نتنياهو يزعم أن المشتبه بهما في قضية التسريبات يتم التعامل معهما كإرهابيين؛ ويقول أنه يتم إخفاء معلومات استخباراتية حيوية عنه
نتنياهو ينتقد في مقطع فيديو مطول اعتقال الشاباك لـفيلدشتاين الذي وصفه بأنه "وطني إسرائيلي"؛ رئيس الجهاز السابق يرفض الاتهامات وينتقد سلوك رئيس الوزراء "البغيض"
في بيان مصور مدته تسع دقائق تقريبا نُشر على وسائل التواصل الاجتماعي يوم السبت، زعم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن التحقيق الجاري في السرقة المزعومة لوثائق سرية وتسريبها، بما في ذلك من قبل مساعديه، هو “حملة صيد ساحرات” تستهدفه ومستشاريه. وانتقد الادعاء والمحققين لما زعم أنه إنفاذ انتقائي يهدف إلى إيذائه وإيذاء “معسكر سياسي بأكمله”.
وقال نتنياهو في بيانه، “هذا الواقع، حيث يتم احتجاز شباب مثل أسوأ الإرهابيين، مكبلين بالأصفاد لأيام، أيام يتم منعهم فيها من الوصول إلى محاميهم، ويتم انتهاك حقوقهم الأساسية كمواطنين، يهزني”. في إشارة إلى مساعده إيلي فيلدشتاين وجندي احتياط في الجيش الإسرائيلي وجهت إليهما يوم الخميس تهم تتعلق بانتهاكات لأمن الدولة.
كان هذا هو أشد الانتقادات التي وجهها رئيس الوزراء حتى الآن للتحقيق في تسريب وثيقة عسكرية مسروقة وسرية من قبل المتحدث غير الرسمي باسم نتنياهو إيلي فيلدشتاين، وتورط مسؤولين آخرين في مكتب رئيس الوزراء في القضية كما يُزعم، لصحيفة “بيلد” الألمانية.
وجهت إلى فيلدشتاين يوم الخميس تهمة نقل معلومات سرية بقصد المساس بالدولة، وهي تهمة قد تصل عقوبتها إلى السجن مدى الحياة، فضلا عن حيازة معلومات سرية بشكل غير مشروع وعرقلة العدالة.
فيلدشتاين متهم بتسريب الوثيقة، التي سرقها متهم آخر، وهو ضابط صف في الجيش الإسرائيلي، من قاعدة بيانات للجيش، في محاولة للتأثير على الرأي العام ضد صفقة لهدنة وإطلاق سراح الرهائن في غزة. ويُزعم أنه تلقى الوثيقة في يونيو، وقام بتسريبها بعد مقتل ستة مختطفين على يد خاطفيهم من حماس في نهاية شهر أغسطس، عندما كانت الانتقادات العامة لتعامل نتنياهو مع المفاوضات بشأن صفقة الرهائن في أوجها.
وقد سلط تقرير صحيفة بيلد حول الوثيقة الضوء على استراتيجية حماس العنيدة فيما يتعلق بالرهائن، واستشهد نتنياهو بها بعد نشرها باعتبارها تعزيزا واضحا لرفضه الموافقة على صفقة لإنهاء الحرب مقابل إطلاق سراح الرهائن.
واتُهم المتهم الثاني، الذي لم يتم الكشف عن هويته، بنقل معلومات سرية، وهي جريمة يعاقب عليها بالسجن لمدة تصل إلى سبع سنوات، بالإضافة إلى السرقة من قبل شخص مخول وإعاقة العدالة. ويتم احتجاز الاثنين منذ أكثر من ثلاثة أسابيع، بدون الوصول إلى مستشار قانوني في جزء من ذلك الوقت.
האמת תנצח.
הצהרה מיוחדת ממני אליכם >> pic.twitter.com/WdlKEDC6jW
— Benjamin Netanyahu – בנימין נתניהו (@netanyahu) November 23, 2024
وتوجه نتنياهو إلى عائلتي المشتبه بهما، فقال: “من المؤلم أن يستخدموا أبنيكما كأداة لإيذائي وإيذاء معسكر سياسي بأكمله”.
