حماس ترد على المقترح الإسرائيلي وتقول إنها أجرت “تعديلات”
إسرائيل تقول إن الحركة أدخلت تعديلات جذرية تصل إلى حد رفض عرضها؛ مسؤول من دولة وسيطة يقول إن حماس اقترحت جدولا زمنيا جديدا لوقف إطلاق النار وانسحاب الجيش الإسرائيلي
قدمت حماس يوم الثلاثاء ردها الرسمي على اقتراح اتفاق وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن الذي قدمته إسرائيل قبل 12 يوما، ولكنها أعلنت أنها أجرت “تعديلات” على العرض، في حين أكدت إسرائيل أن الرد هو بمثابة رفض لاقتراحها.
وقد تم تقديم رد حماس إلى قطر ومصر، اللذين نقلاه إلى الوسيط الثالث الولايات المتحدة. وأصدرت الدول الثلاث بيانات قالت فيها إنها تراجع الاقتراح دون تفصيله.
وتعهد البيان المشترك الصادر عن مصر وقطر بمواصلة جهود الوساطة حتى يتم التوصل إلى اتفاق، مضيفًا أنهما “سينسقان مع الأطراف بشأن الخطوات التالية”.
ولم يكن رد حماس مفاجئا بشكل خاص، في ظل قول مسؤولون عرب لتايمز أوف إسرائيل خلال الأسبوع الماضي إن الحركة ستتجنب الرفض الصريح للاقتراح الإسرائيلي – وسط الدعم العالمي المتزايد للتوصل إلى اتفاق – وستسعى بدلا من ذلك إلى إجراء تعديلات على العرض.
ولم يصدر مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ردًا رسميا، ولكن صدر بيان عن مسؤول إسرائيلي لم يذكر اسمه قال إن رد حماس “غيّر جميع المعايير الرئيسية والأكثر أهمية”، وهو ما يمثل رفض للاقتراح المطروح.
ولكن على الأرجح أن تأتي الانتقادات الأكبر من الوسطاء – وتحديداً الولايات المتحدة – بمجرد الانتهاء من مراجعة الاقتراح وفحص مدى تعديلات حماس.
وإذا تم اعتبار التغييرات في حدود المعقول، فمن المرجح أن يدفع الوسطاء الأطراف لمحاولة التوصل إلى تسوية في عملية من المرجح أن تستغرق أسبوعًا آخر على الأقل، بالنظر إلى الوقت الذي يستغرقه مسؤولو حماس في الخارج لإيصال رسائل إلى صانعي القرار في الأنفاق تحت غزة.
وتم الإعلان عن رد حماس لأول مرة في بيان مشترك أصدرته مع حركة الجهاد الإسلامي في غزة. وأعلن كلاهما الاستعداد للتفاوض بحسن نية على اتفاق ينهي الحرب بشكل كامل.
وقال عزت الرشق عضو المكتب السياسي لحركة حماس في بيان إن الرد “يفتح الطريق واسعا للتوصل لاتفاق”.
وقال مسؤول آخر بالحركة رفض الكشف عن اسمه في تصريح لرويترز “لقد أعدنا التأكيد على موقفنا، أعتقد ان الفجوات ليست كبيرة، والكرة الآن في الملعب الاسرائيلي”.
وقال المتحدث باسم حماس جهاد طه إن التعديلات “تؤكد وجوب وقف إطلاق النار والانسحاب والإعمار وصفقة التبادل” للرهائن.
وتضمنت التعديلات جدولا زمنيا جديدا لوقف إطلاق النار الدائم وانسحاب القوات الإسرائيلية من غزة – بما في ذلك من رفح ومحور فيلادلفيا على طول الحدود بين مصر وغزة – وفقا لمسؤول من إحدى الدول الوسيطة الذي طلب عدم الكشف عن هويته.
ما نعرفه عن الاقتراح الإسرائيلي
قدمت إسرائيل اقتراحها الأخير لصفقة رهائن في أواخر الشهر الماضي، عندما بدأ البعض في القدس في وصفها كالفرصة الأخيرة للتوصل إلى صفقة بعد جولات متكررة من المفاوضات الفاشلة منذ التوصل إلى الاتفاق الأخير في نوفمبر، والذي شهد هدنة لمدة أسبوع وإطلاق سراح 105 من بين 251 رهينة اختطفتهم حماس خلال هجوم 7 أكتوبر. وقُتل نحو 1200 شخص في هذا الهجوم على جنوب إسرائيل.
