رئيس الشاباك الأسبق يدعو إلى ثورة سلمية في تظاهرة أسبوعية مناهضة للحكومة
الآلاف يتجمعون في تل أبيب حيث أطلقت عائلات الرهائن نداء مؤثرا لإعادة أحبائهم إلى الديار قبل يوم الذكرى القادم، منتقدة لامبالاة نواب الائتلاف

تجمع الآلاف في مظاهرات في أنحاء إسرائيل مساء السبت للاحتجاج على حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والمطالبة باتفاق من شأنه إعادة الرهائن الـ59 المتبقين وإنهاء الحرب في قطاع غزة.
التجمع الرئيسي ضد الحكومة كان في ميدان هبيما في تل أبيب، حيث تجمع المتظاهرون للاستماع إلى عدد من كبار المسؤولين، بينهم رؤساء سابقون لجهاز الأمن الداخلي (الشاباك) والجيش الإسرائيلي، بينما تجمع المتظاهرون المطالبون بصفقة الرهائن في ساحة المختطفين القريبة. ثم اندمجت المظاهرتان في شارع بيغن، كما هو الحال كل أسبوع.
وفي مؤتمر صحفي عقد قبل أحداث المساء، قالت عيناف تسانغاوكر، التي يُحتجز ابنها ماتان رهينة في غزة، أن بإمكان إسرائيل توقيع اتفاق وإعادة الرهائن إلى ديارهم ”غدا صباحا“ إذا أرادت ذلك.
وقالت وهي تقف إلى جانب مجموعة من أقارب الرهائن: ”يتم إرسال الجنود إلى حرب لا نهاية لها، دون هدف، ودون اكتراث لما سيحدث بعدها. من الممكن توقيع اتفاق غدا صباحا. أمة بأكملها يتم خداعها. يُقال لنا إن الضغط العسكري سيعيد المختطفين، لكنه لا يؤدي إلا إلى قتلهم“.
وأكدت تسانغاوكر أن ”الأمة بأسرها“ تريد إنهاء الحرب وعودة جميع الرهائن، متهمة نتنياهو بـ”تقديم خدمة لنفسه، ربما بالموافقة على اتفاق ’انتقائي‘ آخر“، وشبهت اتفاقات الإفراج التدريجي عن الرهائن التي يفضلها نتنياهو بممارسة النازيين في إرسال اليهود المرضى إلى الموت واليهود الأصحاء إلى أعمال السخرة.
إلى جانب تسانغاوكر، انتقد يهودا كوهين، والد الرهينة نمرود كوهين، رئيس الوزراء لوصفه عودة جميع الرهائن مقابل إنهاء الحرب بـ ”الاستسلام“.
وقال كوهين: ”رئيس الوزراء الذي يعتبر عودة المختطفين الذين تم أسرهم تحت ولايته استسلاما هو مجرم ضد شعبه. هدفه هو إضاعة الوقت والبقاء في السلطة. لقد حول نمرود والرهائن منذ فترة طويلة إلى بيادق على لوحة الشطرنج“.

بعد ساعات، وفي كلمة ألقتها في تجمع أكثر حيادا من الناحية السياسية في ساحة المختطفين، كررت ميراف طال، الرهينة السابقة التي أُطلق سراحها في إطار هدنة استمرت أسبوعا في نوفمبر 2023، دعوة عائلات الرهائن الآخرين إلى التوصل إلى اتفاق نهائي لإعادة جميع الرهائن المتبقين في وقت واحد.
وقالت طال، التي قُتل شريكها يائير يعكوف وتم اختطاف جثته إلى غزة خلال الهجوم على كيبوتس نير عوز، “ليس بعضهم، وليس عندما يكون ذلك مريحا – الجميع”.
وأكدت أن واجب الحكومة الوحيد هو إعادة جميع الذين اختطفهم المسلحون المعتدون خلال الهجوم الذي قادته حماس في 7 أكتوبر 2023، واستذكرت ”اليأس الرهيب“ الذي شعرت به أثناء احتجازها رهينة، عندما سمعت وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير يقول إنه لن يصوت لصالح الاتفاق الذي أدى في النهاية إلى إطلاق سراحها.
وقالت: ”لم أفهم كيف يمكن ليهودي، أخ من أبناء شعبي، أن يقول إنه لا يريد عودتنا. ذلك المكان – المظلم والبارد والمخيف – لا يترك لك سوى القليل من الأمل. ثم يأتي شخص من وطني، من شعبي، ويأخذ ذلك الأمل أيضا“.

