إسرائيل في حالة حرب - اليوم 368

بحث

رئيس مجلس الأمن القومي: بعد العملية في رفح سنقرر بشأن اليوم التالي بعد حماس

مجلس الأمن القومي عقد يوم الخميس نقاشا تحت عنوان "بدائل لحكم حماس" - وبحسب هنغبي، هناك بدائل كثيرة مطروحة على الطاولة، بما في ذلك قوة عربية دولية

رئيس المجلس الأمن القومي تساحي هنغبي يصل إلى جلسة محكمة في محاكمة نتنياهو، 5 مارس، 2024. (Chaim Goldberg/Flash90)
رئيس المجلس الأمن القومي تساحي هنغبي يصل إلى جلسة محكمة في محاكمة نتنياهو، 5 مارس، 2024. (Chaim Goldberg/Flash90)

لا تزال الخطة السياسية لليوم التالي بعد حماس في قطاع غزة تشكل أكبر مشكلة استراتيجية لإسرائيل. هذا الأسبوع، قال رئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي إن المجلس كان من المقرر أن يعقد هذا الأسبوع، يوم الخميس، نقاشا تحت عنوان “بدائل لحكم حماس” – وأن هناك العديد من البدائل المطروحة على الطاولة.

وقال هنغبي: “هناك عدد كبير من البدائل – من سيطرة جيش الدفاع، إلى حكم عسكري، إلى حكم سلطة محلية، عشائر فلسطينية، مجتمعات مدنية، مزيج من القوات السعودية والإماراتية والأمريكية والمزيد. الكثير من هذه المقترحات نظرية لأنه لا أحد يرغب في وضع رأسه في الشجاعية أو  في الشاطئ أو في بيت لاهيا لأنهم سيتلقون رصاصة في الرأس من حماس”.

هذه التصريحات قالها لي هنغبي في مقابلة أجريتها معه في مؤتمر معهد دراسات الأمن القومي (INSS) في تل أبيب يوم الإثنين. وردا على سؤال حول ما إذا كان أحد هذه البدائل هو نفس الحكم العسكري الذي حذر منه وزير الدفاع يوآف غالانت، أجاب هنغبي: “غالانت يعارض قرارا يؤدي إلى حكم عسكري، لكنني لا أعرف في كابينت الحرب (الضيق) شخصا واحدا – بما في ذلك رئيس الوزراء – يريد حكما عسكريا لجيش الدفاع في غزة”.

وأضاف: “ولكن صحيح أننا ننجر إلى بدائل لا يمكن اعتبارها بدائل لأن الواقع يفرض ذلك. البديل الأفضل في نظرنا – والذي طرحه أيضا مجلس الأمن القومي – أن يتم التعامل مع الملف المدني في غزة من قبل قادة محليين. ولن ندقق إن كانوا من [حركة] فتح أم لا”.

وتابع قائلا: “الشيء الأكثر أهمية هو أنهم لن يكونوا من حماس. وعلى أية حال، من المهم أن نفهم أنه في أي حالة، فإن المسؤولية الأمنية الزائدة – لتجريد غزة من السلاح ومحاربة الإرهاب – ستظل تقع على عاتقنا”.

ترك هنغبي قدرا من الغموض في كلامه، لكنه ألمح أيضا إلى أن الاتجاه يميل إلى نقل السلطة لأيد محلية، وأضاف أن العملية يجب أن تبدأ في الأسابيع القريبة، بعد انتهاء العملية العسكرية في رفح. يوم الأربعاء أضاف هنغبي طبقة أخرى. في مقابلة أجرتها معه الإذاعة العامة لهيئة البث الإسرائيلية أشار إلى أن المرحلة التكميلية – من الآن وحتى نهاية المرحلة الثالثة – ستستمر سبعة أشهر.

ويبدو من محادثات أجراها “زمان يسرائيل”، الموقع الشقيق لـ”تايمز أوف إسرائيل” باللغة العبرية، مع دبلوماسيين غربيين منخرطين في الجهود المختلفة  أن سلطة محلية من النوع المذكور أعلاه تتطلب فترة انتقالية طويلة. سوف يستغرق الأمر بضع سنوات على الأقل قبل أن يصبح من الممكن تسليم زمام الأمور إلى حكومة فلسطينية محلية، بطريقة تلبي المتطلبات الأمنية الإسرائيلية.

ولذلك، يرى نفس الدبلوماسيين أنه سيكون من الضروري إنشاء هيئة عربية دولية في الفترة الانتقالية. وقد تضم هذه الهيئة قوات أمن مصرية وسعودية وإماراتية بدعم وتنسيق وتدريب أمريكي. ووفقا لهؤلاء الدبلوماسيين، فإن هذه الخطة بالذات مطروحة على الطاولة.

