دبلوماسي: قطر تنسحب من دور الوساطة في غزة وتطرد حماس من البلاد
الدوحة تقول إن التقارير بشأن قرارها إغلاق مكتب حماس "غير دقيقة"، دون الخوض في التفاصيل؛ إسرائيل تقول إنه لا ينبغي لأي دولة استضافة مسؤولي الحركة
قررت قطر إنهاء دورها كوسيط بين إسرائيل وحماس وسط مفاوضات متوقفة منذ فترة طويلة لاتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الرهائن، وفقا لما قاله دبلوماسي مطلع على الأمر ل”تايمز أوف إسرائيل” يوم السبت.
وأكد الدبلوماسي، وهو ليس أمريكيا، أيضا ما كشفت عنه الولايات المتحدة يوم الجمعة بأن الدوحة طلبت من مسؤولي حماس أواخر الشهر الماضي مغادرة البلاد، لكنه بدا وكأنه ينفي أن يكون للقرار الذي اتُخذ علاقة بطلب من إدارة بايدن.
وفي وقت لاحق من يوم السبت، أكدت قطر رسميا قرارها بوقف جهود الوساطة، لكنها صاغت القرار على أنه قابل للتغيير، إذا أبدت الأطراف استعدادها لإعادة الانخراط. وأكدت وزارة الخارجية أن “التقارير الإعلامية” حول هذا الموضوع – وخاصة تلك المتعلقة بقرار قطر بإغلاق مكتب حماس في الدوحة – “غير دقيقة”.
ومع ذلك، لم تحدد الوزارة التقارير التي كانت تشير إليها ولم تنفي صراحة القرار بإغلاق مكتب حماس، الذي أشار البيان إلى أنه كان بمثابة أداة مفيدة في تأمين صفقة الرهائن السابقة في نوفمبر الماضي.
وقال الدبلوماسي إن قطر اتخذت قرارا بوقف الوساطة من تلقاء نفسها، وقررت أنها لا تستطيع الاستمرار إذا لم يكن أي من الطرفين على استعداد للتفاوض بحسن نية. وأضاف الدبلوماسي أنه إذا لم تعد قطر تتوسط، فلا يوجد سبب للسماح لحماس بالاحتفاظ بمكاتبها في البلاد.
وأعرب الدبلوماسي عن أسفه لأن مفاوضات إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن المتعثرة منذ فترة طويلة “أصبحت أكثر ارتباطا بالسياسة والانتخابات” بالنسبة لكل من إسرائيل وحماس، بدلا من “محاولة جادة لتأمين السلام”. وزعم الدبلوماسي أن كلا الجانبين تراجعا عن الالتزامات التي قطعاها طوال المفاوضات ولم يشاركا فيها إلا لغرض “المظهر السياسي”.
في وقت سابق من الأسبوع، قال وزير الدفاع السابق يوآف غالانت لعائلات الرهائن المحتجزين في غزة إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أبقى الحرب مستمرة لأسباب سياسية، وليس لأسباب أمنية، مما يمنع التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن.
وقال الدبلوماسي إنه بمجرد اتخاذ قطر القرار بوقف دورها كوسيط وطرد مسؤولي حماس من البلاد، أبلغت الوسيطين الآخرين أولا – الولايات المتحدة ومصر – ثم أبلغت حماس وإسرائيل. تم تقديم الإخطار في نهاية أكتوبر.
ولم يتم تحديد جدول زمني لمغادرة حماس للدوحة، لكن هذا ليس شيئا يمكن أن يحدث بين عشية وضحاها، كما أشار الدبلوماسي.
وأشار الدبلوماسي أيضا إلى أن قرار قطر ليس دائما بالضرورة ويمكن عكسه إذا أظهر الجانبان استعدادا صادقا للتفاوض بحسن نية. وهذا ما حدث في أبريل، عندما طردت قطر حماس بهدوء من البلاد، كما قال الدبلوماسي. توجه قادة الحركة إلى تركيا، لكن الولايات المتحدة وإسرائيل طلبتا من الدوحة إعادتهم من أجل استئناف المحادثات، بعد فشل محاولات القيام بذلك مع حماس في أنقرة.
وبالفعل، كشف مسؤولان حكوميان عن تسلسل الأحداث هذا لتايمز أوف إسرائيل.
وتوقع الدبلوماسي أن يتوجه مسؤولو حماس مرة أخرى إلى تركيا بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية في طهران. لكن هذا قد يضع أنقرة في موقف صعب، حيث أوضحت إدارة بايدن يوم الجمعة أنها لا تريد أن يستضيف حلفاؤها الحركة.
وأصدر مسؤول إسرائيلي في مكتب نتنياهو بيانا للصحفيين رحب فيه بقرار قطر طرد حماس، قائلا إنه لا ينبغي لأي دولة أن تستضيف الحركة.
وأكد المسؤول الإسرائيلي أن فوز دونالد ترامب في الانتخابات هذا الأسبوع ساهم أيضا في اتخاذ القرار، مشيرا إلى أن الرئيس الجمهوري المنتخب لم يكن ليدعم استمرار وجود حماس في الدوحة.
