إسرائيل في حالة حرب - اليوم 622

بحث

تقرير تلفزيوني: الفشل في تتبع مخالطي مرضى كورونا هو السبب الرئيسي في تفشي الموجة الثانية

المسؤولون الإسرائيليون فشلوا في وضع نظام لتحديد وقطع سلاسل العدوى عندما كان عدد الحالات الجديدة لا يزال قابلا للسيطرة، وقد فات الأوان الآن

عامل في نجمة داوود الحمراء يرتدي ملابس واقية خارج وحدة فيروس كورونا في مستشفى شعاري تسيدك في القدس، 24 سبتمبر، 2020. (Yonatan Sindel / Flash90)
عامل في نجمة داوود الحمراء يرتدي ملابس واقية خارج وحدة فيروس كورونا في مستشفى شعاري تسيدك في القدس، 24 سبتمبر، 2020. (Yonatan Sindel / Flash90)

ألقى تحقيق تم بثه يوم الجمعة حول فشل إسرائيل في احتواء جائحة فيروس كورونا باللوم على عدم وجود برنامج فعال لتتبع مخالطي المرضى لقطع سلاسل العدوى.

الرد الإسرائيلي لفيروس كورونا المستجد كان سريعا عند ظهوره لأول مرة في الربيع الماضي، حيث قامت السلطات بالحد من انتشاره من خلال فرض إجراءات إغلاق وقيود على السفر الدولي. ولكن، يُرجح بأنها تسرعت بإعادة فتح البلاد، مما أدى إلى تفشي موجة ثانية وخطيرة للفيروس. حيث في إسرائيل الآن أحد أعلى معدلات الإصابة بالفيروس للفرد في العالم.

ويعتقد معظم الخبراء أن برنامج فعال لتتبع مخالطي المرضى، إلى جانب عزل الأشخاص المصابين وأولئك الذين خالطوهم، هو المفتاح لوقف انتشار فيروس كورونا.

سلط تقرير القناة 12، الذي بُث يوم الجمعة، الضوء على إخفاقات نظام تتبع مخالطي المرضى، بما في ذلك عدم إبلاغ الأشخاص الذين كان ينبغي عليهم دخول حجر صحي بضرورة قيامهم بذلك، وارتكاب نظام التتبع التابع لجهاز الأمن العام (الشاباك) أخطاء متكررة.

جندي إسرائيلي يجري مقابلة مع شخص مصاب بفيروس كورونا لتحديد الأشخاص الذين كانوا على اتصال به، في مقر قيادة الجبهة الداخلية ، في الرملة بوسط إسرائيل، 25 أغسطس، 2020. (AP Photo / Sebastian Scheiner)

فقط بعد تفشي الموجة الثانية في إسرائيل بكامل قوتها، في منتصف شهر أغسطس، تم تكليف الجيش، بقوته البشرية ومعرفته، بمهمة تصميم وتشغيل نظام لقطع سلاسل العدوى.

ولكن يبدو أن القرار جاء متأخرا، بعد خروج الوباء بالفعل عن السيطرة، كما أشار التقرير.

وفقا للتقرير، عندما يكون نظام قيادة الجبهة الداخلية جاهزا للعمل بكامل طاقته، سيكون بمقدوره تتبع مخالطي المرضى لأقل من نصف جميع الإصابات الجديدة في تفشي بهذا الحجم للوباء.

يتطلب بناء النظام تدريبا مكثفا للمحققين الوبائيين، وإنشاء بنية تحتية، ولكن “هذه ليست مجرد عملية تدريب”، كما قال العقيد ريلي مرغليت، رئيس جهاز البحث عن المفقودين في قيادة الجبهة الداخلية، “هذه كميات هائلة من الأشخاص المصابين”، على حد تعبيره.

وقالت أميمة كنعاني، وهي ممرضة وبائية تساعد في تدريب جنود الجيش الإسرائيلي، إن تحقيقا وبائيا واحدا يستغرق ما بين 30-40 دقيقة على الأقل.

في الأسبوع الماضي، كان هناك حوالي 1400 محقق وبائي، وفي غضون شهر، سيكون هناك 2000، ولكن من المرجح أن يتعامل المحققون مع ضعف هذا العدد من الإصابات يوميا.

إلى جانب المقابلات، يجب على المتتبعين العثور على جميع الأشخاص الذين خالطوا المصابين بالفيروس وإبلاغهم بضرورة دخول العزل.

وقال تقرير القناة 12 أنه حتى بأقصى فاعلية، فإن برنامج تتبع مخالطي المرضى لن يكون كافيا، وألقى باللوم على وزارة الصحة في إهمال النظام لمدة ستة أشهر، وعدم قطع سلاسل العدوى عندما كانت أرقام الإصابات منخفضة وكان ممكنا السيطرة عليها.

