حماس نشرت وثيقة تنفي الأدلة حول هجوم 7 اكتوبر وتدعي معارضتها المس بالمدنيين من النساء والأطفال
في وثيقة مكونة من 16 صفحة أصدرتها لـ"توضيح" هجوم 7 أكتوبر، حركة حماس تزعم أنها استهدفت الجنود فقط، وأن سقوط القتلى بين المدنيين كان غير مقصود أو كان بنيران الجيش الإسرائيلي
الجناح العسكري لحركة حماس، الذي نفذ هجوم 7 اكتوبر والذي أسفر عن مقتل مئات الإسرائيليين في جنوب إسرائيل، لا يؤمن بإيذاء النساء أو الأطفال أو كبار السن، حسبما صرحت الحركة يوم الأحد في وثيقة من 16 صفحة حول الهجوم بعنوان “ هذه روايتنا… لماذا طوفان الأقصى”.
إن الهدف من التقرير المنشور حديثا، حسبما تدعي كتائب شهداء الأقصى التابعة لحماس، هو التوضيح لـ”أحرار العالم حقيقة ما جرى يوم السابع من أكتوبر، ولماذ كان، وما سياقه المرتبط بالقضية الفلسطينية… ووضع الحقائق في نصابها الصحيح”.
بدأ هجوم 7 أكتوبر – الذي تشير إليه حماس باسم “عملية طوفان الأقصى” – في الساعات الأولى من صباح عيد “سيمحات توراة” اليهودي، عندما اقتحم آلاف المسلحين بقيادة حماس الحدود مع إسرائيل، وقاموا بقتل 1200 شخص، واختطاف 253 آخرين كرهائن.
ولقد فتحت هيئات دولية من ضمنها الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية تحقيقات في ارتكاب حماس لجرائم محتملة ضد الانسانية في 7 أكتوبر، وأقرت بخطورة الهجمات الموثقة على نطاق واسع.
على الرغم من ذلك، ينفي تقرير حماس، الذي نُشر باللغتين الانجليزية والعربية، الأدلة الدامغة على “الجرائم التي ارتكبها مسلحو الحركة” ويأتي كما تقول حماس ردا على “الاتهامات والادعاءات والمزاعم الإسرائيلية الملفقة”.
ويزعم التقرير أن “تجنب استهداف المدنيين، وخصوصا النساء والأطفال وكبار السن، هو التزام ديني وأخلاقي يتربى عليه أبناء حماس”، مشيرا إلى أن مقاتلي الحركة يعملون “على تجنب المدنيين، رغم عدم امتلاكنا للأسلحة الدقيقة”.
“وإن حصل شيء من ذلك فيكون غير مقصود، وإنما في ظل ضراوة المعارك التي نخوضها دفاعا عن النفس ورد العدوان في مواجهة قوة عدوانية استعمارية طاغية”، كما جاء في الوثيقة.
ارتدى مسلحو الحركة كاميرات GoPro والتي عثرت عليها القوات الإسرائيلية وظهر فيها المسلحون وهم ينفذون هجمات 7 اكتوبر داخل البلدات الإسرائيلية والمهرجان الموسيقي “نوفا”.
وتم العثور على لقطات إضافية لعمليات القتل من كاميرات الأمن في الكيبوتسات، وكاميرات سيارات، ودوائر تلفزيونية مغلقة.
وأقرت الحركة في تقريرها “ربما يكون قد حدث بعض الخلل أثناء تنفيذ عملية طوفان الأقصى”، لكنها أضافت أنه إذا كانت أمور كهذه قد حدثت فإنها حدثت “بسبب انهيار المنظومة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية بشكل كامل وسريع وحدوث بعض الفوضى نتيجة الاختراقات الواسعة في السياج والمنظومة الفاصلة بين قطاع غزة ومناطق عملياتنا”.
ومع عدمها قدرته على نفي الأدلة على مقتل مدنيين إسرائيليين خلال الهجوم بشكل كامل، تبنى التقرير بدلا من ذلك نهجا يشهد شعبية متزايدة بين أنصار نظريات المؤامرة في أعقاب 7 أكتوبر – إلقاء اللوم على الجيش الإسرائيلي في سقوط ضحايا مدنيين.
وزعم التقرير “إن القتل الوحشي للمدنيين هو سلوك منهجي للكيان، يتعمد من خلاله إذلال وتطويع الشعب الفلسطيني، وعدد الشهداء الهائل من النساء والأطفال في هذا العدوان على قطاع غزة يثبت ذلك”.
ثم ينتقل التقرير لتناول قضية الرهائن، الذين يُعتقد أن 132 منهم ما زالوا محتجزين في غزة، وليس جميعهم على قيد الحياة.
في إشارة إلى 105 رهائن تم إطلاق سراحهم في أواخر نوفمبر خلال هدنة استمرت أسبوعا، ادعت الحركة في تقريرها “وكما يشهد الجميع، فقد تعاملت حماس بصورة إيجابية مع ملف المدنيين الذين تم أسرهم في قطاع غزة”.
