دراسة: الحريديم في إسرائيل يسددون 4% فقط من الضرائب الوطنية ويكلّفون الاقتصاد مليارات الشواقل
العمال غير الحريديم سيدفعون في 2025 نحو 3,540 شيكل إضافية بالمعدل نتيجة لانخفاض مشاركة الحريديم في سوق العمل، بحسب بحث
رغم أنهم يشكلون 14% من السكان في سن العمل، ساهم المجتمع الحريدي بنسبة 4% فقط من مجمل الإيرادات الضريبية في إسرائيل عام 2023، ما تسبب بخسائر بمليارات الشواقل للحكومة، وزاد العبء الضريبي السنوي على العاملين غير الحريديم بآلاف الشواقل، وفقا لدراسة صادرة عن المعهد الإسرائيلي للديمقراطية.
وتوقعت الدراسة أنه إذا استمرت الاتجاهات السكانية وفي سوق العمل على حالها، فسيشكل الحريديم نحو ربع سكان إسرائيل بحلول عام 2048، لكنهم سيُسهمون مجتمِعين بنسبة 8% فقط من الضرائب المباشرة.
وبحسب الدراسة — التي استندت إلى معطيات من دائرة الإحصاء المركزية وسلطة الضرائب وسلطة السكان ومؤسسة التأمين الوطني — فإن غياب التعليم العام في مدارس الحريديم أدى إلى “أداء ضعيف في سوق العمل وانخفاض كبير في دخل الأسر مقارنة ببقية السكان اليهود، خاصة بين الرجال”.
وأضافت أن “رغم استهلاكهم لاأعلى لخدمات الدولة، تدفع الأسر الحريدية ضرائب دخل أقل”.
بلغت نسبة توظيف الرجال الحريديم 54% في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2024، مقارنة بـ55.5% عام 2023. أما النساء، فقد ارتفعت نسبة التوظيف لديهن من 71% عام 2015 إلى 81% عام 2023، بفارق 2% فقط عن النساء غير الحريديات.
ووفقا لمركز الأبحاث والمعلومات في الكنيست، يتمتع أفراد المجتمع الحريدي حاليا بمجموعة من الامتيازات، منها تخفيضات على المواصلات العامة، ومساعدات سكنية، وخصومات على ضريبة الأملاك البلدية.
إضافة إلى ذلك، 71% من نحو 200 ألف حريدي مسجلين في معاهد دراسة التوراة يدفعون مساهمات مخفضة للتأمين الوطني، ما يؤدي إلى خسارة سنوية تُقدّر بـ99.1 مليون شيكل (26 مليون دولار) لمؤسسة التأمين الوطني.
وأظهرت دراسة المعهد أن 23% فقط من الرجال والنساء الحريديم يدفعون ضريبة دخل، مقارنة بـ62% من الرجال اليهود غير الحريديم و46% من النساء اليهوديات غير الحريديات.
وفي حال شارك الحريديم في سوق العمل بمعدلات مشابهة لنظرائهم غير الحريديم، كانوا سيضيفون نحو 9.5 مليار شيكل (2.6 مليار دولار) إلى إيرادات الضرائب المباشرة على العمل، ترتفع إلى 44.6 مليار شيكل (12.6 مليار دولار) بحلول 2048.
وبحسب حسابات المعهد، سيدفع العاملون غير الحريديم في عام 2025 ما معدله 3540 شيكل إضافي (ألف دولار) كضرائب “نتيجة انخفاض مشاركة الحريديم في سوق العمل”، وهو رقم يُتوقع أن يصل إلى 11,266 شيكل (3192 دولار) بحلول 2048 إذا استمرت الاتجاهات الحالية.
وقال الباحث في المعهد غبريئيل غوردون، الذي أعد الدراسة، لصحيفة “تايمز أوف إسرائيل” في مقابلة هاتفية مؤخراً: “هذا الوضع غير مستدام — الاتجاهات السكانية وحقيقة أنهم لا يساهمون في الجيش ولا في الهيكل الاقتصادي أمر غير قابل للاستمرار ببساطة”.
