رئيس المخابرات العسكرية السابق: أضرار الإصلاح القضائي للأمن القومي الإسرائيلي قد تكون لا رجعة فيها
قال الميجر جنرال (احتياط) تامير هايمان أنه لم يعد يثق بنتنياهو في المسائل الأمنية، محذرا أن رئيس الوزراء لم يعد يفكر بعقلانية
قال رئيس المخابرات العسكرية السابق الميجور جنرال (احتياط) تامير هايمان أنه لم يعد يثق في حكم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بشأن المسائل الأمنية بعد محاولته إقالة يوآف غالانت من منصب وزير الدفاع، وأن بعض الأضرار التي لحقت بالاقتصاد وتماسك المجتمع في إسرائيل، وعلاقاتها مع الولايات المتحدة، الناتجة عن مساعي الحكومة المتوقفة منذ ذلك الحين لإصلاح النظام القضائي، قد يكون لا رجوع فيها.
وفي مقابلة مع موقع “زمان يسرائيل” التابع لتايمز أوف إسرائيل، قال هايمان أنه ليس لديه تفسيرا منطقيا لسلوك نتنياهو الأخير، وأعرب عن أسفه “لعدم اليقين بعد عدم اليقين” في الأسابيع الأخيرة بينما تهز المظاهرات الحاشدة ضد الإصلاح القضائي الدراماتيكي البلاد، وسط انتقادات عامة شديدة، وموجة متزايدة من الاعتراضات من قبل شخصيات عامة بارزة، بما في ذلك الرئيس، وخبراء القانون، وكبار قادة الأعمال، والأهم من ذلك، تهديدات أعضاء الجيش بمقاطعة التدريبات أو الخدمة العسكرية احتجاجا.
على نحو متزايد، تحذر مجموعات جنود الاحتياط، بما في ذلك الطيارون وضباط القوات الخاصة – الذين يشكلون جزءا رئيسيا من الأنشطة الروتينية للجيش – من أنهم لن يكونوا قادرين على الخدمة في دولة إسرائيل غير ديمقراطية، التي يدعون أنه مصير الدولة بموجب خطة الحكومة. كما أعرب الجنود عن قلقهم من أن انعدام الثقة الدولية في استقلال القضاء الإسرائيلي قد يعرضهم للمحاكمة في المحاكم الدولية بشأن الإجراءات التي أُمروا بتنفيذها أثناء الخدمة.
وأثار هذا الاتجاه مخاوف عميقة في المؤسسة الأمنية، التي حذرت نتنياهو من أن القدرة العملياتية للجيش الإسرائيلي في خطر.
وأوقف نتنياهو مؤقتا الدفع التشريعي أواخر الشهر الماضي، بعد اندلاع احتجاجات حاشدة في أعقاب إعلانه عن عزل غالانت من منصبه كوزير للدفاع. وكان غالانت قد دعا إلى وقف الإصلاح والسماح بإجراء محادثات للتوصل إلى حل وسط، محذرا من أن تزايد رفض جنود الاحتياط الخدمة احتجاجا على مقترحات الحكومة يمثل تهديدا للأمن القومي يستدعي وقف الدفعة التشريعية.
ولا يزال غالانت وزيرا للدفاع في الوقت الحالي، ولم يتلق بعد رسالة عزل رسمية، ويقود الرد الأمني الإسرائيلي على التوترات المتزايدة على جبهات متعددة. وشهدت الأيام الأخيرة إطلاق صواريخ من قطاع غزة ولبنان وسوريا، وردت إسرائيل بضربات جوية وقصف مدفعي. كما تواجه الدولة توترات شديدة في القدس والضفة الغربية، وموجة من الهجمات التي أسفرت عن مقتل ثلاثة إسرائيليين في نهاية الأسبوع.
وقال هايمان أنه ليس لديه “تفسير منطقي” لإقالة غالانت أواخر الشهر الماضي، واصفا إياها بأنها “غير مسؤولة وليست ذكية”، وأنها خطوة تزيد فقط من عدم الاستقرار الداخلي.
