إسرائيل في حالة حرب - اليوم 588

بحث

دورة الكنيست الصيفية ستركز على تجنيد الحريديم، ومحاولات تقييد الإعلام العام

مشاريع القوانين التي يتم دراستها تشمل إغلاق هيئة البث "كان"، وتقسيم صلاحيات المستشار القضائي للحكومة إلى منصبين، وفرض ضريبة بنسبة 80% على التبرعات الأجنبية للمنظمات غير الحكومية

رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو (يسار) مع مهندسي خطة الإصلاح القضائي المقترحة، وزير العدل ياريف ليفين (وسط) وعضو الكنيست سيمحا روتمان، في الكنيست، 15 فبراير 2023. (Yonatan Sindel/Flash90)
رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو (يسار) مع مهندسي خطة الإصلاح القضائي المقترحة، وزير العدل ياريف ليفين (وسط) وعضو الكنيست سيمحا روتمان، في الكنيست، 15 فبراير 2023. (Yonatan Sindel/Flash90)

بعد عطلة استمرت شهرا بمناسبة عيد الفصح ويوم الاستقلال، بدأ الكنيست دورته التشريعية الصيفية يوم الاثنين بموجة نشاط مكثف بينما يسعى المشرعون لتمرير مجموعة متنوعة من مشاريع القوانين التي توقفت خلال العطلة.

من المتوقع أن تتسم الدورة الجديدة بجدالات حادة حول مجموعة من القضايا، بدءا من تجنيد الحريديم وحتى جهود إسكات وسائل الإعلام العامة وتقليص صلاحيات المستشار القضائي للحكومة.

فيما يلي بعض مشاريع القوانين التي يجب مراقبتها خلال الأشهر القادمة.

تجنيد الحريديم

بدأت الدورة الصيفية للكنيست بداية متعثرة يوم الثلاثاء عندما أعلن كلا الحزبين الحريديين في الائتلاف أنهما سيقاطعان التصويت على تشريعات الائتلاف يوم الأربعاء، احتجاجًا على فشل الحكومة في تمرير قانون يعفي طلاب المعاهد الدينية الحريدية من الخدمة العسكرية.

ويدفع شركاء رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الحريديم في الائتلاف باتجاه تشريع يُكرّس الإعفاءات من الخدمة العسكرية لمجتمعهم، بعد أن قضت المحكمة العليا في يونيو الماضي بأن هذه الإعفاءات، القائمة منذ عقود، غير قانونية لأنها لا تستند إلى القانون.

عناصر الشرطة يسحبون يهود حريديم خلال مظاهرة ضد التجنيد أمام مركز التجنيد في القدس، 28 أبريل 2025. (Sam Sokol/Times of Israel)

ورغم تطمينات نتنياهو لحلفائه، إلا أن مشروع القانون، الذي يصفه منتقدوه بـ”قانون التهرب”، ظل عالقًا عند لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست، التي تعهّد رئيسها يولي إدلشتين (الليكود) بأنه “لن يصدر سوى قانون تجنيد حقيقي يوسّع قاعدة المجندين في الجيش بشكل كبير”.

وفي مؤتمر نظّمته صحيفة “مكور ريشون” القومية-الدينية يوم الثلاثاء، قال إدلشتين إن لجنته أصبحت بعد نقاش مطوّل “على بعد خطوة واحدة” من صياغة نسخة جديدة من القانون.

وفي حال فشل مشروع القانون أو إقراره بصيغة لا تحافظ على الإعفاءات الواسعة للحريديم، فقد يُعرّض استقرار الائتلاف للخطر.

مساء الاثنين، قال عضو الكنيست يعقوب آشر من حزب “يهدوت هتوراة” لموقع “كيكار هشبات” الحريدي، إن حزبه لن يستطيع البقاء في الحكومة إن لم يتم إقرار قانون الإعفاءات بنهاية الدورة الصيفية.

وبينما لن يُسقط انسحاب “يهدوت هتوراة” الحكومة، إلا أنه سيتركها بأغلبية ضئيلة من 61 مقعدًا في كنيست المؤلف من 120 عضوًا.