امرأة تمر أمام لافتة تشجع الناس على ارتداء الكمامات في تل أبيب، 24 سبتمبر، 2020. (AP / Sebastian Scheiner)

كما قال التقرير أن عدد الإصابات الضخم والعدد الهائل للأشخاص المجبرين على دخول حجر صحي عقب مخالطتهم لأشخاص مصابين بالفيروس يسحق البلاد. على سبيل المثال، إذا كانت هناك 7000 إصابة يومية، وكل حالة من هذه الحالات اختلطت بعشرة أشخاص، فسيكون هناك 2.4 مليون إسرائيلي ملزمين بدخول حجر صحي في كل شهر. وقد شهدت إسرائيل في الأسبوع المنصرم حوالي 7000 إصابة يومية بالفيروس.

وفي الوقت نفسه، لا تجري الدولة فحوصات كافية، أو لا تقوم بإعادة نتائج الفحوصات إلى الأفراد بالسرعة الكافية. على سبيل المثال، إذا تم إجراء فحص كورونا لشخص ما وتلقى هذا الشخص نتيجة إيجابية بعد ثلاثة أيام، فلن يبدأ التحقيق الوبائي إلا بعد تلك الأيام الثلاثة، مما يعني أن الأشخاص الآخرين الذين قد يكونون مصابين بالعدوى يمكنهم الاستمرار في نشر العدوى دون أن يكونوا على دراية بذلك.

كما ذكر التقرير أن الإجراءات التكنولوجية لتتبع مخالطي المرضى كانت فاشلة. كان من الممكن أن يكون تطبيق محمول هو الحل الأبسط والأكثر فاعلية، لكن تطبيق “ماغين” الإسرائيلي فشل، ويرجع ذلك في الغالب إلى أن الناس كانوا متشككين فيه ولم يرغبوا في تحميله طواعية على هواتفهم.

هناك تقنيات “بلوتوث” يمكن تحميلهما وبإمكانها تنبيه المستخدمين بأنهم تواجدوا بالقرب من مصابين بالفيروس، بدون تتبع مواقعهم، والتي من الأرجح أنها كانت ستكون أكثر فعالية وأقل انتهاكا للخصوصية.

إلا أن الحكومة قررت بدلا من ذلك استخدام تقنية التتبع الخاصة بـ”الشاباك” وبرنامج مليئ بالعيوب الذي أخطأ أحيانا في تحديد تواجد الأشخاص بجانب مصابين بالمرض، مما أجبرهم إلى دخول حجر صحي دون داع.

وقال المحققون الوبائيون في بني براك، وهي مدينة ذات كثافة سكانية عالية والتي تضررت بشدة من الفيروس، إنهم أدركوا بسرعة أنهم بحاجة إلى إعطاء الأولوية للسرعة على حساب الدقة في تتبع مخالطي المرضى.

وقال آفي كوهين، محقق وبائي في بني براك، للقناة التلفزيونية: “إذا قمت بإجراء تحقيق دقيق للغاية، ولكن لم يكن ذلك سريعا، فلن يكون لديك أي معلومات ذات صلة. حسنا، ستكون لديك معطيات أكثر، لكن ذلك لن يساعد لأنك فوت جميع [الإصابات بالعدوى]”.

جنود من قيادة الجبهة الداخلية يرتدون زيا واقيا في دار لرعاية المسنين في مدينة بني براك، 14 أبريل، 2020. (Flash90)

وقال كوهين أيضا أنه لا ينبغي إغلاق المدارس، لأنه كان سيكون من السهل تحديد التفشي المحلي للفيروس بسرعة من خلال الطلاب وقطع سلاسل العدوى.

“لا توجد مشاكل مع الخصوصية، فنحن نعرف بالضبط مكان تواجد كل طالب في الفصل. يمكنك قطع سلسلة العدوى في دقيقة. أرسل رسالة إلى الوالدين وأغلق الملف. يدخل الصف في حجر صحي، وتدخل الكبسولات في حجر صحي”، كما قال كوهين.

يوم الجمعة، بثت القناة 13 تقريرا من مقر مكافحة فيروس كورونا التابع للجيش الإسرائيلي، المسمى قيادة “ألون”.

نقل مسؤولية تتبع مخالطي المرضى إلى الجيش الإسرائيلي كان إحدى الخطوات الأولى التي اتخذها منسق كورونا الوطني روني غامزو بعد توليه منصبه في أواخر يوليو. في أوائل سبتمبر، قال غامزو إن البرنامج قد لا يكون جاهزا للعمل قبل 1 نوفمبر.

ويتمركز البرنامج، الذي تشرف عليه قيادة الجبهة الداخلية في الجيش الإسرائيلي، في مدينة اللد بوسط البلاد.

محققون وبائيون تابعون للجيش الإسرائيلي في مدينة الرملة بوسط البلاد، في تقرير تلفزيوني بُث في 25 سبتمبر، 2020. (Screenshot / Channel 13)

وتعمل قيادة الجبهة الداخلية، التي تأسست في أعقاب هجمات صواريخ “سكود” العراقية على إسرائيل في “حرب الخليج” في عام 1991، كقوة الدفاع المدني الإسرائيلية، وهي تساعد في صيانة شبكة الملاجئ في البلاد وصفارات الإنذار، ومدربة على مساعدة المدنيين خلال الحروب والكوارث الطبيعية. ولقد أرسلت قيادة الجبهة الدخلية فرق إنقاذ من حول العالم لمساعدة دول في مواجهة زلازل وأمواج تسونامي وحالات طوارئ أخرى.

