نتنياهو: لم يكن بإمكان إسرائيل الانتظار أكثر لضرب إيران؛ الجيش يؤكد استهداف منشأة نووية في أصفهان
قال نتنياهو إنه أصدر الأمر في نوفمبر لإحباط البرنامجين النووي والصاروخي الإيرانيين؛ هنغبي يقول إن القوة العسكرية وحدها لا تكفي، وأن ترامب وحده هو القادر على إجبار إيران على التخلي عن برنامجها النووي
قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الجمعة إنه أعطى الأمر بمهاجمة إيران بعدما اتضح أن برامجها النووية والصاروخية تشكل تهديدا وجوديا مباشرا لاسرائيل، معتبرا أن الخطر كان عاجلاً لدرجة أنه كان مستعدا لإطلاق الضربات حتى بدون دعم أمريكي.
وقال نتنياهو في بيان مصور بعد ساعات من شن إسرائيل هجمات عنيفة على قلب البرنامجين النووي والعسكري الإيرانيين: “إذا لم نهاجم، فهذا يعني مئة بالمئة أننا سنموت”. وقد استخدمت إسرائيل طائرات حربية ومسيرات تم تهريبها سابقًا إلى داخل إيران لمهاجمة منشآت رئيسية وقتل قادة وعلماء بارزين.
وأوضح نتنياهو أنه أعطى التوجيه لاستهداف البرنامج النووي الإيراني في نوفمبر 2024، بعد أن اتضح أن طهران ستسارع لبناء سلاح نووي بعد أن تمكنت إسرائيل من تحطيم محور وكلائها — وبالأساس تهديد عشرات آلاف صواريخ حزب الله.
وأضاف: “جاء التوجيه بعد وقت قصير من اغتيال [أمين عام حزب الله حسن] نصر الله”، لافتًا إلى أنه كان واضحًا بالنسبة له أن إيران ستندفع نحو القنبلة بعد زوال تهديد حزب الله لإسرائيل.
وقال إن إسرائيل رصدت خطوات ملموسة تتخذها إيران باتجاه التسلح، تتجاوز مجرد تخصيب اليورانيوم. وأوضح أنه حدد موعد الهجوم على إيران لنهاية أبريل 2025، لكنه أشار إلى “أسباب مختلفة” حالت دون تنفيذ ذلك في حينه، دون الخوض في التفاصيل.
قد تكون إحدى الأسباب الرئيسية إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في أبريل أنه سيباشر محادثات مباشرة مع إيران حول برنامجها النووي، مانحًا الإيرانيين مهلة 60 يوما للتوصل إلى اتفاق. يوم الجمعة كان اليوم 61.
وقال نتنياهو أيضا إن إسرائيل رصدت أنه بعد الضربات الإسرائيلية على برنامج إيران للصواريخ الباليستية العام الماضي، أطلقت طهران برنامجًا لإنتاج 300 صاروخ باليستي شهريا.

