حزب الله حدد نقطة ضعف الجيش الإسرائيلي – والسلام في الشمال يبتعد أكثر فأكثر
القوات الإسرائيلية منتشرة على طول الحدود اللبنانية لردع حزب الله من اقتحام البلدات الشمالية - ولكنها في الوقت نفسه مكشوفة ومعرضة للخطر؛ لهذا السبب يركز حزب الله على إطلاق قذائف الهاون والمسيّرات الانتحارية التي "تتصيد" قوات الجيش الإسرائيلي على طول الحدود
في الأيام الأخيرة، انتزع حزب الله ثمنا داميا من الجيش الإسرائيلي، مع أنباء صباح الخميس عن سقوط جندي آخر – الرقيب حاييم صباح، مقاتل في الكتيبة 869 الذي قُتل بصاروخ مضاد للدبابات سقط في منطقة مالكية، لينضم إلى الرقيب أول (احتياط) دان كمحاجي والرقيب أول (احتياط) نحمان ناتان هيرتس، وهما مقاتلان في كتيبة الدورية 6551 اللذيّن قتلا يوم الأربعاء في انفجار طائرة مسيّرة بالقرب من المطلة.
تُترجم هجمات حزب الله المضادة للدبابات والمسيرات بالنسبة للمنظمة على أنها نقطة ضعف في الجيش الإسرائيلي، ويركز حزب الله على وجه الخصوص على المسيّرات الانتحارية، التي “تتصيد” قوات الجيش الإسرائيلي على طول الحدود.
كل هذا تحول إلى لعبة محمومة للغاية بالنسبة لإسرائيل. تنتشر قوات الجيش الإسرائيلي على طول الحدود لردع حزب الله عن مهاجمة البلدات الشمالية – لكنها في الوقت نفسه مكشوفة ومعرضة للخطر، وبالتالي يتعين عليها تغيير مواقعها باستمرار.
إحصل على تايمز أوف إسرائيل ألنشرة أليومية على بريدك الخاص ولا تفوت المقالات الحصرية آلتسجيل مجانا!
وقام حزب الله، على عكس الجيش الإسرائيلي، بسحب قوات “الرضوان” إلى الوراء – ليس قبل أن يتكبد خسائر بلغت نحو 250 قتيلا. اليوم، يوجد لدى المنظمة بضعة عناصر من النشطاء على طول الحدود، معظمهم من مشغلي مدافع الهاون والصواريخ. كل ما تبقى من النيران يأتي من الخلف، حيث احتمالات التعرض للإصابة أقل.
وعلى الرغم من الشائعات التي تحدثت عن أن الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله أشار في الأسبوع الماضي لمسؤولين في لبنان ومن هناك للأمريكيين بأنه على استعداد للتوصل إلى نوع من الاتفاق لإنهاء القتال، إلا أن هذا الاتفاق لم يُترجم بعد على أرض الواقع. لن يتم تنفيذ الاتفاق إلا إذا كان هناك وقف لإطلاق النار في غزة، وإلا فإن نصر الله لن يكون قد وفى بالتزامه تجاه حماس.
نصر الله، مثل إسرائيل، لم يكن يتصور أن تستمر الحرب أكثر من 200 يوم. وفي بعض الأماكن، يبدو تآكل النظام واضحا، فضلا عن نقص التسليح. ويدرك نصر الله أيضا أن حربا واسعة النطاق يمكن أن تبدأ في أي لحظة.
ميزان القوى بين الطرفين يميل لصالح إسرائيل في كثير من النواحي العسكرية، ولكن ليس في النواحي النفسية. وفي الواقع، نجح نصر الله في ترحيل ما يقرب من 80 ألف مواطن إسرائيلي من منازلهم. وهذا الانجاز بالنسبة له يستحق أي ثمن يدفعه من حيث البنية التحتية والعناصر ووسائل الحرب.
لا شك أن نصر الله، بعد الحرب، سيحسب ذلك ضمن إنجازات حزب الله الكبيرة، وسيرسم خطا يربط بين انسحاب الجيش الإسرائيلي من لبنان في عام 2000 وإخلاء المستوطنات في عام 2023. بفارق حوالي عقدين ونصف من الزمن، نجح نصر الله في دفع إسرائيل إلى الوراء مرتين بواسطة القوة العسكرية.
ولكن هذه هي الصورة الخارجية. على الساحة الداخلية، سلوك نصر الله حساس للغاية. يخشى الأمين العام لحزب الله أن تتدهور الأمور إلى حرب شاملة مع إسرائيل، حرب من شأنها أن تلحق أضرارا جسيمة بلبنان.
