تقرير: المبعوث الأمريكي أجرى محادثات مباشرة مع حماس لمحاولة منح ترامب انجازا قبل خطاب له
صحيفة نيويورك تايمز تقول إن آدم بوهلر اجتمع مع قادة حماس ثلاث مرات في محاولة لإطلاق سراح عيدان ألكسندر قبل خطاب حالة الاتحاد، لكن حماس استمرت في الرفض حتى فات الآوان

ذكرت صحيفة ”نيويورك تايمز“ يوم الخميس أن إدارة ترامب سارعت إلى التوصل إلى اتفاق في محادثات مباشرة مع حماس في مارس لإطلاق سراح المواطن الأمريكي عيدان ألكسندر من أجل منح الرئيس الأمريكي انجازا في الوقت المناسب قبل إلقاء خطاب حالة الاتحاد.
وكانت المحادثات جارية حتى مع وصول الرئيس دونالد ترامب إلى مبنى الكابيتول الأمريكي في 5 مارس لإلقاء الخطاب، وفقًا للتقرير. وبعد الفشل في التوصل إلى اتفاق، لم يذكر ترامب الرهائن إلا في جملة مقتضبة واحدة خلال خطابه.
وقد تسربت أنباء عن المحادثات المباشرة بين الولايات المتحدة والحركة في اليوم نفسه، وسط انتقادات شديدة وإن كان وراء أبواب مغلقه من القدس. وركزت المحادثات، التي عقدت بالتوازي مع المفاوضات غير المباشرة التي توسطت فيها قطر ومصر، على إطلاق سراح الرهائن الأمريكيين الذين ما زالوا محتجزين في غزة (من بين الرهائن الخمسة، يُعتقد أن ألكسندر فقط على قيد الحياة).
وقد عُقد الاجتماع الأول من ثلاثة اجتماعات في أوائل مارس في الدوحة بين مبعوث ترامب الخاص بالرهائن آدم بوهلر ومستشاره وثلاثة مسؤولين سياسيين من حماس هم طاهر النونو وباسم نعيم وأسامة حمدان.

وذكر التقرير أن الرجال تناولوا الكنافة وشربوا عصير البرتقال تحت ملصق كبير للمسجد الأقصى وصورة لزعيم حماس المغتال إسماعيل هنية، حيث قال النونو إن الحركة تحاول ببساطة تحقيق الحرية – التي تُعتبر قيمة أمريكية أساسية – للفلسطينيين.
بعد يومين، التقى بوهلر، بحسب الصحيفة، بالمسؤول الكبير في المكتب السياسي لحماس خليل الحية، الذي قال للمبعوث الأمريكي إن إطلاق سراح ألكسندر يكلف عادة 500 سجينا فلسطينيا، ولكن كبادرة حسن نية ستطالب حماس بإطلاق سراح 250 سجينا من السجون الإسرائيلية، من بينهم 100 يقضون أحكاما بالسجن المؤبد.

ومن دون التشاور مع القدس، على الرغم من أن السجناء المعنيين محكومون ومحتجزون لدى إسرائيل، عاد بوهلر بعرض يقضي بإطلاق سراح 100 سجين يقضون أحكاما بالسجن مدى الحياة، على أن يتم إطلاق سراح الـ 150 الآخرين في المستقبل.
وقد خالفت المباحثات المباشرة بين الولايات المتحدة وحماس سياسة تنتهجها واشنطن منذ عقود ضد التفاوض مع الجماعات التي تصنفها الولايات المتحدة منظمات إرهابية. ويتم تصنيف حماس على هذا النحو منذ عام 1997.
وقد علمت إسرائيل بالمحادثات في 4 مارس، وتلقى بوهلر مكالمة هاتفية غاضبة من وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر. وبعيدا عن الجانب الإشكالي المتمثل في الخروج عن السياسة المتبعة، فإن فكرة حصول الرهائن ذوي الجنسية المزدوجة على معاملة تفضيلية ستكون منطوية على إشكالات كبيرة في إسرائيل.

وقال مسؤول غربي لـ ”تايمز أوف إسرائيل“ إن ديرمر كان ”غاضبا“ من بوهلر عندما علم بالمحادثات بعد وقوعها. (أصرّ بوهلر في وقت لاحق في وسائل الإعلام على أن إسرائيل كانت على علم بالمحادثات وأنه تمكن من تهدئة ديرمر).
في اليوم التالي، في 5 مارس، سرب ”مصدران على دراية مباشرة بالمحادثات“ إلى موقع “أكسيوس” أن الولايات المتحدة تجري محادثات مع حماس.
وأفاد موقع “واينت” الإخباري إن المسؤولين الأمريكين يعتقدون أن إسرائيل تقف وراء التسريب، في محاولة لنسف المحادثات.
كما سافر بوهلر إلى الدوحة في يناير، على أمل لقاء مسؤولين كبار في حماس، لكن البيت الأبيض ألغى الاجتماع بعد أن علمت إسرائيل بذلك ودفعت باتجاه إلغائه، وفقا لمصدرين.

