حماس ترد ”بإيجابية“ على عرض الهدنة وتقول إنها مستعدة لبدء محادثات غير مباشرة
لكن مصدرا يقول إن الرد يتضمن تحفظات على قضايا رئيسية، حيث تهدف حماس إلى منع إسرائيل من استئناف الحرب ورفع القيود على مساعدات الأمم المتحدة وتأمين انسحاب أكبر للجيش الإسرائيلي

أعلنت حركة حماس يوم الجمعة أنها قدمت ردا ”إيجابيا“ على أحدث اقتراح لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن في غزة، مضيفة أنها مستعدة لبدء محادثات “فورية” مع إسرائيل لسد الفجوات المتبقية، لكن مصدرا مطلعا على جهود الوساطة قال لـ ”تايمز أوف إسرائيل“ إن رد الحركة تضمن ثلاثة تحفظات على قضايا أساسية، مما يترك عقبات كبيرة يجب التغلب عليها.
وقالت حماس في بيان لم يشر إلى أي تحفظات: ”سلمت الحركة ردها إلى الوسطاء الأشقاء، والذي اتسم بروح إيجابية. حماس مستعدة تماما وبكل جدية للدخول فورا في جولة جديدة من المفاوضات حول آلية تنفيذ هذا الإطار“.
لكن المصدر المشارك في جهود الوساطة قال إن حماس تريد لغة أوضح بشأن احتمال عدم الانتهاء من المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار الدائم بحلول نهاية الهدنة المقترحة لمدة 60 يوما.
ينص النص المقدم إلى حماس على إمكانية تمديد وقف إطلاق النار الذي يستمر لمدة 60 يوما، طالما أن الطرفين يتفاوضان بحسن نية. لكن المصدر قال إن حماس تريد إسقاط الشرط الأخير، معتبرة أنه فرصة سيستغلها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لاستئناف الحرب، كما فعل في مارس، عندما أفسد اتفاقا تم التوصل إليه في يناير قبل دخوله مرحلته الثانية. وبناء على ذلك، قال المصدر إن حماس تريد أن ينص الاقتراح على أن تستمر المحادثات بشأن وقف دائم لإطلاق النار حتى يتم التوصل إلى اتفاق – وهو ما تعارضه إسرائيل خشية أن تماطل حماس في المحادثات إلى أجل غير مسمى.
وأشار المصدر إلى أن تحفظ حماس الآخر يتعلق بالمساعدات، التي تريد الحركة استئنافها بالكامل من خلال آليات تدعمها الأمم المتحدة ومنظمات إغاثة دولية أخرى، مشيرا إلى أن المساعدات يمكن أن تستمر عبر “مؤسسة غزة الإنسانية” المثيرة للجدل والتي تدعمها الولايات المتحدة وإسرائيل. ومع ذلك، أوضح المصدر أن حماس لن تقبل النظام الحالي الذي تفرض فيه إسرائيل قيودا صارمة على كمية المساعدات التي تسمح بدخولها.
منذ أن رفعت إسرائيل الحصار عن قطاع غزة بعد 78 يوما، يدخل القطاع ما معدله أقل من 70 شاحنة مساعدات يوميا. وتقول المنظمات الدولية إن هناك حاجة إلى دخول مئات الشاحنات يوميا لتلبية الاحتياجات الماسة في القطاع. وقد أبرزت المشاهد الفوضوية في مواقع توزيع المساعدات التي تقدمها منظمة غزة الإنسانية مدى حدة الأزمة، حيث أن آلاف الفلسطينيين على استعداد للسير لمسافات طويلة تحت نيران الجيش الإسرائيلي بشكل شبه يومي من أجل الوصول إلى المساعدات بسبب النقص الحاد في الغذاء في غزة.

التحفظ الثالث في رد حماس يتعلق بانسحاب القوات الإسرائيلية خلال الهدنة، حيث تطالب الحركة بأن يتراجع الجيش الإسرائيلي إلى المواقع التي كان يسيطر عليها قبل انهيار وقف إطلاق النار السابق في مارس.
من المرجح أن تواجه جميع التحفظات الثلاثة رفضا من إسرائيل، نظرا لأن نتنياهو يصر منذ البداية على أن تحتفظ إسرائيل بالقدرة على استئناف القتال، بدلا من الموافقة مسبقا على وقف إطلاق نار دائم. وقد جادلت القدس بأن إنهاء الحرب سيترك حماس في السلطة وقادرة على إعادة تنظيم صفوفها، على الرغم من أن منتقدي الحكومة يؤكدون أن إسرائيل قد قامت بالفعل بتفكيك الحركة بشكل كاف.
كما تعارض إسرائيل آليات المساعدة الأخرى غير مؤسسة غزة الإنسانية، بدعوى أنها سمحت لحركة حماس بتحويل كميات كبيرة من المساعدات الإنسانية.
كما استولت إسرائيل على مساحات شاسعة من الأراضي، بما في ذلك ما يسمى بمحور موراغ في جنوب غزة، حيث من المرجح أن تضغط من أجل الإبقاء على قواتها، على غرار محور فيلادلفيا الذي يمتد على طول الحدود بين مصر وغزة.
وقال مصدر مطلع على جهود الوساطة إنه على الرغم من تحفظات حماس، فإنه يتوقع أن يتمكن الطرفان من المضي قدما في المحادثات غير المباشرة، التي قد تعقد في الدوحة يوم الأحد.
لكن المبعوث الأمريكي الخاص إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف يمارس ضغوطا على حماس لقبول اقتراح الوسطاء كما هو، بحيث لا يتعين طرح سوى عدد قليل من القضايا خلال المحادثات غير المباشرة. وتشمل هذه القضايا عدد وهوية السجناء الفلسطينيين الذين سيتم الإفراج عنهم في الاتفاق والخرائط التي تحدد انسحاب القوات الإسرائيلية.

