إسرائيل في حالة حرب - اليوم 466

بحث

حزب البعث: نصف قرن من الانقلابات والتظاهرات والقمع في سوريا

اتبع بشار الأسد نهج والده حافظ القمعي بعد توليه السلطة عام 2000، مما أدى إلى تحول المظاهرات السلمية عام 2011 إلى حرب أهلية استمرت 13 عاما

الرئيس السوري آنذاك بشار الأسد في افتتاح الدورة السادسة عشرة للقمة العربية في تونس العاصمة، 22 مايو 2004. (AP Photo/Amr Nabil)
الرئيس السوري آنذاك بشار الأسد في افتتاح الدورة السادسة عشرة للقمة العربية في تونس العاصمة، 22 مايو 2004. (AP Photo/Amr Nabil)

بعد أكثر من نصف قرن من إمساكه بالسلطة، خسر حزب البعث الأحد الحكم في سوريا مع إعلان فصائل معارضة فجرا دخولها دمشق و”هروب” الرئيس بشار الأسد بعد 11 يوما على بدئها هجوما واسعا.

تأسس حزب البعث في 17 أبريل 1947 على يد سوريين تلقيا تعليمهما في باريس، وهما ميشيل عفلق، المسيحي الأرثوذكسي، وصلاح البيطار، المسلم السني.

في عام 1953، اندمج الحزب مع الحزب العربي الاشتراكي، ما أكسبه شعبية بين المثقفين والفلاحين والأقليات الدينية. اتسع حضور حزب البعث العربي الاشتراكي الى دول عربية عدة أبرزها العراق.

في الثامن من مارس 1963، وصل البعث الى الحكم في سوريا إثر انقلاب عسكري وفرض حالة الطوارئ.

في 16 نوفمبر 1970، نفّذ حافظ الأسد الذي كان يشغل منصب وزير الدفاع، انقلاباً عسكرياً عُرف بـ”الحركة التصحيحية” أطاح برئيس الجمهورية حينها نور الدين الأتاسي، ووضع حدا لسلسلة من التجاذبات الداخلية في الحزب وعلى السلطة.

في 12 مارس 1971، انتخب حافظ الأسد رئيساً للجمهورية السورية في اقتراع من دون أي منافس، ليصبح أول رئيس ينتمي الى الأقلية العلوية التي تشكل عشرة في المئة من تعداد السكان.

في السادس من أكتوبر 1973، شنّت مصر وسوريا هجوماً مفاجئاً على إسرائيل في محاولة لاستعادة ما خسره البلدان خلال حرب يونيو 1967. وتمكنت القوات المصرية من عبور قناة السويس، بينما استعادت القوات السورية بعض الأجزاء في هضبة الجولان.

دبابة إسرائيلية في طريقها إلى الحدود السورية خلال حرب يوم الغفران، أكتوبر 1973. (State Archives)

في أيار 1974، وقعت سوريا وإسرائيل رسميا اتفاقية فضّ الاشتباك في مرتفعات الجولان.

في العام 1979، تدهورت العلاقات بين سوريا والعراق، اللذين حكمهما فرعان متنافسان من حزب البعث، بعد اتهام الرئيس العراقي آنذاك صدام حسين الوافد حديثاً إلى السلطة، دمشق بالتآمر.

قطعت بغداد علاقاتها الدبلوماسية مع دمشق في أكتوبر 1980، بعدما دعم حافظ الأسد إيران في الحرب مع العراق.

في شباط 1982، تصدى النظام السوري لانتفاضة مسلحة قادها تنظيم الإخوان المسلمون في مدينة حماة (وسط). وأدى القمع الدامي الى مقتل الآلاف، تقدر أعدادهم بين 10 آلاف و40 ألف شخص.

وأتى ذلك بعد قرابة ثلاث سنوات من هجوم بالرصاص والقنابل اليدوية على الكلية الحربية في مدينة حلب، أدى إلى مقتل ثمانين جندياً من العلويين. واتهم الإخوان المسلمون في حينه بالوقوف خلف الهجوم.

في نوفمبر 1983، تعرّض حافظ الأسد لأزمة قلبية نقل على إثرها الى مستشفى بدمشق. وبينما كان يقبع في غيبوبة، حاول شقيقه الأصغر رفعت الاستيلاء على السلطة عبر انقلاب فاشل.