وقال: “أنا لا أثق في أحكام رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الأمنية. خدمة وزير دفاع في هذه الظروف “لا يخدم أحدا، وخاصة لا يخدمه، لا سيما في الوضع الأمني الراهن”.
“إنها حالة من عدم اليقين بعد عدم اليقين بعد عدم اليقين. عندما أحاول أن أفسّر منطق هذا السلوك، يتبادر إلى الذهن احتمالان: أولاً، نتنياهو لم يعد عقلانيًا، وهذا يفسر كل شيء. ثانيًا، لدى نتنياهو شيء مهم جدًا لتحقيقه لدرجة أنه مستعد لتقبل كل شيء – بما في ذلك الإحراج السياسي وعدم الاستقرار الداخلي والأزمة الاقتصادية وتدهور الوضع الأمني. عندما أنظر إلى [الدفعة] القضائية، ذلك لا يبرر التكاليف”، قال هايمان، الذي شغل منصب رئيس مديرية المخابرات العسكرية للجيش الإسرائيلي من 2018 إلى 2021، في ظل حكومات نتنياهو السابقة.
صدمة طويلة الأمد
قال هايمان أنه على مدى الأشهر القليلة الماضية، تضررت عدة ركائز أساسية للأمن القومي الإسرائيلي بالفعل، على الأرجح للمدى البعيد.
“التماسك الداخلي والاقتصاد والعلاقة مع الولايات المتحدة والجيش الإسرائيلي – النظامي والاحتياطي – تم إضعاف كل عنصر أساسي بشكل متطرف، وسأذهب إلى حد القول إنه من المشكوك فيه أن يتمكن إصلاح بعض أضرار. لا شيء يمكن أن يبرر هذا. لذلك ليس لدي تفسير منطقي. أنا قلق للغاية”، قال هايمان، مدير معهد دراسات الأمن القومي (INSS) في جامعة تل أبيب.
وفي شهر يناير، قدم هايمان تقرير لمعهد دراسات الأمن القومي مؤلفا من 86 صفحة إلى الرئيس إسحاق هرتسوغ محذرا من أن خطط حكومة نتنياهو لإصلاح القضاء يمكن أن تقوض الديمقراطية وتضع إسرائيل في مسار تصادمي مع الولايات المتحدة وربما تعرض العلاقات الاستراتيجية الحاسمة مع أكبر حليف لها للخطر.
كما حذر التقرير من أن الاستقطاب المتزايد في البلاد يمكن أن يكون له تأثير ضار بشكل كبير على أمن إسرائيل.
وفي مقابلته مع “زمان يسرائيل”، حذر هايمان من أن الخلاف داخل الجيش الناجم عن عملية الإصلاح الشامل “صدمة ستترك بصماتها لفترة طويلة”.
“أعتقد أننا اقتربنا من نقطة اللاعودة. ستبقى الشقوق والانقسام الداخلي وعدم التماسك داخل الوحدات”، اضاف.
“من حيث المبدأ، لم نكن بحاجة إلى الإصلاح [القضائي] لفهم عمق الانقسام الاجتماعي، لكن ما تم إنشاؤه الآن لا رجوع فيه. حتى مع حل وسط، يشعر الجميع بالخسارة. الذين يعارضون [الإصلاح] سيدّعون أنهم لم يمنعوه [من المرور] – ومن يؤيدونه سيدّعون أنهم لم يطبقوه كما أرادوا. لا أرى حلاً هنا”، قال هايمان.
في مسار تصادمي مع الولايات المتحدة؟
كما حذر القائد العسكري السابق من أن العلاقات مع الولايات المتحدة قد تتزعزع. وقال أنه على الرغم من التزام واشنطن تجاه إسرائيل وأمنها، بغض النظر عن الإدارات المختلفة، إلا أن الأحداث الأخيرة، خاصة بعد انتقادات الرئيس الأمريكي جو بايدن القوية للإصلاح القضائي المخطط له، قد تجعل واشنطن تشكك في المسار القادم.