ولم يتضح على الفور ما إذا كانت إسرائيل والولايات المتحدة ستعتبران تحفظات حماس محدودة بما يكفي للمضي قدما في المحادثات غير المباشرة.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يضغط من أجل التوصل إلى اتفاق منذ أن توسط في وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران في 24 يونيو، وأعرب في وقت سابق من هذا الأسبوع عن أمله في التوصل إلى وقف لإطلاق النار الأسبوع المقبل. لكنه أدلى بتصريحات مماثلة الأسبوع الماضي.
الصفقة المطروحة على الطاولة ستضمن الإفراج عن نصف الرهائن الباقين على قيد الحياة، والبالغ عددهم 20 رهينة، حيث سيتم الإفراج عن ثمانية منهم في اليوم الأول واثنين في اليوم الخمسين، وفقا لدبلوماسي عربي من إحدى الدول الوسيطة.
كما سيتم الإفراج عن نصف الرهائن القتلى الباقين، حيث سيتم الإفراج عن خمسة منهم في اليوم السابع، وخمسة آخرين في اليوم الثلاثين، وثمانية آخرين في اليوم الستين.
في حين عرضت حماس الإفراج عن جميع الرهائن دفعة واحدة، اختار نتنياهو – تحت ضغط من شركائه من اليمين المتطرف في الائتلاف – إطارا تدريجيا من أجل الحفاظ على القدرة على استئناف الحرب. وبناء على ذلك، طالبت حماس بمزيد من الإفراجات المتدرجة لضمان بقاء إسرائيل على طاولة المفاوضات.
وقال أحد مساعدي نتنياهو للصحفيين الإسرائيليين بعد منتصف ليل الجمعة-السبت إن إسرائيل تلقت رد حماس وتدرس محتواه.

في غضون ذلك، أصدرت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، وهي فصيل فلسطيني أصغر حجما في غزة ويتحالف مع حماس في الحرب ويحتجز أيضا رهائن، بيانا أيدت فيه خطط إجراء محادثات غير مباشرة مع إسرائيل، مع السعي للحصول على ”ضمانات“.
وقال الجهاد الإسلامي في بيان صدر بعد وقت قصير من بيان حماس: ”قدمنا (لحماس) عددا من النقاط التفصيلية حول آلية تنفيذ اقتراح الوسطاء، ونريد ضمانات إضافية لتأكيد أن (إسرائيل) لن تستأنف عدوانها بعد (الإفراج عن الرهائن)“.
ومن المتوقع أن تكون المحادثات غير المباشرة صعبة للغاية، حيث أفادت تقارير أن إسرائيل تخشى أن تحاول حماس زيادة نسبة السجناء الأمنيين الفلسطينيين الذين تريد أن يتم إطلاق سراحهم مقابل كل رهينة.
وإذا نجحت هذه المحادثات، فمن المرجح أن تكون المفاوضات اللاحقة بشأن وقف إطلاق النار الدائم أكثر صعوبة، حيث تطالب إسرائيل بنزع سلاح حماس ونفي قادتها – وهي شروط طالما رفضتها الحركة. وبحسب تقارير، قال نتنياهو لأعضاء مجلس الأمن القومي في وقت سابق من هذا الأسبوع إنه يريد القتال في غزة حتى هزيمة آخر مسلح من حماس.
درست حماس أحدث اقتراح لوقف إطلاق النار منذ يوم الثلاثاء، عندما أعلن ترامب أن إسرائيل قد قبلته.
واجتمع مساعدي ترامب مع رون ديرمر، المقرب من نتنياهو ووزير الشؤون الاستراتيجية، في واشنطن، للتشاور معه بشأن شروط الاتفاق قبل إعلان الرئيس الأمريكي يوم الثلاثاء.

سيستضيف ترامب نتنياهو في البيت الأبيض يوم الاثنين في زيارة هي الثالثة لرئيس الحكومة الإسرائيلي في غضون ستة أشهر. ولم يزر أي زعيم أجنبي آخر المكتب البيضاوي أكثر من مرة واحدة منذ بداية ولاية ترامب الثانية.
يوم الخميس، استضاف ترامب الرهينة الأمريكي-الإسرائيلي السابق عيدان ألكسندر في البيت الأبيض، وتعهد، حسبما أفادت التقارير، بضمان الإفراج عن الرهائن الخمسين المتبقين.
يوم الجمعة، قال ترامب للصحفيين إن سكان غزة ”مروا بجحيم“، متجنبا سؤال أحد الصحفيين عما إذا كان لا يزال يخطط لقيام الولايات المتحدة بالسيطرة على القطاع.
وأجاب: ”أريد أن يكون سكان غزة آمنين“.