رؤساء السلطات المحلية العربية في إسرائيل يتهمون سموتريتش بالعنصرية لحجبه التمويل عن بلداتهم
رئيس بلدية أم الفحم يقول إن قرار وزير المالية بحجب 200 مليون شيكل للتنمية الاقتصادية في الوسط العربي "يفاقم دائرة الفقر والعنف"
عقد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش بعد ظهر الثلاثاء مؤتمرا صحفيا في القدس لمناقشة ميزانية الدولة المقبلة لعام 2025، والتي قال إنها ستستلزم 35 مليار شيكل (9.5 مليار دولار) من التعديلات المالية نتيجة “أطول وأكثر حرب تكلفة في تاريخ إسرائيل”.
متباهيا بسجله الاقتصادي، قال سموتريتش إن سياساته “حافظت على صمود المجتمع والوطن” وأنه عمل على “إعادة بناء الثقة” في أعقاب “الأزمة الضخمة بين الدولة ومواطنيها” الناجمة عن الحرب.
ولكن جهود سموتريتش لإعادة بناء الثقة فشلت في تحقيق نتائج مع مندوبي الأقلية العربية الكبيرة في إسرائيل، التي يعتقد قادتها أنه ضحى باقتصاد بلداتهم من دوافع التعصب.
في يونيو الماضي، رفعت اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية دعوى قضائية ضد وزير المالية أمام محكمة العدل العليا، زاعمة أنه يحتجز بشكل غير قانوني مئات الملايين من الشواكل عن البلدات العربية في البلاد، وبالتالي يجبرها على إلغاء الخدمات البلدية الأساسية لأسباب “عنصرية”.
وعلى الرغم من اعتراضات وزير الداخلية موشيه أربيل، يحتجز سموتريتش حاليا 200 مليون شيكل (55 مليون دولار) مخصصة للتنمية الاقتصادية في الوسط العربي.
في مقابلة هاتفية مع “تايمز أوف إسرائيل”، قال سمير محاميد، رئيس بلدية أم الفحم، ثالث أكبر مدينة عربية في البلاد، إن “تأثير التقليصات على المجتمع العربي دراماتيكي”.
وقال إن “التقليصات ستؤدي إلى تقليص برامج التعليم والرعاية الاجتماعية التي تم تنفيذها بالفعل، مما يؤدي إلى تعزيز الفجوات وتفاقم حلقة الفقر والعنف”. وزعم محاميد أن سموتريتش ووزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير فرضا أجندتهما على الحكومة ويتسببان في “أضرار اقتصادية واجتماعية هائلة للمجتمع العربي وللمجتمع الإسرائيلي ككل”.
وقال وزير المالية اليميني المتطرف لهيئة البث الإسرائيلية “كان” إنه “يعيد النظر” في تحويل الأموال بينما يزن “أولوياته” فيما يتعلق بالأموال و”آليات الإشراف” المعمول بها، بحجة أن حكومة نتنياهو “ليست ملزمة” بوعد ائتلافي قدمته الحكومة السابقة.
تمت الموافقة على الأموال، التي تهدف إلى تعزيز الاقتصاد وتحسين البنية التحتية ومكافحة الجريمة في البلدات العربية، في عام 2021 كجزء من خطة مدتها خمس سنوات وضعتها حكومة بينيت ولبيد قصيرة العمر، والتي ضمت حزب “القائمة العربية الموحدة” الإسلامي إلى جانب أحزاب يسارية ووسطية ويمينية. وكان من المفترض أن تحل محل خطة عام 2016 التي أقرها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والتي انتهت صلاحيتها بحلول ذلك الوقت.
وقال سموتريتش، الذي أوقف أيضا تمويل العام الماضي، إن الأموال ستصل إلى أيدي جماعات الجريمة المنظمة أو ستستخدم لدعم الأنشطة الإرهابية.
وقال فؤاد عوض، رئيس مجلس المزرعة المحلي، التي تبعد 12 كيلومترا فقط عن الحدود اللبنانية، إن هذه الحجة “غير صحيحة على الإطلاق”.
وأضاف أن “هذه الميزانية مخصصة للتعليم والرعاية الاجتماعية ورواتب العاملين وجمع القمامة والبيئة”، وما لم يتم تسليمها بحلول نهاية سبتمبر فسوف تضطر بلدته إلى خفض الخدمات الأساسية.
وقال عوض: “سنضطر إلى وقف الإضاءة عند الساعة 12 ليلاً. وإذا كنا الآن نجمع القمامة مرة واحدة في الأسبوع يوم الأحد، فسوف نضطر الآن إلى جمعها مرة كل أسبوعين. وسوف يتم إنهاء جميع برامج ما بعد المدرسة للأطفال”، محذرا من أن الفشل في تخصيص التمويل المناسب للبلدات العربية قد يؤدي إلى هجرة جماعية، وهو ما سيؤدي بدوره إلى تدهور الأوضاع بشكل أكبر.
وأكد أن “الأغنياء سيغادرون البلدات العربية إلى البلدات اليهودية، ومن سيبقون سيكونون فقراء وستزداد الجرائم وسيكون الأمر أكثر خطورة”، مشيرا إلى أن الحكومة ألغت بالفعل برامج تهدف إلى مكافحة الجريمة في المجتمع العربي.
وقد تفاقمت معدلات الجريمة في المجتمع العربي بشكل حاد، حيث قُتل عدد أكبر من العرب في جرائم قتل في عام 2023 مقارنة بأي عام سابق، وفقا لتقرير صادر عن “مبادرات إبراهيم”، وهي منظمة تعايش تتعقب إحصائيات الجريمة.
