تنصيب إستر حايوت رئيسة للمحكمة العليا في خضم المحاولات لفرض قيود على الجهاز القضائي
الرئيسة الجديدة للمحكمة العليا تقول إنها تأمل ب’حماية’ النظام القضائي؛ ميريام ناؤور المنتهية ولايتها تحذر ’لا ينبغي أن يكون استقلال القضاء أمرا مفروغا منه’

متعهدة ب”حماية” الجهاز القضائي من محاولات سياسيين لإضعافه، أدت إستر حايوت اليمين القانونية يوم الخميس لتصبح كبيرة القضاة الجديدة في محكمة العدل العليا، لتحل محل ميريام ناؤور في طقوس رسمية في مقر إقامة رئيس الدولة في القدس.
وسط الجدل العام المستمر حول دور محكمة العدل العليا الدستورية في النظام السياسي الإسرائيلي، اجتمعت القيادتان القضائية والسياسية لتنصيب حايوت على رأس السلطة القضائية، بعد ساعات فقط من إلقاء من سبقتها في المنصب خطابا مؤثرا دافعت فيه عن الإستقلال القضائي خلال مراسم خروجها للتقاعد.
متحدثة أمام جمهور شمل رئيس الدولة رؤوفين ريفلين ورئيس الوزراء بينيامين نتنياهو، ووزيرة العدل أييليت شاكيد، والنائب العام أفيحاي ماندلبليت، قالت حايوت إن الفضل في استمرار إسرائيل بالوجود يعود إلى سيادة القانون، التي إذا تم تطبيقها بالشكل الصحيح “تعمل كغراء يبقي على أمتنا متحدة”.
وقالت “أصّلي إلى عدم انهيار الجهاز القضائي” تحت الضغط الذي يتم وضعه عليه من خلال المحاولات “للحد من سلطة المحكمة العليا”، على عد تعبيرها.
حايوت، الابنة لناجيين من المحرقة، وُلدت في “معبرا”، أو مخيمات مؤقتة للمهاجرين، في هرتسليا.
وبدأت مسيرتها في القانون كمتدربة في مكتب المحاماة التابع لحاييم تسادوك، الذي كان وزيرا للعدل، حيث أصبحت بعد ذلك شريكة بين العامين 1977 و 1985. بعد أن تركت المكتب، افتتحت حايوت مكتب محاماة مشترك مع زوجها، المحامي دافيد حايوت، تخصص في القانون التجاري وقانون الضرر.

وتشغل حايوت منصب قاضية منذ 27 عاما، بعد أن تم تعيينها قاضية في محكمة الصلح في تل أبيب في عام 1990 قبل أن تصبح قاضية في المحكمة المركزية في المدينة. وتم تسليمها مطرقة القاضي في المحكمة العليا في عام 2003، لتصبح واحدة من القضاة ال15 في المحكمة منذ ذلك الحين.
ومن المتوقع أن تقود المحكمة حتى تقاعدها الإلزامي في سن 70 في عام 2023، لتكون السيدة الثالثة فقط التي شغلت منصب القضائي الأرفع في إسرائيل.

تغيير القيادات في الجهاز القضائي يأتي في الوقت الذي يكثف فيه سياسيون من اليمين من محاولاتهم لفرض قيود على صلاحية المحاكم، وبعد أيام من خطاب ناري ألقاه رئيس الدولة قال فيه إن محاولات الحكومة تقويض النظام القضائي ترتقي إلى “إنقلاب” ضد ركائز الديمقراطية الإسرائيلية.
في الأسبوع الماضي، تعهد وزير التربية والتعليم نفتالي بينيت بالدفع بقانون أساس دستوري يهدف إلى فرض قيود على المحكمة العليا، متهما القضاة بتجاوز صلاحياتهم في رفض تشريعات للكنيست في سلسلة من الأحكام الأخيرة.
وقالت حايوت “أود أن أعرب عن أملي بأن نتمكن أنا ووزيرة العدل من التعاون والعمل معا باحترام متبادل من أجل الجهاز القضائي ولحماية مكانته”، في إشارة منها إلى شاكيد، التي دخلت في صدام علني مع ناؤور حول نطاق اختصاص المحكمة.
في وقت سابق الخميس، خلال حفل وداع لها، حضت ناؤور خليفتها على حماية الطابع الديمقراطي لدولة إسرائيل والحفاظ على استقلال قضائها.
وقال القاضية البالغة من العمر 70 عاما بعينين دامعتين في خطاب ينهي مسيرتها القضائية التي استمرت لمدة 38 عاما “حتى اليوم، مع مرور عشرات السنوات وخدمتي في جميع المحاكم، أشعر بالإمتنان لأن طريقي قادني إلى أن أكون قاضية”.
وقالت ناؤور “يمكن لدولة إسرائيل أن تفخر باستقلال جهازها القضائي، الذي لا يخشى شيئا سوى القانون”، وأضافت “مع ذلك، لا ينبغي أن يكون استقلال القضاء أمرا مفروغا منه. علينا حمايته”.