المحاكم الحاخامية

استأنفت لجنة الدستور والقانون والعدالة في الكنيست مناقشة مشروع قانون مثير للجدل يمنح المحاكم الحاخامية سلطة الفصل في القضايا المدنية وفقًا للشريعة الدينية، إذا وافق الطرفان.

ويقول مؤيدو المشروع إنه يسمح بـ”تعددية قانونية”، بينما يرى منتقدوه أنه سيُلحق ضررا كبيرا بالنساء في حال إقراره.

إسرائيليون يحتجون على خطة الحكومة للإصلاح القضائي خارج المحكمة الحاخامية في تل أبيب، 18 يوليو 2023. (Miriam Alster/Flash90)

ووفقًا لمنظمة “عيتيم” غير الربحية — التي تساعد الإسرائيليين في التعامل مع البيروقراطية الدينية — فإن نظام المحاكم الدينية، الذي يشغل جميع قضاته رجال، “يميل بطبيعته إلى الذكورية، ما يثير بطبيعة الحال مخاوف من ضرر بنيوي بحقوق النساء، حتى وإن كان غير مقصود”.

وأضافت المنظمة في ورقة موقف أصدرتها نهاية العام الماضي أن “المحاكم الدينية لا تخضع للقوانين الحمائية التي سنتها الدولة لحماية حقوق العمال”.

تقسيم منصب المستشار القضائي

كما يدفع الائتلاف بمجموعة من القوانين التي يحذر المنتقدون من أنها تهدف إلى إسكات المعارضين وتقليص الرقابة، بما في ذلك تقليص صلاحيات المستشار القضائي وإنشاء جهاز ادعاء جنائي جديد، تسيطر الحكومة على من يترأسه.

المشروع، الذي وافقت عليه اللجنة الوزارية للتشريع يوم الأحد، يفصل عمليًا دور المدعي العام عن مهام المستشار القضائي، ويمنحه لـ”مدعٍ عام” يتم تعيينه من قبل وزير العدل وتصادق عليه لجنة الدستور والقانون والعدالة في الكنيست، والتي يهيمن عليها الائتلاف.

وقد ندّدت أحزاب المعارضة بالتشريع واعتبرته محاولة من الحكومة للتأثير على محاكمة نتنياهو الجارية في قضايا فساد، ولإضعاف سلطة الادعاء الجنائي عاما، خصوصًا في ما يتعلق بالفساد السياسي. أما الائتلاف فيقول إن المشروع ضروري لضمان استئقلال رئيس الادعاء الجنائي عن الحكومة، لأن المستشار القضائي، بصفته المستشار القانوني الرئيسي للحكومة، يفترض أن يساعدها في تنفيذ سياساتها.

المستشارة القضائية غالي بهاراف-ميارا تحضر اجتماع لجنة الدستور والقانون والعدالة في الكنيست، القدس، 18 نوفمبر 2024. (Yonatan Sindel/Flash90)

فرض ضرائب على المنظمات غير الحكومية، واستبعاد المرشحين

يناقش النواب في الوقت ذاته مشروع قانون يفرض ضرائب ضخمة على المنظمات غير الحكومية المموّلة من حكومات أجنبية، ويحد من حقها في تقديم دعاوى إلى المحاكم الإسرائيلية.

ويقضي المشروع، الذي قدمه عضو الكنيست أريئيل كالنر (الليكود)، بفرض ضريبة بنسبة 80% على التبرعات الأجنبية لهذه المنظمات، ويمنح المحاكم صلاحية تجاهل التماسات مقدّمة من مجموعات “تتلقى تمويلًا أساسه من كيان سياسي أجنبي”.

وقد استُهدفت منظمات مثل “بتسيلم”، و”كسر الصمت”، و”الصندوق الجديد لإسرائيل” مرارًا من قبل اليمين وحتى من الوسط السياسي بسبب تركيزها على مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان من قبل إسرائيل بحق الفلسطينيين.

ويقول الداعمون إن المشروع يهدف لحماية المجتمع المدني من التأثير الأجنبي الضار، بينما يرى المنتقدون أن الحكومة تفتقر للشرعية الأخلاقية للاستكاء من الجهات الأجنبية، لا سيما في ظل التحقيق مع اثنين من مساعدي نتنياهو لعلاقات مالية محتملة مع قطر.