وأضاف نتنياهو أن ذلك كان سيترك إسرائيل في مواجهة ترسانة من آلاف الصواريخ، كل منها يحمل طنا من المتفجرات يمكن أن تمطر على إسرائيل.
وقال: “قررنا أننا لم نعد نستطيع الانتظار أكثر. نحن عند منتصف الليل”.
لا نشوة
رغم نجاح الضربة الأولى، حذر نتنياهو الجمهور من الشعور بـ”النشوة”، ودعاهم للاستماع لتعليمات السلطات.
ووعد بأن رد إيران “سيأتي”، محذرا من احتمال حدوث موجات متتالية من الضربات.
وأكد أن الضربات الأولى كانت “ناجحة جدا”، حيث أصابت جزءا كبيرا من هيئة الأركان العامة الإيرانية والعلماء النوويين البارزين.
وقال نتنياهو إن إسرائيل دمرت منشأة نطنز، وأكد لاحقا رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران أبلغت بأن جزءا رئيسيا فوق الأرض من المنشأة في نطنز قد تم تدميره.
وقال رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة: “في نطنز، تم تدمير الجزء العلوي من منشأة إنتاج الوقود التجريبية، حيث كانت إيران تنتج يورانيوم مخصبا بنسبة تصل إلى 60% من U-235”.
وأقر نتنياهو بأن إسرائيل ستواجه تحديات في التعامل مع مواقع مثل منشأة فوردو بالقرب من مدينة قم، المدفونة تحت جبل، لكنه رفض الإفصاح عن كيفية مواجهة هذا التحدي.
بالإضافة إلى نطنز، كشف المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي العميد إفي ديفرين خلال مؤتمر صحفي أن سلاح الجو استهدف منشأة نووية إيرانية بالقرب من أصفهان.
وقال: “لن نسمح لإيران بالتقدم نحو [سلاح] نووي. لن نسمح بتطوير صواريخ تهدف لإيذائنا”.
وجاءت تصريحاته بعد أن أفادت وكالة أنباء مهر عن سماع “انفجار هائل” في أصفهان، وهي مدينة رئيسية في وسط إيران وفي محافظة تضم عدة منشآت نووية.
وبجانب المواقع النووية في أصفهان ونطنز التي أكدت إسرائيل استهدافها، كانت هناك أيضًا تقارير ومقاطع مصورة عن هجوم في فوردو.
وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إنها على علم بالتقارير المتعلقة بأصفهان وفوردو وتبحث مع السلطات الإيرانية بشأن أي تأثير محتمل. وزعمت وسائل الإعلام الإيرانية أن الأضرار كانت محدودة في كلا الموقعين.
وقال المتحدث باسم الوكالة، بهروز كمالوندي: “الأضرار اقتصرت على مناطق لم تسبب أي ضرر حضري في حالة فوردو… أما في أصفهان، فكانت هناك أيضًا هجمات على عدة نقاط مرتبطة بمخازن اشتعلت فيها النيران”، مضيفًا أن “الأضرار لم تكن واسعة ولا يوجد ما يدعو للقلق من ناحية التلوث”.
وذكرت صحيفة نيويورك تايمز مساء الجمعة أن الجيش الإسرائيلي أقر بضرب مختبرات في موقع أصفهان تعمل في المراحل النهائية لبناء سلاح، لكن إسرائيل لم تشر إلى استهداف أكبر مخزون إيراني من “وقود نووي شبه جاهز للقنابل” يُعتقد أنه مخزن هناك.

القوة العسكرية وحدها لا تحقق الهدف
على غرار نتنياهو، أقر مستشاره للأمن القومي أيضًا بأن إسرائيل على الأرجح لن تكون قادرة على تدمير البرنامج النووي الإيراني بالكامل من خلال الضربات العسكرية.
وفي حديث للقناة 12، قال تساحي هنغبي إن الهدف العام من حملة إسرائيل هو ممارسة ضغط عسكري على إيران لدفعها إلى الموافقة على تفكيك برنامجها النووي بالكامل.
وفي وقت سابق من يوم الجمعة، قال ترامب إن أمام إيران فرصة أخرى لإبرام اتفاق نووي بعد أن شنت إسرائيل هجومها الحالي.
وأضاف هنغبي أن إسرائيل لا تعتزم استهداف “القيادة السياسية” في إيران ضمن هذه الحملة.
ومع ذلك، ذكرت القناة 12 نقلا عن مسؤولين كبار لم تسمهم أن إسرائيل وجهت تحذيرا لإيران بأنه إذا استهدفت مراكز سكانية مدنية في ردها، فإن إسرائيل ستهاجم القادة السياسيين والبنية التحتية الكبرى مثل المصافي النفطية.

وأوضح هنغبي أن الكابنيت حدد أربعة أهداف للعملية الجارية ضد إيران: ضرب برنامج إيران النووي؛ ضرب قدراتها الصاروخية الباليستية؛ مهاجمة قدرتها على تدمير إسرائيل عبر هجوم بري؛ وخلق الظروف لإحباط البرنامج النووي الإيراني على المدى الطويل بالوسائل الدبلوماسية.
وعند سؤاله إن كان ذلك يعني أن إسرائيل لا تسعى إلى “قيام الجيش الإسرائيلي بتدمير البرنامج النووي الإيراني”، أجاب هنغبي: “هذا غير ممكن. لا يمكن تحقيقه بوسائل عسكرية مباشرة”.
ما هو ممكن، بحسب قوله، هو حل شبيه بما حدث في ليبيا وجنوب أفريقيا وأماكن أخرى، حيث يؤدي “توازن الإيجابيات والسلبيات” إلى أن تتخلى القيادة في الدولة طوعًا عن برنامج الأسلحة النووية.
وقال: “الأمريكيون وحدهم يمكنهم تحقيق ذلك، فقط الرئيس ترامب. هو قادر على تحقيق ما يسمى ‘صفقة جيدة’ — النموذج الذي تتخلى فيه إيران باختيارها عن الأسلحة النووية، وتدفع أثمانًا كبيرة، وتحصل على الكثير من الفوائد… هذا هو الأفق الدبلوماسي…”