حسب عالم نتنياهو، لإسرائيل خسمة أعداء فقط
أعد رئيس الوزراء هذا الأسبوع خريطة ليعرض لأعضاء الكنيست مكانة إسرائيل بين الأمم. هذه الخريطة أظهرت عرضا ساحرا ومتفائلا بشكل مفاجئ
رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يحب الخرائط. فهو يعتبرها وسيلة فعالة في توضيح وجهة نظره للعلاقات الدولية، وهو يجلبها معه في كثير من الأحيان إلى خطب عامة ومؤتمرات صحفية وجلسات في الكنيست.
في الأسبوع الماضي خلال لقاء مع الرئيس البرغوياني هوراسيو كارتس في القدس، قال نتنياهو: “اسمحوا لي أن أكشف للصحافة بأن هناك خارطة كبيرة في مكتبي، وأصبحت أكبر (…) كانت تشمل الشرق الأوسط. الآن هي تشمل جزء كبير من نصف الكرة الشرقي”.
خريطة العالم التي لوح فييها نتنياهو يوم الإثنين في لجنة شؤون مراقبة الدولة في الكنيست، حيث دافع عن سجله في السياسة الخارجية، قدمت بعض المعلومات القيمة حول وجهة نظره بشأن مكانة إسرائيل بين الأمم. (قبل حوالي ريع قرن، بينما كان يصعد السلم ليصبح زعيم حزب “الليكود” الذي كان في المعارضة حينذاك، أصدر نتنياهو كتابا تحت عنوان “مكان بين الأمم: إسرائيل في العالم”).
الخريطة، التي حصل تايمز أوف إسرائيل على نسخة منها، تهدف إلى تسليط الضوء على الإتجاهات الإيجابية في العلاقات الخارجية لإسرائيل. الخريطة تقّسم دول العالم إلى فئات مختلفة: تلك التي قامت القدس “مؤخرا بتطوير/رفع مستوى” العلاقات معها وكانت ملونة بالأحمر؛ دول تفكر في “علاقات جيدة” مع إسرائيل تظهر باللون الأرزق؛ “ودول عدو معادية علنا” وكانت باللون الأسود. مع باقي العالم، بالأخضر، “لا توجد لإسرائيل علاقات خاصة”، بحسب مساعدي رئيس الوزراء، الذين أعدوا هذه الخريطة خصيصا لجلسة الإثنين في الكنيست.
يعتبر الكثيرون نظرة رئيس الوزراء للمستقبل نظرة قاتمة عندما يتعلق الأمر بعلاقات المجتمع الدولي مع إسرائيل، أور بما بشكل أكثر دقة فيما يتعلق بالإعتمادية على بعض الحلفاء، ولكن هذه الخريطة الجديدة تكّذب ذلك في الواقع. الرسالة متعددة الألوان التي تم رسمها لغرض سياسي محدد وهو التأكيد على أن العلاقات الدولية آخذة بالإزدهار في ولاية وزير الخارجية الحالي (نتنياهو)، تظهر بالإجمال إن لإسرائيل الكثير من الأصدقاء. والأمر اللافت للنظر أكثر هو أنه حتى بين البلدان التي فد تعتبر نفسها معادية بشدة للدولة اليهودية، مجموعة قليلة فقط استحقت العلامة السوداء المحفوظة لعدو حقيقي.
الدول باللون الأحمر هي تلك التي سعى رئيس الوزراء لتسليط الضوء على أنها تثبت ظاهريا نجاح سياسته الخارجية. هذه البقع الحمراء اللافتة للنظر تشير إلى تحسن علاقات مع قوى دبلوماسية واقتصادية مثل اليابان والصين وروسيا وكوريا الجنوبية وسنغافورة والهند؛ وازدياد التعاون مع اليونان وقبرص؛ وتطبيع العلاقات مع تركيا؛ وعلاقات قوية مع أذربيجان، التي يخطط نتنياهو لزيارتها قريبا. البلد الذي تم إغفاله بصورة مفاجئة من هذه الفئة هي مصر، التي تظهرها الخريطة باللون الأخضر على الرغم من التقارب بين القاهرة وإسرائيل.
10 بلدان إفريقية ملونة بالأحمر: إثيوبيا وأوغندا ورواندا وكينيا (وهي بلدان زارها نتنياهو في وقت سابق من هذا الشهر) وتنزانيا (التي أعلنت مؤخرا عن اعتزامها افتتاح أول سفارة لها على الإطلاق في إسرائيل) وغينيا (التي أعادت في الأسبوع الماضي إنشاء علاقاتها الدبلوماسية مع اسرائيل بعد 49 عاما من توقف العلاقات بين البلدين) وتشاد (حيث قام المدير العام لوزارة الخارجية دوري غولد بزيارة في الأسبوع الماضي) وجنوب السودان وزامبيا وساحل العاج.