وخلال نقاش يوم الاثنين، قال عضو الكنيست أحمد الطيبي (الجبهة-العربية للتغيير) إن المشروع يهدف إلى “منع حملات تشجيع التصويت في المجتمع العربي”.

وأشار الطيبي أيضا إلى أن الائتلاف يعمل حاليًا على تمرير مشروع قانون “يهدف لتسهيل استبعاد القوائم العربية” من الترشح للكنيست.

إسرائيلي يُدلي بصوته في مركز اقتراع في القدس، 23 مارس 2021. (Olivier Fitoussi/Flash90)

وقبيل بدء العطلة، صوّت النواب 22 مقابل صفر لصالح قراءة أولى لمشروع قانون يمنع ترشح أي فرد أو قائمة للانتخابات البلدية إذا أنكروا وجود دولة إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية، أو عبّروا عن دعمهم للإرهاب أو الكفاح المسلح ضد إسرائيل.

تخفيض رواتب القضاة

وافقت اللجنة الوزارية للتشريع، خلال الجلسة ذاتها التي ناقشت فيها تقسيم منصب المستشار القضائي، على مشروع قانون جديد آخر ينص على تشكيل لجنة عامة مكونة من ثلاثة أفراد لتحديد راتب رئيس الدولة، على أن تُشتق منه رواتب باقي المسؤولين كنسب مئوية. ويقول مؤيدو المشروع إنه يهدف إلى “تحقيق المساواة بين السلطات الحكومية”.

لكن معارضين من طرفي الطيف السياسي قالوا إن المشروع يهدف إلى رفع رواتب المسؤولين خلال وقت الحرب، رغم أن مقدم المشروع أفيحاي بؤرون (الليكود) يدعي أنه سيؤدي في الواقع إلى خفض رواتب أصحاب الدخول الأعلى — كثير منهم قضاة.

“من يراقب المراقبين؟”

قررت الحكومة مؤخرًا المضي قدمًا في تشريع يضع وحدة التحقيقات مع أفراد الشرطة تحت سلطة وزير العدل ياريف ليفين، رغم سحب دعمها للمشروع العام الماضي.

مشروع القانون الذي يهدف إلى إخضاع قسم التحقيقات مع أفراد الشرطة — والذي اقترحه في البداية عضو الكنيست موشي سعادة من الليكود، وهو نائب سابق لرئيس القسم، وتمت الموافقة عليه في قراءة تمهيدية — يُنظر إليه على نطاق واسع كجزء من مشروع حكومي يهدف إلى منح السياسيين السيطرة على هيئات إنفاذ القانون الأساسية.

في الوقت الحالي، يعمل القسم تحت إشراف النيابة العامة، وهي وحدة تنظيمية مستقلة داخل وزارة العدل. أما بموجب المشروع، فسيُطلب من القسم أن يقدم تقاريره مباشرة إلى وزير في الحكومة ويخضع لإشراف المدير العام لوزارة العدل.

القسم مكلف حاليًا بالتحقيق في الجرائم المشتبه بها التي يرتكبها ضباط شرطة وموظفو جهاز الأمن العام (الشاباك)، ويمكنه في بعض الحالات إجراء تحقيقات جنائية وتأديبية في مخالفات يرتكبها موظفون في الخدمة المدنية. وبموجب القانون الجديد، ستُوسّع صلاحيات القسم لتشمل التحقيق مع أعضاء النيابة العامة.

وزير العدل ياريف ليفين (يمين) والمستشارة القضائية للحكومة غالي بهاراف-ميارا خلال مراسم توديع رئيس المحكمة العليا بالإنابة عوزي فوغلمان، في المحكمة العليا بالقدس، 1 أكتوبر 2024. (Oren Ben Hakoon/Pool)

ورغم أن نص المشروع يؤكد أن “القسم سيكون مستقلًا ويعمل بحرية كاملة في ممارسة صلاحياته المهنية”، يرى النقاد أن هذه الخطوة ستقوض استقلاليته بوضعه تحت سيطرة سياسية مباشرة.

التحكم في بيانات نسب المشاهدة، وخصخصة البث العام

من المتوقع أيضًا أن تشهد الدورة التشريعية الجديدة دفعة مكثفة للمضي قدمًا في خطة وزير الاتصالات شلومو كرعي لإصلاح الإعلام.

