جامعة كولومبيا تهدد بإزالة خيام اعتصام مناهضة لإسرائيل بينما تعصف الاحتجاجات بالجامعة
تمديد الموعد النهائي بعد تحقيق تقدم في المفاوضات مع النشطاء، الذين يطالبون الجماعة بالتراجع عن تهديدها بإدخال الحرس الوطني؛ إلغاء فصول دراسية بعد اقتحام المتظاهرين لأحد المباني
دعت رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق يوم الثلاثاء إلى إزالة خيام اعتصام المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين التي أقيمت في حرم الجامعة في أبر مانهاتن، وحددت مهلة قامت بتمديدها في وقت لاحق لمنظمي الطلاب وممثلي الجامعة التي هي جزء من “رابطة اللبلاب” (Ivy League) للتوصل إلى اتفاق بشأن إنهاء الاحتجاج.
وجاءت خطوة شفيق في الوقت الذي أصبحت فيه متورطة في معركة شرسة بين النشطاء الغاضبين من الحرب الإسرائيلية على حركة حماس في غزة والطلاب وأعضاء هيئة التدريس اليهود الذين يدَعون أن المظاهرات تشمل مضايقات معادية للسامية ودعوات للعنف ضد اليهود.
تجمع الطلاب في عدد متزايد من الجامعات الأمريكية في خيام اعتصام مع مطلب موحد من جامعاتهم: وقف تعاملاتها مع إسرائيل – أو أي شركة تعمل على تمكين حربها المستمرة في غزة، والانضمام إلى حملة مستمرة منذ عقود ضد إسرائيل وسياساتها تجاه الفلسطينيين، وهو ما تقول الجماعات المؤيدة لإسرائيل إنه بمثابة دعوات لتدمير الدولة اليهودية.
وحددت الجامعة في البداية موعدا نهائيا حتى منتصف ليل الثلاثاء لإزالة خيام الاعتصام، لكن حتى صباح الأربعاء كان المتظاهرون لا يزالون في مكانهم.
وذكرت صحيفة “كولومبيا سبكتاتور” الطلابية في وقت مبكر من يوم الأربعاء أن الجامعة قالت في بيان إنها قررت تمديد الموعد النهائي لمدة 48 ساعة بعد إحراز تقدم في المحادثات مع قادة النشطاء.
وذكرت الصحيفة نقلا عن متحدث باسم الجامعة أن المتظاهرين وافقوا على إزالة بعض الخيام وتقييد الوصول إلى منطقة الاحتجاج للطلاب فقط والالتزام بقواعد السلامة من الحرائق و”اتخذوا خطوات لجعل المخيم مرحبا للجميع وحظروا اللغة التمييزية أو المضايقة”.
وفي وقت سابق، قال الفرع المحلي لمنظمة “طلاب من أجل العدالة في فلسطين” إن النشطاء انسحبوا من المفاوضات بعد أن هدد مديرو الجامعة بإرسال شرطة مدينة نيويورك وقوات الحرس الوطني لإزالة الخيام.
وجاء في بيان نُشر على وسائل التواصل الاجتماعي: “بدون ضمانات بالتفاوض بحسن نية وحماية المتظاهرين السلميين ضد عنف الشرطة والجيش، فلن نعود إلى الطاولة”.
وفي رسالة موجهة إلى “الزملاء أعضاء مجتمع كولومبيا”، قبل ساعات، قالت شفيق إنها “تدعم بشكل كامل أهمية حرية التعبير، وتحترم الحق في التظاهر، وتقر بأن عددا كبيرا من المتظاهرين قد تجمع سلميا”.
كما جاء في الرسالة “ومع ذلك، فإن المخيم يثير مخاوف خطيرة تتعلق بالسلامة، ويعطل الحياة في الحرم الجامعي، ويخلق بيئة متوترة ومعادية في بعض الأحيان للعديد من أعضاء مجتمعنا. من الضروري أن نمضي قدما في خطة لتفكيكه”.
وبحسب شفيق فإن المفاوضات مستمرة منذ عدة أيام. إذا فشلت المحادثات “سيتعين علينا النظر في خيارات بديلة لإخلاء [المخيم] واستعادة الهدوء في الحرم الجامعي حتى يتمكن الطلاب من إكمال الفصل الدراسي والتخرج”.