وأضاف: “بكلمات مخففة، الحوافز ليست في الأماكن الصحيحة إن تريد إحداث تغييرات”، في إشارة إلى منظومة الدعم والميزانيات التي يحصل عليها المجتمع الحريدي.
وأكد غوردون أن دراسته تقوض ادعاءات ممثلي الحريديم بأن مجتمعهم يُسهم أكثر مما يتلقى من الحكومة.
وقال: “لا أفهم هذا الادعاء القائل إن من لا يعمل يدفع ضرائب كما من يعمل”، مشيراً إلى دراسته وكذلك تقرير حديث صادر عن منتدى “كوهِلت” المحافظ، والذي وجد أن 80% من الأسر الحريدية تتلقى من الحكومة أكثر مما تدفعه من ضرائب.
وبحسب المنتدى، تحصل الأسر الحريدية على متوسط يزيد عن 4 آلاف شيكل شهرياً، بينما تدفع الأسر غير الحريدية أكثر من 6 آلاف شيكل، بما في ذلك الضرائب غير المباشرة.
وكان عضو الكنيست عن “يهدوت هتوراة” موشيه روت قد قال لصحيفة “تايمز أوف إسرائيل” الشهر الماضي، في سياق مناقشة ميزانية الدولة لعام 2025، إن أغلب إيرادات الدولة لا تأتي من ضريبة الدخل بل من ضريبة المبيعات وشراء الشقق ومصادر أخرى، ما يعني أن “لا فرق بين من يعمل ومن لا يعمل” من حيث حجم الإيرادات الضريبية التي يُسهم بها.
وأضاف: “يتم تشويه صورة الحريديم، ويتم نزع الشرعية عنهم”.
وتعكس وجهة نظر روت موقف غالبية المجتمع الحريدي. وبحسب استطلاع أُجري عام 2023 بتكليف من الصحيفة الاقتصادية “ذا ماركر”، فإن 87% من الحريديم يعتقدون أن مساهمتهم الاقتصادية مساوية أو أكبر من مساهمة المجموعات السكانية الأخرى.
ولم تكن دراستا المعهد الإسرائيلي للديمقراطية ومنتدى “كوهلت” الوحيدتين اللتين خلصتا إلى أن الوضع القائم مع المجتمع الحريدي يُكلّف الاقتصاد ثمناً باهظاً.
وبحسب تحليل داخلي لوزارة المالية في عام 2024، حتى قبل هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023، كان انخفاض مشاركة الحريديم في سوق العمل يُكلف الاقتصاد عشرات مليارات الشواقل سنوياً، كما أن العبء الإضافي على جنود الاحتياط الناتج عن إعفاء الحريديم من الخدمة العسكرية يُتوقع أن يُضيف مليارات أخرى من التكاليف مستقبلاً.
وأشارت شعبة الميزانية في وزارة المالية، استناداً إلى تقديرات من المؤسسة الأمنية، إلى أن “الاحتياجات الأمنية الحالية تضع عبئاً ثقيلاً” على جنود الاحتياط، حيث يُطلب من مئات الآلاف منهم الخدمة لما يصل إلى 60 يوماً، بتكلفة تُقدّر بنحو 30 مليار شيكل (8.2 مليار دولار) سنوياً.

وجاء في تقرير الوزارة: “هناك حاجة اقتصادية واضحة لزيادة نطاق المجندين من هذه الفئة السكانية إلى أقصى حد ممكن”.
وفي رسالة وُجهت إلى لجنة الخارجية والأمن في الكنيست في فبراير، دعا رئيس شعبة الميزانية في الوزارة يوغيف غاردوس إلى تطبيق عقوبات طويلة المدى وقاسية ضد المتهربين من التجنيد في صفوف الحريديم.
واقترح غاردوس أن تشمل العقوبات وقف منح دعم الإعانات لرياض الأطفال، وإعانات اليشيفوت، وتخفيضات في دفعات التأمين الوطني، ومساعدات السكن، وخصومات ضريبة الأملاك.
وقد تم بالفعل تقليص إعانات رياض الأطفال والمنح الدراسية لطلاب المعاهد الدينية المؤهلين للتجنيد منذ العام الماضي.