إسرائيل في حالة حرب - اليوم 371

بحث
تفسير

خفض التصنيف الائتماني الحاد لإسرائيل من قبل وكالة “موديز” من شأنه أن يخلف تأثيرا مضاعفا على المستهلكين ودافعي الضرائب

يؤدي التصنيف الأقل إلى زيادة تكاليف الائتمان للحكومة والشركات والأسر؛ ويترجم إلى ارتفاع الضرائب والأسعار، وانخفاض الدخل المتاح؛ كما يؤثر على المدخرات العامة

موقع سقوط صاروخ أطلق من لبنان على منزل وسيارات في مدينة صفد الشمالية، 25 سبتمبر، 2024. (David Cohen/Flash90)
موقع سقوط صاروخ أطلق من لبنان على منزل وسيارات في مدينة صفد الشمالية، 25 سبتمبر، 2024. (David Cohen/Flash90)

في خطوة دراماتيكية يوم الجمعة، خفضت وكالة “موديز” التصنيف الائتماني لإسرائيل بمقدار درجتين. وحذرت الوكالة من التداعيات الاقتصادية الطويلة الأجل للحرب الجارية، مع تكثيف القتال مع جماعة حزب الله وتضاؤل ​​احتمالات استراتيجية وقف إطلاق النار، ووصفت بيئة عدم اليقين بأنها ضارة بالاستثمارات والنمو الاقتصادي.

وخفضت وكالة موديز تصنيف إسرائيل للمرة الثانية هذا العام – هذه المرة من A2 إلى Baa1 – مؤكدة أن تكلفة الحرب تجاوزت ساحة المعركة وتؤثر سلبا على الجدارة الائتمانية للبلاد. وأشارت وكالة التصنيف إلى أن الخفض غير المعتاد بمقدار درجتين كان أيضا نتيجة “لانخفاض جودة مؤسسات إسرائيل وحوكمتها” لإدارة أموال الدولة، وزيادة احتياجات الإنفاق خلال فترة الحرب.

على الرغم من كل هذا، اختار وزير المالية بتسلئيل سموتريتش يوم السبت التقليل من تأثير خفض التصنيف وأكد أنه سيتم عكسه بمجرد انتهاء الصراع، لأن الاقتصاد الإسرائيلي قوي ويجذب الاستثمارات.

في حين صدر إعلان موديز في الوقت الذي قتلت فيه غارة جوية إسرائيلية ضخمة الأمين العام لجماعة حزب الله حسن نصر الله، فمن الواضح أن وكالة التصنيف أعدت إعلانها مسبقا.

دفع الهجوم على بيروت أسهم تل أبيب إلى الارتفاع يوم الأحد، وهو أول يوم تداول بعد خفض التصنيف، وسط تفاؤل حذر من المستثمرين بأن القضاء على زعيم حزب الله من شأنه أن يمنع المزيد من التصعيد مع الجماعة اللبنانية في الوقت الحالي.

ولكن على الرغم من الاستجابة الأولية للسوق، فإن خفض التصنيف من قبل موديز سوف يخلف أثرا تراكميا يؤثر في نهاية المطاف على جيوب الجميع.

إن خفض التصنيف الائتماني يجعل من الاقتراض مكلفا بالنسبة للحكومة الإسرائيلية، مع ارتفاع مخاطر السداد في وقت تحتاج فيه إلى مليارات الشواكل لتمويل تكاليف الحرب الجارية. ويرى المستثمرون المزيد من المخاطر في إيداع أموالهم في البلاد.

رافي غوزلان، كبير الاقتصاديين في بيت الاستثمار IBI. (Courtesy)

ولتمويل مدفوعات الفائدة الأعلى على الدين الوطني المتنامي للبلاد، وعجز الميزانية المتزايد مع ارتفاع تكاليف الدفاع وغيرها من التكاليف المدنية المرتبطة بالحرب، سوف يكون من الضروري رفع الضرائب.

يقول كبير خبراء الاقتصاد في شركة الاستثمار IBI رافي غوزلان لـ” تايمز أوف إسرائيل” إن “مدفوعات الفائدة على الدين الوطني يتم دفعها من ميزانية الدولة، وبالتالي إذا احتاجت إسرائيل إلى دفع المزيد من الفائدة لسداد ديونها، فإن الحكومة سوف يكون لديها أموال أقل لإنفاقها على الخدمات المدنية المهمة، مثل التعليم والرعاية الاجتماعية، وقد تضطر إلى رفع الضرائب”، مضيفا “نتيجة لذلك، سوف نضطر إلى دفع المزيد من الضرائب، وسوف يتقلص دخلنا المتاح للإنفاق، وسوف نتلقى خدمات مخفضة”.

