تقرير: معاداة السامية في تصاعد مما يثير مخاوف بشأن مستقبل “الحياة اليهودية” في الغرب
الولايات المتحدة شهدت زيادة بنسبة 103٪ في الحوادث التي غذتها حرب غزة، حسبما يظهر تقرير عالمي لعام 2023، في حين تبرز فرنسا مع ارتفاع الحالات فيها بما يقرب من أربعة أضعاف
في عام 2023، سجلت فرنسا أعلى زيادة في الحوادث المعادية للسامية المسجلة في أي دولة ذات إحصاءات موثوقة، وفقا للبيانات الصادرة في تقرير جديد حذر من أن الاتجاهات الحالية يمكن أن تهدد “القدرة على عيش حياة يهودية في الغرب”.
وأظهر تقرير نشرته رابطة مكافحة التشهير وجامعة تل أبيب يوم الأحد أن الحوادث في فرنسا تضاعفت أربع مرات تقريبا، من 436 في عام 2022 إلى 1676 في العام الماضي. كما سلط التقرير الضوء على معاداة السامية في الجامعات الأمريكية، والتي وصفها رئيس رابطة مكافحة التشهير بأنها الجانب “الأكثر إثارة للقلق” في تصاعد كراهية اليهود في الولايات المتحدة.
من بين الحوادث المعادية للسامية التي وقعت العام الماضي في فرنسا، أظهرت الحصيلة أن 74٪ منها حدثت بعد 7 أكتوبر، عندما قتل مسلحو حماس حوالي 1200 شخص في إسرائيل واختطفوا 253 آخرين، مما دفع إسرائيل إلى شن حملة عسكرية مستمرة في غزة وأدى إلى مناوشات يومية مع حزب الله على طول الحدود مع لبنان.
وفي الولايات المتحدة، ارتفع العدد إلى أكثر من الضعف، من 3697 حادثة في عام 2022 إلى 7523 حادثة في العام الماضي، مع وقوع 52٪ من إجمالي حوادث 2023 بعد السابع من أكتوبر. وفي كندا، كانت الزيادة من 65 إلى 132؛ وفي بريطانيا من 1662 إلى 4103؛ وفي ألمانيا من 2639 إلى 3614، وفي إيطاليا من 241 إلى 454.
وعلى أساس حادثة لكل فرد، كان اليهود الفرنسيون، الذين يبلغ عددهم وفقا للتقرير حوالي 440 ألفا، أكثر عرضة بثلاث مرات للتعرض لهجوم معاد للسامية من اليهود في الولايات المتحدة، الذين يقدر التقرير عددهم بـ 6 ملايين نسمة.
وكتب واضعو الفصل الأمريكي في التقرير، الذي يحمل عنوان “تقرير معاداة السامية في العالم لعام 2023”: “بالنسبة لأولئك الذين تخدم وجهات نظرهم غرضا أيديولوجيا ونفعيا معاديا لليهود ومعاديا للصهيونية، كان 7 أكتوبر فرصة ذهبية لتعزيز وجهات نظرهم الهامشية البغيضة والعنصرية في الخطاب المحافظ السائد، واستخدامها لمهاجمة الخصوم، وتعبئة المؤيدين وجذب أتباع جدد”.
وأجرى واضعو الفصل المتعلق بفرنسا مقابلة مع جوناس جاكلين، وهو حاخام كنيس شارع كوبرنيك، وهو أول كنيس إصلاحي في فرنسا. وجاء في التقرير أن جاكلين لا يرتدي القلنسوة اليهودية في الشارع، ويرجع ذلك جزئيا إلى أنه نشأ على عدم القيام بذلك لأنه لا يريد إثارة هجمات معادية للسامية.
