خطة غالانت لقطاع غزة بعد الحرب: الفلسطينيون يديرون الشؤون المدنية مع فريق عمل عالمي
ينص اقتراح وزير الدفاع المكون من أربعة أجزاء على إستمرار السيطرة العسكرية الإسرائيلية، لا استيطان يهودي، وقيادة الولايات المتحدة ومصر والدول العربية المعتدلة لعملية إعادة الإعمار؛ سموتريش يدينه
قدم وزير الدفاع يوآف غالانت يوم الخميس خطة من أربعة أجزاء لقطاع غزة بعد انتهاء الحرب المستمرة مع حركة حماس، تشمل احتفاظ الجيش الإسرائيلي بالسيطرة العسكرية الكاملة ولكن بدون وجود مدني، وتولي السلطات الفلسطينية المحلية دورا مركزيا في إدارة الشؤون المدنية.
ولا تتضمن الخطة، التي كان من المقرر تقديمها في مناقشات في كل من مجلس الوزراء الحربي الصغير ومجلس الوزراء الأمني الموسع مساء الخميس، دورًا للسلطة الفلسطينية، ولا تنص على إعادة الاستيطان في غزة.
وهذه هي المرة الأولى التي يضع فيها مسؤول إسرائيلي كبير مخططا مفصلا للقطاع بعد الحرب، لكنه لا يمثل السياسة الرسمية بعد، حيث توجد خلافات صارخة حوله داخل الإئتلاف.
وقال غالانت للصحفيين قبل الاجتماع إن إطاره يرتكز على الافتراض أن حماس لم تعد تسيطر على غزة ولا تشكل تهديدا أمنيا لإسرائيل. وهو يركز على الحكم المدني للقطاع، مع احتفاظ إسرائيل بالسيطرة العسكرية على الحدود، والحق في اتخاذ أي إجراء عسكري وأمني ضروري داخل غزة.
وقال غالانت: “سكان غزة هم فلسطينيون، وبالتالي فإن الهيئات الفلسطينية ستتولى المسؤولية، بشرط ألا تكون هناك أعمال عدائية أو تهديدات ضد دولة إسرائيل”.
وفي حين يصر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مثل غالانت على السيطرة الأمنية الإسرائيلية الكاملة وحرية العمل في القطاع، فإن تركيز خطة غالانت على السيطرة المدنية الفلسطينية على غزة، دون وجود مدني إسرائيلي هناك، أثار غضب شركاء التحالف المتشددين، مع قول وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، الذي استبعدت خطة غالانت رغبته في تجديد الاستيطان اليهودي في غزة، أنه يعارض الخطة بشدة يوم الخميس.
وقال سموتريتش: “خطة غالانت لليوم التالي هي إعادة لخطة اليوم السابق لـ7 أكتوبر. الحل في غزة يتطلب تفكيرا خارج الصندوق وتغيير المفاهيم”. وكرر سموتريش ادعاءه بأن الحل في غزة يحتاج “تشجيع الهجرة الطوعية [لسكان غزة] والسيطرة الأمنية [الإسرائيلية] الكاملة بما في ذلك تجديد الاستيطان”.
واندلعت الحرب في القطاع الساحلي بعد هجمات حماس في 7 أكتوبر، والتي شهدت عبور حوالي 3000 مسلح الحدود إلى إسرائيل من غزة عن طريق البر والجو والبحر، وقتلهم حوالي 1200 شخص واحتجاز أكثر من 240 رهينة تحت غطاء إطلاق آلاف الصواريخ على البلدات والمدن الإسرائيلية.
وتعهدت إسرائيل ردا على ذلك بالقضاء على الحركة، وشنت حملة عسكرية واسعة النطاق في غزة تهدف إلى تدمير قدرات حماس العسكرية والحكومية وضمان إطلاق سراح الرهائن.
وتتضمن خطة وزير الدفاع، والتي تم تقديمها بالفعل إلى الإدارة الأمريكية وتمت مناقشتها مع حلفاء آخرين، أربع “ركائز” للحكم المدني في غزة ما بعد الحرب.
أولا، ستقوم إسرائيل بالتنسيق والتخطيط لدور رقابي في الحكم المدني، وستكون مسؤولة عن تفتيش البضائع الواردة.
ثانيا، سيتولى فريق عمل متعدد الجنسيات، بقيادة الولايات المتحدة بالشراكة مع الدول الأوروبية والدول العربية المعتدلة، مسؤولية إدارة الشؤون المدنية وإعادة الإعمار الاقتصادي للقطاع.