وذكرت صحيفة “سبكتاتور” الطلابية أنه قبل الموعد النهائي في منتصف الليل، قام بعض المتظاهرين بتفكيك خيامهم طوعا وانتقلوا إلى جزء آخر من الحرم الجامعي، لكنهم عادوا إلى المخيم الرئيسي بعد انقضاء الموعد النهائي.
وصل التوتر المتزايد في الليلة التي سبقت رحلة رئيس مجلس النواب الأمريكي مايك جونسون إلى كولومبيا لزيارة الطلاب اليهود والتطرق إلى مشكلة معاداة السامية في الجامعات الأمريكية.
بإلهام من الاحتجاجات المستمرة والغضب من اعتقال أكثر من 100 طالب في جامعة كولومبيا الأسبوع الماضي، تجمع الطلاب من ماساتشوستس إلى كاليفورنيا في المئات من الجامعات، ونصبوا خيام اعتصام وتعهدوا بعدم التزحزح من أماكنهم حتى يتم تلبية مطالبهم.
وقال محمود خليل، وهو أحد قادة المحتجين، الذي أشار إلى أن الطلاب في الجامعة يضغطون من أجل سحب الاستثمارات من إسرائيل منذ 2002، “نريد أن نكون مرئيين. ينبغي على الجامعة أن تفعل شيئا حيال ما نطالب به، بشأن الإبادة الجماعية التي تحدث في غزة، وعليهم أن يتوقفوا عن الاستثمار في هذه الإبادة الجماعية”.
في مناطق اخرى في البلاد، بدأ المتظاهرون في جامعة ولاية كاليفورنيا للفنون التطبيقية في مدينة هومبولت في استخدام الأثاث والخيام والسلاسل وأربطة بلاستيكية لإغلاق مداخل المبنى مساء الاثنين، واعتصم عدد غير معروف من الطلاب في مبنى الحرم الجامعي الثاني يوم الثلاثاء.
وأظهر مقطع فيديو المتظاهرين وهم يرددون هتافات قبل أن يتدخل عناصر شرطة بزي مكافحة الشغب عند مدخل المبنى لفضهم “نحن لسنا خائفين منكم!”. وقالت الطالبة بيتون ماكينزي إنها كانت تسير في الحرم الجامعي يوم الاثنين عندما شاهدت الشرطة تشد امرأة من شعرها وطالبة أخرى تضمد رأسها بسبب تعرضها لإصابة.
وقالت ماكينزي لوكالة “أسوشيتد برس”: “أعتقد أن الكثير من الطلاب يشعرون بالصدمة حيال ذلك”.
وتم اعتقال ثلاثة طلاب، وفقا لبيان صادر عن جامعة ولاية كاليفورنيا للفنون التطبيقية، التي أغلقت الحرم الجامعي حتى يوم الأربعاء.
وقد أدى تصاعد التظاهرات إلى جعل الجامعات تجد صعوبة في تحقيق التوازن بين سلامة الحرم الجامعي وحقوق حرية التعبير.
وكثف منتقدو الاحتجاجات، بما في ذلك أعضاء جمهوريون بارزون في الكونغرس الأمريكي، الاتهامات بمعاداة السامية والمضايقات لدى بعض المتظاهرين على الأقل. وأثار المدافعون عن الحقوق المدنية، بما في ذلك اتحاد الحريات المدنية الأمريكي، مخاوف تتعلق بحرية التعبير بشأن الاعتقالات.
كان هناك تبادل ساخن للكلمات والإهانات بين المتظاهرين المناهضين لإسرائيل والمؤيدين لها، خاصة في الشوارع العامة حول كولومبيا، مما دفع الجمهوريين في الكونغرس يوم الثلاثاء إلى مطالبة الرئيس الأمريكي جو بايدن ببذل المزيد من الجهد لحماية الطلاب اليهود.
ونسب العديد من المتظاهرين في الحرم الجامعي الذين تحدثت إليهم وكالة “رويترز” الأحداث التي وقعت خارج الحرم الجامعي إلى المحرضين المارقين الذين يحاولون اختطاف رسالة الاحتجاجات.
