تقرير: القضاة يأمرون مدّعي المحكمة الجنائية الدولية بالتزام الصمت بشأن مذكرات التوقيف بحق الإسرائيليين
القضاة قالوا لكريم خان خلف أبواب مغلقة أن التصريحات العلنية تزيد الضغط على المحكمة الدولية التي تحقق في جرائم حرب مزعومة، وفقًا لصحيفة "ذا غارديان

أفادت صحيفة “ذا غارديان” البريطانية يوم الإثنين أن قضاة المحكمة الجنائية الدولية أصدروا أمرًا سريًا يمنع المدعي العام كريم خان من الإعلان عن أي طلبات جديدة لاستصدار مذكرات توقيف في قضيته ضد إسرائيل، في خطوة تهدف على ما يبدو لتقليل الضغوط على المحكمة.
وبحسب التقرير، فإن الأمر يحظر على خان الإعلان عن تقديم طلبات توقيف جديدة أو نيته للقيام بذلك، في الوقت الذي يستعد فيه لتوجيه اتهامات جديدة بجرائم حرب ضد إسرائيليين.
وأعرب القضاة عن استيائهم من إعلان خان العام الماضي عزمه التقدم بطلبات توقيف — والتي صودق عليها لاحقًا — بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، قائلين أن تصريحاته العلنية أثارت ضغوطًا غير مبررة على المحكمة.
ونقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة أن خان يستعد لتقديم طلبات توقيف بحق مشتبهين إسرائيليين آخرين على خلفية مزاعم بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وكان إعلان خان في مايو 2024 عن نيته ملاحقة نتنياهو وغالانت، وصدور مذكرات التوقيف فعليًا في نوفمبر، قد أثار موجة من الإدانات والاتهامات من جانب إسرائيل وحلفائها.
ورَدّ مكتب نتنياهو حينها بوصف المذكرات بأنها “معادية للسامية” و”تعادل محاكمة دريفوس بنسخة حديثة”.
وفي فبراير، فرضت الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية على خان لمعاقبة المحكمة على إصدار المذكرات بحق نتنياهو وغالانت.
وبحسب “ذا غارديان”، قال مسؤولون في المحكمة إن التصريحات العلنية المحيطة بالمذكرات أدت إلى ضغوط على القضاة الذين ينظرون في الطلبات.
وأفادت تقارير غير مؤكدة أن هذه الضغوط شملت محاولات ترهيب ضد أعضاء المحكمة، ما دفع المحكمة الجنائية الدولية لإصدار بيان العام الماضي يندد بالتهديدات بالانتقام المرتبطة بالقضية.
Statement of the #ICC Office of the Prosecutor pic.twitter.com/Cw331pMcDm
— Int'l Criminal Court (@IntlCrimCourt) May 3, 2024
وبموجب الأمر، لم يعد يُسمح لخان بالإشارة إلى أي طلبات لمذكرات توقيف، ويُطلب منه الحصول على إذن مسبق من المحكمة للكشف عن أي طلبات مستقبلية، بحسب ما أفادت الصحيفة.
وذكرت الصحيفة، نقلًا عن مسؤولين في المحكمة، أن تصريح خان العلني عن سعيه لاستصدار مذكرات توقيف في القضية ضد إسرائيل وغيرها من القضايا مثّل خروجًا عن النهج الهادئ الذي اتبعته سلفته فاتو بنسودا.
وصرّح متحدث باسم خان بأنهم “لا يستطيعون تأكيد أو نفي وجود أو مضمون أي قرار قضائي لم يُنشر رسميًا من قبل المحكمة”،
وأكد أن خان يعمل ضمن الإطار القانوني للمحكمة.

وفي الأسبوع الماضي، أصدرت دائرة الاستئناف في المحكمة الجنائية الدولية حكمًا يسمح لإسرائيل بالطعن في اختصاص المحكمة بمحاكمة مواطنيها في قضايا جرائم حرب. وعلى الرغم من هذا التطور الإجرائي، رفضت المحكمة تعليق مذكرات التوقيف.
وتُعد المحكمة الجنائية الدولية هيئة مستقلة تأسست عام 2002، وتختص بمحاسبة الأفراد على أخطر الجرائم: جرائم الحرب، الجرائم ضد الإنسانية، الإبادة الجماعية، وجريمة العدوان. وتمثل المذكرات الصادرة بحق نتنياهو وغالانت أول مرة يُتهم فيها زعيم دولة غربية حليفة بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية من قبل المحكمة الدولية، ما أثار ردود فعل شديدة من مؤيدي إسرائيل، وعلى رأسهم الولايات المتحدة.
وتُميز المحكمة الجنائية الدولية عن محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة، والتي تنظر في النزاعات بين الدول.
وفي يوم الإثنين، افتتحت محكمة العدل الدولية أسبوع جلسات استماع بشأن التزامات إسرائيل الإنسانية تجاه الفلسطينيين، بعد أكثر من 50 يومًا على فرضها حصارًا على دخول المساعدات إلى غزة التي مزقتها الحرب.

وخلال الجلسة، اتهم سفير فلسطين لدى هولندا عمار حجازي إسرائيل بانتهاك القانون الدولي.
وقال: “إسرائيل تُجَوِّع وتَقتُل وتُهجِّر الفلسطينيين، وتستهدف وتمنع منظمات الإغاثة الإنسانية من إنقاذ أرواحهم”.
وتنفي إسرائيل تعمّد استهداف المدنيين أو طواقم الإغاثة في إطار حربها التي اندلعت إثر هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023.
ومن المقرر أن تشارك في الجلسات 40 دولة وأربع منظمات دولية. وعلى الرغم من عدم مشاركة إسرائيل، إلا أن أقرب حلفائها، الولايات المتحدة، من المقرر أن تدلي بمداخلتها يوم الأربعاء.
ومن المتوقع أن تستغرق المحكمة عدة أشهر لإصدار حكمها. ويقول الخبراء إن القرار، رغم كونه غير ملزم قانونيًا، قد يكون له تأثير كبير على القانون الدولي، والمساعدات المقدمة لإسرائيل، والرأي العام العالمي.