وفي الوقت نفسه، ناقض مسؤول كبير في حماس الدبلوماسيين والمسؤولين الأميركيين، وقال للصحافيين شريطة عدم الكشف عن هويته إن الحركة لم تتلق أي توجيهات من قطر لمغادرة البلاد.
وقال بيان صدر عن وزارة الخارجية القطرية إن “قطر أخطرت الأطراف قبل 10 أيام أثناء المحاولات الأخيرة للوصول إلى اتفاق، بأنها ستعلق جهودها في الوساطة بين حماس وإسرائيل في حال عدم توصل إلى اتفاق في تلك الجولة”.
وأضاف البيان أن قطر “ستستأنف تلك الجهود مع الشركاء عند توافر الجدية اللازمة لإنهاء الحرب الوحشية ومعاناة المدنيين المستمرة جراء الأوضاع الانسانية الكارثية بالقطاع… وستكون وقتئذ في المقدمة لبذل كل جهد حميد لإنهاء الحرب وعودة الرهائن والأسرى”.
تستضيف قطر مسؤولي حماس في الدوحة منذ عام 2012 عندما نقلت الحركة مقرها خارج دمشق وسط الحرب الأهلية السورية. وحثت الإدارات الأميركية المتعاقبة من كلا الحزبين قطر على العمل كقناة للحركة.
في أعقاب هجوم حماس في 7 أكتوبر، أبلغت الولايات المتحدة قطر أن الدوحة لن تكون قادرة على “العمل على النحو المعتاد” مع الحركة. ومع ذلك، امتنعت الإدارة الأميركية عن مطالبة الدولة الخليجية بإغلاق مكتب حماس، معتبرة أن قناة الاتصال مع الحركة ضرورية أكثر من أي وقت مضى في التوسط في اتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن.
أسفرت تلك المحادثات عن اتفاق لمدة أسبوع في نوفمبر الماضي، لكنها فشلت في تأمين وقف إطلاق نار دائم أو إطلاق سراح الرهائن الـ 101 المتبقين.
وقال مسؤول أميركي لتايمز أوف إسرائيل يوم الجمعة إن إعدام حماس للرهينة الأميركي الإسرائيلي هيرش غولدبرغ بولين مع خمس رهائن آخرين في أواخر أغسطس، ورفضها لاحقا لمزيد من مقترحات وقف إطلاق النار، هو ما دفع الإدارة إلى تغيير نهجها بشأن استمرار وجود الحركة في الدوحة، معتبرة أنه “لم يعد مجديا أو مقبولا”.
وأضاف المسؤول الأميركي أن القرار الأميركي تزامن أيضا مع الإعلان عن توجيه لوائح الاتهام ضد مسؤولين في حماس، بما في ذلك أحد كبار قادتها خالد مشعل، المقيم في الدوحة.
وقال مسؤول كبير ثان في الإدارة الأميركية لتايمز أوف إسرائيل: “بعد رفض المقترحات المتكررة للإفراج عن الرهائن، لم يعد من الممكن الترحيب بقادتها في عواصم أي شريك أمريكي”.
وقال المسؤول إن حماس لم تظهر أي علامات على التراجع عن “المواقف غير الواقعية” في المفاوضات، وأصرت على الشروط التي كانت ستضمن قدرتها على البقاء في السلطة في غزة – “وهو أمر لن تقبله الولايات المتحدة وإسرائيل أبدا”.
قبل أسبوعين، طلبت الولايات المتحدة من قطر طرد حماس، حسبما قال المسؤول الأميركي، الذي أضاف أن الدوحة وافقت على الطلب وأعطت الإشعار في حوالي 28 أكتوبر.
وأضاف المسؤول الأميركي أن التفاصيل المتعلقة بموعد طرد مسؤولي حماس والمكان الذي سيُطلب منهم الذهاب إليه لا تزال قيد الدراسة.
وأكد المسؤول أن الإدارة تواصل متابعة عدد من المبادرات الرامية إلى تأمين صفقة رهائن قبل نهاية ولاية الرئيس الأميركي جو بايدن، ويُعتقد أن الجمع بين طرد حماس من قطر والعقوبات الأميركية والأدوات الأخرى المتاحة لواشنطن قد ينجح في إقناع الحركة بالتراجع عن مطالبها.
وأكد المسؤول الأميركي أن الدوحة لعبت “دورا لا يقدر بثمن” كوسيط طوال الصراع. ومن غير الواضح ما هو الدور الذي ستتمكن قطر من لعبه من الآن فصاعدا، بمجرد توقفها عن استضافة قادة حماس.
تعرضت قطر لانتقادات شديدة من الجمهوريين في الكونغرس الذين كانوا أقل ثناء لدور الدوحة في الصراع وزعموا أن الإمارة الخليجية كان بإمكانها ممارسة المزيد من الضغوط على حماس لتأمين صفقة.
وقد رفضت إدارة بايدن مرارا وتكرارا هذه الانتقادات واعتمدت على قطر كوسيط في العديد من الصراعات الأخرى بالإضافة إلى الصراع في غزة.
ومن المرجح أن تستمر مصر في لعب دور وساطة، نظرا للاتصالات التي تحافظ عليها مع قادة حماس في غزة المجاورة.