“نحن ندرك منذ فترة طويلة أن هناك، على المدى الطويل، خطر فقدان الدعم الأمريكي القوي. ليس بالضرورة بسبب الأشياء التي تعتمد علينا، ولكن بسبب العمليات الأمريكية الداخلية. ما فعلناه الآن هو تسريع هذه العملية بطريقة مهمة للغاية”، حذر.
وقال هايمان إن القيم المشتركة بين الولايات المتحدة وإسرائيل هي الآن موضع تساؤل. “سنكون أكثر تحفظا مع مكانة أعلى للدين، في حين أن الاتجاهات في الولايات المتحدة تسير في الاتجاه المعاكس. ما حدث الآن هو تقصير عملية إعادة فحص [العلاقات مع إسرائيل] بعقد من الزمان. لهذا نرى ما يقوله بايدن عن نتنياهو. سيكون من الصعب للغاية عكس ذلك”.
في أواخر الشهر الماضي، قال بايدن إنه يأمل أن “يبتعد” نتنياهو عن تشريع الإصلاح القضائي، وأنه “قلق للغاية” بشأن صحة الديمقراطية الإسرائيلية، في أحدث وأخطر فقرة في العلاقة الثنائية بين الولايات المتحدة وإسرائيل – التي تدهورت ببطء منذ عودة نتنياهو إلى السلطة قبل ثلاثة أشهر على رأس الحكومة الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل.
“لا يمكنهم الاستمرار في هذا الطريق. لقد أوضحت ذلك. آمل أن يعمل رئيس الوزراء… للتوصل إلى حل وسط حقيقي، لكن هذا لم يتضح بعد”، قال بايدن.
كما قال “لا” بشكل قاطع ردا على سؤال عما إذا كان سيدعو نتنياهو إلى البيت الأبيض، مضيفا: “ليس على المدى القريب”.
ورد نتنياهو بالقول أنه يقدر صداقة بايدن والتزامه الطويل الأمد اتجاه إسرائيل، لكنه رفض أيضا تصريحات الرئيس الأمريكي، قائلا إن “إسرائيل دولة ذات سيادة تتخذ قراراتها بإرادة شعبها وليس بناء على ضغوط من الخارج، بما في ذلك من أفضل الاصدقاء”.
ثم قدم البيت الأبيض ثناء حذرا عندما أعلن نتنياهو عن توقف الدفعة التشريعية، التي كان من شأنها أن تمنح التحالف سيطرة كاملة تقريبا على جميع التعيينات القضائية، وأن تقيد المحكمة العليا بشكل جذري. ويقول النقاد إن الحزمة التشريعية ستمنح الحكومة عمليا سلطة غير مقيدة، دون توفير أي حماية مؤسسية للحقوق الفردية أو للطابع الديمقراطي لإسرائيل، بينما يدعي المؤيدون بأنها ستعيد “التوازن” بين فروع الحكومة.
وبينما أشار نتنياهو إلى “وقف مؤقت” للخطط، إلا أنه قال أيضا إنه سيستمر حتى الجلسة التالية للكنيست، بدءا من 30 أبريل – مما يعني أن الوقفة ستتم في الغالب عندما يكون الكنيست في عطلة على أي حال – وستمضي الخطط قدما على الفور في الجلسة التالية.
وشدد على أن الإصلاح سيمر “بطريقة أو بأخرى”، وسيتم استعادة “التوازن المفقود” بين فروع الحكومة. وقد تعهد قائلا: “لن نتخلى عن الطريق الذي انتخبنا من أجله”.
ساهم جاكوب ماغيد في إعداد هذا التقرير
ظهر هذا المقال لأول مرة بالعبرية على موقع “زمان يسرائيل” الشقيق لتايمز أوف إسرائيل.