حرارة الإحتضان السعودي لترامب قد يبشر بالمشاكل لنتنياهو
بكثير من الإطراء، يقول السعوديون إن الرئيس الأمريكي صاحب الرؤية القوي والحاسم قادر على صنع السلام، وهم على إستعداد لتقديم المساعدة. لكن صيغتهم بالنسبة للحكومة الإسرائيلية تشكل لعنة
دافيد هوروفيتس هو المحرر المؤسس لتايمز أوف اسرائيل. وقد كان رئيس هيئة التحرير في جروزالم بوست (2004-2011) والجروزالم ريبورت (1998-2004) وهو ايضا المؤلف لكتاب "الحياة الساكنة مع مفجرين" (2004) "واقرب من قريب الى الله" (2000) كما وانه شارك في كتابة "وداعا صديق: حياة ووصية اسحاق رابين" (1996)
دونالد ترامب سيصنع التاريخ من لحظة إقلاعه من الرياض إلى تل أبيب الإثنين – من خلال الطيران مباشرة من العاصمة السعودية إلى الدولة اليهودية لأول مرة.
وسيصنع التاريخ للمرة الثانية عندما يصبح أول رئيس أمريكي يزور الحائط الغربي – موقع الصلاة الأقدس للشعب اليهودي – وهو في منصبه.
مستضيفوه السعوديون أكدوا السبت على ثقتهم بقدرته على صنع تاريخ راسخ وجوهري أكثر من خلال التوسط في اتفاق سلام إسرائيلي-فلسطيني.
في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الأمريكي ريكس تيلرسون،أعرب وزير الخارجية السعودي عادل الجبير عن تفاؤله بشأن ترامب، “مع اتباع نهج وتصميم جديدين، بإمكانه وضع حد لهذا الصراع. لديه بالتأكيد الرؤية، ونعتقد أن لديه القوة والحسم”.
بالإضافة إلى ذلك، كما قال الجبير، فإن “الممكلة العربية السعودية تقف مستعدة للعمل مع الولايات المتحدة من أجل تحقيق السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين والإسرائيليين والعرب”.
إن الثناء والإحترام الشخصيين لترامب – وحقيقة أن الملك سلمان المسن حضر إلى المطار ورحب بالرئيس وصافح السيدة الأولى ميلانيا يدا بيد – تؤكد على أن السعوديين، مثل محمود عباس في البيت الأبيض في وقت سابق من هذا الشهر، أدركوا أهمية الإبقاء على الرئيس الأمريكي الجديد إلى جانبهم، وتعظيم الإطراء له إلى أقصى حد.
من دون شك أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بينيامين نتنياهو يراقب هذا التكتيك بفزع، وإن لم يكن متفاجأ.
أيا كانت الأمور التي أملها نتنياهو – أو توقعها – من الإدارة الجديدة، فالحقيقة هي أن الرئيس الأمريكي لم يقم حتى الآن بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس ولم يتحرك إلى إلغاء الاتفاق النووي الذي قادته الولايات المتحدة مع إيران، ولم يمنح القدس التفويض المطلق للبناء في المستوطنات.
على النقيض من ذلك، استضاف الرئيس عباس في البيت الأبيض وخطط للقائه مجددا هذا الأسبوع في بيت لحم، وأمطر عباس بالإطراء، بما في ذلك الإشادة بالشراكة الأمريكية-الفلسطينية حول الأمن الإقليمي ومكافحة الإرهاب – ولا بد أن هذه التصريحات تسببت للبعض في ديوان رئيس الوزراء بإقتلاع شعورهم.
والآن، وقّع الرئيس الأمريكي على سلسلة كبيرة من الصفقات الإقتصادية مع السعودية – تزيد قيمتها عن 380 مليار دولار على مدى الأعوام العشرة المقبلة، يشكل الثلث منها تقريبا، أكثر من 110 مليار دولار، صفقات أسلحة. لوجه المقارنة فقط، إن مذكرة التفاهم الأمريكية-الإسرائيلية التي طال انتظارها حول “المساعدة الأمنية” الأمريكية لإسرائيل، والتي تم التوقيع عليها في شهر سبتمبر الماضي مع إدارة أوباما، تصل قيمتها إلى 38 مليار دولار خلال العقد المقبل.