وأضاف نتنياهو أن الاتهامات الموجهة إلى الرجلين بتعمد المساس بالأمن الإسرائيلي “بغيضة” و”سخيفة”.
وقال “أنا أعرف إيلي فيلدشتاين. نحن نتحدث عن وطني إسرائيلي وصهيوني شغوف”.
وأضاف أنه “لا يوجد أي احتمال أن يقوم عمدا بأي عمل من شأنه المساس بأمن البلاد”.
وقد أشار ممثلو الادعاء إلى أن تهمة نية المساس بأمن الدولة تتطلب فقط إثبات أن المتهم قد توقع على وجه اليقين تقريبا أن أفعاله سوف تؤدي إلى المساس بالأمن القومي – وهو ما يزعمون أن فيلدشتاين قد توقعه بالفعل.
وقال نتنياهو إن ظروف احتجاز فيلدشتاين قد تكسر إرادة أي شخص وتجبره على الاعتراف بجرائم لم يرتكبها، مضيفا “إذا جاء إليك رجال ملثمون في الليل، ووضعوك تحت الاعتقال، وعزلوك وقيدوك، وهددوك بالسجن مدى الحياة إذا لم تعطهم ما يريدونه، فقد ينهار المرء ويعترف بقتل أرلوزوروف”.
وقال نتنياهو “عندما يكون شخص أمضى أكثر من 200 يوم في الاحتياط منهارا إلى الحد الذي يجعله يقول فيه ’من الأفضل أن أموت من أن أعيش’، فإن هذا يصدمني وأنا متأكد من أنه يصدمكم”.
وأكد نتنياهو أيضا أن الوثائق السرية الحيوية لم تصل إليه، ولهذا السبب قام المشتبه بهما بتسليمها من الجيش الإسرائيلي إلى مكتب رئيس الوزراء: “أنا رئيس الوزراء. أحتاج إلى تلقي وثائق سرية مهمة، وفي الواقع في بعض الأحيان لا تصلني معلومات مهمة”.
وقال نتنياهو إن الوثيقة من قاعدة بيانات الجيش الإسرائيلي التي تسربت إلى صحيفة بيلد “كان ينبغي أن تكون على مكتبي”. وأضاف “إنها وثيقة سرية للغاية. لماذا لم تصل إلي؟ علي أن أتخذ القرارات على أساس تلك المواد”. وأضاف أن المواد تم إخفاؤها عنه، و”هذه ليست المرة الأولى” التي يحدث فيها ذلك، على حد زعمه، مؤيدا على ما يبدو التفسيرات التي قدمها المشتبه بهما في القضية بأنهما أخذا مواد الجيش الإسرائيلي من أجل لفت انتباهه إليها.
وأضاف أنه قرأ لائحة الاتهام التي نشرت يوم الخميس وأنه من الواضح أن الضابط المتهم في القضية كان قلقا من “عدم وصول الوثائق ذات الصلة إلي”.
وقال وكلاء النيابة، مستشهدين بالجيش، إن الوثيقة المعنية لم تُرسل إلى رئيس الوزراء لأنه بعد فترة وجيزة من الحصول عليها، تم الحصول على معلومات استخباراتية أخرى اعتبرتها المستويات المهنية ذات أهمية أكبر، وتم نقل هذه المواد إلى القادة.
ونفى نتنياهو أيضا مزاعم بأن ضابطا في السكرتارية العسكرية التابعة له تعرض للابتزاز من قبل عضو آخر في مكتبه، وقال إن “حملة مطارة الساحرات” ضد مساعديه تستهدف أيضا الإسرائيليين الذين يدعمونه.
وفي نداء موجه إلى الجمهور الإسرائيلي – الذي قال إنه لن ينخدع بالملاحقة الانتقائية للتسريبات – قال نتنياهو إن البلاد “تقاتل على سبع جبهات. ونحن نقاتل أيضا على هذه الجبهة”.
وقد أشاد حلفاء نتنياهو بالمشتبه بهما باعتبارهما كاشفي فساد سعيا إلى تنبيه رئيس الوزراء إلى محتوى الوثيقة فضلا عن وثائق أخرى يزعم أن الضابط الذي لم يذكر اسمه استخرجها بشكل غير قانوني من أجهزة الكمبيوتر التابعة للجيش الإسرائيلي.