ثالثا، ستتولى مصر، التي يشار إليها باعتبارها “لاعبا رئيسيا” في الخطة، المسؤولية عن المعبر الحدودي المدني الرئيسي إلى قطاع غزة، بالتنسيق مع إسرائيل.
رابعا، سيتم الحفاظ على الآليات الإدارية الفلسطينية القائمة، بشرط ألا يكون المسؤولون المعنيون تابعين لحماس. وستستمر السلطات المحلية التي تتعامل حاليا مع الصرف الصحي والكهرباء والمياه وتوزيع المساعدات الإنسانية في العمل، بالتعاون مع فريق العمل المتعدد الجنسيات.
ويعتقد أن غالانت يتصور نقل مسؤوليات الإغاثة والرعاية الاجتماعية من الأونروا، التي تعتبرها إسرائيل “معادية”، لكن هذا سيستغرق وقتا.
ولا تنص الخطة على إنشاء هيئة للإشراف على القانون والنظام في القطاع، حيث لم يتم حل هذه المشكلة بعد.
وقال مسؤولون أمنيون كبار لتايمز أوف إسرائيل إن نقل المسؤوليات بموجب الخطة إلى إدارة محلية يجب أن يتم بشكل تدريجي، وليس دفعة واحدة، نظرا للبنية التحتية القائمة.
وقال المسؤولون أيضا أنه سيكون لعشائر وبيروقراطيين محليين ومسؤولين حكوميين وحتى أكاديميين يعيشون في مدن ومخيمات اللاجئين في غزة أدوار في الحكم المدني في مناطق معينة من القطاع.
وقال غالانت في المؤتمر الصحفي أنه لا حاجة لمناقشة مسألة انخراط السلطة الفلسطينية في غزة ما بعد الحرب في هذه المرحلة، لأنها لم تمر بالإصلاحات اللازمة.
ويصر نتنياهو على أنه لا يمكن تكليف السلطة الفلسطينية، بشكلها الحالي تحت قيادة الرئيس محمود عباس، بالسيطرة على غزة بعد الحرب.
لكن قد أوضح الحلفاء الذين ترغب إسرائيل في مشاركتهم في فريق العمل المتعدد الجنسيات مرارا أن دعمهم لإعادة إعمار غزة مشروط بأن تكون السلطة الفلسطينية هي الهيئة الحاكمة لإعادة توحيد القطاع مع الضفة الغربية، وأن تكون العملية جزءا من مبادرة أوسع تهدف إلى تحقيق حل الدولتين في نهاية المطاف.
وقال مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون لتايمز أوف إسرائيل إن مساعدي نتنياهو أعربوا سرا عن دعمهم لحكم “سلطة فلسطينية تم إصلاحها” في غزة في نهاية المطاف، في حين تجنب رئيس الوزراء التحدث علانية عن هذه الفكرة بسبب مخاوف من خلافات مع الوزراء اليمين المتطرف سموتريش وإيتمار بن غفير.
لكن المسألة التي تثير جدل أكبر في الإئتلاف من الحديث عن سيطرة السلطة الفلسطينية على قطاع غزة هو التزام إسرائيل بالتحرك نحو حل الدولتين، ولم يحدد غالانت كيف تخطط إسرائيل لتجنيد حلفاء في الخارج لمساعدتها في إعادة إعمار القطاع دون اتخاذ خطوات نحو إقامة الدولة الفلسطينية.
وتنص خطة غالانت على عدم السماح لسكان شمال غزة بالعودة إلى منازلهم حتى عودة جميع الرهائن المحتجزين في غزة، وتشير إلى أنه لا توجد خطط لإعادة احتلال غزة أو إعادة الاستيطان فيها بعد تحقيق أهداف الحرب.
وتأتي تصريحاته بعد أن حظيت دعوات سموتريتش وبن غفير الأخيرة لإعادة توطين سكان غزة في الخارج وإعادة بناء المستوطنات في القطاع بإدانة دولية واسعة النطاق، بما في ذلك من الولايات المتحدة.
ويعتقد أن 132 رهينة اختطفتهم حماس في 7 أكتوبر ما زالوا في غزة – وليسوا جميعهم على قيد الحياة – بعد إطلاق سراح 105 مدنيين من أسر حماس خلال هدنة استمرت أسبوعا في أواخر نوفمبر. وتم إطلاق سراح أربعة رهائن قبل ذلك، وأنقذت القوات رهينة واحدة. كما تم انتشال جثث ثمانية رهائن وقتل الجيش ثلاثة رهائن عن طريق الخطأ. وأكد الجيش الإسرائيلي مقتل 25 من الذين ما زالوا محتجزين لدى حماس، مستشهدا بمعلومات استخباراتية جديدة ومعلومات كشفتها القوات العاملة في غزة.