إدارة ترامب كانت قد تعهدت بضمان أن تحافظ إسرائيل على تفوقها النوعي العسكري في المنطقة. ولكن صفقات الأسلحة التي تم الإعلان عنها السبت تمنح السعوديين قدرة الحصول على أسلحة متطورة للغاية، بكميات هائلة. وكما أكد تيلرسون والجبير مرارا وتكرارا، فإن هذه الصفقات تعمق بصورة كبيرة العلاقة بين البلدين، والتزامهما المتبادل بالدفاع عن الآخر.
قد تحصل إسرائيل على بعض العزاء في التعهد الذي أعرب عنه تيلرسون في العمل عن كثب مع السعوديين في مواجهة التأثير الخبيث لإيران في المنطقة – لكبح العدائية الإيرانية ودعمها للإرهاب وتدخلها في شؤون بلدان شرق أوسطية أخرى.
ولكن مع إشادة ترامب بالصفقات “الهائلة”، التي وفرت “مئات المليارات من الدولارات على شكل إستثمارات في الولايات المتحدة ووظائف، وظائف، وظائف”، ستستوعب إسرائيل أيضا التأثير والإستفادة التي من الممكن أن تمنحهما هذه العلاقة العميقة للسعوديين في الولايات المتحدة.
إنه لمن دواعي السرور سماع وزير الخارجية السعودية يتحدث بإنفتاح وسهولة حول إسرائيل، ويتعهد بإستعداد بلاده للمساعدة في تحقيق السلام، كما كان من الدواعي السرور خلال العام أو العامين الماضيين رؤية قادة ومسؤولين سعوديين يشاركون أحيانا في منتديات مع مسؤولين إسرائيليين، وحتى في حالة أحد الجنرالات السعوديين قيامه بزيارة إسرائيل ولقاء مسؤولين وأعضاء كنيست وإرسال صور للقاءات التي أجراها.
ولكن للسعوديين نظرة واضحة جدا حول معايير السلام الإسرائيلي-الفلسطيني والسلام الإسرائيلي-العربي، وهي تُعرف بإسم مبادرة السلام العربية أو مبادرة السلام السعودية، والتي تم الكشف عنها في عام 2002، وأعيد التأكيد عليها قبل بضعة أسابيع فقط خلال قمة الجامعة العربية، حيث حضر مبعوث ترامب، جيسون غرينبلات، والتقى هناك مع عدد من القادة العرب.
وحتى الآن، ترفض حكومة نتنياهو المبادرة كإطار للمحادثات، مشيرة إلى معارضتها، من بين أمور أخرى، إلى فكرة عودة إسرائيلية إلى نسخة معينة من خطوط ما قبل 1967، ولغة المبادرة حول قضية اللاجئين الفلسطينيين.
يعي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تماما المخاطر المترتبة من قول كلمة “لا” للرئيس ترامب. لرئيس سبق وطلب منه كبح المستوطنات قليلا. لرئيس قال إنه يعتقد أنه قادر “بصدق وبالفعل” على صنع اتفاق إسرائيلي-فلسطيني “أسرع مما تخيله أي شخص”.
من المستبعد جدا أن نتنياهو أصبح مؤخرا ملتزما بمبادرة السلام العربية التي تقودها السعودية. بالتالي، سيراقب رئيس الوزراء الوضع الآن بقلق، في الوقت الذي منح فيه السعوديون، الذين استثمروا أموالا طائلة في الولايات المتحدة، الرئيس ترامب ترحيبا ملوكيا، وسيتساءل عن مدى نجاحهم في إقناع الرئيس الأمريكي بالإعتماد على مباردة السلام التي طرحوها كأساس لإتفاق يعتزم ترامب إبرامه لصنع تاريخ إسرائيلي-فلسطيني.