رئيس مجس الأمن القومي تساحي هنغبي في مقابلة تجريها معه تالي شنايدر في مؤتمر لمعهد دراسات الأمن القومي، 27 مايو، 2024. (INSS)

قد تقوم إسرائيل بخطة تجريبية أولية في شمال القطاع، في الجزء الواقع شمال محور نتساريم. في هذه المنطقة ستضمن إسرائيل (بدعم دولي) أن تفقد حماس سيطرتها، وبموجب الترتيبات المتفق عليها، ستبدأ أنشطة قانون ونظام وإعادة تأهيل.

لكن هنغبي والمصادر الدبلوماسية الأجنبية يرون أنه حتى في هذه الحالة لن يختفي الإرهاب بنسبة 100٪ – الافتراض هو أن يبقى على الأرض مسلحون مع قاذفات صواريخ و/أو أولئك القادرين على تهديد حياة الجنود الأجانب وأعضاء “فتح”.

المشكلة التي لا تزال قائمة – وستظل قائمة دائما في هذا السياق – هي الشروط التي يضعها السعوديون والإماراتيون والمصريون والأمريكيون – بأن توافق إسرائيل في المقابل على “مسار موثوق به ولا رجعة فيه لإقامة دولة فلسطينية”، كما صرح في بداية الأسبوع وزير الخارجية السعودي، وهذا هو الحد الأدنى المطلوب بالنسبة لهم.

تتطرق هنغبي إلى هذه المسألة أيضا وقال: “لن توافق إسرائيل على إملاءات خارجية تفرض عليها دولة فلسطينية، دون مفاوضات تحدد معنى هذا التطور. قرر الكنيست صراحة بأغلبية 99 نائبا ألا يكون هناك مثل هذا التحرك من جانب واحد. من المستحيل قبول إملاء من السعوديين بشأن الدولة الفلسطينية، كما أن مصر والأردن و’دول [اتفاقيات] إبراهيم’ لم تطالب ولم تحصل على مثل هذا الإملاء”.

رونين ليفي (ماعوز)، المدير العام السابق لوزارة الخارجية في مؤتمر INSS في تل أبيب، 27 مايو 2024 (Photo: Tal Schneider)

رونين ليفي (معوز)، المدير العام السابق لوزارة الخارجية وأحد أبرز الشخصيات في إنشاء العلاقات التي أدت إلى “اتفاقيات إبراهيم”، تناول هو أيضا القضية في المؤتمر. استهل ليفي حديثه بالقول إن الفشل العملياتي لأجهزة الأمن الإسرائيلية، بما في ذلك الفشل الاستخباراتي في السابع من أكتوبر، كان له “أثر واضح على مكانة إسرائيل وألحق ضررا جسيما في العلاقات. كما أنه أضر بعمليات التطبيع مع دول جديدة”.

كما قال ليفي في المؤتمر نفسه إن إسرائيل كانت تجري محادثات لإنشاء علاقات مع ثماني دول في الأشهر التي سبقت 7 أكتوبر. “الاتفاق مع السعودية كان على قاب قوسين او أدنى، وفي رأيي المتواضع كان بالإمكان تنفيذه والتوصل إلى تفاهمات وإلى اتفاق ثلاثي (الولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية) في الربع الأول من عام 2024. وفعلا، أنا أرى أن  الهجوم المفاجئ في 7 أكتوبر  كان يهدف أيضا إلى الإضرار بالعملية السياسية”.

كما أشار ليفي إلى أن قنوات الحوار لا تزال موجودة حتى اليوم، لكن المسافة في تقديره إلى أي نوع من التوقيع “بعيدة جدا. في الواقع الحالي، لا توجد شروط أساسية، على الرغم من أن الاتفاق الثلاثي لا يزال مصلحة وطنية بالنسبة للسعودية وإسرائيل والولايات المتحدة. ولكن حتى لا يكون هناك هدوء في الحرب، نتيجة لانتصار إسرائيلي، سيكون من المستحيل الوصول إلى خطة النهاية”.

وأضاف أن الهجوم الإيراني الكبير بالصواريخ على إسرائيل في 14 أبريل وضح “الأهمية العميقة لمثل هذا الاتفاق مع الحلفاء الأقوياء في الشرق الأوسط. من واجبنا كمجتمع وكدولة النهوض من مأساة السابع من أكتوبر والاستمرار في الدفع في عمليات سياسية وأمنية من خلال إبرام اتفاقيات تطبيع مع السعودية ودول أخرى”.

