“تهديد حقيقي”: نتنياهو يدعم تنفيذ اعتقالات واسعة ويتطلع إلى عمليات ترحيل في إطار اتخاذ إجراءات صارمة ضد المهاجرين
في أعقاب أعمال الشغب، أعضاء الحكومة يصادقون على اعتقالات إدارية ويدرسون سحب تصاريح العمل؛ نتنياهو يقول إن الحكومة ستعمل جاهدة أيضا ’لإخراج بقية المتسللين غير الشرعيين’
وافقت لجنة وزارية خاصة انعقدت يوم الأحد في أعقاب أعمال شغب عنيفة اندلعت بين مجموعتي مهاجرين إريتريتين في شوارع تل أبيب خلال نهاية الأسبوع على إجراء اعتقالات واسعة، مما يسمح للشرطة باستخدام إجراء إداري يخفض معيار تقديم الأدلة لتبرير الاعتقال.
وقال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إن الهجرة من الدول الأفريقية تشكل “تهديدا حقيقيا لطابع إسرائيل ومستقبلها كدولة يهودية وديمقراطية”.
ويُعتقد أن نحو 30 ألف مهاجر، معظمهم من السودان وإريتريا، موجودون في البلاد، ويقول الكثير منهم إنهم لاجئون من الحرب والقمع. ووصل معظم المهاجرين الأفارقة إلى إسرائيل عبر مصر في الفترة ما بين 2007 و 2012، قبل أن تبني إسرائيل حاجزا على طول الحدود الصحراوية. ولم يصل سوى عدد قليل من المهاجرين منذ ذلك الوقت.
وذكرت العديد من التقارير في وسائل إعلام عبرية أنه تم احتجاز حوالي 50 مواطنا إريتريا في أعقاب الاشتباكات في الشوارع يوم السبت، حيث دعا وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير إلى تنفيذ المزيد من الاعتقالات “الإدارية”.
وقال نتنياهو، الذي ترأس الاجتماع الوزاري، إن الحكومة “تسعى إلى اتخاذ خطوات قوية ضد مثيري الشغب، بما في ذلك الترحيل الفوري لأولئك الذين شاركوا” في المواجهات.
واتفق الوزراء أيضا على النظر في إلغاء تصاريح العمل للمهاجرين وتقديم قانون أساس شبه دستوري جديد بشأن الهجرة.
بالإضافة إلى الرد على مثيري الشغب يوم السبت، قال نتنياهو في الاجتماع إنه دعا إلى عقد المنتدى “لإعداد خطة كاملة ومحدثة لإخراج جميع المتسللين غير الشرعيين الآخرين من إسرائيل”.
ويرفض اليمين الإسرائيلي إلى حد كبير ادعاءات المهاجرين الأفارقة بأنهم يطلبون اللجوء ويشير بشكل روتيني إلى جميع المهاجرين، بغض النظر عن الدوافع والظروف، على أنهم “متسللون”.
ودعا نتنياهو إلى عقد الاجتماع، الذي شارك فيه وزير العدل، ووزير الخارجية، ووزير الأمن القومي، ووزير الداخلية إلى جانب كبار المسؤولين القانونيين ومسؤولين كبار في سلطات إنفاذ القانون، بعد أن أصيب نحو 170 شخصا في اشتباكات استمرت لساعات يوم السبت في جنوب تل أبيب بين مؤيدي ومعارضي الحكومة الإريترية.
وتم نقل حوالي 15 شخصا إلى المستشفى في حالة خطيرة عقب الصدامات، وأصيب حوالي 50 شرطيا أثناء محاولتهم التصدي لأعمال الشغب.
وقال نتنياهو إن التهديد السابق الذي شكلته الهجرة غير الخاضعة للرقابة من إفريقيا تم صده من خلال بناء الجدار الحدودي الجنوبي.
وأردف قائلا إن “بناء السياج تطلب التغلب على اعتراضات المؤسسة الأمنية والخصوم السياسيين. لقد أوقفنا التسلل تماما، وأنا فخور بأن الحكومات تحت قيادتي فعلت ذلك”.
