جنوب أفريقيا لمحكمة العدل الدولية: الهجوم على رفح هو “هدف إسرائيل النهائي لتدمير غزة”
في أحدث طلب تقدمه للمحكمة الدولية، تدعي بريتوريا أن رفح هي آخر منطقة صالحة للسكن في غزة، وتقول إن عملية الجيش الإسرائيلي هناك ستحقق "هدف إسرائيل المعلن المتمثل في محو غزة من الخريطة"
اتهمت جنوب أفريقيا إسرائيل بالسعي إلى “تدمير حياة الفلسطينيين ومحوهم من على وجه الأرض”، وطالبت محكمة العدل الدولية يوم الخميس بأن تأمر إسرائيل ليس فقط بوقف عمليتها العسكرية في مدينة رفح بجنوب قطاع غزة، بل أيضا بوقف حملتها ضد حركة حماس في قطاع غزة تماما.
وخلال ساعتين ونصف الساعة من المرافعات الشفوية، سعى الفريق المكون من سبعة محامين وحقوقيين دوليين ومن جنوب أفريقيا مرارا إلى الضغط على المحكمة لإصدار أمر بإنهاء العمليات الإسرائيلية ضد حماس، زاعمين أن إسرائيل تجاهلت أوامر المحكمة السابقة، وملمحين إلى أن المحكمة ستبدو عديمة الجدوى إذا لم تتحرك.
وتمت الدعوة لجلسات محكمة العدل الدولية بعد أن طلبت جنوب أفريقيا من المحكمة اتخاذ إجراءات طارئة لحماية رفح، بعد أن زعمت في وقت سابق أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في القطاع الساحلي.
وكان هذا هو الطلب الرابع الذي تقدمه جنوب أفريقيا إلى المحكمة منذ أن أعلنت إسرائيل الحرب على حماس في أعقاب الهجوم الوحشي الذي نفذته الحركة في 7 أكتوبر.
وقال حقوقيون من جنوب أفريقيا يوم الخميس إن عملية الجيش الإسرائيلي الحالية في رفح تهدد احتمال الحياة في غزة في ظل الكارثة الإنسانية المتفاقمة بالفعل في القطاع، والدمار الواسع النطاق في أجزاء أخرى من القطاع، وأهمية معبر رفح في إمداد غزة بالمساعدات.
وقالت بريتوريا إن الهجوم الإسرائيلي الشامل على رفح ينتهك بند اتفاقية الإبادة الجماعية الذي يحظر “إخضاع الجماعة، عمدًا، لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كليًا أو جزئيًا”.
وعلى الرغم من أن الطلب المقدم في الأسبوع الماضي طلب من المحكمة فقط إصدار تعليمات لإسرائيل بوقف العملية في رفح، إلا أن جنوب أفريقيا عدلت هذا الطلب وطلبت من المحكمة أن تأمر إسرائيل بوقف جميع العمليات العسكرية في غزة.
كما طالب وفد جنوب أفريقيا بأوامر تجبر إسرائيل على ضمان “وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى غزة” إضافة إلى قيام محققين وبعثات لتقصي الحقائق بالتحقيق في مزاعم جرائم الحرب والإبادة الجماعية.
وأخيرا، طلب فريق جنوب أفريقيا من المحكمة أن تأمر إسرائيل بتقديم تقرير عام خلال أسبوع واحد حول الإجراءات التي تتخذها لتنفيذ أوامرها.
وزعم سفير جنوب أفريقيا لدى هولندا فوسيموزي مادونسيلا أن “الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل استمرت على قدم وساق منذ جلسة المحكمة الأخيرة ووصلت للتو إلى مرحلة جديدة ومروعة”.
وادعى البروفيسور فوغان لوي، الذي مثل جنوب أفريقيا أيضًا في طلبها الذي قدمته في يناير، أنه “من الواضح بشكل متزايد” أن سلوك إسرائيل في رفح يهدف إلى تحقيق “هدفها النهائي لتدمير غزة تمامًا بصفتها منطقة سكنية للبشر”، مشيرا إلى الحظر المنصوص عليه في اتفاقية الإبادة الجماعية على خلق الظروف المصممة لتدمير الحياة.
وفي ما بدا أنه تكتيك متعمد لممثلي جنوب أفريقيا، حذر لوي المحكمة من أنه في غياب أمر لإسرائيل بوقف حملتها العسكرية، “فسيتم تدمير إمكانية إعادة بناء مجتمع فلسطيني قابل للحياة في غزة”.
وقد ردد هذه التعليقات آخرون في الفريق القانوني لجنوب أفريقيا.
قال تمبيكا نجكوكايتوبي: “منذ البداية، كانت نية إسرائيل دائمًا هي تدمير حياة الفلسطينيين ومحوهم من على وجه الأرض. رفح هي المرحلة الأخيرة”.
وقد ركز فريق جنوب أفريقيا بشكل خاص على مسألة المساعدات الإنسانية بسبب حظر اتفاقية الإبادة الجماعية على خلق ظروف مصممة لتدمير مجموعة من الأشخاص، وزعم أن إسرائيل “خنقت” كل سبل الوصول إلى قطاع غزة من خلال عمليتها في رفح.
