تقرير دامغ للوكالة الدولية للطاقة الذرية يكشف عن أنشطة نووية سابقة لإيران
تشمل النتائج اختبارات أجريت عام 2003 على صمامات تفجير قنبلة نووية؛ كما تقول هيئة الرقابة التابعة للأمم المتحدة إن طهران تمتلك الآن ما يكفي من اليورانيوم، إذا تم تخصيبه أكثر، لصنع 9 قنابل؛ مكتب نتنياهو يحث العالم على ”التحرك فورا لوقف إيران“

فيينا – قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تقرير سري موسع إلى الدول الأعضاء اطلعت عليه رويترز إن إيران نفذت في السابق أنشطة نووية سرية بمواد لم تعلن عنها للوكالة التابعة للأمم المتحدة في ثلاثة مواقع قيد التحقيق منذ فترة طويلة.
وطلب إعداد التقرير “الشامل” مجلس محافظي الوكالة المؤلف من 35 دولة في شهر نوفمبر، ويمهد الطريق أمام مسعى للولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا يهدف لأن يعلن المجلس أن إيران تنتهك التزاماتها بموجب معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية.
وسيثير إصدار أي قرار غضب إيران، وقد يزيد من تعقيد المحادثات النووية بين طهران وواشنطن.
ويقول دبلوماسيون إن القوى الغربية الأربع تخطط، استنادا إلى نتائج تقرير الوكالة، لطرح مسودة قرار على المجلس في اجتماعه المقبل في التاسع من يونيو حزيران.
وستكون هذه هي المرة الأولى منذ ما يقارب من 20 عاما التي يتم فيها اعتبار إيران رسميا في حالة عدم امتثال.
وذكرت وسائل إعلام رسمية أن وزارة الخارجية الإيرانية رفضت التقرير ووصفته بأنه “له دوافع سياسية” وقالت إن طهران ستتخذ “الإجراءات المناسبة” ردا على أي محاولة لاتخاذ إجراء ضدها في اجتماع مجلس المحافظين، دون الخوض في التفاصيل.
وتقول طهران إنها تريد إتقان التكنولوجيا النووية لأغراض سلمية وتنفي دوما اتهامات القوى الغربية بالسعي لتطوير أسلحة نووية.
وفي حين أن نتائج كثيرة تتعلق بأنشطة يعود تاريخها إلى عقود مضت وتم التوصل إليها من قبل، فإن استنتاجات تقرير الوكالة كانت أكثر دقة إذ لخصت التطورات في السنوات القليلة الماضية، وأشارت بشكل أوضح إلى أنشطة سرية منسقة، بعضها يتعلق بإنتاج أسلحة نووية.
وذكر التقرير أيضا أن تعاون إيران مع الوكالة لا يزال “أقل من المستوى المُرضي” في “عدد من الجوانب”. ولا تزال الوكالة تسعى إلى الحصول على تفسيرات لآثار اليورانيوم التي رُصدت منذ سنوات في اثنين من أربعة مواقع كانت تحقق فيها. ووجدت أن ثلاثة منها شهدت إجراء تجارب سرية.
وجاء في التقرير أن الوكالة خلصت إلى أن “هذه المواقع الثلاثة، ومواقع أخرى محتملة ذات صلة، كانت جزءا من برنامج نووي منظم غير معلن نفذته إيران حتى أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين وأن بعض الأنشطة استخدمت مواد نووية غير معلن عنها”.
وأضاف التقرير أنه تم تخزين مواد نووية و/أو معدات شديدة التلوث من ذلك البرنامج في الموقع الرابع، وهو تورقوز اباد، بين عامي 2009 و2018.
أصبح موقع تورقوز آباد معروفا للعامة عام 2019 بعد أن كشف عنه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الأمم المتحدة، ووصفه بأنه مستودع نووي سري مخفي في مصنع لتنظيف السجاد.
ونفت إيران ذلك، لكن في عام 2019، اكتشف مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية وجود جزيئات يورانيوم من صنع الإنسان هناك.

وذكر التقرير أن “الوكالة خلصت إلى أن إيران لم تعلن عن مواد نووية وأنشطة ذات صلة بالمجال النووي في ثلاثة مواقع غير معلنة في إيران، وتحديدا في لويزان-شيان وورامين وتورقوز اباد”.
كما قال التقرير أن قرصا مصنوعا من معدن اليورانيوم في لويزان-شيان في طهران “استُخدم في إنتاج مصادر نيوترونية” مرتين على الأقل في عام 2003، وهي عملية مصممة لإحداث الانفجار في سلاح نووي، مضيفا أن ذلك كان جزءا من اختبارات “صغيرة النطاق”.
ويرجح دبلوماسيون أن يؤدي التقرير إلى إحالة إيران إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، على الرغم من أن ذلك سيحدث على الأرجح في اجتماع لاحق لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وسيدفع ذلك على الأغلب إيران مرة أخرى إلى تسريع أو توسيع برنامجها النووي الذي يتقدم بوتيرة سريعة، كما فعلت بعد التوبيخات السابقة في المجلس. ويمكن أن يزيد أيضا من تعقيد المحادثات مع الولايات المتحدة التي تهدف إلى كبح جماح برنامج طهران النووي.
تخصيب اليورانيوم
ذكر تقرير منفصل للوكالة الدولية للطاقة الذرية أُرسل إلى الدول الأعضاء يوم السبت أن مخزون إيران من اليورانيوم المخصب بدرجة نقاء تصل إلى 60%، التي تقترب من نسبة 90% المطلوبة لصنع أسلحة نووية، زاد بمقدار النصف تقريبا ليصل إلى 408.6 كيلوجرام. وهذا يكفي، في حال زيادة التخصيب، لصنع تسعة أسلحة نووية، وفقا لمعايير الوكالة.
وقال تقريرا الوكالة إن التخصيب إلى هذا المستوى المرتفع “يثير قلقا بالغا” لأنها الدولة الوحيدة التي تقدم على ذلك بدون إنتاج أسلحة نووية.
ولم يصدر تعليق فوري من طهران على تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الجديد.