وقال نتنياهو إنه على الرغم من أن العديد من المهاجرين غادروا على مر السنين، إلا أن عشرات الآلاف ما زالوا موجودين. وأعرب عن أسفه لأن محكمة العدل العليا منعت “الاقتراحات” الحكومية المختلفة لتحفيز المهاجرين على المغادرة.
منعت المحكمة في الماضي حبس المهاجرين لفترات زمنية طويلة دون محاكمة، وأبطلت أيضا خطوة لإجبارهم على إيداع 20 بالمائة من رواتبهم في صندوق، مع الإفراج عن الأموال فقط عند مغادرتهم البلاد.
وقال نتنياهو “الشيء الوحيد الذي لم نقترحه، ومن الجيد أننا لم نفعل ذلك، هو خطة الأمم المتحدة”.
رئيس الوزراء كان يشير إلى خطة من عام 2018 صممها هو بنفسه، بالتعاون مع الأمم المتحدة وعدد من الدول الأوروبية، التي نصت على إعادة توطين نصف المهاجرين الأفارقة طالبي اللجوء في إسرائيل في خارج البلاد. بداية احتفى نتنياهو بالاتفاق باعتباره انجازا تاريخيا، لكنه قام بتعليق الخطوة في غضون ساعات وإلغائها تماما في وقت لاحق بعد تعرضه لانتقادات شديدة من اليمين لسماحه ببقاء بعض المهاجرين وحصولهم على وضع مؤقت في البلاد.
وقال نتنياهو يوم الأحد إن “خطة الأمم المتحدة كان من شأنها توفير الجنسية لـ 16 ألف متسلل غير قانوني وكانت ستخلق حافزا كبيرا لمئات الآلاف إن لم يكن الملايين من الأفارقة للتدفق مرة أخرى إلى إسرائيل، لذلك كانت [الخطة] حلا سيئا”.
وفي تصريحات أدلى بها في وقت لاحق يوم الأحد، قال إن خطة 2018 “كانت ستصبح كارثة، لو قبلناها”. تجدر الإشارة إلى أن الخطة لم تنص على منح الجنسية للمهاجرين، بل منحهم فقط وضع لاجئ رسمي.
وقال إن أعمال العنف التي وقعت يوم السبت “تجاوزت الخط الأحمر. لقد كانت أعمال شغب وإراقة دماء وهياج لا يمكننا قبولها”.
وأضاف نتنياهو أن الخطوة التي يأمل في اتخاذها قريبا هي ترحيل مؤيدي النظام الذين شاركوا في أعمال الشغب، “حوالي ألف”، على حد قوله.
وقال “لا يمكنهم بالطبع الادعاء بأنهم طالبو لجوء. إنهم يدعمون هذا النظام. إذا كانوا يدعمونه إلى هذا الحد، فيمكنهم بالتأكيد العودة إلى بلادهم الأصلية”.
بعد ظهر الأحد، قام بن غفير بزيارة جنوب تل أبيب، وقال للحاضرين إنه “سيتم التعامل” مع كل من كان متورطا في الاضطرابات في اليوم السابق.
لكن بعض السكان وجهوا للوزير اليميني المتطرف صيحات استهجان واتهموه بالفشل في الوفاء بوعوده الانتخابية بإعادة النظام إلى شوارع إسرائيل.
وقالت إحد المحتجين لبن غفير، الذي استُقبل بصيحات استهجان وهتافات مثل “عار” و”فشل”: “الآن تتذكر القدوم إلى هناك؟ أيها العنصري”، حسبما أفاد موقع “واينت” الإخباري.
ورد الوزير على إحدى المتظاهرات قائلا: “كم تتقاضين من الأجر؟ يبدو أن لديك أجندة يسارية”. وأضاف بن غفير أن أي شرطي أطلق النار “دفاعا عن النفس” خلال الفوضى التي وقعت يوم السبت سيحظى بدعمه الكامل.