وقالت عديلة هاشم، وهي محامية أخرى من جنوب أفريقيا “يجب وقف إسرائيل. جنوب أفريقيا أمامكم مرة أخرى اليوم لتطلب من المحكمة بكل احترام استخدام صلاحياتها… أن تأمر بعلاج من شأنه أن يوقف إسرائيل”.
وعلى الرغم من إغلاق معبر رفح منذ بدء العملية في 6 مايو، إلا أن السلطات الإسرائيلية قالت إن معبر كرم أبو سالم، الذي تمر عبره الغالبية العظمى من المساعدات إلى غزة، أعيد فتحه في 8 مايو، وإن 248 شاحنة من المساعدات الإنسانية تم تفتيشها ونقلها إلى قطاع غزة الأربعاء، برفقة صهريجتي وقود.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية يوم الخميس إن المعابر إلى غزة “مغلقة، وغير آمنة للوصول إليها أو لا يمكنها العمل من الناحية اللوجستية” منذ عدة أيام، وأن “توزيع المساعدات يكاد يكون مستحيلا”.
لكن منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق قال يوم الخميس أنه تمت الموافقة على 25 من أصل 36 طلب تنسيق عام لتوزيع المساعدات يوم الأربعاء.
كما أثار فريق جنوب أفريقيا مزاعم أخرى عن أعمال إبادة جماعية مفترضة، بما في ذلك الادعاء بأن إسرائيل أعدمت مئات الفلسطينيين ودفنتهم في مقابر جماعية في مستشفى ناصر في خان يونس.
وأشارت معلومات مفتوحة المصدر إلى أن هذه القبور تم حفرها وملؤها من قبل الفلسطينيين قبل دخول القوات الإسرائيلية إلى المستشفى، حيث ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أنه وفقًا لتحليلها، تم حفر اثنتين على الأقل من القبور الثلاثة قبل عملية الجيش الإسرائيلي في المنطقة. وأنه “لا توجد علامة واضحة على أن القوات الإسرائيلية حفرت قبورًا جديدة أو أضافت جثثًا إلى القبور الموجودة”.
ومن أجل محاولة إثبات نية إسرائيل للإبادة الجماعية ضد سكان غزة، وهو شرط ضروري لقدرة المحكمة على التحرك، استشهد نجوكايتوبي بتعليقات تحريضية لوزير المالية بتسلئيل سموتريش، الذي نقلت عنه صحيفة هآرتس في نهاية أبريل قوله “لا يوجد تدابير جزئية. رفح، دير البلح، النصيرات – دمار كامل”.
وقد استخدمت جنوب أفريقيا هذا التكتيك في جلسات الاستماع التي عُقدت في يناير حيث سعت لأول مرة لتدخل محكمة العدل الدولية، والذي أشارت إليه المحكمة نفسها في قرارها بإصدار أوامر ضد إسرائيل.
وفي تشابه آخر مع جلسات الاستماع في يناير، قام نكوكايتوبي بتشغيل مقطع فيديو لجنود من الجيش الإسرائيلي قبل دخول مدينة رفح جنوب غزة وهم يصلون ثم يغنون، “سوف نقوم بتفكيك رفح”.
وقد نشر العديد من الجنود مقاطع فيديو لجنود إسرائيليين عاملين في غزة وهم يدلون بتعليقات تحريضية ويتصرفون بشكل غير لائق على وسائل التواصل الاجتماعي، وقد تعرضوا لانتقادات شديدة، بما في ذلك من قبل الجيش الإسرائيلي نفسه، على الرغم من استمرار هذه الظاهرة طوال الحرب.
وفي يناير، أمر القضاة إسرائيل ببذل كل ما في وسعها لمنع الموت والدمار وأي أعمال إبادة جماعية في غزة، لكن هيئة القضاة لم تصل إلى حد إصدار أمر بوقف الهجوم العسكري الذي تسبب في دمار واسع في القطاع الفلسطيني. وفي أمر ثان صدر في مارس، قالت المحكمة إن على إسرائيل أن تتخذ إجراءات لتحسين الوضع الإنساني.
ووفقا للطلب الأخير، فإن الأوامر الأولية السابقة الصادرة عن المحكمة في لاهاي لم تكن كافية للتصدي “لهجوم عسكري وحشي على الملجأ الوحيد المتبقي لشعب غزة”.
وسيُسمح لإسرائيل بالرد على الاتهامات يوم الجمعة.
وقال جلعاد إردان، سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، لإذاعة الجيش يوم الأربعاء إن المهلة القصيرة التي أعطتها المحكمة لجلسات الاستماع هذا الأسبوع لم تسمح بالإعداد القانوني الكافي. وقال إن تلك كانت “علامة واضحة”.
وستركز جلسات الاستماع هذا الأسبوع فقط على إصدار إجراءات طوارئ، ومن المرجح أن يستغرق الأمر سنوات قبل أن تتمكن المحكمة من إصدار حكمها بشأن تهمة الإبادة الجماعية الأساسية.
ومن المتوقع صدور الحكم الأسبوع المقبل.