وجاء في التقرير أن الاجتماع الأخير بين الطرفين عُقد في 5 مارس، وعرضت الولايات المتحدة خلاله 100 سجين فلسطيني، دون ضمانات بأن يكون هؤلاء من المحكوم عليهم بالسجن المؤبد. بالإضافة إلى ذلك، ستكون حماس مطالبة بالإفراج عن جثث الرهائن الأمريكيين الإسرائيليين الأربعة المحتجزة لديها مقابل إطلاق سراح نساء وأطفال فلسطينيين، وتجديد المساعدات إلى غزة، ووصول المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف إلى قطر لبدء محادثات حول المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في يناير، والذي يمكن أن ينهي الحرب في غزة.
ويُعتقد أن المواطنين الأمريكيين القتلى هم إيتاي حين وعومر نوترا وغادي حغاي وجودي فاينشتاين.

وبحسب ما ورد، قال الحية إن حماس كانت منفتحة أيضا على هدنة مع إسرائيل لمدة خمس إلى عشر سنوات.
وقال بوهلر للحيّة إن هذا هو عرضه النهائي، وإذا لم يتم قبوله بحلول الوقت الذي سيغادر فيه في وقت لاحق من ذلك اليوم، فقد لا يكون الاتفاق مطروحا على الطاولة بعد الآن. رد الحية بأنه يود الموافقة عل العرض، لكن حماس لن تقبل.
وقالت حماس في بيان رسمي في 14 مارس إنها وافقت على اقتراح الإفراج عن ألكسندر وجثث الأمريكيين الأربعة الآخرين. رفض ويتكوف الصفقة علنا في اليوم التالي، ودعا الحركة إلى قبول اقتراحه الذي يقضي بالإفراج عن عدد من الرهائن الأحياء وألكسندر في بداية وقف ممدد لإطلاق النار.

بعد سلسلة من المقابلات الكارثية حول المحادثات المباشرة مع حماس، سحب بوهلر ترشيحه للعمل كمبعوث رئاسي خاص لشؤون الرهائن، وواصل العمل على القضية بمنصب أقل مستوى لا يتطلب مصادقة مجلس الشيوخ.
وقد أشارت العديد من التقارير إلى أن الاقتراح الذي طرحه ويتكوف للتقريب بين الطرفين يتطلب من حماس إطلاق سراح خمسة رهائن أحياء وجثامين 10 رهائن آخرين، ولكن لم يتم تأكيد ذلك. وتفيد التقارير بأن إسرائيل ضغطت من أجل إطلاق سراح المزيد من الرهائن الأحياء. ويُعتقد أن هناك 24 رهينة على قيد الحياة لا يزالون في غزة، بالإضافة إلى 35 رهينة أكدت إسرائيل مقتلهم.
وقد تم احتجاز الرهائن في 7 أكتوبر 2023، عندما قادت حماس آلاف المسلحين في اجتياح لجنوب إسرائيل، مما أسفر عن مقتل حوالي 1200 شخص، واختطاف 251 آخرين إلى غزة.

شهد وقف إطلاق النار الذي استمر لمدة أسبوع في نوفمبر 2023 إطلاق سراح أكثر من 100 رهينة، معظمهم من النساء والأطفال.
وفي يناير 2025، تم الاتفاق على وقف آخر لإطلاق النار، وخلال الأسابيع التي تلت ذلك، تمت إعادة عشرات الرهائن، أحياء وأمواتا، على دفعات صغيرة مقابل زيادة المساعدات الإنسانية إلى غزة والإفراج عن أكثر من 1000 سجين أمني فلسطيني محتجزين في السجون الإسرائيلية.
وكان الطرفان قد اتفقا على إجراء محادثات حول المرحلة الثانية والثالثة التي تشمل إعادة جميع الرهائن وإنهاء الحرب وضمان انسحاب إسرائيلي كامل من قطاع غزة. غير أن الهدنة انهارت بعد المرحلة الأولى عندما رفضت إسرائيل الدخول في مفاوضات حول شروط المرحلتين اللاحقتين، ورفضت حماس تمديد المرحلة الأولى، مما أدى إلى استئناف العمليات العسكرية في غزة.