“خمسة تسريبات لم يتم التحقيق فيها”
كما فعل في الماضي، انتقد نتنياهو يوم السبت تسريبات سابقة لم يتم التحقيق فيها، مستشهدا بخمس حالات محددة من المواد المسربة التي قال إنها تعرض الدولة للخطر ولم يتم التحقيق فيها، على الرغم من طلباته المتكررة بالتحقيق فيها.
إن هذا “الطوفان من التسريبات”، الذي قال إنه يعرض حياة الجنود الإسرائيليين والرهائن المحتجزين لدى حماس للخطر، ويساعد إيران وحزب الله وحماس، جاء من المناقشات في مختلف المنتديات الوزارية، وفرق التفاوض بشأن الرهائن والمداولات الأمنية الحساسة للغاية على مستوى عال.
واستشهد أولا بتسريب من مقر الجيس الإسرائيلي في 11 أكتوبر 2023، لـ “معلومات استراتيجية” حول قدرات الجيش – وهو التسريب الذي وصفه بأنه “أحد أخطر التسريبات في تاريخ إسرائيل”.
وقال أيضا إن أحدا لم يحقق في تسريب لقطات من مركز الاحتجاز التابع للجيش الإسرائيلي في “سديه تيمان”، والتي يُزعم أنها تُظهر جنودا من الجيش الإسرائيلي يسيئون معاملة معتقل وسط تحقيق في الأمر.
ثالثا، أشار إلى تسريب مواد من مناقشة جرت في 2 أغسطس 2024 حول الرهائن واستراتيجيات الصفقة المحتملة والتنازلات، وهو التسريب الذي زعم أنه ساعد في تشديد مواقف حماس.
رابعا، استشهد بما زعم أنه مواد مسربة لصحيفة “نيويورك تايمز” ووسائل إعلام محلية تكشف عن مداولات إسرائيلية بشأن هجوم الصواريخ البالستية الإيرانية على البلاد.
وأخيرا، اشار إلى تسريب لبرنامج “عوفدا” الاستقصائي على القناة 12 لوثيقة “جدار أريحا”، والتي تفصل خطط حماس لما أصبح هجوم 7 أكتوبر 2023.
وقال نتنياهو إنه لم يتم التحقيق مع أي شخص في أي من هذه الحالات، مضيفا أنه يستطيع الخوض في تفاصيل العديد من الحوادث الأخرى لسرقة وثائق وإعطائها لآخرين دون إذن. وقال إن معظم هذه التسريبات كانت تهدف إلى إيذائه وأن تخدم رواية استسلام للعدو، وبالتالي كان من السهل فهم سبب عدم التحقيق فيها.
يوم الجمعة، في خطوة غير عادية للغاية، نشر مكتب المدعي العام للدولة دحضا للادعاءات التي تفيد بأنه ينفذ القانون بشكل انتقائي، في وثيقة أسئلة وأجوبة من ثلاث صفحات تم نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي.
وقال مكتب المدعي العام إن نشر الوثيقة جاء ردا على “الأسئلة والادعاءات في وسائل الإعلام والخطاب العام بشأن قضية فيلدشتاين، فضلا عن المعلومات المضللة المنتشرة التي يروج لها أصحاب المصالح الخاصة”.
قيادة “بغيضة”
ردا على مقطع الفيديو الذي نشره نتنياهو، أدان رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) الأسبق يورام كوهين رئيس الوزراء لقيامه بـ”إلقاء التهم” بشأن جهاز الأمن ورئيسه، وقال إن قيادته “بغيضة”.
وقال كوهين إن جهاز الأمن، الذي طلب منه الجيش الإسرائيلي المساعدة في التحقيق في قضية الوثائق المسروقة، حقق في 15 حالة مختلفة من المواد المسربة في العام الماضي. وأشار أيضا إلى أن التحقيق في هذه القضية المحددة بدأ قبل أن يعرف أي شخص أنه سيقود إلى فيلدشتاين ومكتب رئيس الوزراء، رافضا فكرة أن هناك من يريد استهداف رئيس الوزراء.
