تقرير: جامعة كولومبيا تحذر طلاب الصحافة الأجانب من إثارة الجدل فيما يتعلق بغزة وأوكرانيا
"لا أحد يستطيع حمايتكم"، قال عميد الكلية للأجانب، بما في ذلك أعضاء هيئة التدريس؛ زوجة الطالب المناهض لإسرائيل المعتقل تقول إنها كانت ساذجة حين ظنت أنه آمن

بعد أيام من اعتقال عملاء أميركيين للطالب في جامعة كولومبيا والناشط المناهض لإسرائيل محمود خليل، حذر مسؤولو الجامعة أعضاء هيئة التدريس والطلاب الأجانب في قسم الصحافة من إثارة الجدل حول غزة والحرب في أوكرانيا والاحتجاجات ضد اعتقاله، حسبما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأربعاء.
وبحسب التقرير، نصح ستيوارت كارل، وهو محام متخصص في التعديل الأول للدستور الأمريكي وأستاذ مساعد، الطلاب غير الأميركيين بتجنب نشر المواد المتعلقة بهذه المواضيع.
وقال: “إذا كان لديكم صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي، تأكدوا من أنها لا تحتوي على تعليقات عن الشرق الأوسط”.
“لا أحد يستطيع حمايتكم”، قال عميد كلية الصحافة جيلاني كوب خلال الاجتماع. “هذه أوقات عصيبة”.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت يوم الثلاثاء إن الكلية رفضت مساعدة المسؤولين في تحديد هوية الأشخاص “الذين يشاركون في أنشطة مؤيدة لحماس”، وفقا للتقرير.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، أرسلت وزارة التعليم الأميركية رسائل إلى 60 كلية وجامعة تحذرهم فيها من أنهم قد يواجهون عواقب إذا لم يلتزموا بمسؤولياتهم في حماية الطلاب اليهود.
وقالت ليفيت للصحفيين: “نتوقع من جميع الكليات والجامعات الأمريكية أن تمتثل لسياسة هذه الإدارة”.

وقبل يومين من احتجازه على يد عملاء بوزارة الأمن الداخلي الأمريكية، سأل محمود خليل زوجته ما الذي يجب فعله إن طرق موظفو الهجرة باب منزلهما.
ويعتبر اعتقال خليل أحد الخطوات الأولى في سعي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الجمهوري الذي عاد إلى البيت الأبيض في يناير، للوفاء بوعده بترحيل بعض الطلاب الأجانب المشاركين في حركة الاحتجاج المؤيدة للفلسطينيين بسبب دعمها المزعوم للفصائل المسلحة ومعاداة السامية.
وقالت نور عبد الله (28 عاما)، التي تزوجت خليل منذ أكثر من عامين، في مقابلة إنها كانت “ساذجة” بشأن احتمال احتجازه. وتتذكر أنها أخبرته أن بصفته حاملا لإقامة دائمة قانونية بالولايات المتحدة، فلا داعي للقلق.
وقالت نور، وهي مواطنة أمريكية حبلى في شهرها الثامن، لرويترز في أول مقابلة إعلامية لها “لم آخذ كلامه على محمل الجد. من الواضح أنني كنت ساذجة”.

