خلل في المعادلة: البنوك الإسرائيلية تقدم مساعدات ضئيلة بشروط قاسية للعملاء المتضررين من الحرب
بعد أن طُلب منهم التنازل عن جزء بسيط من أرباحها الهائلة، بنك هبوعليم يمنح 68 دولار للطلاب وجنود الاحتياط… بشرط وجود حساب إيداع أو رصيد بقيمة 8 آلاف دولار؛ بنك لئومي يؤجل دفعات الرهن العقاري حتى 27 ألف دولار
تقدم البنوك التجارية الرئيسية في إسرائيل سلسلة من المساعدات المؤقتة، تشمل إعفاءات من الرسوم وشروطًا محسنة على أسعار الفائدة، لكن كلها مشروطة، وذلك بعدما طلب المنظّم المالي في البلاد من هذه المصارف التي حققت أرباح ضخمة تخفيف العبء المالي عن العملاء المتضررين من الحرب.
تأتي هذه الخطوة بعد نحو شهر من دعوة بنك إسرائيل للمصارف بأن تخصص 1.5 مليار شيكل (408 ملايين دولار) في عامي 2025 و2026، لتمويل خطة مساعدات مالية تشمل تسهيلات في القروض والرسوم للعائلات والشركات الصغيرة والمتوسطة المتأثرة بالحرب، بمن فيهم جنود الاحتياط، والنازحين من مناطق النزاع، وأُسر الضحايا.
وقالت غالي إنغبر، رئيسة قسم الدراسات المالية في الكلية الأكاديمية للإدارة، لموقع “تايمز أوف إسرائيل”: “ثلاثة مليارات شيكل على مدى عامين لا تكاد تُذكر أمام الأرباح البالغة نحو 30 مليار شيكل التي جنتها البنوك الإسرائيلية”. وأضافت أن “خطط المساعدات تختلف من بنك إلى آخر، لكنها أيضًا معقدة وصعبة الفهم، وتعتمد على شروط تجعل من الصعب على الجهة الرقابية الإشراف على تنفيذها بشكل كامل”.
وأعربت إنغبر عن أسفها لعدم التوضيح “ما إذا كانت المساعدات الفعلية ستصل إلى الأسر والشركات التي تعرضت لأكبر أضرار مالية من تبعات الحرب أو الأكثر حاجة بسبب القتال، لأن الخطط تنطبق على شرائح واسعة من السكان”.
من جانبه، أكد محافظ بنك إسرائيل أمير يارون أن خطة المساعدات المالية، كما حددها البنك المركزي للمصارف التجارية، ستقدم استجابة فورية للأسر والشركات الصغيرة والمتوسطة.
وقال يارون: “ستوفر الخطة مساعدة مالية ملموسة للجمهور، ومن المتوقع أن يشعر بها جزء كبير من عملاء النظام المصرفي في جيوبهم”.
سيوفر بنك هبوعليم، ثاني أكبر مصرف في البلاد، مبلغ 250 شيكل (68 دولار) للشباب حتى سن الثلاثين، والطلاب، وجنود الاحتياط، بشرط وجود حساب إيداع أو رصيد جارٍ لا يقل عن 30 ألف شيكل (8120 دولار). كما سيتم إعفاؤهم من بعض الرسوم على الأوراق المالية الإسرائيلية والأجنبية، ومن رسوم الحسابات الجارية الأساسية خلال الربع الثاني من عام 2025 (أبريل – يونيو).
وسيُعفى سكان البلدات الشمالية والجنوبية الذين تم إجلاؤهم من منازلهم، وسكان الجنوب الذين يقطنون على بعد 7 كيلومترات أو أقل من حدود غزة، من رسوم الحسابات الجارية الأساسية وبطاقات الائتمان خلال نفس الفترة.
وسيمنح البنك منحة لمرة واحدة بقيمة 500 شيكل (135 دولار) للعملاء المستقلين، لكن فقط لمن حصلوا على قرض يزيد عن 100 ألف شيكل (27 ألف دولار) خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام. كما سيُمنح حاملو الرهون العقارية الذين أخذوا قرضًا يتجاوز 500 ألف شيكل (135 ألف دولار) خلال نفس الفترة منحة لمرة واحدة بقيمة ألف شيكل (270 دولار).