ركزت المظاهرة في ساحة المختطفين بشكل كبير على الأيام والأعياد الوطنية التي يتم الاحتفال بها في إسرائيل في الأسابيع التي تلي عيد الفصح اليهودي – يوم ذكرى الهولوكوست، يليه يوم الذكرى، ثم يوم الاستقلال.
واعتلت حانا كوهين، عمة الرهينة القتيلة عنبار هايمان، التي لا تزال جثتها محتجزة لدى حماس، المنصة لتناشد الحكومة تسهيل عودة جثة ابنة أخيها لدفنها في إسرائيل قبل يوم الذكرى في أواخر هذا الأسبوع، ووضع حد لـ ”ليالي البكاء على الوسادة. أيام الذكرى بدون قبر“.
وقالت ”عنبار، فتاتنا الحبيبة، نحن نُقتل معكِ كل يوم. كل ساعة. لن يفهم الآخرون ما تمر به عائلة رهينة مقتولة“.

وتابعت ”أنا أتوجه إلى رئيس الوزراء وأطلب منه أن يعيد إلينا جميع المختطفين الذين تم التخلي عنهم واختطافهم من أرض إسرائيل. دفعة واحدة. جميع المختطفين البالغ عددهم 59. الأحياء لإعادة تأهيلهم والقتلى لدفنهم بشكل لائق في وطنهم”.
وقالت كوهين “لإن تذكرهم يعني إعادتهم جميعا”، مضبفة “التخلي عنهم يعني التخلي عن أنفسنا”.
دعوات إلى ”ثورة سلمية“
في الاحتجاج الموازي في ميدان هبيما، اتخذ المتظاهرون نبرة سياسية أكثر وضوحا، حيث غمرت الحشود الأعلام الإسرائيلية أثناء تظاهرهم ضد نتنياهو وحكومته.
قبل الخطب، عرضت شاشة كبيرة تاريخا موجزا لبن غفير، الذي بدأ حياته السياسية كأحد أتباع الحاخام المتطرف مئير كهانا، ومؤيدا معلنا لتلميذ كهانا، باروخ غولدشتاين، الذي قتل 29 مصليا مسلما في الحرم الإبراهيمي في الخليل عام 1994.
واتهم الفيلم القصير نتنياهو بتطبيع الحركة الكهانية بعد أربعة عقود من منع المحكمة العليا لها من الترشح للبرلمان.
بعد ذلك، تجمع الآلاف للاستماع إلى رئيس جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) الأسبق عامي أيالون الذي وصف الإفادة الخطية التي قدمها رئيس الجهاز الحالي رونين بار إلى المحكمة العليا ضد نتنياهو الأسبوع الماضي بأنها ”حدث محوري في كفاحنا من أجل الهوية اليهودية-الديمقراطية لإسرائيل“.
إذا استخدم رئيس الوزراء جهاز الأمن الداخلي ”لمراقبة المواطنين الذين يرغبون في الاحتجاج، فإن العلم الأسود يرفرف أمام أعيننا“، على حد قول أيالون، في إشارة إلى إحدى اتهامات بار ضد رئيس الوزراء في الوثيقة.
في الفقه القانوني الإسرائيلي، يُقال إن ”العلم الأسود“ يرفع فوق الأوامر التي تجعلها غير قانونية بسبب عدم أخلاقيتها المطلقة. صاغ هذه العبارة قاض أصدر في عام 1957 أحكاما بالسجن على جنود قتلوا 49 مدنيا في بلدة كفر قاسم العربية لعدم التزامهم المزعوم بأوامر حظر تجول.
وقال أيالون ”انزلوا إلى الشوارع، وأوقفوا البلاد. الثورة المدنية السلمية هي واجب كل مواطن“.