نتنياهو: التحرك الآن
في بيان نادر صدر يوم السبت، يوم “الشابات” اليهودي، قال مكتب نتنياهو إن التقرير أظهر أن برنامج إيران النووي ليس سلميا وأن طهران لا تزال مصممة على إكمال خططها النووية.
وقال مكتب نتنياهو في البيان: ”يجب على المجتمع الدولي أن يتحرك الآن لوقف إيران“، مضيفا أن مستوى تخصيب اليورانيوم الذي وصلت إليه إيران ”لا يوجد إلا في البلدان التي تسعى فعليا إلى حيازة أسلحة نووية ولا يوجد له أي مبرر مدني على الإطلاق“.
وقد أكدت إيران أن برنامجها النووي مخصص للأغراض السلمية فقط، لكن رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل ماريانو غروسي، حذر في وقت سابق من أن طهران تمتلك ما يكفي من اليورانيوم المخصب إلى درجة قريبة من تلك المستخدمة في صنع الأسلحة النووية لصنع ”عدة“ قنابل نووية إذا ما قررت ذلك.

وقد أشار مسؤولون إيرانيون بشكل متزايد إلى أن طهران قد تسعى إلى حيازة قنبلة ذرية.
وتقدر وكالات الاستخبارات الأمريكية أن إيران لم تبدأ بعد بجدية في برنامج أسلحة، لكنها ”شرعت في أنشطة تضعها في وضع أفضل لإنتاج قنبلة نووية، إذا ما قررت ذلك“.
دعوة لإيران للتعاون
قال غروسي يوم السبت إنه ”يكرر دعوته العاجلة لإيران للتعاون الكامل والفعال“ مع التحقيق الذي تجريه الوكالة الدولية للطاقة الذرية منذ سنوات بشأن آثار اليورانيوم التي تم اكتشافها في عدة مواقع في إيران.
وفي تقريرها الصادر يوم السبت، قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن ”عدم تقديم إيران إجابات وتوضيحات“ دفع الوكالة إلى استنتاج أن المواقع السرية، وغيرها من المواقع الأخرى المحتملة ذات الصلة، كانت جزءا من برنامج نووي منظم غير معلن نفذته إيران حتى أوائل العقد الأول من القرن الحالي، وأن ”بعض الأنشطة استخدمت مواد نووية غير معلنة“.
وأشارت الوكالة على وجه التحديد إلى عدم إحراز طهران أي تقدم في تفسير المواد النووية التي عُثر عليها في مواقع غير معلنة.
”وعلى وجه الخصوص، لم ترد إيران مرارا على أسئلة الوكالة أو لم تقدم إجابات موثوقة من الناحية التقنية، وقامت بتعقيم المواقع المذكورة في هذا التقرير، مما أعاق أنشطة الوكالة للتحقق“، حسبما جاء في التقرير.
وقد صرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه طلب من نتنياهو تأجيل أي ضربة محتملة على المواقع النووية الإيرانية لإعطاء الإدارة الأمريكية مزيدا من الوقت للضغط من أجل التوصل إلى اتفاق جديد مع طهران.

وقال الرئيس الأمريكي يوم الجمعة أنه لا يزال يعتقد أن الاتفاق يمكن أن يتم في ”مستقبل غير بعيد“.
وقال ترامب عن إيران: ”إنهم لا يريدون أن يتم تفجيرهم، ويفضلون التوصل إلى اتفاق… سيكون من الرائع أن نتوصل إلى اتفاق دون إلقاء قنابل في جميع أنحاء الشرق الأوسط“.
وصرحت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت في وقت لاحق يوم السبت إن المبعوث الخاص لترامب ستيف ويتكوف ”أرسل مقترحا مفصلا ومقبولا للنظام الإيراني، ومن مصلحتهم قبوله“، ورفضت تقديم مزيد من التفاصيل.
يوم الخميس، نفى مسؤولون إيرانيون كبار التكهنات حول اتفاق نووي وشيك مع الولايات المتحدة، مؤكدين أن أي اتفاق يجب أن يرفع العقوبات بالكامل ويسمح باستمرار برنامج البلاد النووي.
إيران، التي تعلن صراحة سعيها لتدمير إسرائيل، نفت باستمرار سعيها للحصول على أسلحة نووية. ومع ذلك، فقد قامت بتخصيب اليورانيوم إلى مستويات لا تطبَق في الأغراض السلمية، وعرقلت عمل المفتشين الدوليين في تفتيش منشآتها النووية، ووسعت قدراتها في مجال الصواريخ الباليستية، كما حذر مسؤولوها بشكل متزايد من أنها قد تسعى إلى حيازة قنبلة نووية.
وفقا للوكالة الدولية للطاقة الذرية فإن إيران هي الدولة الوحيدة في العالم التي تخصب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60%، وهي نسبة لا تُستخدم في الأغراض المدنية. ولا تزال هذه النسبة أقل بقليل من عتبة 90% اللازمة لصنع سلاح نووي، ولكنها أعلى بكثير من الحد الأقصى البالغ 3.67% الذي حددته اتفاقية تم ابرامها عام 2015 مع القوى العالمية.