تقرير: رسائل بن غفير تظهر أنه تآمر مع مساعديه للتحكم بجهاز الشرطة
تم الكشف عن مراسلات مسربة للوزير مع مستشارين متطرفين وزوجته خلال السنة الأولى من توليه منصبه، في حين تسعى المستشارة القضائية إلى إقالته بسبب تدخله غير اللائق في سلطات إنفاذ القانون
كشف تقرير استقصائي إن عشرة أشهر من المراسلات بين إيتمار بن غفير ومجموعة من المستشارين، بما في ذلك زوجته ومستوطنان متطرفان مرتبطان بالعنف ضد الفلسطينيين، أظهرت أن وزير الأمن القومي يخطط للتدخل بشكل غير قانوني في عمل الشرطة.
وأظهر تقرير القناة 13 الذي تم بثه هذا الأسبوع أن بن غفير المهووس بصورته أشار إلى قاعدته الانتخابية كمبرر للتدخل في عمليات الشرطة وأفرادها، وأمر بعمليات ضد الفلسطينيين في القدس الشرقية، ودعا إلى حملة عنيفة ضد الاحتجاجات المناهضة للحكومة، وقام بجولات تحريضية إلى الحرم القدسي.
وأظهر التقرير أيضا أنه على الرغم من تصريحاته على العكس من ذلك، فلم يدعُ بن غفير إلى تدمير حماس قبل الحرب في غزة، والتي اندلعت في أعقاب هجوم الحركة في 7 أكتوبر 2023، والذي أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص واحتجاز 251 رهينة.
وقالت القناة 13 أن التقرير استند إلى آلاف الرسائل النصية والصوتية المسربة من مجموعة دردشة على تطبيق واتساب تسمى “استراتيجية حكومة”. ودارت العديد من الرسائل حول تخطيط بن غفير مع مستشاريه لإصدار بيانات صحفية.
وقد قدم بن غفير يوم الأحد التماسا إلى المحكمة العليا لمنع بث التقرير، قائلا إنه ينتهك خصوصيته، لكن القضاة رفضوا طلبه.
وجاء التقرير في الوقت الذي ورد فيه أن المستشارة القضائية غالي بهاراف ميارا تستعد لإصدار أمر لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بإقالة بن غفير بسبب تدخله المتكرر في عمليات الشرطة بطريقة حظرتها المحكمة.
وفيما يلي بعض النقاط البارزة من التقرير:
دائرة داخلية مشكوك فيها
كانت المحادثات في مجموعة “استراتيجية حكومة” تدور حول صورة بن غفير العامة. وبمساعدة دائرة ضيقة من المساعدين، صاغ الوزير فيها بيانات صحفية، وخطط لتسريبات، وناقش التغطية الإعلامية العدائية له، وناقش كيف يمكن لتصريحاته أن تلقى صدى لدى قاعدته الانتخابية.
وشمل المساعدون زوجة الوزير أيالا بن غفير؛ وإيتمار ساسوفر الذي كان حينها يؤدي الخدمة العسكرية كجندي في وحدة المتحدث باسم الجيش؛ ومستشار يحمل اسم مستعار يُدعى “عوفر كوهين”، والذي قالت القناة 13 أنه الصحفي الحريدي موشيه غلاسنر، والذي نفى التقرير وهدد بمقاضاة القناة؛ والناشط اليميني المتطرف بنتسي غوبشتين، زعيم جماعة “ليهافا” العنيفة المناهضة للاختلاط بين اليهود والعرب؛ وحنامئيل دورفمان، رئيس ديوان بن غفير والعريس في “حفل زفاف السكاكين” سيئ السمعة من عام 2015، حيث طعن المحتفلون صورة علي دوابشة البالغ من العمر 18 شهرا، والذي قُتل قبل أسبوع في هجوم حرق متعمد ارتكبه صديق دورفمان عميرام بن أوليئيل.
كما ذكر التقرير إيلي فيلدشتاين، المتحدث السابق باسم بن غفير والذي يعمل الآن مساعدا لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، والمشتبه به في سرقة معلومات استخباراتية من الجيش وتسريبها إلى وسائل الإعلام الأجنبية بشكل يدعم مزاعم رئيس الوزراء ضد صفقة الرهائن.
ابتزاز الشرطة
عندما تدهورت شعبيته في ظل موجة من الهجمات، اختار بن غفير ملاحقة المتظاهرين المناهضين للحكومة، الذين أبدى القليل من الاهتمام بهم حتى تلك اللحظة، حسب التقرير.
وكان المتظاهرين يحتجون أسبوعيا في تل أبيب منذ بداية عام 2023، عندما قدمت الحكومة الحديثة آنذاك خطتها لإضعاف القضاء.
وأظهرت رسالة نصية كتبها بن غفير في تلك الفترة إحباطه من رفض الشرطة استخدام “مدافع المياه والضباط الخيالة ضد اليسار الخطير”.
كما شعر الوزير بأنه يجب عليه “افتعال شجار” مع قائد شرطة تل أبيب في ذلك الوقت عامي إيشيد، لأنه كان متساهلا للغاية مع المحتجين حسب رأيه. ووفقا لتقرير منفصل في صحيفة “هآرتس”، خطط دورفمان وأيالا زوجة بن غفير لطرد إيشيد، الذي استقال في نهاية المطاف في يوليو من ذلك العام.