وقال ”نحن نناضل من أجل الهوية اليهودية الديمقراطية لإسرائيل كما صاغها الآباء المؤسسون في إعلان الاستقلال“.
وكررت زعيمة الاحتجاج شيكما بريسلر تصريحاته لاحقا، قائلة للحشد إن ”علما أسود يرفرف“ فوق جميع قرارات نتنياهو.
وانضم إلى قائمة المسؤولين السابقين رفيعي المستوى الذين أدانوا قيادة نتنياهو، رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الأسبق دان حالوتس، الذي اتهم رئيس الوزراء بمواصلة القتال في غزة لمجرد الحفاظ على الحكومة.
الحرب ”غير ضرورية“ ومدفوعة بـ”أوهام دينية وصوفية ومسيحانية لا علاقة لها بالأمن القومي“ لدى شركاء نتنياهو في الائتلاف، حسبما قال حالوتس من على المنصة في ميدان هبيما.
وأضاف أن ”المتهم بنيامين نتنياهو“، الذي يحاكم بتهم فساد، يشكل ”خطرا واضحا وحاليا ومباشرا على دولة إسرائيل“.
”رئيس الوزراء صامت“
لاحقا، بعد أن اندمجت المظاهرتان أمام مقر الجيش الإسرائيلي في شارع بيغن، حذرت روحاما الباغ، التي أُطلق سراح ابنة أخيها ليري من أسر حماس في يناير، الحكومة من أن الحرب إذا استمرت، فإن يوم الذكرى القادم ”سيكون عارا ووصمة عار عليكم“.
وانتقدت نتنياهو بشدة لالتزامه الصمت في الوقت الذي أعرب فيه حلفاؤه السياسيون عن موقفهم المتردد تجاه مصير الرهائن المتبقين.
وقالت الباغ، وهي باحثة أدبية، مقتبسة من قصيدة للزعيم الصهيوني الراحل زئيف جابوتنسكي: ”الصمت قذارة“.