وفي ليلة السبت، أعرب أعضاء في ائتلاف نتنياهو أيضا عن تأييدهم لعمليات الترحيل.
وقال وزير الثقافة ميكي زوهر في بيان إن “إسرائيل هي دولة قانون. أولئك الذين يقومون بأعمال شغب في الشوارع ويدمرون المتاجر ويعتدون على أفراد الشرطة يجب أن يعاقبوا بشدة وأن يتم ترحيلهم على الفور. ينبغي على كل من يقيم هنا أن يحترم قوانيننا”.
وكتب عضو الكنيست عن حزب “الليكود” نيسيم فاتوري على منصة X: “صباح الغد [ينبغي أن يكون هناك] طوابير من الحافلات لترحيلهم! لهذا السبب هناك حاجة إلى الإصلاح!!!”
وقال وزير المالية بتسلئيل سموتريش في بيان له إن “أعمال الشغب التي وقعت يوم السبت كانت مجرد عرض ترويجي لما ينتظرنا إذا لم نعيد المتسللين إلى أوطانهم. محكمة العدل العليا مسؤولة عن أعمال الشغب هذه. ولهذا السبب فإننا نقود تعديلات على النظام القانوني تسمح للمسؤولين المنتخبين باتخاذ القرارات وتنفيذها”.
وقال وزير العدل ياريف ليفين أيضا إن أعمال الشغب أثبتت سبب الحاجة إلى تشريع التعديلات القضائية التي يدفع بها الإئتلاف.
وجاء في بيان لليفين:“نحن نناضل من أجل أن تكون البلاد يهودية وديمقراطية، ومن أجل حق سكان جنوب تل أبيب وإيلات في العيش حياة آمنة، حتى لا يتحول جنوب تل أبيب إلى الغرب المتوحش”. مع الإشارة إلى قرارات المحكمة العليا السابقة التي منعت الحكومة من سجن طالبي اللجوء لفترات طويلة دون محاكمة.
قد قوبل طالبو اللجوء بنفور من قبل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، ويواجهون مستقبلا غامضا حيث لم تعترف الدولة بوضع اللاجئ إلا في عدد قليل من الحالات، وقادت الجهود المستمرة لجعل الحياة صعبة بالنسبة لهم أو لترحيلهم على الفور.
كثيرا ما يستشهد مؤيدو الإصلاح القضائي للحكومة بهذه القضية كمثال على تجاوزات المحكمة في تحد للإرادة العامة، في حين يستشهد معارضو الإصلاح بنفس القرارات التي تثبت الدور الرئيسي للمحكمة في حماية حقوق الإنسان.
ويقول أنصار التعديلات القضائية إن المهاجرين هم سبب رئيسي وراء ضرورة المضي قدما في الخطة.
وكتب زعيم المعارضة يائير لبيد على منصة X يوم السبت: “وعدت هذه الحكومة بمعالجة أزمة الهجرة. وكالعادة معهم، ازداد الوضع سوءا وسادت الفوضى. لقد تعاملنا مع الأمر بهدوء، دون تصريحات رنانة، مدركين مدى تعقيد القضية”.
اندلعت أعمال الشغب يوم السبت وسط مظاهرة ضد حدث رسمي للحكومة الإريترية – بمناسبة الذكرى الثلاثين لصعود الرئيس الاوتوقراطي أسياس أفورقي إلى السلطة. وصل معارضو النظام، الذين ارتدوا الزي الأزرق، إلى مكان الحدث للتظاهر ضد المؤيدين الذين ارتدوا اللون الأحمر. وسرعان ما تحولت المسيرات إلى أعمال عنف استمرت لعدة ساعات.
وقال حاييم بوبليل، قائد الشرطة في منطقة ياركون، إن أعمال العنف تمثل “انتهاكا لجميع الأعراف التي نسمح بها. وقد خلق ذلك وضعا اضطررنا فيه إلى استخدام وسائل شديدة، بما في ذلك استخدام أفراد الشرطة للذخيرة الحية”.