رئيس أركان الجيش الإسرائيلي يعتذر مع ظهور تفاصيل الغارة التي استهدفت قافلة مساعدات في غزة
هليفي: مقتل العاملين في المطبخ العالمي المركزي كان "خطأ اعقب خطأ في تحديد الهوية، ليلا، في ظروف حرب معقدة للغاية"، تقرير يزعم أن "كل قائد يضع قواعده الخاصة" في غزة
أصدر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هليفي اعتذارا بعد منتصف ليل الأربعاء عن الغارة الإسرائيلية القاتلة على قافلة مساعدات في غزة، مضيفا أن الحادث وقع نتيجة “خطأ في تحديد الهوية”، يجري التحقيق فيه والتعلم منه.
وجاء البيان المصور لهليفي في الوقت الذي ظهرت فيه تفاصيل جديدة عن حادثة ليلة الاثنين، والتي ورد أنها شهدت استهداف ثلاث سيارات من قافلة منظمة “المطبخ المركزي العالمي” (World Central Kitchen) واحدة تلو الأخرى بصواريخ أطلقتها طائرات مسيرة، مما أسفر عن مقتل سبعة من عاملي الإغاثة.
ولم يكن هذا الهجوم هو الأول ضد عمال الإغاثة في القطاع منذ اندلاع الحرب التي شنتها إسرائيل ضد حركة حماس المتجذرة بعمق بين السكان المدنيين.
ولكن يبدو أن الحادث الأخير في طريقه إلى إحداث تحول كبير في الحرب – على غرار ذلك الذي أشعل شرارته الحادث الذي شمل قافلة مساعدات أخرى، والذي تدافع فيه فلسطينيون يائسون في شمال غزة في 29 فبراير على شاحنات مساعدات. وأدى مقتل العشرات في إطلاق النار الذي أعقب ذلك التدافع إلى ردود فعل دولية غاضبة وإلى إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن أنه انتهى من انتظار قيام إسرائيل بتسهيل إيصال المزيد من المساعدات وأنه بدلا من ذلك يعتزم إنشاء ممر بحري جديد لإدخال الطعام إلى القطاع.
وأثار حادث يوم الاثنين ردود فعل أكثر شراسة من زعماء العالم، حيث قال بايدن إنه ليس حادثا منعزلا لأن إسرائيل تفشل منذ فترة طويلة في حماية عمال الإغاثة والمدنيين الفلسطينيين في غزة.
ومع تصاعد الغضب، أصدر هليفي بيانه الخاص الذي أشاد فيه بـ WCK – التي جمدت عملياتها في غزة بعد الغارة – مقرا ظاهريا بأن الجيش الإسرائيلي يحتاج بشدة إلى منظمات الإغاثة هذه من أجل منع الأزمة الإنسانية من التدهور إلى مجاعة كاملة.
“I want to be very clear—the strike was not carried out with the intention of harming WCK aid workers. It was a mistake that followed a misidentification—at night during a war in very complex conditions. It shouldn’t have happened.”
Watch the full statement by IDF Chief of the… pic.twitter.com/JnvoJOTVg9
— Israel Defense Forces (@IDF) April 2, 2024
وأضاف: “نرى أهمية كبيرة في استمرار إيصال المساعدات الإنسانية، وسنواصل العمل لتسهيل هذا الجهد الحيوي”.
وسلط هليفي الضوء على عمل WCK في إسرائيل منذ هجوم حماس في 7 أكتوبر، والذي شمل تقديم ما يقرب من مليوني وجبة للسكان الذين تم إجلاؤهم من جنوب وشمال البلاد.
وأصبحت منظمة المساعدات هي المفضلة لدى الجيش الإسرائيلي، الذي سعى إلى تهميش الأونروا عن الجهود الإنسانية بسبب مخاوف بشأن علاقاتها مع حماس. وقال هليفي: “يعمل جيش الدفاع بشكل وثيق مع المطبخ المركزي العالمي ويقدّر بشدة العمل المهم الذي يقومون به”.
وأشار رئيس الأركان الإسرائيلي إلى أن الجيش أنهى بالفعل تحقيقه الأولي في الغارة وأنه تم إطلاعه على النتائج.
وأوضح هليفي “لقد كان ما حدث خطأ أعقب خطأ في تحديد الهوية، ليلا، أثناء الحرب، في ظروف معقدة للغاية، وما كان ينبغي أن يحدث”، مضيفا إنه لم تكن هناك “نية لإيذاء عمال الإغاثة في WCK”.
وقال رئيس الأركان إن الجيش الإسرائيلي أنشأ مركز قيادة إنساني جديد في أعقاب الحادث “لتحسين الطريقة التي ننسق بها توزيع المساعدات في غزة”، على الرغم من أنه من غير الواضح لماذا لم يتم إنشاء مثل هذه الآلية بعد ستة أشهر من الحرب. وأضاف: “سنواصل اتخاذ إجراءات فورية لضمان بذل المزيد لحماية العاملين في مجال المساعدات الإنسانية”.
وقال هليفي إن هيئة “مستقلة” ستحقق أيضا في الحادث وستقدم نتائجها في الأيام المقبلة، مضيفا أن الجيش الإسرائيلي سينفذ على الفور استنتاجاته ويشاركها مع WCK إلى جانب المنظمات الدولية الأخرى ذات الصلة.
وأكد أن “هذا الحادث كان خطأ فادحا. إن إسرائيل في حالة حرب مع حماس، وليس مع سكان غزة”، مضيفا: “نحن نأسف للأذى غير المتعمد الذي لحق بأعضاء WCK”.
وقبل ساعات، وصف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الحادث بأنه “مأساوي” و”غير مقصود”. لكنه أضاف في اعتذاره: “يحدث هذا في الحرب”، وهو تصريح أثار غضب مؤسس WCK خوسيه أندريس.