وربط كوهين الأمر بالانتقادات المتزايدة مؤخرا لرئيس الشاباك رونين بار من قبل نتنياهو وأنصاره، وأشار إلى أن رئيس الوزراء هو “الرئيس المباشر لرئيس الشاباك” وقال إنه “مذهول” من تصريحات رئيس الوزراء التي هاجم فيها جهاز الأمن الداخلي.
“ما الذي يقوله لآلاف الموظفين في جهاز الشاباك الذين يعملون على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع [لصالح الدولة]، عندما يوجه التهم إلى رئيس الجهاز؟ هذا أمر لا يمكن تصوره من رجل من المفترض أن يكون قائدا!”
واستطرد كوهين: “أشعر بالألم لقول هذا، لكن هذا سلوك بغيض من جانب رئيس الوزراء”.
محامي فيلدشتاين: كان يتصرف نيابة عن رئيس الوزراء
في مساء السبت أيضا، قال المحامي الذي يمثل فيلدشتاين في مقابلة تلفزيونية إنه تم تعيينه من قبل عائلة المتهم لأن والد فيلدشتاين كان يخشى، عندما تم القبض على ابنه، أن “هذه الروح الطيبة قد تضحي بنفسها حتى لا تورط أي شخص من مكتب رئيس الوزراء”.
وقال عوديد سافوراي للقناة 12 إن فيلدشتاين كان يعتقد طوال الوقت أنه يعمل لصالح نتنياهو.
“من الواضح تماما أن فيلدشتاين شخصية ثانوية أدركت في الوقت الفعلي أنه كان يعمل بإذن وتفويض”.
وقال المحامي: “لم يتصرف إيلي فيلدشتاين نيابة عن نفسه، بل قدم خدمات استشارية في مكتب رئيس الوزراء”.
وقال سافوراي إن فيلدشتاين كان يعتقد أنه من المشروع تسريب الوثيقة السرية للجيش الإسرائيلي إلى صحيفة بيلد على الرغم من علمه بمنع نشرها في إسرائيل من قبل الرقابة العسكرية، لأنه كما رأى موكله فإن “رئيس الوزراء هو الشخص المخول بإبطال الرقابة [العسكرية] في إسرائيل. يحصل رئيس الوزراء على جميع المواد الاستخباراتية، ويعرف ما هو مسموح للنشر، وما هو محظور من النشر”.
وتابع سافوراي: “إذا كانت هناك ادعاءات [بشأن هذه المسألة]، فيجب توجيهها إلى مكتب رئيس الوزراء. في الوقت الفعلي، كان [فيلدشتاين] مقتنعا بأن الشخص الذي التفت إليه وقال له، ’أنا بحاجة إلى رئيس الوزراء’، هو شخص موثوق به من قبل رئيس الوزراء وعمل هناك لمدة عقد من الزمان. عندما عاد ذلك الشخص إليه وقال، ’أخرج [الوثيقة]، أخرجها’، وربطه بشخص أحاله إلى بيلد، [فإن فيلدشتاين متأكد] من أنه يعمل نيابة عن رئيس الوزراء”.
وعندما سُئل عما إذا كان “الشخص” الذي يشير إليه هو مساعد نتنياهو يوناتان أوريخ، قال سافوراي إنه لن يذكر أسماء. وتشير لائحة الاتهام إلى أن أوريخ هو بالفعل الشخص الذي لجأ إليه فيلدشتاين طلبا للتوجيه. وأفادت تقارير أن أوريخ خضع للاستجواب مرتين تحت طائلة التحذير في هذه القضية.
وسُئل سافوراي إذا كان يقول إن فيلدشتاين ضحية لمعركة بين مكتب رئيس الوزراء ومؤسسة الدفاع، فأجاب: “هذا بالضبط ما أقوله”.
وقال سافوراي: “كان فيلدشتاين يتصرف باسم رئيس الوزراء. ومكتب رئيس الوزراء هو الذي كان يتصرف هنا. لقد تصرف من خلال فيلدشتاين. واليوم تُرك فيلدشتاين وحده”.