يتحدثون عن أجواء من الألم، ورغم ذلك يستمرون دعوة الجمهور للتجول والإقامة في المدينة.
وفي كفر قاسم أيضا ستقام الأسواق والولائم في أنحاء المدينة كالمعتاد وسط مشاعر صعبة. وقال مستشار رئيس البلدية عزمي بدير “كل شيء كالمعتاد بدون الفرحة والزينة والاحتفالات”.
“المواطنون العرب في إسرائيل التزموا الصمت ولم يرغبوا في الانجرار، لذلك اجتمعوا في أنفسهم، وهم يشعرون بالألم إزاء ما يحدث في غزة وأيضا مما حدث في 7 أكتوبر، وهناك خوف من أن تتسع الحرب. يعيش الناس حياة جيدة ويريدون أن تستمر، وفجأة يرون أن العالم الإسرائيلي اليهودي يمكن أن يدمر أيضًا في دقيقة واحدة، وهذا أمر مثير للقلق”.
وقال أمير بشارات، المدير التنفيذي لمجلس رؤساء المجالس العربية: “لا توجد احتفالات حقيقية برمضان وعيد الفصح، البلديات لا تزين، إنه عيد في جو من الألم والأسى. لا توجد زينة، لا توجد أسواق، ولكن يوجد نشاطات رياضية مثل بطولة كرة القدم للشباب في كل بلدة”.
“في بداية الأسبوع، سيحتفل المسيحيون بأحد الشعانين، قبل أسبوع من عيد الفصح، وعادة ما يقومون بمواكب حول الكنائس مع الورود وأشجار الزيتون، ولكن في مدن مثل حيفا والناصرة، هذه أيضًا تنظم بشكل أكثر تواضعا هذا العام – مراسم وصلاة، ولكن ليس الاحتفالات والحفلات في الليل. وكان الأمر كذلك في عيد الميلاد أيضا، كل ذلك بسبب غزة”.
وقال أن المجتمع العربي يواجه عاصفة لا تترك المجال للفرح: “الحرب، والوضع الاقتصادي، وعدم اليقين بشأن ميزانيات الحكومة، إضافة إلى الجريمة التي لا تزال مستعرة هذه الأيام – كل هذا يخلق المزيد من الأسباب لعدم الاحتفال”.
“يريدون احتفالات متواضعة”
قال المحامي والإعلامي أمل عرابي من حيفا “هناك تباطؤ في الحركة التجارية، ونشتري فقط ما نحتاجه” .
وإلى جانب إلغاء الأسواق الرمضانية في بعض البلدات، يشير عرابي إلى أن شبكات المتاجر الكبرى في المجتمع العربي خفضت أيضًا من حملاتها التسويقية، وبدلا من تقديم الجوائز للعملاء في فترة العيد – وحتى السيارات في بعض الأحيان – كانت إعلاناتها هذه السنة متواضعة وتتحدث عن طرق التقليل من هدر الطعام.
كما ستكون وجبات الإفطار متوضعة هذا العام، “في الماضي، كنت اتلقى دعوات لحضور تسع إلى عشر وجبات إفطار في الأسبوع الأول من رمضان، هذا العام حتى المؤسسات الرسمية لم تنظمها. عادة كل عائلة تدعو الأصدقاء إلى ولائم كبيرة، أرى أن عددًا أقل يفعلون ذلك هذه المرة – لا يريدون الاحتفالات ويكتفون بالعائلة المصغرة ويزورون بعضهم البعض”.
ولكن حتى بدون المواكب والولائم، يمكن دائمًا زيارة القدس، وبالنسبة لعرابي، هذا الخيار الأنسب في هذا الوقت،”هناك رغبة واستعداد أكبر للذهاب إلى الأقصى. الدولة لم تترك لنا أي شيء آخر لنفعله، لا يمكن الذهاب إلى المظاهرات أو النشر على الشبكات، لذلك يقولون، على الأقل نصمت ونذهب للصلاة”.
“أرى ذلك في البيئة المحيطة بي،: الذهاب إلى هناك هو أيضًا عمل سياسي. تخرج حافلة كل يوم من كل بلدة اعرفها. لم تنخفض الأعداد على الرغم من تشديد القيود على الضفة الغربية. هذا يتعلق يالأجواء العامة التي خلقها إيتمار بن غفير. إنه ادعى أن عدد المصلين في أول يوم جمعة من شهر رمضان انخفض إلى 16 ألفا والعدد الحقيقي كان 40 ألفا”.
“رغم أنني لست متدينا، لقد ذهبت إلى هناك مرتين بالفعل، كخطوة سياسية. في المرة الأولى دخلت المسجد وفي المرة الثانية جلست في منطقة باب العامود وشربت الشاي، وإذا يقول لي أصدقائي أنهم ذاهبون – سأذهب مرة أخرى”.
“الناس يريدون احتفالات متواضعة ويشعرون بالعجز. الحرب وما يشاهدونه على شاشات التلفزيون وشبكات التواصل الاجتماعي لا يترك مجالاً للفرح أو الهروب. التفكير في الآخرين من أسس شهر رمضان، لذلك لا يمكن الانفصال عما يحدث في غزة”.