ولد خليل ونشأ في مخيم للاجئين الفلسطينيين في سوريا ووصل إلى الولايات المتحدة بتأشيرة دراسية عام 2022، وحصل على بطاقة الإقامة الخضراء الأمريكية العام الماضي.
وقيد موظفون بوزارة الأمن الداخلي خليل بالأصفاد يوم السبت في ردهة مبنى للسكن الجامعي مملوك للجامعة في مانهاتن.
وفي وقت سابق من يوم الأربعاء، جلست عبد الله، وهي طبيبة أسنان في نيويورك، في الصف الأمامي بقاعة محكمة في مانهاتن، بينما كان محامو خليل يجادلون أمام قاض اتحادي بأنه اعتُقل انتقاما من معارضته الصريحة للعملية العسكرية الإسرائيلية في غزة وسط الحرب التي اندلعت في أعقاب هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023، والذي أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص في إسرائيل واحتجاز 251.
Noor Abdalla, 28, wife of Palestinian activist and Columbia University graduate student Mahmoud Khalil who was detained by ICE, poses for a portrait after an interview with Reuters in New York City. Photo by @caitochs pic.twitter.com/vIsgETGnt8
— corinne_perkins (@corinne_perkins) March 12, 2025
وقال المحامون للقاضي إن ذلك انتهاك لحق خليل في حرية التعبير.
ومدد القاضي أمرا بمنع ترحيل خليل في حين ينظر في ما إذا كان الاعتقال دستوريا.
وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي دون أن يقدم دليلا إن خليل (30 عاما) يدعم حركة حماس التي تحكم غزة. لكن الإدارة الأمريكية نفت اتهامه بارتكاب جريمة، ولم تُقدم أدلة على دعم خليل المزعوم للحركة. ويقول ترامب إن وجود خليل في الولايات المتحدة “يتعارض مع المصالح الوطنية والسياسة الخارجية”.
وقال ليفيت يوم الثلاثاء إن خليل اعتقل تمهيدا لترحيله بسبب دعمه لجماعة حماس الإرهابية.
وقال ليفيت: “هذا فرد قام بتنظيم احتجاجات جماعية لم تؤدي فقط إلى تعطيل الفصول الدراسية في الحرم الجامعي ومضايقة الطلاب اليهود الأميركيين وجعلهم يشعرون بعدم الأمان في حرم جامعتهم، بل قام أيضًا بتوزيع منشورات دعائية مؤيدة لحماس”.
وكان خليل من أبرز منظمي حركة الاحتجاج في جامعة كولومبيا. وبدأ المتظاهرون في جامعة كولومبيا بتنظيم مظاهراتٍ في الحرم الجامعي بعد هجوم حماس على إسرائيل في أكتوبر 2023، واستمرت حتى الأسابيع الأخيرة. وأيّد المتظاهرون علنًا العنف وجماعات تُصنّفها الولايات المتحدة إرهابية، وزعم طلاب وأعضاء هيئة تدريس يهود وإسرائيليون أن النشطاء خلقوا بيئةً معاديةً وتمييزية. وأفادت فرقة عمل جامعية بوجود تمييز “ساحق” ضد اليهود والإسرائيليين في الحرم الجامعي.
نقلت الإدارة الأمريكية خليل يوم الأحد من سجن تابع لوكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك الأمريكية في إليزابيث بولاية نيوجيرزي بالقرب من مانهاتن إلى سجن في ولاية لويزيانا على بعد حوالي 2000 كيلومتر.
وأعلنت الحكومة الأمريكية أنها بدأت إجراءات ترحيل خليل، وتدافع عن احتجازه في المحكمة حتى ذلك الحين.
ووصف ترامب حركة الاحتجاج الطلابية المناهضة لإسرائيل بأنها معادية للسامية، وقال إن اعتقال خليل “هو الأول من بين اعتقالات عديدة قادمة”.
النشاط من الحرم الجامعي إلى السجن
أنهى خليل دراسته في كلية الشؤون الدولية والعامة بجامعة كولومبيا في ديسمبر، لكنه لم يحصل بعد على شهادة الماجستير.
أصبح خليل عضوًا بارزًا في حركة الاحتجاج الطلابية في الجامعة المرموقة، وكان يتحدث كثيرًا إلى وسائل الإعلام كأحد المفاوضين الرئيسيين مع إدارة كولومبيا بشأن مطالب المحتجين المستمرة منذ سنوات بإنهاء استثمارات الجامعة، التي تبلغ قيمتها 14.8 مليار دولار، في شركات تصنيع الأسلحة والشركات الأخرى التي تدعم حكومة إسرائيل.

وتقول إدارة ترامب إن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات، ومنها كولومبيا، شملت دعما لحماس ومضايقات للطلاب اليهود تمثل معاداة للسامية. ويقول منظمو الاحتجاجات الطلابية إن هناك خلط خاطئ بين انتقاد إسرائيل وبين معاداة السامية.
ونظم أعضاء يهود من هيئة التدريس في جامعة كولومبيا مظاهرة ومؤتمرا صحفيا دعما لخليل أمام مبنى بالجامعة أمس الاثنين، حاملين لافتات كتب عليها “اليهود يقولون لا للترحيل”.
وتسمح القوانين الفيدرالية برفض دخول الأجانب إلى الولايات المتحدة، أو “ترحيلهم”، إذا شاركوا في أنشطة إرهابية، بما في ذلك أي شخص “يؤيد أو يتبنى النشاط الإرهابي أو يقنع الآخرين بتأييد أو تبني النشاط الإرهابي أو دعم منظمة إرهابية”. ويعتبر حاملو البطاقة الخضراء أجانب.
وفي الأسبوع الماضي، خلال احتجاج شارك فيه خليل في كلية برنارد التابعة لجامعة كولومبيا، قام المتظاهرون بتوزيع منشورات من “مكتب حماس الإعلامي”، وصور زعيم حزب الله الراحل حسن نصر الله، وفقًا لطلاب كانوا في الموقع.
الولايات المتحدة تعتبر حماس وحزب الله جماعتان إرهابيتان.