لقد اكتسبت العناصر المسيحية المسلحة في شمال البلاد قوة وثقة في السنوات الأخيرة، وبعضها لا يخشى تحدي حزب الله عندما تصل الأمور إليها. وهذا يعني أن التنظيم الشيعي يتحرك حاليا بين قطبين مشتعلين، أحدهما في الجنوب ضد إسرائيل والآخر في الشمال ضد الطوائف الأخرى.
هناك من في إسرائيل يعتقد أنه كان من الخطأ عدم إعادة السكان إلى منازلهم، بعد استقرار الوضع على الحدود واختفاء التهديد المباشر المتمثل باقتحام قوات “الرضوان”.
من ناحية الوقائع فإن حزب الله لم يطلق منذ بداية الحرب صواريخ على مدينة نهاريا التي لم يتم إخلاؤها ويطلق النار باستمرار على كريات شمونه التي تم إخلاؤها. الإدراك في الجانب الآخر هو أن كل انحراف قد يؤدي إلى إصابة مواطن قد يخاطر بالقدرة على الحفاظ على مستوى النيران في الصراع الحالي. علاوة على ذلك، فإن الراعي الإيراني متواجد بشكل دائم في الصورة ويحرص على عدم الوصول إلى منحدر زلق.
ولهذا السبب يوجّه حزب الله نيرانه بحذر، ويحرص قدر الإمكان على نطاقات وأهداف عسكرية. وليس من باب الصدفة أنه سارع في عيد الفصح اليهودي إلى الإعلان أن الطائرة المسيّرة التي تم اعتراضها فوق شواطئ عكا استهدفت منشأة أمنية. وليس صدفة أنه يفسر إطلاق الصواريخ المضادة للدبابات على منازل في بلدة المطلة على أنها تستهدف قوات الجيش الإسرائيلي وأعضاء فرق الطورائ.
يقول مسؤول إسرائيلي كبير إن “حزب الله في نوبة غضب، ويتطلع إلى قتل جنود إسرائيليين” مضيفا “في الوقت الحالي، هذا هو هدفه الرئيسي، ربما في ضوء العدد الكبير من العناصر التي فقدها”.
لكن حزب الله يرتكب أخطاء أحيانا، مثل إطلاق النار على بلدة كفار يوفال في منتصف يناير الماضي، والذي أدى إلى مقتل يوفال وميرا أيالون. ومنذ ذلك الحين، عندما يريد نصر الله أن يعبّر عن غضبه، يطلق وابلا من عشرات الصواريخ على شمال مرتفعات الجولان – حيث المنطقة مفتوحة بمعظمها، وهناك العديد من معسكرات الجيش وعدد قليل من المدنيين.
خلافا لحزب الله، تعمل إسرائيل بالفعل بعيدا عن النطاقات المتفق عليها في “جنوب الليطاني مباشرة” وتشن هجمات في البقاع اللبناني والنبطية ومنطقة صور. النشاط الرئيسي هناك هو استهداف البنى التحتية الاستراتيجية أو وحدات إطلاق الصواريخ المضادة للطائرات المتقدمة التي تمكنت إيران من نقلها إلى التنظيم، وقد كلف ذلك إسرائيل حتى الآن ثلاث طائرات مسيّرة من طراز “زيك”. بالنسبة لسلاح الجو، فإن هذه الضربة موجعة ولكنها محتملة بالتأكيد؛ وفي نظر حزب الله، يعد هذا إنجازا آخر في محاولته تقويض التفوق الجوي الإسرائيلي.
لكن حزب الله لا يعمل بمفرده في جنوب لبنان. تعمل إلى جانبه حاليا “فرقة الإمام الحسين” الشيعية، وقوات حماس في لبنان، ووحدات من حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، ومنظمة سنية متطرفة تسمى “الجماعة الإسلامية”. وهذا يشكل تحديا صعبا بالنسبة لإسرائيل. تعمل كل من هذه المنظمات بقوى مختلفة، وفي ظل ظروف مختلفة، وفي أماكن مختلفة.
ومن جهة أخرى، هذا يشكل تحديا لحزب الله أيضا الذي يجد أحيانا صعوبة في السيطرة على إطلاق النار، كما في حالة “الجماعة الإسلامية”. يمكن لصاروخ واحد تم توجيهه بشكل خاطئ وسقوطه في المكان الخطأ أن يؤدي على الفور إلى انهيار الإدارة الدقيقة لمستوى النيران.