تقرير للأونروا: إسرائيل أجبرت بعض موظفي الوكالة على الاعتراف كذبا بوجود صلة مع حماس
الوثيقة المكونة من 11 صفحة تقول إن الموظفين المحتجزين تعرضوا للتعذيب على يد الجيش لإجبارهم على الاعتراف باتهامات كاذبة، على الرغم من أن الوكالة لا تقدم أدلة أو نصوص المقابلات مع السجناء المفرج عنهم
قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (الأونروا) إن بعض موظفي الوكالة الذين أطلق سراحهم من السجون الإسرائيلية في غزة أفادوا بأنهم تعرضوا لضغوط من السلطات الإسرائيلية ليصرحوا كذبا بأن الوكالة لها صلات بحماس وأن موظفين شاركوا في هجمات السابع من أكتوبر.
وردت هذه الاتهامات في تقرير للأونروا بتاريخ فبراير شباط 2024 اطلعت عليه رويترز ويتضمن روايات لفلسطينيين بينهم موظفون بالأونروا عن تعرضهم لمعاملة سيئة في السجون الإسرائيلية.
ولم يتسن لرويترز التأكد بشكل مستقل من روايات الإكراه الذي تعرض له موظفو الأونروا وسوء معاملة المعتقلين، إلا أن مزاعم سوء المعاملة تتفق مع بعض الأوصاف التي ذكرها الفلسطينيون المفرج عنهم من الاحتجاز الإسرائيلي في ديسمبر وفبراير ومارس والتي نقلتها رويترز ووسائل إعلام أخرى.
ورفضت الأونروا طلبا من رويترز للاطلاع على نصوص المقابلات التي أجرتها والتي تحتوي على اتهامات بالإدلاء باعترافات كاذبة بالإكراه.
وقال الجيش الإسرائيلي إن أي سوء معاملة “محظور تماما”، ونفى جميع مزاعم الاعتداء الجنسي، وقال إنه يحقق في أي شكاوى تتعلق بسلوك غير لائق، وفقا لتقرير سابق عن مزاعم الأونروا.
الأونروا، وهي هيئة تابعة للأمم المتحدة تقدم خدمات الرعاية الاجتماعية والإنسانية للاجئين الفلسطينيين من حربي 1948 و1967 وأحفادهم، هي نفسها موضع تحقيق حاليا بعد أن اتهمت إسرائيل عددا من العاملين فيها بالمشاركة في هجوم حماس في 7 أكتوبر على جنوب إسرائيل، والذي أدى إلى مقتل حوالي 1200 شخص واحتجاز 253 آخرين كرهائن.
في وقت سابق من الأسبوع الماضي، نشر الجيش الإسرائيلي تسجيلات صوتية يقول إنها تجرم عامليّن آخريّن في الأونروا يزعم أنهما شاركا في الهجوم الذي قادته حماس في 7 أكتوبر – ليصل عدد عاملي الوكالة الذين تتهمهم القدس بالمشاركة الفعلية في الهجمات إلى 14.
وبالإمكان سماع ممدوح القلعي، وهو ناشط في حركة الجهاد الإسلامي يقول الجيش الإسرائيلي أنه عمل مدرسا في إحدى مدارس الأونروا، وهو يقول في تسجيل “أنا في الداخل، أنا في الداخل مع اليهود”.
في تسجيل آخر، بالإمكان سماع مدرس وهو يتفاخر باختطاف رهائن إسرائيليين.
ويقول يوسف الهواجرة، وهو ناشط في حركة حماس عمل مدرسا في مدرسة للأنروا في دير البلح: “لدينا رهائن من النساء، لقد أسرت إحداهن!”
وقال الجيش إن معلوماته الاستخبارية تظهر أن حوالي 450 ناشطا في الفصائل الفلسطينية في غزة، معظمهم من أعضاء حماس، يعملون أيضا لدى الأونروا.
ونتيجة للاتهامات الإسرائيلية، قامت دول عدة، بما في ذلك الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا، بتجميد تمويل المنظمة. ومن المتوقع أن يتم نشر نتائج التحقيق في أواخر أبريل، وفقا لتحديث يوم الخميس.