واستعاد حافظ عافيته وسلطته. وبعد عام، أُجبر رفعت على مغادرة سوريا.

الرئيس السوري بشار الأسد (الثاني من اليسار) مع عائلته، بما في ذلك والديه حافظ وأنيسة (جالسان)، في صورة التقطت عندما كان في أواخر العشرينيات من عمره، حوالي عام 1993. (Public domain)

توفي حافظ الأسد في 10 يونيو 2000 عن عمر ناهز 69 عاماً بعد عقود حكم خلالها سوريا بقبضة حديد، أرسى خلالها بالقوة استقرارا أكسب بلاده دورا وازنا في إقليم دائم الاضطراب.

بعد شهر، تولّى نجله بشار السلطة، بعد تعديل دستوري سمح له بالترشّح من خلال خفض السن القانونية لتولّي الرئاسة. وحاز في استفتاء لم يضم أي مرشح آخر سواه، 97 في المئة من الأصوات.

أصبح بشار الأسد القائد الأعلى للقوات المسلحة والأمين القطري لحزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم في البلاد.

آلاف اللاجئين السوريين يسيرون من الجانب التركي من الحدود بين تركيا وسوريا، في أقجة قلعة الواقعة في محافظة أورفة في جنوب شرق تركيا، 14 يونيو، 2015. (AP Photo/Lefteris Pitarakis, File)

في 15 مارس 2011، انطلقت تظاهرات سلميّة مناوئة للنظام في إطار ما سُمّي حينها “الربيع العربي”. قمعت السلطات التظاهرات بعنف، واصفاً إياها بأنها “تمرد مسلح تقوم به مجموعات سلفية”.

في أبريل، اتّسعت رقعة القمع والاحتجاجات التي سرعان ما تحولت إلى نزاع مسلح ترافق مع صعود المعارضة المسلحة وظهور مجموعات متشددة.

سعى النظام إلى سحق التمرّد فخاض حرباً ضد مقاتلين معارضين اعتبر تحركهم “إرهاباً مدعوماً من الخارج”، وبدأ في 2012 استخدام الأسلحة الثقيلة ولا سيّما المروحيات والطائرات.

واتّهم الغرب مراراً النظام السوري باستخدام الأسلحة الكيميائية، وهو ما نفته دمشق على الدوام.

بموجب استفتاء شعبي في العام 2012، أقر دستور جديد قدمته السلطات في إطار إصلاحات هدفت لتهدئة الاحتجاجات. ألغى الدستور الدور القيادي لحزب البعث الحاكم، وحلّت مادة نصّت على “التعددية السياسية” محل المادة الثامنة التي تشدد على دور الحزب “القائد في الدولة والمجتمع”.

في يوليو 2024، فاز الحزب مجددا بغالبية مقاعد مجلس الشعب، في رابع انتخابات تُجرى بعد اندلاع النزاع.

صباح الأحد الثامن من ديسمبر، أعلنت فصائل معارضة “هروب” بشار الأسد ودخول قواتها دمشق إثر عملية عسكرية واسعة ومباغتة بدأتها في 27 نوفمبر من معاقلها في إدلب، وسيطرت خلالها تدريجا على مدن كبرى في البلاد مع تراجع القوات الحكومية بشكل غير مسبوق منذ اندلاع النزاع قبل أكثر من 13 عاما.

مقاتلون معارضون يحتفلون في ساحة الأمويين في دمشق في 8 ديسمبر 2024. (LOUAI BESHARA / AFP)

وأعلن رئيس الحكومة محمد الجلالي أنه مستعد للعمل على “تسليم” السلطة.

ودعا قائد هيئة تحرير الشام قادت هجوم الفصائل أبو محمد الجولاني من جهته مقاتليه إلى عدم الاقتراب من المؤسسات العامة، مؤكدا أنها ستبقى تحت إشراف رئيس الوزراء حتى “تسليمها رسميا”.

وقالت فصائل المعارضة عبر تلغرام إن “الطاغية بشار الأسد هرب”، و”نعلن مدينة دمشق حرة”. أضافت “بعد 50 عاما من القهر تحت حكم البعث، و13 عاما من الإجرام والطغيان والتهجير (…) نعلن اليوم (…) نهاية هذه الحقبة المظلمة وبداية عهد جديد لسوريا”.

اقرأ المزيد عن