وقالت إنغبر: “هذا أمر سخيف ويبدو أشبه بخدعة؛ فهم يقدمون منحًا لمرة واحدة بينما العديد من الأسر غير قادرة على تغطية نفقاتها، والعديد من الشركات مضطرة للإغلاق بسبب الخدمة العسكرية أو رعاية أفراد الأسرة أو غيرها من الصعوبات الاقتصادية”.
وبالمثل، قدم بنك لئومي، أكبر مُقرض في إسرائيل، حزمة مساعدات لجنود الاحتياط والنازحين من الجنوب والشمال وضحايا الحرب. وتشمل الحزمة تأجيل سداد القروض التي لا تتجاوز قيمتها 100 ألف شيكل (27 ألف دولار) لمدة ثلاثة أشهر للعملاء من الأفراد والشركات، وتجميد دفعات الرهن العقاري لمدة تصل إلى 24 شهرًا. كما سيُعفى هؤلاء من دفع الرسوم الأساسية على الحسابات الجارية والائتمان، ولن تُفرض عليهم فائدة على أرصدة السحب على المكشوف.
وسيحصل عملاء لئومي الذين لديهم رصيد يصل إلى 10 آلاف شيكل في حساباتهم الجارية على فائدة بنسبة 2% على تلك الأموال. كما سيُعرض على جميع العملاء الأفراد تأجيل ثلاث دفعات من قرض قائم، بشرط ألا تتجاوز قيمة القرض 100 ألف شيكل.
وذكر بنكا هبوعليم ولئومي أن حزمة المساعدات ستُطبّق تلقائيًا على العملاء المؤهلين خلال الربع الثاني من 2025، وستتم إعادة تقييمها كل ثلاثة أشهر.
وأعلن بنك ديسكونت، رابع أكبر مصرف في إسرائيل، أن خطته مخصصة لجنود الاحتياط وأصحاب الأعمال الصغيرة، وستوفر مساعدات مالية تصل إلى 375 شيكل شهريًا، وأكثر من ألف شيكل فصليًا. واعتبارًا من 1 أبريل، سيستفيد جنود الاحتياط وأصحاب الأعمال الصغيرة من إعفاء يصل إلى 100% من فائدة السحب على المكشوف، وفوائد القروض، ورسوم الحساب الجاري.
وتعرضت البنوك في إسرائيل لانتقادات شديدة من قبل السياسيين والجمهور بسبب تحقيقها أرباحًا طائلة من ارتفاع أسعار الفائدة على القروض والرهون العقارية، في حين أنها لا تقدم للمواطنين فوائد منصفة على الودائع أو المدخرات. ويأتي ذلك في وقت تعاني فيه الأسر والشركات في إسرائيل من صعوبات في سداد الديون والفوائد خلال الحرب الجارية منذ 17 شهرا.
وقد سجلت أكبر المصارف في البلاد، مثل هبوعليم ولئومي، أرباحًا صافية قياسية خلال العامين الماضيين، بينما ارتفعت تكاليف سداد القروض العقارية، مما زاد من عبء تكاليف المعيشة المرتفعة أصلاً.

وقال البنك المركزي أن كل مصرف سيكون ملزما بنشر حجم المساعدات الفعلية التي قدمها في تقاريره المالية، وفقًا لنموذج إفصاح وضعته دائرة الرقابة على البنوك، وستقوم الدائرة نفسها بالتدقيق في هذه التقارير.
وقال دانيئيل حياشفيلي، مراقب البنوك في إسرائيل: “أتوقع من البنوك أن تقدم مساعدات إضافية للعملاء، تتجاوز ما ورد في خطتنا. تأتي هذه الخطوة إلى جانب خطوات بنيوية أخرى نقوم بها لتعزيز العدالة والمنافسة والابتكار، مما سيقوّي في نهاية المطاف قدرة العملاء على التفاوض ويعزز ثقة الجمهور”.