في أغسطس 2015، أعلن نتنياهو عن أن أمريكا اللاتينية ستكون “واحدة من أهداف دولة إسرائيل الرئيسية في إطار جهودها لتطوير الأسواق التي ستساهم في ازدياد النمو الإقتصادي”. كما تبدو الأمور، على خريطته، ثلاثة بلدان فقط وُضعت باللون الأحمر: كولومبيا وبرغواي والأرجنتين.
البرازيل، سابع أكبر اقتصادات العالم – التي تسعى إسرائيل إلى مواصلة تطوير علاقاتها الإقتصادية معها، ولكن واجهت معها أزمة دبلوماسية بسبب إحباط تعيين القيادي الإستيطاني السابق داني ديان – تظهر باللون الأخضر، ما يدل على عدم وجود “علاقات خاصة”.
المكسيك وتشيلي وباناما وإفريقيا الجنوبية – دول تربطها علاقات دبلوماسية كاملة مع إسرائيل وتضم جاليات يهودية كبيرة – تظهر كلها كذلك باللون الأخضر.
هناك الكثير من الإدراجات الواضحة والمثيرة للإهتمام في جزء منها في صفوف الدول الملونة بالأزرق على خارطة نتنياهو، مما يشير إلى “علاقات جيدة” مع إسرائيل: الولايات المتحدة وكندا وأستراليا ونيوزيلندا (على الرغم من الخلاف الدبلوماسي الأخير) وأوروبا بكاملها – شرق وغرب القارة – على الرغم من التوتر المستمر حول نهج الإتحاد الأوروبي المنتقد للسياسيات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين وخلافات أخرى.
ولكن هناك بلدان أوروبيان تم الإشارة إليهما بأنهما أقل ودية من الدول الأخرى: السويد وايرلندا اللتان ظهرتا باللون الأزرق، ما يدل على مواقفهم االمنتقدة لإسرائيل بشكل خاص. السويد هي الدولة الوحيدة في غرب أوروبا التي اعترفت بالدولة الفلسطينية، ولكن ليس واضحا ما الذي فعلته ايرلندا التي حصلت على لون أزرق فاتح أكثر من دول أعضاء في الإتحاد الأوروبي صاحبة مواقف مؤيدة للفلسطينيين بصورة مشابهة. (الدنمارك تظهر أيضا بلون أزرق فاتح ولكن يبدو أن ذلك هو مجرد خطأ تقني).
وقال نتنياهو للجنة شؤون مراقبة الدولة الإثنين “اليوم يُنظر إلى إسرائيل أكثر وأكثر على أنها عنصر ثمين ومؤثر في العالم بسبب حربنا على الإرهاب وإنجازاتنا التكنولوجية”.
وأعلن “لقد حققنا تجارة حرة مع الصين، زيادة بنسبة 30% في التجارة مع الهند، اتفاق مع اليابان حول حماية الإستثمارت، تنسيق عسكري مع روسيا، علاقات أولية مع مجموعة من البلدان الإفريقية، قادة دول يقومون بزيارة إسرائيل للمرة الأولى، تطبيع العلاقات مع تركيا، وفي كل أسبوع ألتقي مع أربع رؤساء دول. السياسة الخارجية لإسرائيل هي نجاح كبير”.
وماذا عن الدول التي لا ترى بإسرائيل عنصرا ثمينا ومؤثرا؟
على خريطته، التي لوح بها عدة مرات خلال الجسلة التي استمرت لساعتين الإثنين، خمس دول فقط كانت ملونة بالأسود، بالتالي يتم تعريفها على أنها دول أعداء: إيران والعراق وسوريا وأفغانستان وكوريا الشمالية. (وضع لبنان تعذر تحديده). ربما أكثر ما هو مشوق حول هذه الفئة هي الدول التي لا تشملها: اليمن والسعودية (بلدان يحظر القانون على الإسرائيليين زيارتهما) وقطر والبحرين والكويت والإمارات وعُمان والسودان وباكستان وليبيا والجزائر وتونس وإندونيسا وكوبا وفنزويلا ودول أخرى لا تربطها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل.
بالتالي إستتناتج واحد يمكن أن يُغفر لتلاميذ خارطة نتنياهو على رسمها هو أن لإسرائيل الكثير من الأصدقاء في العالم – حوالي 30 صديق قديم و20 صديق جديد، وعدد لا يعد ولا يحصى من الأصدقاء المحتملين في المستقبل – وعدد قليل جدا من الأعداء.