حزب “الليكود” يخوض حملة انتخابية مع “عوتسما يهوديت” في تل أبيب
على الرغم من دعوات رئيس الوزراء إلى الوحدة أثناء الحرب، الحزبان يستغلان الانقسامات بين العلمانيين والمتدينين في المدينة ويحثان على الحفاظ على "تراثها وطابعها اليهودي"
بدعوى أن إسرائيل الليبرالية “نسيت ما يعني أن تكون يهوديا”، انضم حزب “الليكود” الذي يتزعمه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى حزب “عوتسما يهوديت” اليميني المتطرف في حملة انتخابية موحدة تهدف إلى الحفاظ على “الطابع والتراث اليهودي” لمدينة تل أبيب.
مستغلين الانقسامات العميقة بين الإسرائيليين المتدينين والعلمانيين، أطلق الحزبان القوميان المتشددان – اللذان يخوضان حملة انتخابية في قائمة موحدة – هجمات متكررة ضد ما يصفانها بأنها جهود اليسار لتقليل مظاهر التعبير عن اليهودية في المدينة، التي تُعتبر علمانية إلى حد كبير، إلى الحد الأدنى، قبل انتخابات السلطات المحلية المقررة في الأسبوع المقبل.
وأعلن الحزبان في حملتهما في منشور نُشر مؤخرا على “فيسبوك”: “تل أبيب ليست لليساريين فقط”، متهمين سكان المدينة العلمانيين بمحاولة طرد نظرائهم المتدينين.
لغة الحملة لافتة بشكل خاص في وقت دعا فيه السياسيون، ونتنياهو على وجه الخصوص، مرارا وتكرارا إلى الاعتدال والخطاب التصالحي والوحدة وسط الحرب القاسية ضد حماس.
في عام 2022، ضم نتنياهو إلى حكومته رئيس حزب “عوتسما يهوديت” إيتمار بن غفير، وهو تلميذ الحاخام الراحل مئير كهانا وعلى هامش السياسة الإسرائيلية، مما أثار انتقادات واسعة، بما في ذلك من الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي قال إن العديد من أعضاء الحكومة الإسرائيلية هم من السياسيين “الأكثر تطرفا” الذين رآهم في حياته السياسية.
ومنذ ذلك الحين، تنازع بن غفير، الذي أصبح وزيرا للأمن القومي، مرارا مع كل من البيت الأبيض ونتنياهو، مهددا بالانسحاب من الحكومة إذا لم “يستمر الهجوم العسكري الإسرائيلي في غزة بكامل قوته”.
على الرغم من التوترات العرضية داخل الإئتلاف، تباهى بن غفير بالشراكة بين الحزبين في تل أبيب مؤخرا في فيديو انتخابي تظهر فيه صور بارزة من الليكود، معلنا أن جهود الحزبين المشتركة من شأنها “تقوية تل أبيب”.
وقال متحدث باسم الحزب لـ”تايمز أوف إسرائيل” إن حزب عوتسما يهوديت يخوض الانتخابات في “عشرات المدن في جميع أنحاء البلاد، في بعضها بمفرده وفي بعضها الآخر بشكل تعاوني”، مضيفا أنه حيثما كانت هناك فرصة “لتعزيز أجندة الوزير بن غفير وعوتسما يهوديت لتقوية الأمن والصهيونية واليهودية”، فهم “أول من يتعاون”.
ويتنافس حزب عوتسما يهوديت أيضا في قائمة مشتركة مع حزب الليكود في بلدتي يروحام ونتيفوت الجنوبيتين، ومع حزب “شاس” الحريدي في العديد من السلطات المحلية الأخرى.
شهدت السنة الأولى من ولاية الحكومة الحالية انقسامات متزايدة بين اليهود المتدينين والعلمانيين في تل أبيب، وقد سعت حملة الحزبين إلى استغلال الغضب الناجم عن الخلافات الدينية – على الرغم من أن هذه الخلافات تم دفعها جانبا إلى حد كبير في أعقاب هجوم حماس الصادم على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر، حيث تم تشجيع السكان على التركيز على ما يوحدهم بدلا من على ما يثير الانقسام بينهم.