كما زعم بعض الرهائن الذين تم احتجازهم في 7 أكتوبر، والذين أطلق سراحهم من غزة خلال هدنة استمرت أسبوعا في نوفمبر، أنه تم احتجازهم في منازل لعاملين في الأونروا. بالإضافة إلى ذلك، طوال الحرب، كشف الجيش عن حالات تم فيها استخدام المنظمة كغطاء لحماس.
على سبيل المثال، كشف الجيش في فبراير أن حماس قامت بإخفاء مركز بيانات كبير تحت الأرض مباشرة تحت مبنى المقر الرئيسي للأونروا في مدينة غزة. وتم العثور على مدخل للمعقل تحت مدرسة قريبة تابعة للأونروا. وزعمت وكالة الأمم المتحدة إنها لم تكن على دراية بالأمر.
وقالت مديرة الاتصالات في الأونروا جوليت توما إن الوكالة تعتزم تسليم المعلومات الواردة في التقرير غير المنشور المؤلف من 11 صفحة إلى وكالات داخل وخارج الأمم المتحدة متخصصة في توثيق الانتهاكات المحتملة لحقوق الإنسان.
وأضافت: “عندما تنتهي الحرب، يجب أن تكون هناك سلسلة من التحقيقات للنظر في جميع انتهاكات حقوق الإنسان”.
وجاء في التقرير أن الجيش الإسرائيلي اعتقل العديد من موظفي الأونروا الفلسطينيين وأن سوء المعاملة والانتهاكات التي قالوا إنهم تعرضوا لها شملت الضرب الجسدي المبرح والإيهام بالغرق والتهديدات بإيذاء أفراد الأسرة.
وجاء في التقرير أيضا “أن موظفي الوكالة تعرضوا للتهديدات والإكراه من قبل السلطات الإسرائيلية أثناء احتجازهم، وتم الضغط عليهم للإدلاء بأقوال كاذبة ضد الوكالة، منها أن الوكالة لها صلات بحركة حماس وأن موظفي الأونروا شاركوا في هجمات 7 أكتوبر 2023”.
عمليات الأونروا في أزمة
وجدت الأونروا، التي تقدم المساعدات والخدمات الأساسية للاجئين الفلسطينيين، نفسها في قلب أزمة بسبب الادعاءات الإسرائيلية.
ودفعت الاتهامات الإسرائيلية 16 دولة من بينها الولايات المتحدة إلى وقف تمويل للأونروا بقيمة 450 مليون دولار، مما أدى إلى أزمة في عملياتها. قامت الأونروا بإقالة عدد من موظفيها، بدعوى أنها تصرفت لحماية قدرة الوكالة على تقديم المساعدة الإنسانية، وتم فتح تحقيق داخلي مستقل للأمم المتحدة.
وقالت النرويج، التي واصلت تمويل الوكالة، في 6 مارس، إن العديد من الدول التي أوقفت تمويلها مؤقتا من المحتمل أن تعيد التفكير في الخطوة وقد تستأنف تمويلها قريبا. منذ ذلك الحين، أعلنت كندا والسويد إستئناف تمويل الوكالة.
وردا على سؤال من رويترز للتعليق على مجموعة من الادعاءات الواردة في تقرير الأونروا الذي اطلعت عليه رويترز، لم يرد متحدث باسم الجيش الإسرائيلي بشكل محدد على مزاعم تعرض موظفي الأونروا للإكراه، لكنه قال إن الجيش يتصرف وفقا للقانون الإسرائيلي والدولي لحماية حقوق المعتقلين.
وقال المتحدث إنه يتم إحالة الشكاوى الملموسة بشأن السلوك غير اللائق إلى السلطات المختصة لمراجعتها، ويتم إجراء تحقيق في كل حالة وفاة لمعتقل من قبل الشرطة العسكرية، مضيفا أن إسرائيل تنفي مزاعم عامة وغير مدعومة بأدلة حول حدوث اعتداءات جنسية على المعتقلين.
وقال المتحدث إن المعتقلين المفرج عنهم يخضعون لسيطرة حماس ويمكن إجبارهم على التنديد بإسرائيل أو المخاطرة بالتعرض “للأذى”.
وردا على هذا التأكيد بشأن مصداقية المعتقلين، قالت توما إن التقرير يستند إلى “شهادات مباشرة أخبرنا بها الناس”. وفي بعض الحالات، كانت هناك بعض الآثار الجسدية بشكل واضح على أجسادهم، وأيضا التأثير النفسي. وهذا ما تم توثيقه أيضا.”