وقال سوف أسكاناسي، وهو طالب يهودي في جامعة كولومبيا الذي تم اعتقاله وإبعاده بسبب احتجاجه “لم تعد هناك جامعات في غزة. لذا اخترنا استعادة جامعتنا من أجل شعب فلسطين. إن معاداة السامية وكراهية الإسلام والعنصرية، وخاصة العنصرية ضد العرب والفلسطينيين، كلها مصنوعة من نفس القماش”.
اندلعت الحرب بين إسرائيل وحماس عندما اقتحم 3000 مسلح إسرائيل عبر الحدود في 7 أكتوبر في هجمات غير مسبوقة قادتها حماس وأسفرت عن مقتل 1200 شخص، في حين تم اختطاف 253 آخرين إلى غزة.
وأدى الهجوم الإسرائيلي الذي أعقب ذلك إلى مقتل أكثر من 34 ألف شخص، وفقا لوزارة الصحة التي تديرها حماس في غزة. ولا يمكن التحقق من هذا العدد بشكل مستقل، وهو يشمل أكثر من 13 مقاتل تقول إسرائيل إنها قتلتهم منذ بداية الحرب. ويقول الجيش الإسرائيلي إن 261 من جنودها قُتلوا في القتال.
ويريد المتظاهرون أن تسحب الأوقاف الجامعية استثماراتها من المصالح الإسرائيلية، وأن تنهي الولايات المتحدة المساعدات العسكرية لإسرائيل أو على الأقل أن تجعلها مشروطة بتحسين وضع الفلسطينيين.
خارج منزل زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر في بروكلين، قال بعض المتظاهرين اليهود إنهم يقضون الليلة الثانية من عيد الفصح اليهودي الذي يستمر أسبوعا، وهو عيد تتجمع فيه العائلات وتحتفل بالرواية التوراتية عن تحرير بني إسرائيل من العبودية في مصر، لتأكيد إيمانهم من جديدة والنأي بأنفسهم عن استراتيجية الحرب التي تتبعها الحكومة الإسرائيلية.
وهتف الحشد الذي ضم حوالي 2000 شخص “أوقفوا تسليح إسرائيل” و”أوقفوا تمويل الإبادة الجماعية” و”تعيش غزة”.
وقالت كاثرين ستيرن (62 عاما)، من وودستوك في نيويورك، التي تخلت عن الجلوس على مائدة العيد مع عائلتها التي تبعد عنها 190 كيلومترا لحضور الاحتجاج في بروكلين، “لا أرى أن ما تفعله إسرائيل هو دفاع عن النفس. أرى انتهاكات لا تصدق وغير معقولة لحقوق الإنسان”.
وقام المنظمون بعرض موسيقى وأغاني من الثقافات اليهودية وغيرها من الثقافات، مع الإعطاء الأولوية للكاتبة الكندية ناعومي كلاين، وهي ناشطة سلام اعتمدت على جذورها اليهودية في مجادلتها ضد الصهيونية، التي وصفتها بـ “الصنم الكاذب”.
وقالت كلاين وسط هتافات: “نريد التحرر من المشروع الذي يربط الإبادة الجماعية باسمنا. نحن نسعى إلى هجرة اليهودية من دولة عرقية تريد أن يكون اليهود خائفين دائما … أو أن نذهب مسرعين إلى حصنها، أو على الأقل إن نستمر في إرسال الأسلحة والتبرعات إليهم”.
ووصل الاحتجاج إلى مواجهة يوم الثلاثاء عندما بدأت شرطة نيويورك في اعتقال أشخاص بسبب سلوكهم غير المنضبط، وتقييد أولئك الذين رفضوا التحرك بأربطة بلاستيكية. وذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” أنه تم إلقاء القبض على ما لا يقل عن 100 شخص.
وانتقد مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية استخدام الشرطة للقوة لكبح المعارضة قائلا إنها تقوض الحرية الأكاديمية.
وقالت عفاف ناشر، المديرة التنفيذية لمجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية في نيويورك، في بيان: “وكذلك التشهير بالطلاب اليهود والمسلمين والفلسطينيين وتعريضهم للخطر بناء على تصريحات تحريضية مشبوهة أدلى بها عدد قليل من الأفراد الملثمين المجهولين خارج الحرم الجامعي”.