وأظهر تقرير للكنيست صدر عام 2020 أن هناك حوالي 400 ألف سلاح ناري غير قانوني متداول في إسرائيل، الغالبية العظمى منها في البلدات العربية.
ويلقي العديد من قادة المجتمع العربي باللوم على الشرطة، التي تشرف عليها وزارة بن غفير، والتي يقولون إنها فشلت في اتخاذ إجراءات صارمة ضد منظمات الجريمة القوية وتتجاهل إلى حد كبير العنف. كما يشيرون إلى عقود من الإهمال والتمييز من جانب الحكومة باعتبارها السبب الجذري للمشكلة.
وفي العام الماضي، وجد مراقب الدولة ماتانياهو إنغلمان أن رد الحكومة غير كاف. وألقى سموتريتش باللوم على بن غفير لفشله في الحد من تدفق الأسلحة إلى المدن العربية.
واتهم عوض أيضا سموتريتش بالعنصرية، وقال إن الأموال المقرر تحويلها بموجب الخطة الخمسية تم تخفيضها بالفعل بنسبة 15% عندما أقر الكنيست ميزانية إسرائيل المعدلة لعام 2024 في مارس.
وادعى أن الاستمرار في خفض الأموال المخصصة للوسط العربي من شأنه أن يضر بالاقتصاد الوطني في نهاية المطاف، وقال: “إذا انخفضت نسبة الجريمة، ستكون هناك سجون أقل. السجون تكلف المال. وهذا يسبب ضررا كبيرا للمال العام”.
ويوافق أمير بشارات، المدير العام للجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية، مع عوض، ويؤكد أن المزيد من التقليصات سوف تضر بـ”برامج الشباب المعرضين للخطر، وبرامج التعليم، والتعليم غير الرسمي في فترة ما بعد الظهر، وكلها أشياء تقوم بها المجالس للحد من العنف قدر الإمكان”.
وأضاف بشارات أن مزاعم سموتريتش أن “الأموال تذهب إلى منظمات الجريمة” خاطئة، واتهم الوزير بأنه يتصرف “بشكل غير قانوني” لأنه لم يحصل على “موافقة لجنة المالية [في الكنيست]”.
ويعتقد بشارات أن المحكمة العليا ستلغي في نهاية المطاف قرار سموتريتش على الرغم من أن الاتجاه العام لا يزال سلبيا. وزعم أنه في حين بدأت الأمور تتحسن في ظل الحكومة السابقة، فإن “صعود اليمين المتطرف المتمثل في بن غفير وسموتريتش” أحدث أضرارا كبيرة.
وقال “الآن نرى التداعيات”.
وقالا محاميد وعوض إن مشاركة العرب في الائتلافات الحاكمة ضرورية لضمان تدفق الأموال إلى مجتمعاتهم.
وأضاف عوض “أعتقد أنه ينبغي علينا ارسال ممثلين سيكونون في الإئتلاف. إن وظيفتهم هي الاهتمام بالمجتمع العربي ومن أجل القيام بذلك هم بحاجة إلى أن يكونوا في الإئتلاف وأن يحصلوا على أموال إئتلافية [من أجل] إغلاق الفجوات وتعزيز المجتمع العربي… أعتقد أنه من واجب كل عضو كنيست من الوسط العربي أن يؤثر وأن يخطط لصالح المجتمع العربي”.
من ناحية أخرى، رفض بشارات إبداء رأيه في هذه المسألة، وأصر على أن “كل حكومة، بما في ذلك هذه الحكومة، يجب أن تهتم [بجميع] مواطنيها”.
وقال “إذا كنا نعيش في خوف كل يوم، تحت تهديد وجودي على أساس يومي، فإن الحكومة يجب أن تتعامل مع ذلك بغض النظر عمن في الائتلاف”.
وأضاف أن الاهتمام بالمواطنين العرب في إسرائيل “ليس معروفا ينبغي لرئيس الوزراء أن يقدمه، بل هو التزام أخلاقي على الدولة لرعاية مواطنيها”، معتبرا أن “مصلحة الاقتصاد تتطلب الاستثمار في المجتمع العربي لأنه الوسط الذي يتمتع بأكبر الإمكانات”.
متحدث باسم سموتريتش وعد بتقديم رد لكنه لم يرسل ردا رسميا في النهاية.
ومع ذلك، أوصى المتحدث بسؤال السياسيين الذين تحدثوا مع تايمز أوف إسرائيل عما إذا كان “تدفق معظم أموال السلطات المحلية العربية إلى منظمات الجريمة لا يزعجهم”.
تهدد منظمات الجريمة في الوسط العربي المقاولين وتبتزهم وتضغط على السلطات المحلية بشكل مباشر، حتى أنها ذهبت إلى حد استهداف رؤساء السلطات المحلية، لكن المتحدث لم يقدم أي دليل على ادعائه بشأن مدى انتشار الظاهرة.
كما أرسل المتحدث باسم سموتريتش رابطا لمقال كتبه كالمان ليبسكيند، والذي ذكر فيه أنه تم اختلاس ملايين الشواكل من تمويل وزارة التربية التعليم للقطاع العربي، وأصر على أن “هناك أيضا تقارير من وزارة التربية التعليم”.
متحدثة باسم وزارة التربية والتعليم قالت إن “الأمر قيد المراجعة”.
ساهم في هذا التقرير طاقم تايمز أوف إسرائيل