وتم انتخاب ناؤور للمحكمة العليا في عام 2003، وفي عام 2015 تم تعيينها رئيسة للمحكمة.
شاكيد، التي كان آخر صداماتها العلنية مع ناؤور بعد رفض الأخيرة المشاركة في احتفال اليوبيل للمستوطنات – قالت لرئيسة المحكمة العليا المنتهية ولايتها بأنها اعتبرتها دائما “كصديقة”.
وقالت شاكيد “ليس سرا أنه كانت لدينا بعض الخلافات”، وأضافت “لكننا عرفنا كيفية تجاوزها بطريقة مثمرة ومحترمة من أجل الشعب ودولة إسرائيل”.
متحدثة في مراسم تنصيب حايوت، قالت شاكيد إن هناك حاجة لتشريع “يضع حدودا” للمحكمة العليا، مضيفة أنها واثقة من أن الرئيسة الجديدة للمحكمة ستكون قادرة على أن تقود السفنية إلى “مكان أفضل”.

وكثيرا ما تثير المحكمة العليا حفيظة السياسيين في اليمين والأحزاب المتدينة من خلال تتبعها نهجا تدخليا بدأ به القاضي أهرون باراك، رئيس المحكمة بين 1995-2006. باراك قام بتوسيع نطاق القضايا التي تعاملت معها المحكمة، حيث اعتبر الحاجة إلى حماية حقوق الأفراد ضد أذرع القانون الأخرى ومراقبة الحكومة مفتاحا أساسيا في عمل المحكمة.
في حين أن المشرعين من اليمين يتهمون القضاة بالفعالية القضائية، يقول المدافعون عن المحكمة إن صلاحياتها تطورت لملء فراغ تركته الكنيست التي لم تنجح في حل مسائل رئيسية في القانون والمجتمع والتي تتجنب عادة اتخاذ قرارات تتعلق بالحرية الدينية والحريات المدنية وحقوق الفلسطينيين.
موجها كلامه لممثلي المحكمة والمشرعين ووزراء الحكومة الحاضرين في الحفل، حثهم ريفلين على “إصلاح ذات البين” في العلاقات المتوترة بين السلطتين القضائية والتشريعية.
وقال ريفلين إن “الخلافات في الأشهر القليلة الماضية شكلت اختبار لنا. أمامكم فرصة نادرة للعمل معا لتنظيم العلاقات بين السلطات وترسيخها في تشريع”، وأضاف “أنا أؤمن حقا أن في وسعكم التوصل إلى تنظيم مناسب من خلال اتفاق يتم التوصل إليه. إنها الطريقة الوحيدة التي يمكننا من خلالها خدمة الجمهور – من خلال تعزيز الثقة بمؤسساتنا؛ وتعزيز نظامي الحكم والقضاء”.

وأضاف “إنني واثق تماما من أنه من خلال جهودكم المشتركة، بإمكاننا إصلاح ذات البين والوصول إلى حل مناسب بالاستناد على اتفاق وتعاون تاميّن عبر بناء جسور وتسوية”.
يوم الإثنين، دافع رئيس الدولة عن المحكمة العليا في خطاب مثير للجدل في الجلسة الافتتاحية للدورة الشتوية للكنيست، منتقدا بحدة محاولات الحكومة تقويض المحكمة في ما وصفها بأنها محاولات قد ترتقي إلى “انقلاب” ضد الديمقراطية.
واتهم ريفلين القيادة السياسية بإضعاف مؤسسات الدولة من خلال مهاجمتها من أجل تحقيق مكاسب سياسية ضيقة، مثيرا انتقادات من حزب “الليكود” الحاكم.
في كلمته يوم الخميس، ألقى نتنياهو خطابا فيه توبيخ ضمني لريفلين، أشاد فيه بالنقاش المشحون حول صلاحيات المحكمة ودورها في إسرائيل، معتبرا ذلك دليلا على قوة الديمقراطية الإسرائيلية.

وقال نتنياهو إن “الجهاز القضائي الإسرائيلي معروف حول العالم لجودة قضاته واستقلاليته وحقيقة أنه يمثل القيم العليا للألفية، التي وجدت لها مرة أخرى أرضا خصبة في الديمقراطية الإسرائيلية”.
وحذر نتنياهو من الإعتقاد بأن التوترات بين المشرعين والمحكمة في السنوات الأخيرة هي علامة على إضعاف الديمقراطية.
وقال “هذا توتر طبيعي وصحي بين فروع الحكومة”، مشيرا إلى الصدامات بين المحاكم والسلطات التشريعية في ألمانيا والولايات المتحدة وبريطانيا وبلدان أخرى. “هذا النقاش حول الحدود الذي يمر بين فروع [الحكومة] ليس نهاية للديمقراطية، إنه جوهر الديمقراطية”.
مختتما كلامه، أضاف نتنياهو، “هذه الحدود يجب أن تتغير مع الوقت. ولكن ما لا يتغير هو الحاجة إلى محكمة قوية ومستقلة وصادقة”.
ساهم في هذا التقرير طاقم تايمز أوف إسرائيل.