وألقى طلاب آخرون اللوم على الجامعات لفشلها في حماية حقهم في الاحتجاج أو الدفاع عن حقوق الإنسان.
وقال خليل، وهو طالب فلسطيني في جامعة كولومبيا: “كطالب فلسطيني، لم أشعر أيضا بالأمان خلال الأشهر الستة الماضية، وكان ذلك نتيجة مباشرة لتصريحات كولومبيا المنحازة وتقاعسها عن التحرك”.
قام الطلاب في جامعة كاليفورنيا في بيركلي – وهي جامعة معروفة بنشاطها الطلابي خلال الستينيات – بنصد خيام تضامنا مع المتظاهرين في المدارس الأخرى.
وقال ميلتون زيرمان (25 عاما)، وهو طالب في السنة الثانية في كلية الحقوق في بيركلي، وهو من لوس أنجلوس، إن الطلاب اليهود والإسرائيليين يعانون من مضايقات بغيضة.
وقال زيرمان “عندما تكون طالبا إسرائيليا في هذا الحرم الجامعي، تشعر وكأن لديك هدفا على ظهرك، وتشعر بعدم الأمان، ولا عجب أن الطلاب من إسرائيل يترددون جدا في المجيء إلى هنا”.
واعتقلت شرطة نيويورك أكثر من 120 متظاهرا في جامعة نيويورك يوم الاثنين وأكثر من 100 في جامعة كولومبيا الأسبوع الماضي. ألغت جامعة كولومبيا الفصول التي تتطلب الحضور الشخصي في حرمها الجامعي في أبر مانهاتن يوم الاثنين في محاولة لنزع فتيل التوترات.
بدافع من الاحتجاجات في كولومبيا، نصب طلاب جامعة ميشيغان خياما في ساحة الحرم الجامعي يوم الثلاثاء للمطالبة بإنهاء الاستثمارات المالية في إسرائيل. يقول المحتجون إن الجامعة ترسل أكثر من 6 مليارات دولار لمديري استثمارات الذين يستفيدون من الشركات أو المقاولين الإسرائيليين. وأشاروا أيضا إلى الاستثمارات في الشركات التي تنتج طائرات مسيرة أو طائرات حربية تُستخدم في إسرائيل، وفي منتجات المراقبة المستخدمة عند الحواجز في غزة.
وقال مسؤولو جامعة ميشيغن إنه ليس لديهم أي استثمارات مباشرة مع الشركات الإسرائيلية وأن الاستثمارات غير المباشرة التي تتم من خلال صناديق استثمار تصل إلى جزء صغير يشكل 1% من وقف الجامعة البالغ 18 مليار دولار. ورفضت الجامعة الدعوات لها بسحب الاستثمارات، مشيرة إلى سياسة عمرها 20 عاما تقريبا “تحمي استثمارات الجامعة من الضغوط السياسية”.
وفي حرم جامعة مينيسوتا في سانت بول، قامت الشرطة بإخلاء أحد مخيمات الاعتصام بعد أن طلبت منها الجامعة اتخاذ إجراءات، بسبب ما قالت إنها انتهاكات سياسة الجامعة وقانون التعدي على ممتلكات الغير.
كانت الشفافية من المطالب الرئيسية في كلية إيمرسون، حيث اعتصم 80 طالبا ومؤيدين آخرين في ساحة مكتظة في الحرم الجامعي بوسط مدينة بوسطن يوم الثلاثاء.
واصطفت اثنتا عشرة خيمة تحمل شعارات من بينها “غزة حرة” أو “لا دولار أمريكي لإسرائيل” على مدخل الساحة.
جلس الطلاب متربعين على حجارة الرصف المبنية من الطوب وهم يعملون على طباعة الأوراق النهائية ويستعدون للامتحانات. ينتهي الفصل الدراسي في غضون بضعة أسابيع.
وقال أوين بوكستون، وهو متخصص في السينما: “أود العودة إلى المنزل والاستحمام، لكنني لن أغادر حتى نحقق مطالبنا أو تسحبني الشرطة”.