وشهدت الأشهر التي تلت ذلك صدور تقارير عن مقتل الرهائن في الأسر، مع تأكيد إسرائيل أن ما يقرب من ثلث المختطفين المتبقين البالغ عددهم 120 لم يعودوا على قيد الحياة.
وسعياً لتجنب مصير الجولات السابقة، غيّر الرئيس الأميركي جو بايدن استراتيجيته، وألقى خطاباً في 31 مايو كشف فيه عن العناصر الأساسية للاقتراح الإسرائيلي ودعا حماس إلى قبوله.
وشهدت الأيام الـ 12 التي تلت الخطاب اتهام مسؤولون أمريكيون حماس بعرقلة التوصل إلى وقف إطلاق النار، مشيرين إلى أن العرض الإسرائيلي كان مطابقًا تقريبًا للعرض الذي قدمته الحركة في الجولة السابقة، ومدعين أنه ليس لديها أي سبب لرفضه إذا كانت تهتم حقاً بمصالح الفلسطينيين.
وكان خطاب بايدن يهدف أيضًا إلى إجبار نتنياهو على الالتزام بالاقتراح الذي قدمه فريقه المفاوض قبل أيام. ووافق رئيس الوزراء على العرض لكنه تجنب الكشف عن تفاصيله الدقيقة، خوفا من رد فعل شركائه في الائتلاف اليميني المتطرف. وقد تحققت هذه المخاوف، حيث هدد وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش في وقت لاحق بإسقاط الحكومة إذا مضى نتنياهو قدما في الصفقة.
لكن نتنياهو سعى إلى الخروج من المأزق، مصراً على أن الاقتراح الإسرائيلي سيسمح لها بتحقيق هدفها الحربي المتمثل في تفكيك قدرات حماس العسكرية والحكمية.
لكن نشرت القناة 12 يوم الاثنين ما قالت إنه الاقتراح الإسرائيلي، والذي يتضمن على ما يبدو التزاما إسرائيليا بإنهاء الحرب حتى قبل إطلاق سراح جميع الرهائن، مع السماح لحماس بالبقاء كقوة حاكمة في غزة. ووصف مكتب نتنياهو التقرير بأنه “كذب تام”.
وتتصور أجزاء العرض الإسرائيلي التي كشف عنها بايدن في خطابه في 31 مايو خطة من ثلاث مراحل، تبدأ بهدنة مدتها ستة أسابيع في المرحلة الأولى، والتي ستطلق حماس خلالها سراح ما تبقى من الرهائن الأحياء من النساء والمسنين والمرضى.
وفي المقابل، ستقوم إسرائيل بإطلاق سراح مئات الأسرى الأمنيين الفلسطينيين، وسحب الجيش الإسرائيلي من المراكز السكانية في غزة، والسماح بعودة الفلسطينيين إلى جميع مناطق القطاع دون قيود، والسماح بدخول 600 شاحنة من المساعدات الإنسانية إلى القطاع يوميا.
وكانت نقطة الخلاف الرئيسية في الجولات السابقة هي إصرار إسرائيل على امكانية استئناف القتال بعد إطلاق سراح الرهائن، ورفض حماس إطلاق سراح المختطفين ما لم تلتزم إسرائيل مقدماً بوقف دائم لإطلاق النار.
وفي محاولة لسد هذه الفجوة، ينص البند 14 من الاقتراح الإسرائيلي على اجراء الطرفان محادثات خلال المرحلة الأولى حول شروط المرحلة الثانية، والتي تشمل وقف دائم لإطلاق النار، بهدف اختتامها بحلول نهاية الأسبوع الخامس من المرحلة الأولى.
وإذا لم ينجح الطرفان في التوصل إلى اتفاق خلال الوقت المحدد، فمن الممكن تمديد وقف إطلاق النار في المرحلة الأولى إلى أجل غير مسمى، طالما استمرت المحادثات بشأن شروط المرحلة الثانية.