وأظهرت المراسلات التي استشهدت بها القناة 13 أن بن غفير تآمر مع مفوض الشرطة آنذاك كوبي شبتاي – عبر سائق شبتاي، الذي يشار إليه فقط باسم ميكي – لإقالة إيشيد. ووافق بن غفير في المقابل على إصدار بيان يشيد بسلوك شبتاي في مواجهة الاحتجاجات، وفقًا للرسائل التي نقلتها الشبكة.
وفي وقت لاحق، اشتبه بن غفير في أن شبتاي سرب رواية تسيء لصورته، فسرب تسجيلا محرجا لشبتاي وهو يهين العرب، وفقا لمراسلات في المجموعة، والتي أظهرت أيضا أن دائرة بن غفير الداخلية كانت راضية عن أن التسريب نجح في كبح جماح شبتاي.
علاقة متوترة مع نتنياهو
بحسب المراسلات التي استشهد بها التقرير، خططت دائرة بن غفير الداخلية لجولة إلى الحرم القدسي من أجل الإظهار لنتنياهو أن بن غفير “سيتصرف بجنون” إذا تم هدم بؤر استيطانية إسرائيلية غير قانونية في الضفة الغربية.
وأظهرت الرسائل أن نتنياهو حاول بعد ذلك الاتصال ببن غفير، الذي لم يرد على مكالمته، في منافسة قوة خطط لها مع مستشاريه.
ولكن بن غفير حاول أيضا كسب ود رئيس الوزراء؛ فعندما تجمع متظاهرون مناهضون للحكومة خارج صالون تجميل في تل أبيب حيث كانت زوجة رئيس الوزراء سارة نتنياهو تتواجد هناك، كتب بن غفير في المجموعة ببساطة “أنقذوا سارة”.
وسرعان ما ظهرت الشرطة خارج صالون تصفيف الشعر بأعداد هائلة، لكن بن غفير أعرب عن خيبة أمله لعدم رؤية “الهراوات، والقنابل الصوتية، ولا أي شيء آخر”. ولكن يبدو أن رد الشرطة أعجب زوجة الوزير، التي أرسلت بناء على نصيحة مساعدي بن غفير إلى سارة نتنياهو مقاطع فيديو تظهر حشد الشرطة.
ونشرت أيالا بن غفير أيضا مقطع فيديو تدين فيه المتظاهرين، لكن مساعدي الوزير نصحوا بعدم نشره؛ وأشار دورفمان إلى أن زوجة الوزيرة كانت تقف أمام رف كتب يحتوي على كتب الحاخام المتطرف الراحل مائير كاهانا، معلم بن غفير، من بين مشاكل أخرى.
“اترك غزة وشأنها”
لقد قال بن غفير طيلة الحرب أنه لو استمعت الحكومة إليه، لكان من الممكن تفكيك حماس قبل أن تتمكن من تنفيذ الهجوم الذي أشعل فتيل الحرب في غزة. ولكنه بدا وكأنه يتجنب المطالبة بتفكيك حماس في رسائل في مجموعة “حكومة استراتيجية” قبل وبعد بدء الحرب.
في فبراير 2023 ــ بعد ليلة واجهت فيها بلدات غلاف غزة وابلا هائلا من الصواريخ من القطاع ــ تساءل بن غفير عما إذا كان ينبغي له أن يطالب علنا برد قوي. ونصح دورفمان بعدم القيام بذلك قائلا “اترك غزة وشأنها”.
وكتب رئيس ديوانه “حتى سكان الجنوب لا يريدون حرباً بسبب كل صاروخ”.
وفي نهاية المطاف، وافق بن غفير على هذا الرأي، وقال أن إسرائيل “قتلت أمس عددا غير مسبوق من الإرهابيين” في جنين بالضفة الغربية.
ولم يبد بن غفير عزما كبيرا على القضاء على حماس حتى بعد اندلاع الحرب بعد ثمانية أشهر. ففي اليوم الثالث من الحرب، كتب في المجموعة “دعونا نكون واقعيين ــ إسرائيل لن تدمر حماس. للأسف”.
وذكرت التقارير أن المستشارة القضائية بهاراف ميارا ستحث نتنياهو على إقالة بن غفير بسبب سلوك اعتبره مكتبها غير قانوني، بما في ذلك توجيه أوامر إلى الشرطة بشن حملات قمع عدوانية ضد الاحتجاجات المناهضة للحكومة، ومحاولات منع تنظيم بعض الاحتجاجات، والتآمر لإقالة مسؤولين في الشرطة.
وأصدرت المحكمة العليا في يناير أمرا قضائيا يأمر بن غفير بالتوقف عن التدخل في تعامل الشرطة مع الاحتجاجات، في أعقاب صدور حكم العام الماضي يقضي بمنعه من القيام بذلك. ومن المقرر أن تستجيب الدولة لعريضة قدمت إلى المحكمة العليا في وقت سابق من هذا العام تطالب بفصل بن غفير بسبب انتهاكه المتكرر لحكم المحكمة.
وقال نتنياهو إن إصدار المستشارة القضائية لهذا الطلب من شأنه أن يؤدي إلى “أزمة دستورية”.