وكتب البروفيسور أوريا شافيت، رئيس المركز لدراسة يهود أوروبا المعاصرين ومعهد إيروين كولر، في بيان صحفي، “ومع ذلك، إذا استمرت الاتجاهات الحالية، فسوف يسدل الستار على القدرة على عيش حياة يهودية في الغرب – مثل ارتداء نجمة داوود، أو حضور المعابد والمراكز المجتمعية اليهودية، أو إرسال الأطفال إلى المدارس اليهودية، أو حضور النادي اليهودي في الحرم الجامعي، أو تحدث اللغة العبرية”.
يحتوي التقرير المكون من 148 صفحة على مقالة مخصصة لمعاداة السامية في الجامعات الأمريكية، حيث سجلت رابطة مكافحة التشهير 913 حادثة في عام 2023، أو 12٪ من العدد السنوي للبلد بأكمله.
كتبت مؤلفة هذا المقال، الدكتورة سارة يائيل هيرشهورن “يبدو اليوم أن جذور معاداة السامية قد ترسخت في المؤسسات الأكاديمية”.
في الجامعات في جميع أنحاء الولايات المتحدة، نظم الطلاب المناهضون لإسرائيل والمؤيدون للفلسطينيين مظاهرات شملت احتلال مباني الحرم الجامعي وغير ذلك من الاضطرابات، مما أدى إلى اشتباكات مع الشرطة، التي اعتقلت المئات من الطلاب المتظاهرين. ولقد انتهت مواجهة في جامعة كولومبيا في مدينة نيويورك بين الشرطة والطلاب الذين احتلوا الحرم الجامعي باعتقالات جديدة الأسبوع الماضي.
وأضافت هيرشهورن “تعرض الطلاب اليهود والمؤيدون لإسرائيل لاعتداءات جسدية، ومضايقات لفظية، وتنمر إلكتروني، وجُعلوا بشكل عام يشعرون بعدم الأمان في الحرم الجامعي، في حين تعرضت منازل الأخويات اليهودية، وبيوت هيلل وحباد، وحتى غرف النوم المشتركة للتخريب”.
ويشير تقرير رابطة مكافحة التشهير إلى أن ما يقرب من 75٪ من طلاب الجامعات الأمريكية قالوا إنهم عانوا أو شهدوا شكلا من أشكال معاداة السامية منذ بداية العام الدراسي.
وكتبت هيرشهورن “حدث كل هذا في ظل صمت القيادات الأكاديمية، وخاصة في جامعات النخبة الأمريكية”. وربطت هذا الواقع، كما وصفته، بالدراسات والخطابات العرقية التي تشوه سمعة اليهود وإسرائيل باعتبارها استعمارية أو قمعية؛ وأطر التنوع والمساواة والشمول السائدة التي تفشل في اخذ معاداة السامية في الاعتبار؛ والتمويل القطري وغيره من الشرق الأوسط.
وأضافت “بسبب انتماءاتهم، فإن الجامعات التي ترعاها الأنظمة الاستبدادية والمعادية للصهيونية تكون أحيانا شريكة صامتة في انتهاكات حقوق الإنسان المتفشية والأجندات غير الليبرالية”.
وفي مقالته في التقرير، وصف جوناثان غرينبلات، الرئيس التنفيذي لرابطة مكافحة التشهير، انتشار معاداة السامية في الجامعات الأمريكية بأنه الجانب “الأكثر إثارة للقلق” في موجة كراهية اليهود على مستوى الولايات المتحدة بعد 7 أكتوبر.
وكتب غرينبلات “لقد رأينا حالات تحصن فيها الطلاب اليهود في إحدى المكتبات بسبب وجود حشد من الغوغاء المؤيدين للفلسطينيين في الخارج. لقد سمعنا قصصا عن طلاب يخشون عبور حرمهم الجامعي ليلا خوفا من التعرض للهجوم، أو حضور عشاء السبت في [فروع منظمة] هيلل مع حراس مسلحين متمركزين على الأبواب”.
وأضاف أن هذه الأحداث وغيرها في الجامعات الأمريكية تعني أن “المجتمع اليهودي يواجه أزمة لم يسبق لها مثيل منذ أجيال”.