وكتب أندريس في صحيفة “يديعوت أحرونوت”: “لم تكن الضربات الجوية على قافلتنا مجرد خطأ مؤسف في ضباب الحرب. لقد كان هجوما مباشرا على مركبات تحمل علامات واضحة وكان الجيش الإسرائيلي على علم بتحركاتها”.
وأضاف أندريس: “إسرائيل أفضل من الطريقة التي تُدار بها هذه الحرب, وهي أفضل من منع الغذاء والدواء عن المدنيين، وهي أفضل من قتل عمال الإغاثة الذين نسقوا تحركاتهم مع الجيش الإسرائيلي”.
المركبات تعرضت للقصف على مسافة نصف ميل من بعضهم البعض
كشفت صحيفة “واشنطن بوست” عن تفاصيل جديدة عن الغارة، التي وقعت بعد وقت قصير من بدء ثلاث مركبات تحمل علامة WCK رحلتها عبر طريق ساحلي في غزة يُستخدم كممر إنساني.
كانت اثنتان من السيارات من سيارات الدفع الرباعي المدرعة والثالثة عبارة عن مركبة عادية غير مدرعة. كان موظفو WCK السبعة بالداخل ثلاثة مواطنين بريطانيين، ومواطنا أستراليا، وبولنديا، وأمريكيا-كنديا مزدوج الجنسية وفلسطينيا – الفريق كان من بين فرق WCK العديدة التي تقوم بتوصيل المواد الغذائية من أوروبا عبر المراكب والأرصفة البحرية المؤقتة والقوافل.
وقالت WCK في بيان إن القافلة كانت في طريق العودة إلى الحدود المصرية بعد تفريغ 100 طن من المساعدات في مستودع بمدينة دير البلح بوسط البلاد، مشيرة إلى أن الموظفين نسقوا سفرهم مع الجيش الإسرائيلي مسبقا.
لكن الطريق كان لا يزال يعتبر “منطقة شديدة الخطورة”، وورد أن نفس المجموعة تعرضت لنيران قناصة في الجيش الإسرائيلي قبل أيام في حادثة نجا منها عمال WCK بأعجوبة دون أن يصابوا بأذى.
وقالت صحيفة واشنطن بوست إن بعض أعضاء القافلة التقوا مع منسقة الأمم المتحدة الخاصة للشؤون الإنسانية في غزة سيغريد كاغ قبل ساعات لمناقشة تحسين ظروف توصيل المساعدات.
وقال البيت الأبيض إن ما يقرب من 200 من عمال الإغاثة قُتلوا منذ بداية الحرب، وهو رقم مرتفع بشكل صادم مقارنة بالصراعات الأخرى.
وفي حوالي الساعة 9:30 مساء، سمع أحد فنيي الهلال الأحمر الفلسطيني المتمركز بالقرب من طريق المساعدات الساحلي صوت انفجار. وبعد دقائق، تلقى تنبيهات بشأن غارات جوية لاحقة استهدفت مركبات أخرى على نفس الطريق.
وقدم الفني للصحيفة لقطات فيديو تظهره هو وفني آخر بعد وصولهما إلى موقع إحدى المركبات المستهدفة حيث عثروا على جثث هامدة، من بينها أحد أعضاء WCK الذي كان لا يزال يرتدي سترته المضادة للرصاص.
وتم إرسال أطقم إضافية من الهلال الأحمر إلى مركبتي WCK الأخريين اللتين أصيبتا على نفس امتداد نصف ميل من الطريق، وفقا للفني.
وقال المستشار الأمني والضابط العسكري البريطاني السابق كريس كوب سميث للصحيفة إن “الانفجار الصغير والمحدود” يشير إلى أن القافلة استُهدفت بصواريخ أطلقتها طائرات مسيرة وهي “دقيقة للغاية ولها قوة اختراق كبيرة”.
“كل قائد يضع قواعده الخاصة”
في هذه الأثناء، مساء الثلاثاء، تحدثت صحيفة “هآرتس” مع مصادر عسكرية لم تذكر اسمها كشفت أن سبب الغارة كان قادة مارقين وغير منضبطين، وليس نقص التنسيق بين الجيش الإسرائيلي وWCK.
وقال مصدر في شعبة المخابرات لصحيفة “هآرتس” إن القيادة الجنوبية للجيش الإسرائيلي “تعرف بالضبط سبب الهجوم: في غزة، الجميع يفعل ما يحلو لهم”.
تتطلب لوائح الجيش الحصول على موافقات نهائية من قادة الفرق أو من هم فوقهم قبل تنفيذ الضربات على أهداف حساسة مثل قوافل المساعدات.
لكن في غزة، “يضع كل قائد قواعده الخاصة به” وتفسيره الخاص لقواعد الاشتباك، كما قال المصدر لصحيفة “هآرتس”، الذي أضاف أنه ليس من الواضح ما إذا كانت الضربات على القافلة قد حصلت على الموافقة النهائية.
وأشار المصدر الاستخباراتي إلى قرار الجيش الإسرائيلي إنشاء مركز تنسيق جديد بين منسق أعمال الحكومة في المناطق – الذي يسهل إيصال المساعدات من جانب إسرائيل – والقيادة الجنوبية، لكنه أصر على أن هذا لن يحل المشكلة، حيث توجد مراكز مماثلة بالفعل.
وقال المصدر لهآرتس “ليس لهذا علاقة بالتنسيق… يمكنك إنشاء 20 غرفة إدارة أو حرب أخرى، ولكن إذا لم يقرر شخص ما وضع حد لسلوك بعض القوات داخل غزة، فسنرى المزيد من الحوادث مثل هذه”.