ولكن إذا تبين أن حماس تنتهك التزاماتها بموجب الاتفاق، فيمكن لإسرائيل استئناف القتال.
وإذا تم التوصل إلى اتفاقات في محادثات المرحلة الأولى، فمن الممكن أن تبدأ المرحلة الثانية من الهدنة، التي تستمر لمدة ستة أسابيع وستطلق حماس خلالها سراح ما تبقى من الرهائن الإسرائيليين الأحياء، بما في ذلك الشباب والجنود الذكور.
وفي المقابل، ستطلق إسرائيل سراح عدد متفق عليه من الأسرى الأمنيين الفلسطينيين – على الأرجح عدد أعلى من أولئك الذين تم إطلاق سراحهم في المرحلة الأولى، بما في ذلك بعض المدانين بتهم الإرهاب – بالإضافة إلى انسحاب الجيش الإسرائيلي الكامل من غزة.
كما كشفت القناة 12 يوم الإثنين إن البند 15 الحاسم ينص على أنه خلال المرحلة الثانية، “سيعلن الطرفان عن استعادة الهدوء المستدام (وقف الأعمال العدائية العسكرية بشكل دائم) وبدئه قبل تبادل الرهائن والأسرى”.
وخلال المرحلة الثالثة التي تستمر ستة أسابيع، ستقوم حماس بتسليم جثث الرهائن المتبقية، بينما تسمح إسرائيل ببدء إعادة إعمار غزة بدعم دولي.
وأصرت الولايات المتحدة على أن الاقتراح سيضمن إسقاط حماس من السلطة لكنها لم تقدم تفاصيل عديدة حول كيفية تحقيق ذلك ما دامت الحركة هي التي تبرم الاتفاق مع إسرائيل.
وسعى مسؤولون أمريكيون تحدثوا إلى التايمز أوف إسرائيل الشهر الماضي إلى التمييز بين هدف إسرائيل المتمثل في تفكيك حماس، وما تعتبره الولايات المتحدة الهدف الأكثر واقعية لتفكيك “تهديد حماس”.
وقال بايدن إن إسرائيل حققت بالفعل الهدف الأخير، وأن حماس لم تعد قادرة على تنفيذ هجوم آخر مثل 7 أكتوبر، الذي قُتل خلاله حوالي 1200 إسرائيلي واحتجز 251 آخرين كرهائن، ولا يزال 121 منهم في غزة.
“الحرب غير المحددة سعيا لفكرة غير محددة عن ’النصر الكامل’ لن تؤدي إلا إلى إبطاء إسرائيل في غزة، واستنزاف الموارد العسكرية والاقتصادية والبشرية وزيادة عزلة إسرائيل في العالم”، قال بايدن في خطابه الأسبوع الماضي، في انتقاد مباشر لنتنياهو، الذي تعهد مراراً وتكراراً بتحقيق “النصر الكامل” في غزة.
وأكد المسؤولون الأمريكيون أنه في حين أن صفقة الرهائن التي يتم الدفع بها قد تسمح بإضعاف حماس بشكل ما، فإن المبادرة الدبلوماسية الأوسع التي تدفع بها واشنطن من شأنها أن ترى الحركة مهمشة في غزة من قبل قوى بديلة مدعومة من حلفاء أمريكا العرب.
وأشار نتنياهو إلى أنه يعارض هذا النهج، وبينما يصر المسؤولون العرب على أن حماس ستكون على استعداد للتخلي عن إدارة غزة بعد الحرب، فإن الحركة لم تعبّر علنا عن مثل هذه الرغبة.
في غضون ذلك، تسعى الولايات المتحدة أولا إلى إقناع الجانبين بالموافقة على البدء في تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق، على أمل أن يوفر ذلك الزخم الكافي لتحويل الهدنة إلى وقف إطلاق نار دائم.
وتقول وزارة الصحة في غزة التي تديرها حماس إن أكثر من 37 ألف فلسطيني في القطاع قُتلوا في القتال حتى الآن. ويشمل هذا العدد، الذي لا يمكن التحقق منه بشكل مستقل، حوالي 15 ألف مقاتل تقول إسرائيل إنها قتلتهم في المعركة. كما تقول إسرائيل إنها قتلت حوالي 1000 مسلح داخل إسرائيل في 7 أكتوبر.