كان من المقرر إجراء الانتخابات في 31 أكتوبر، ولكن تم تأجيلها حتى 27 فبراير بسبب القتال المستمر في الجنوب وعلى الحدود اللبنانية.
وكتب الحزبان في بيان على فيسبوك في وقت سابق من هذا الشهر إن “الليكود-عوتسما يهوديت في تل أبيب-يافا هنا للحفاظ على التقاليد اليهودية، وعلى الكنس، وعلى المؤسسات الدينية في المدينة، وعلى الفضاء العام حيث بإمكانك وضع ’التفيلين’ والصلاة دون التعرض للإذلال أو أن يتم منعك بالقوة”.
كانت الحملة تشير على الأرجح إلى جهود نشطاء في المدينة لمنع أعضاء طائفة “حاباد” الحسيدية من إقامة أكشاك “تفيلين” بالقرب من المدارس في المدينة، بالإضافة إلى واقعة حظيت بتغطية إعلامية كبيرة حيث تم تصوير مدير مدرسة وهو يطلب من أحد الطلاب التوقف عن وضع رموز طقوسية في الأماكن العامة (على الرغم من أنه يُسمح للطلاب بالقيام بذلك داخل الفصول الدراسية، وقد دافع وزير التربية والتعليم، وهو من حزب الليكود، عن مدير المدرسة في هذا الشأن).
قضية الصلاة العامة هي قضية قسمت بشدة سكان تل أبيب، وأثارت احتجاجات واشتباكات في شوارع المدينة.
في سبتمبر، حاصر مئات المتظاهرين كنيسا في وسط تل أبيب كان يتحدث فيه حاخام مثير للجدل وصاحب تاريخ من التعليقات المتحيزة جنسيا والمعادية للمثليين، مما أدى إلى مشاهد فوضوية أثناء اصطحاب الحاخام إلى الخارج تحت حماية مشددة من الشرطة.
الاحتجاج خارج كنيس منظمة “روش يهودي”، وهي منظمة غير ربحية تشجع اليهود على اعتناق أسلوب حياة يهودي، جاء في الوقت الذي خاضت فيه المنظمة معركة من أجل منحها الحق في إقامة صلوات منفصلة بين الجنسين في ساحة عامة.
بعد عدة أيام، تحدت المنظمة بلدية تل أبيب وأمر من المحكمة العليا وأنشأت حاجزا فاصلا بين الجنسين مصنوعا من الأعلام الإسرائيلية في حدث صلاة جماعية في ميدان “ديزنغوف” بوسط تل أبيب في بداية يوم الغفران.
عندها قام متظاهرون بإنزال الأعلام وإزالة الكراسي التي وضعها المنظمون، مما أدى فعليا إلى منع الصلاة.
وقعت اشتباكات مماثلة في نفس الموقع مرة أخرى في 6 أكتوبر، قبل يوم واحد من هجوم حماس الدامي، عندما قام موظفو البلدية بتفكيك حاجز وضعه المصلون، واستخدم العديد من المتظاهرين مكبرات الصوت لترديد شعارات ضد الإكراه الديني.
ورفض متحدثون باسم الليكود الرد على استفسارات “تايمز أوف إسرائيل” بشأن شراكة الحزب مع عوتسما يهوديت.
ونقلت صحيفة “معاريف” في وقت سابق من هذا الشهر عن قائمة “العقد الجديد”، التي تضم حزب “ميرتس” اليساري وحزب الخضر، قولها إن خوض الحزبين اليمينيين الانتخابات في قائمة مشتركة أدى إلى “نشوء تحريض أكثر تطرفا مما تعرضنا له في الماضي”.
وأعلنت القائمة التي تضم الحزبين الليبراليين “لن نسمح لأي من هؤلاء المتطرفين أن يقرر من هو يهودي، لا في إسرائيل [بشكل عام] ولا في تل أبيب-يافا. علينا أن نقف في وجه هذه المجموعة من المتطرفين المجانين الذين يجرؤون على محاولة أن يملوا علينا من هو يهودي ومن هو ليس يهوديا، خلال زمن الحرب في الوقت الذي نحشد فيه جميعا جهودنا لحماية البلاد”.
ساهم في هذا التقرير طاقم تايمز أوف إسرائيل