في بداية تفشي الوباء، أدارت القيادة شبكة من فنادق الكورونا، ووفرت منشآت عزل وخدمات تعافي للأشخاص المصابين بالفيروس والذين يعانون من أعراض خفيفة أو لا تظهر عليهم أعراض. كما قام جنودها بتوزيع الغذاء والإمدادات في المناطق الأكثر تضررا – بما في ذلك في مجتمعات لا يوجد عادة اتصال بينها وبين الجيش، مثل بلدات عربية وأحياء يهودية حريدية.

وتم نشر الآلاف من جنود قيادة الجبهة الداخلية الأسبوع الماضي في جميع أنحاء البلاد للعمل مع السلطات المحلية في التعامل مع الوباء. لا يتحمل الجنود مسؤولية تطبيق الإغلاق المباشر، وإنما يقومون بإجراء الفحوصات ويديرون فنادق الحجر الصحي ويوزعون الطعام.

يعمل الطاقم العسكري في مقر الرملة مع مقدمي الخدمات الصحية الحكوميين وغيرهم من المسؤولين والمهنيين الطبيين لمواجهة تفشي الموجة الثانية من الفيروس.

وقال البريغادير جنرال نيسان دافيد، الذي يقود الوحدة: “أنتم ترون جميع المجموعات التي تلعب دورا في التعامل مع جائحة كورونا في البلاد. نحن نقوم الآن فقط ببناء قدراتنا ونخرج إلى الميدان لاتخاذ الإجراءات، وسيتسع نطاق ذلك”.

وتعمل الوحدة في عدد من الخيام، حيث يتلقى الجنود التدريب ويقومون بتتبع مخالطي المرضى.

محققون وبائيون تابعون للجيش الإسرائيلي في مدينة الرملة بوسط البلاد، في تقرير تلفزيوني بُث في 25 سبتمبر، 2020. (Screenshot / Channel 13)

بعبارات بسيطة، تتلقى القوات معلومات عن المصابين حديثا بالفيروس، والذين يقدمون بعد ذلك قوائم بالأشخاص الذين قابلوهم مؤخرا، ثم يقوم المحققون برسم خارطة لتحركات المصابين واللقاءات التي قاموا بها مع  آخرين وتحديد الأشخاص الذين يجب وضعهم في حجر صحي.

وتم بناء النظام بشكل تدريجي، ولا يزال يتحرك ببطء. حاليا، يستغرق الجنود حوالي 90 ساعة للاتصال بكل من كان على اتصال بشخص مصاب. وقال التقرير إن الهدف هو الوصول إلى الجميع في غضون 24 إلى 36 ساعة، وهو أمر لن يكون ممكنا على الأرجح إلا بعد الإغلاق الجديد.

بالإضافة إلى ذلك، أمر وزير الدفاع بيني غانتس الجيش الإسرائيلي يوم الاثنين بالاستعداد لإنشاء مستشفى ميداني لحالات فيروس كورونا مع اكتظاظ المستشفيات في جميع أنحاء البلاد.

يوم الجمعة، حدثت وزارة الصحة عدد حالات الإصابة الجديدة بفيروس كورونا المسجلة في اليوم السابق إلى رقم ضخم بلغ 8178، وهو رقم يجتاز بكثير الرقم القياسي السابق، ساعات بعد بدء سريان إجراءات إغلاق أكثر صرامة.

كما أعلنت الوزارة عن تسجيل 11 حالة وفاة إضافية منذ منتصف ليلة الخميس، ليرتفع بذلك إجمالي الوفيات في البلاد إلى 1142.

في غضون ذلك، بدء سريان إغلاق كامل ومحكم جديد في الساعة الثانية من بعد ظهر يوم الجمعة، لكن المشرعين لم يتمكنوا من التوصل إلى اتفاق بشان قيود محتملة على المظاهرات والصلوات العامة.

دورية للشرطة خارج سوق محانيه يهودا في القدس، 25 سبتمبر، 2020. (Yonatan Sindel / Flash90)

بموجب القواعد الجديدة، سيتم إغلاق جميع المصالح التجارية تقريبا، باسثناء شركات ومصانع محددة صنفتها هيئة الطورائ الوطنية التابعة لوزارة الدفاع على أنها “أساسية”. ويُسمح للمطاعم بالعمل على أساس توصيل الطلبات للمنازل فقط.

ولن يُسمح للإسرائيليين بالابتعاد مسافة تزيد عن كيلومتر واحد عن منازلهم، باستثناء أنشطة معينة.

وسيتم نشر الشرطة على الطرق السريعة وعند مداخل المدن والبلدات لضمان عدم محاولة الإسرائيليين السفر أثناء الإغلاق.

اقرأ المزيد عن