وبسبب زيادة مخاطر الائتمان، سوف يتم فرض فائدة أعلى على قروض الشركات، مما يدفع تكاليفها إلى الارتفاع، والتي سوف تتسرب في نهاية المطاف إلى أسعار أعلى يدفعها المستهلكون. ونتيجة لهذا، فإن معدل التضخم السنوي، الذي ارتفع بالفعل إلى 3.6٪ في أغسطس – فوق نطاق هدف الحكومة من 1٪ إلى 3٪ – لا يُتوقع أن يتباطأ في الأشهر المقبلة. وإذا استمر التضخم لفترة أطول، فمن المرجح أن تظل تكاليف الاقتراض لحاملي الرهن العقاري والأسر أعلى لفترة أطول.

ويقول الرئيس التنفيذي لشركة ManpowerGroup Israel، درور ليتفاك، “سترتفع تكاليف التمويل للحكومة والشركات، مما سيؤدي بشكل مباشر إلى انخفاض استثمارات القطاع الخاص، وخاصة من قبل الشركات العالمية، التي ستخفض استثماراتها في إسرائيل ونتيجة لذلك قد تقرر إيقاف أو تقليص المشاريع في البلاد. هناك أيضا قلق متزايد بشأن تسريح العمال بسبب تقليص المشاريع”.

بالإضافة إلى ذلك، إلى جانب الضرر المباشر للاقتصاد، فإنه من المتوقع أن يكون لخفض التنصيف أثر سلبي على أداء صناديق التقاعد وغيرها من أدوات الادخار للسكان العاملين. تُعتبر أموال الجمهور المستثمرة على نطاق واسع في سندات الحكومات المحلية من بين أكثر الاستثمارات أمانا.

ولكن انخفاض التصنيف الائتماني يزيد من مخاطر السندات الحكومية، وهو ما ينعكس في انخفاض سعر الدين وزيادة العائدات، وهو ما يؤدي في المجمل إلى خفض قيمة محافظ الادخار.

والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أنه بالإضافة إلى التأثير الفوري للإجراء القاسي الذي اتخذته وكالة موديز، اختارت وكالة التصنيف الائتماني الحفاظ على توقعات سلبية، تاركة الباب مفتوحا لمزيد من التخفيضات في الأشهر المقبلة مع فقدانها الثقة في رغبة الحكومة وقدرتها على إدارة شؤونها المالية وخفض الديون.

الرئيس التنفيذي لشركة ManpowerGroup Israel درور ليتفاك. (Courtesy)

في حين كان الاقتصاد الإسرائيلي يحظى في الماضي بالثناء لقدرته على التعافي السريع من الصراعات السابقة، تتوقع موديز الآن تأخر التعافي الاقتصادي وتباطؤه بسبب “مؤسسات إسرائيل وحوكمتها التي لم تخفف بشكل كامل من الإجراءات الضارة بمقاييس الائتمان السيادي”.

وبالتحديد، إلى جانب المخاطر الجيوسياسية المتزايدة، أثارت موديز مخاوف بشأن المخاطر المحلية المتزايدة، بما في ذلك التوترات بين الحكومة والأجهزة الأمنية كما يظهر في تأخير مشروع القانون لتجنيد الرجال الحريديم في الخدمة العسكرية لتخفيف عبء الخدمة الاحتياطية، فضلا عن تأخير التعيينات القضائية المهمة، بما في ذلك منصب رئيس المحكمة العليا.

وبشكل عام، انتقدت الوكالة الحكومة لفشلها في وضع “استراتيجية للخروج من الصراع العسكري من شأنها أن تساعد في استعادة مستوى من اليقين والأمن، والذي يعتمد عليه الاقتصاد والاستثمار التجاري في نهاية المطاف”.

وقال غوزلان إن “فقدان الثقة يأتي لأن الحكومة لم تتخذ الحد الأدنى من خطوات الحكم التي يمكنها اتخاذها خلال فترة الحرب مثل صياغة ميزانية مسؤولة وتغيير أولويات الإنفاق، لإظهار مسؤولية مالية”.

في محاولة لطمأنة الرأي العام، سارع وزير المالية بتسلئيل سموتريتش إلى التأكيد على أن الحكومة ستقوم بـ”تمرير ميزانية مسؤولة [لعام 2025] مع إجراءات التقشف المطلوبة”، لكن الأفعال، وليست الكلمات، ستكون ضرورية، حيث أثارت وكالة موديز بالفعل شكوك جدية بشأن قدرة الحكومة على تنفيذ تدابيرها المقترحة.

اقرأ المزيد عن