في حين أنه من الصحيح أن بعض الرهائن بدوا مبتسمين بل وبدا أنهم يشكرون خاطفيهم عند تسليمهم للصليب الأحمر بعد خمسين يوما في الأسر في أواخر نوفمبر، إلا أن هذه المشاهد كانت مدبرة للغاية، وتم تصويرها من قبل القائمين بالدعاية في حركتي حماس والجهاد الإسلامي، ولقد أكد مسؤولون طبيون منذ ذلك الحين بأنه تم إعطاء الرهائن مهدئات لضمان امتثالهم لتعليمات خاطفيهم قبل تسليمهم للصليب الأحمر.
منذ إطلاق سراحهم، تحدث العديد من الرهائن السابقين حول تجربتهم في الأسر في غزة والظروف التي عانوا منها.
وكشف ذوو أطفال كانوا محتجزين لدى حماس أنه تم وسم الأطفال، وأُمروا بعدم الكلام، وتم تهديدهم بالأسلحة في مراحل عدة خلال وجودهم في الأسر.
ويُعتقد أن طفلين صغيرين، هما أريئل بيباس (4 سنوات) وكفير بيباس (سنة واحدة)، ما زالا محتجزين في غزة مع والدتهما، شيري بيباس.
ويتم احتجاز والد الطفلين ياردن بيباس بشكل منفصل منذ اختطاف العائلة في 7 أكتوبر، ولقد أجبرت الرهينة السابقة نيلي مرغليت على رؤية الخاطفين من حماس وهم يقومون بإبلاغ الأب بمقتل زوجته وطفليه، وهو الأمر الذي لم يؤكده الجيش الإسرائيلي.
القسم الرابع من تقرير حماس يحمل عنوان “تذكير للعالم من هي حماس”، وهو ملخص لعقيدة الحركة، التي تم تطهيرها وتحديثها في عام 2017 بعد كتابتها لأول مرة في عام 1988، على الرغم من أنها لم تتوقف أبدا عن السعي علنا إلى تدمير إسرائيل بالكامل.
وجاء في التقرير “تؤكد حماس أن الصراع مع المشروع الصهيوني ليس صراعا مع اليهود بسبب ديانتهم”، في اقتباس لعقيدة الحركة المكتوبة في عام 2017، التي حذفت بعناية العديد من الإشارات الكثيرة والمتكررة إلى “اليهود” التي كانت منتشرة في عقيدتها المكتوبة في عام 1988.
على الرغم من الادعاء في نهاية التقرير بأن حماس لديها مشكلة مع إسرائيل كـ”كيان صهيوني” فقط، وليس مع الشعب اليهودي، فإن الفصل الاول من التقرير، الذين كان بعنوان “لماذا معركة طوفان الأقصى”، أشار في نسخته الانجليزية إلى أن “اليهود تمكنوا من السيطرة” على الأراضي الفلسطينية عند وصولهم أول مرة إلى فلسطين المنتدبة قبل عام 1948.
بالإضافة إلى ذلك، فإن أحد الركائز الأساسية في مزاعم حماس ضد إسرائيل هي نظرية مؤامرة يعود عمرها إلى قرن من الزمن والتي تدعي أن اسرائيل تحاول سرا هدم مسجد الأقصى لأسباب دينية.
القسم الأخير من التقرير يتضمن دعوات لـ”العالم الحر بدعم المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي”.
وجاء في التقرير “ندعو دول العالم الحر… إلى إطلاق حركة عالمية للتضامن مع الشعب الفلسطيني، والتأكيد على العدالة والمساواة وحق الإنسان في الحرية والحياة الكريمة”.
وفي سياق مماثل لتقرير حماس الذي نشر يوم الأحد، قال عضو اللجنة المركزية لفتح عباس زكي لقناة “الجزيرة” يوم السبت “ما حدا هاجم [إسرائيل]” في 7 أكتوبر.
Abbas Zaki of Fatah’s Central Committee: Nobody Attacked Israel; Gaza Envelope – Part of Gaza; Israel Does Not Have the Right to Self-Defense #Israel #Fatah #Hamas #Gaza pic.twitter.com/UG2O7SD0ZE
— MEMRI (@MEMRIReports) January 21, 2024
في رسالة صوتية قام معهد بحوث إعلام الشرق الأوسط (ميمري) بترجمتها إلى اللغة الانجليزية بالإمكان سماع زكي وهو يقول للمراسل إن إسرائيل “هاجمت غزة، ما حدا هجم عليها”، ويدعي أن ليس للدولة اليهودية الحق في الدفاع عن النفس ضد حماس وأن غلاف غزة الذي تعرض للهجوم في 7 أكتوبر “تابع [لغزة]”.
ولا يبدو أن المسؤول في فتح يفسر كيف أنه لا يحق لإسرائيل الدفاع عن نفسها إذا لم يتم في الأساس شن هجوم ضدها في 7 أكتوبر.
تدعي حركة فتح، الحزب السياسي الذي يسيطر على السلطة الفلسطينية، إنها تتبع سياسة المقاومة السلمية إلا أنه لم تدن علنا هجمات 7 أكتوبر أو نأت بنفسها عن التصريحات التحريضية التي أدلى بها عدد من مسؤولي الحركة دعما للهجمات.