تقدم الأونروا خدمات التعليم والصحة والإغاثة لحوالي 5.7 مليون لاجئ فلسطيني مسجل في جميع أنحاء الشرق الأوسط. وكانت الولايات المتحدة حتى الآن أكبر مانح لميزانيتها السنوية البالغة 1.4 مليار دولار.
التحقيق
وسط هذه الاتهامات وتقديم الأدلة التي وصفتها الولايات المتحدة بأنها “ذات مصداقية عالية”، حذر المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني من “حملة متعمدة ومنسقة” تهدف إلى إنهاء عمل الوكالة، مستشهدا بتصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وتدمير البنية التحتية للوكالة في غزة.
ردا على سؤال حول الاتهامات الإسرائيلية الأخيرة، قالت توما إن الأونروا تشجع أي كيان لديه معلومات بشأن المزاعم ضد عاملي الوكالة على مشاركة هذه المعلومات مع التحقيق، الذي تجريه هيئة رقابية تابعة للأمم المتحدة.
وقالت توما لرويترز إن الوثيقة استندت إلى مقابلات أجرتها الوكالة مع عشرات الفلسطينيين المفرج عنهم من السجون الإسرائيلية والذين قدمت لهم الأونروا المساعدة.
وقالت إنها لا تستطيع تقديم رقم أكثر تفصيلا ولا تعرف عدد المعتقلين الذين أدلوا بهذه المزاعم بشأن الانتهاكات أو أُجبروا على القول بأن الأونروا لها صلات بحماس.
ويركز التقرير على المعتقلين الذين تم إخراجهم من غزة لفترات استجواب طويلة قبل إعادتهم إلى غزة عبر معبر كيرم شالوم (كرم أبو سالم) في الفترة من ديسمبر إلى فبراير.
إسرائيل تسعى إلى إغلاق الأونروا
ذكر التقرير إن الأونروا وثقت إطلاق سراح 1002 معتقل عبر كيرم شالوم تتراوح أعمارهم بين 6-82 عاما حتى 19 فبراير.
اندلعت الحرب بعد أن اقتحم مسلحون بقيادة حماس إسرائيل جوا وبرا وبحرا، مما أسفر عن مقتل حوالي 1200 شخص واختطاف 253 آخرين.
وتعهدت إسرائيل بتدمير حماس، وردت بحملة عسكرية برية وجوية واسعة قالت وزارة الصحة في غزة إنها قتلت ما لا يقل عن 30,878 فلسطينيا، معظمهم من النساء والأطفال. ولا يمكن التحقق من هذه الأرقام بشكل مستقل، ويُعتقد أنها تشمل المدنيين ومقاتلي حماس الذين قُتلوا في غزة، بما في ذلك نتيجة لخطأ في إطلاق الصواريخ من قبل الجماعات المسلحة. ويقول الجيش الإسرائيلي إنه قتل أكثر من 13 ألف مسلح في غزة، بالإضافة إلى حوالي 1000 آخرين داخل إسرائيل في 7 أكتوبر.
أدانت الأونروا هجمات 7 أكتوبر، قائلة إن الادعاءات الإسرائيلية ضد الوكالة – إذا كانت صحيحة – تمثل خيانة لقيم الأمم المتحدة وللأشخاص الذين تخدمهم الأونروا.
وقال محققو الأمم المتحدة في 29 فبراير إنهم يتوقعون تلقي مواد من إسرائيل قريبا تتعلق باتهاماتها بشأن وجود ناشطين في حماس بين موظفي الأونروا.
وتقول إسرائيل إنه ينبغي إغلاق الأونروا.
وأجرت رويترز مقابلات في السابق مع فلسطينيين اعتقلتهم إسرائيل خلال الصراع وأفادوا بتعرضهم لسوء المعاملة، من بينهم ثلاثة رجال قالوا إنهم وزملائهم المعتقلين تعرضوا للضرب، وجردوا من ملابسهم فيما عدا ملابسهم الداخلية وتم إطفاء سجائر على أجسادهم.
ولم تتضمن نسخة التقرير التي اطلعت عليها رويترز أي صور أو تحدد هوية أي من المعتقلين بالاسم.