وانتقدت التصريحات الأخيرة التي أدلى بها حلفاء نتنياهو السياسيون: بتسلئيل سموتريتش، ”الوغد المعروف باسم وزير المالية“، الذي قال هذا الأسبوع إن حياة الرهائن ليست أولوية قصوى؛ والنائب تسفي سوكوت، ”سجادة جبل الهيكل الجديدة“، الذي سجد في الموقع المقدس (الحرم القدسي) ”لإثارة استفزاز آخر“ ودعا نتنياهو إلى رفض أمر قضائي محتمل بتنحيه عن منصبه؛ والنائب سيمحا روتمان، الذي قال إن ”الطريقة الصحيحة لتحرير المختطفين هي عدم الاجتماع مع العائلات“.
ثم هناك ”أسوأ تصريح على الإطلاق“، على حد قولها: ”صمت رئيس الوزراء“.
واتهمت الباغ المسؤولين المنتخبين بتجاهل ”الأمهات والآباء الذين يواصلون، دون حول ولا قوة، تربية أبناء في الأسر“.
وقالت الباغ في إشارة إلى الشباب الذين لا يزالون في الأسر ”ألون أوهل على وشك أن يفقد بصره. ماتان أنغريست يتعرض للصعق بالكهرباء من بطارية سيارة. والدة نمرود كوهين تقول بارتياح إنه لا يزال على قدميه. ومن المشكوك فيه أن يتمكن ماتان تسانغاوكر من الوقوف”.
وقرأت أسماء الرهائن الآخرين الذين يعتقد أنهم ما زالوا على قيد الحياة – 24 في المجموع – مشيرة بغضب إلى محاولة نتنياهو المزعومة ”لتعزيتنا“ قي العام الماضي بقوله إن الرهائن ”يعانون ولكنهم لا يموتون“.
وقالت ألباغ ”أوقفوا هذه الحرب الملطخة بالدماء. وإلا، فإن يوم الذكرى هذا سيكون عارا ووصمة عار عليكم“.
لم تخلو المظاهرات المناهضة للحكومة من الجدل، وجذبت انتباه مجموعة منفصلة من عائلات الرهائن اليمينية ونتنياهو نفسه، الذي أدان عرضا أقامه المتظاهرون لأقنعة تحمل صورته تحيط بمتظاهر يرتدي ضمادات مزيفة ملطخة بالدماء وهو ملقى في وسط الشارع.
وكتب منتدى تيكفا المحافظ في منشور شاركه حساب نتنياهو الرسمي على منصة X ”يجب أن يقال هذا بصوت واضح. لا علاقة للرؤوس المقطوعة، وكذلك الاحتجاجات اليوم، بالمختطفين. على العكس من ذلك، هؤلاء هم الأشخاص الذين قرروا التضحية بالمختطفين في محاولة للإطاحة بالحكومة“.
”في بلد متحضر، كان سيتم بالفعل اعتقال العشرات بتهمة التحريض على القتل. من غير الواضح أين يقف جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) عندما يتعلق الأمر بهذه العروض الواضحة والخطيرة للقتل”، كما كتب المنتدى، مضيفا أنه يأمل ألا تؤثر التوترات بين نتنياهو ورئيس الشاباك بار “على مواقف الشاباك بشأن كل ما يتعلق بأمن رئيس الوزراء‘.
لطالما اشتكى نتنياهو وحلفاؤه السياسيون من التحريض ضده وعائلته، موجهين أصابع الاتهام إلى النظام القضائي وسلطات إنفاذ القانون والنائبة العامة لما وصفوه بأنه خطاب عنيف غير مقيّد من قبل أفراد من الجمهور.
وفي بيان منفصل، وصف متحدث باسم حزب الليكود الذي ينتمي إليه نتنياهو الاحتجاج بأنه ”جنون“، مؤكدا أنه ”يمثل تحريضا على قتل رئيس الوزراء وقطع رأسه“.

وتساءل المتحدث في المنشور الذي أرفقه بصورة للمشهد الذي يظهر فيه رجل عاري الصدر ومضمد بالضمادات وهو يمسك بعلم إسرائيل، “إين إنفاذ القانون من قبل النائبة العامة ورونين بار؟”
وكان الرجل محاطا بعدة أقنعة لنتنياهو، كل منها عليها ملصق يحمل شعارا مثل ”مذنب“ أو ”خطر“.
وفي مكان آخر في تل أبيب، وقف حوالي 200 ناشط يساري في صمت في شارع كابلان، حاملين صور أطفال قُتلوا في قطاع غزة منذ أن جددت إسرائيل هجومها هناك في 18 مارس.

وقف المحتجون محاطين بشموع “نشاما” — وهي شموع تبقى مشتعلة لفترة طويلة يضيئها اليهود تقليديا لإحياء ذكرى الموتى.
وتم رفع لافتات تحمل اسم كل طفل قُتل، وتاريخ ومكان وظروف وفاته.
وكُتب على اللافتات أن الأطفال “كانوا ولم يعودوا”، مشددة على أنهم علقوا في خضم القتال رغماً عنهم.
وانقلبت الأجواء الكئيبة عندما سار المتظاهرون المناهضون للحكومة في مسيرة، يرددون الشعارات ويقرعون الطبول في طريقهم نحو شارع بيغن. وظل النشطاء اليساريون في أماكنهم.