ومنذ توليه المنصب قبل أكثر من عامين، تعهّد كرعي بإغلاق هيئة البث العامة “كان”، وقدم عدة خطط تعثرت جميعها لاحقًا.

وينص مشروع القانون الأخير، وهو جزء من حزمة إصلاح إعلامي أوسع يقودها كرعي، على إغلاق “كان” بالكامل إذا لم يُعثر على مشترٍ خاص لهيئة البث خلال عامين، وإعادة ملكيتها الفكرية إلى الحكومة. وقد أُقر المشروع في قراءة تمهيدية في الكنيست في نوفمبر 2024، لكن عند مناقشته لاحقًا في لجنة الشؤون الاقتصادية، قال رئيس اللجنة دافيد بيتان (الليكود) إنه “لا يمكنني المضي قدمًا بهذا المشروع لسبب بسيط — البث العام ضروري”.

وهناك مشروع قانون مشابه يسعى إلى إغلاق إذاعة الجيش.

أعضاء الليكود (من اليسار إلى اليمين) شلومو كرعي، دافيد بيتان، ودافيد أمسالم يحضرون اجتماع لجنة في الكنيست، 20 نوفمبر 2023. (Yonatan Sindel/Flash90)

وفي محاولة لتجاوز معارضة بيتان، اقترح كرعي إنشاء “لجنة إعلامية” جديدة، وهي فكرة رفضها بيتان لكن ورد أنها تحظى بدعم نتنياهو.

كما تعهّد بيتان بتجميد العمل على تشريع يمنح الحكومة إشرافًا على بيانات نسب المشاهدة التلفزيونية ويجبر القنوات على تقديم تقارير منتظمة عنها، وهو أمر قالت المستشارة القضائية غالي بهاراف-ميارا إنه ينتهك مبادئ دستورية أساسية، منها الحق في الخصوصية وحرية الصحافة.

مع ذلك، أشار بيتان إلى أنه لن يعارض مشروعين إضافيين — أحدهما يُجبر “كان” على تبرير قراراتها أمام اللجنة سنويًا، وآخر يمنح الحكومة سيطرة مباشرة، بدلًا من غير مباشرة، على ميزانية الهيئة. وقال إن اللجنة ستنظر فيهما.

حصانة من التحقيق

قد يقدّم النواب أيضًا تشريعًا يمنح حصانة جنائية لجنود الجيش الإسرائيلي وأعضاء الأجهزة الأمنية والاستخباراتية الذين يقدمون معلومات لرئيس الوزراء وأعضاء مجلسه الأمني دون تفويض رسمي.

كما قد يتم المضي قدما بمشروع قانون آخر، بمبادرة من عضو الكنيست تالي غوتليف (الليكود)، لتعزيز الحصانة البرلمانية لأعضاء الكنيست.

وهناك مشروع قانون لم يتم تقديمه بعد، لكنه قد يُطرح خلال الدورة الحالية، يقترح خلاله عضو الكنيست أريئيل كالنر بإنشاء لجنة تحقيق بديلة في أحداث 7 أكتوبر 2023.

الناشطة المعارضة شيكما بريسيلر (يمين) وعضو الكنيست تالي غوتليف (وسط) تصلان إلى جلسة محكمة في دعوى تشهير رفعتها بريسيلر ضد غوتليف، في المحكمة المركزية في اللد، 17 سبتمبر 2024. (Jonathan Shaul/Flash90)

أفادت تقارير بأن الحكومة قررت يوم الاثنين السعي لتشكيل لجنة “خاصة” للتحقيق في غزو حماس الكارثي، لكنها رفضت طلب بهاراف-ميارا لتشكيل لجنة تحقيق رسمية، وهي الجهة التي تمتلك أوسع الصلاحيات.

ووفقا لاقتراح كالنر، لن يتم اختيار أعضاء الهيئة التحقيقية البديلة من قبل رئيس المحكمة العليا — كما هو الحال في لجنة تحقيق رسمية — بل من قبل الكنيست.

وردا على طلب “تايمز أوف إسرائيل” للاعليق، قال كالنر إنه يعتقد أن اقتراحه سيتقدم كمشروع قانون خلال الدورة التشريعية الحالية.

ساهم جيريمي شارون في إعداد هذا التقرير

اقرأ المزيد عن