نظام الدفاع الجوي يعترض صواريخ إيرانية، 14 أبريل 2024. (Tomer Neuberg/Flash90)

فيما يتعلق بالوضع التكتيكي للجيش الإسرائيلي، فقد أشار هنغبي إلى أنه بالنسبة إلى مسألة التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل وحماس، فإن هذا يمكن أن يحدث قريبا. “أعتقد أننا سنكون بعد رفح في فترة انتقالية من نوع ما، فيما يعرّفها الجيش بأنه المرحلة الثالثة.

“إذا قاموا ببناء صيغة يمكن لكل الأطراف التعايش معها، سيكون بالإمكان المضي قدما، ولكن إذا كانت هناك مطالبة بانسحاب جيش الدفاع من غزة بالكامل، وعودة حماس إلى الحكم، فهذا مستحيل. يجب أن نذكر أن هناك أيضا سياق الموسم السياسي في الولايات المتحدة”.

فيما يتعلق بتبعات العمليات العسكرية في رفح على الأوامر التي قد تصدر ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية، أعرب هنغبي عن موقف مخفف للغاية: “هناك غضب كبير تجاه المحكمة لمجرد قيامها بالبت في المسألة. أنا أتعاطف مع هذا الغضب، ولكن تركيبة القضاة كانت متوازنة ولفترة طويلة أصدرت أوامر عرفنا كيف نتعايش معها.

“الأوامر التي صدر طلبت منا اتخاذ إجراءات اتخذناها أصلا. لم نعمل في اتجاه إبادة جماعية – ولا تحريض على إبادة جماعية. صحيح أن الأمر الأخير الذي صدر (يوم الجمعة، 24 مايو) كان مبهما في صياغته، ولكن من الناحية القانونية كانت الأمور واضحة بالنسبة لنا”.

محكمة العدل الدولية في لاهاي، 17 مايو، 2024 (Nick Gammon / AFP)

وأضاف: “الأمر يحظر على جيش الدفاع تنفيذ أعمال إبادة جماعية ضد السكان الفلسطينيين، والجيش الإسرائيلي غير متورط بالطبع في إبادة جماعية – ليس بحق جميع الفلسطينيين ولا بحق أجزاء من المجموعة الفلسطينية، ولذلك الأمر لا يمنع استمرار الخطة – للقضاء على كتائب حماس. لقد أوضح المتحدث باسم جيش الدفاع (الجيش الإسرائيلي ما زال يحقق في سبب اندلاع حريق في مجمع للنازحين في رفح الذي أسفر عن عشرات القتلى) أن الهدف كان القضاء على قيادييّن كبيريّن في حماس – وعملية الاغتيال نجحت”.

أجريت المحادثة مع هنغبي قبل بيان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي يوم الثلاثاء 28 مايو، والذي بحسبه تبين أن ما أدى إلى الحريق في خيام النازحين في رفح كان مواد متفجرة لحركة حماس أو شظية صاروخ إسرائيلي أدت إلى اشتعال مواد قابلة للاشتعال. الحادث، كما ذُكر أعلاه، ما زال قيد التحقيق.

والسؤال الآخر الذي طُرح في المحادثة هو لماذا لا توجد هناك إمكانية للإعلان عن نهاية الحرب، وإعادة جميع الإسرائيليين المختطفين، بمهن فيهم القتلى من المدنيين والجنود، وإدراك أن حماس ستكون هي الطرف الذي سيقوم بانتهاك كل اتفاق وتفاهم (بعد إعادة المختطفين) وهو ما سيسمح لإسرائيل باستكمال عملياتها في غزة.

أجاب هنغبي: “إن المقترحات التي عرضتها إسرائيل لإطلاق سراح المختطفين كانت سخية، ولست أنا من يقول ذلك، بل [وزير الخارجية الأمريكي أنتوني] بلينكن. ما تطالب به حماس في هذه المرحلة هو عمليا أن تستسلم إسرائيل. إن مصطلح ’نهاية الحرب’ معقم بعض الشيء، والتعبير الحقيقي عن الأمور هو أنه يُطلب منا أن نقول أن أبناءنا سقطوا هباء”.

فلسطينيون يتفr],k موقعا في رفح تضرر جراء هجوم إسرائيلي، 27 مايو، 2024. AP) Photo/Jehad Alshrafi)

وأضاف: “إنهم يطالبون بأن تستمر حماس في حكم غزة، وهذا أمر إشكالي. وافقت إسرائيل على دفع ثمن باهظ جدا، وما زلنا نعتقد أن بالإمكان تحقيق الهدفين في نفس الوقت – إنقاذ الرهائن الأحياء، واستعادة من هم ليسوا على قيد الحياة وأيضا عدم العودة من الناحية الأمنية إلى 6 أكتوبر.

“إذا توقفنا الآن فلا أعلم ما إذا كنا سنحصل من جديد على الحافز والشرعية في وقت ما، في حين أن المذبحة المقبلة ما هي إلا مسألة وقت”.

اقرأ المزيد عن