تقرير: السعودية تخشى التطبيع الكامل مع إسرائيل، أو إجراء صفقة مع حكومة نتنياهو الحالية
ذكرت "وول ستريت جورنال" أن الولايات المتحدة والرياض اتفقتا على شروط عامة، وتأملان في إتمام الصفقة خلال 9-12 شهرا، رغم استبعاد ذلك بسبب مطالبتهما إسرائيل بتقديم تنازلات كبيرة للفلسطينيين
ورد أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أخبر مساعديه أنه غير مستعد لتطبيع العلاقات بشكل كامل مع إسرائيل وأنه لا يسعى إلى التوصل إلى اتفاق مع الحكومة المتشددة الحالية بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
في حين شدد المسؤولون الأمريكيون على مرونتهم بشأن صفقة إسرائيلية-سعودية، ودعمهم لخطوات مؤقتة تقرب الجانبين من التطبيع الكامل، يبدو أن الموقف المنسوب إلى ولي العهد في تقرير صحيفة “وول ستريت جورنال” يوم الأربعاء كان المرة الأولى التي يقول فيها مسؤول سعودي أن الرياض قد تكون مستعدة للقيام بمثل هذه الخطوات المؤقتة فقط، وأنها ليست مستعدة لاتفاق شبيه بالاتفاق الذي وقعته إسرائيل مع الإمارات العربية المتحدة في عام 2020.
وبينما أقر المسؤولون الأمريكيون سرا أن معارضي السيادة الفلسطينية – الذين يشكلون أغلبية واضحة في حكومة نتنياهو – سيعقّدون الجهود لتحقيق صفقة تطبيع، نظرا لأنها ستتطلب خطوات كبيرة لإحياء حل الدولتين، فالتقرير يشير للمرة الأولى إلى تعبير الرياض عن عدم ارتياحها لفكرة تحقيق أي صفقة مع التحالف الحالي.
وفي الوقت نفسه، أشارت الصحيفة إلى أن بن سلمان قد أرسل رسائل متضاربة إلى أطراف مختلفة، وأن المسؤولين الأمريكيين ما زالوا يعتقدون أن الزعيم السعودي جاد في محاولة التوصل إلى اتفاق.
وذكر التقرير أن المسؤولون الأمريكيين والسعوديين اتفقوا على شروط عامة لصفقة إسرائيلية سعودية محتملة، والتي من شأنها أن تشهد تقديم الولايات المتحدة ضمانات أمنية كبيرة للسعودية، واتخاذ الرياض خطوات كبيرة للنأي بنفسها عن الصين، واتخاذ إسرائيل خطوات كبيرة نحو إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
وقال مسؤولون أمريكيون لصحيفة “وول ستريت جورنال” إنهم يأملون أن يتم التوصل إلى صيغة نهائية في الأشهر التسعة إلى الاثني عشر القادمة، لكنهم لم يصلوا حد الادعاء بأنه سيتم توقيع صفقة في تلك الفترة الزمنية.
ونفى البيت الأبيض التقرير بشكل قاطع. وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي ردا على سؤال بشأن هذه المسألة خلال إحاطة هاتفية مع المراسلين: “لا يوجد اتفاق على مجموعة من المفاوضات، ليس هناك اتفاق على إطار عمل لتقنين التطبيع أو أي من اعتباراتنا أو اعتبارات أصدقاؤنا في المنطقة الأمنية الأخرى”.
وأضاف: “لقد أعطت التقارير لبعض الناس انطباعًا بأن المناقشات متقدمة أكثر وأقرب من أن تكون مؤكدة مما هي عليه في الواقع”.
وأوضح كيربي أن بايدن طلب بالفعل من كبار مساعديه “معرفة ما هي الامكانيات بما يتعلق بمتابعة التطبيع بين إسرائيل والسعودية”، وأن “هناك التزاما من قبل الإدارة لمواصلة الحديث ومواصلة محاولة دفع الأمور إلى الأمام”.
وقد تم الإبلاغ عن الشروط العامة الواردة في تقرير صحيفة “وول ستريت جورنال” في الأشهر الأخيرة.
في 27 يوليو، ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” أيضا أن الرئيس الأمريكي جو بايدن لم يقرر بعد ما إذا كان سيوافق في نهاية المطاف على الخطوة، لكنه مع ذلك طلب من مساعديه محاولة التوصل إلى اتفاق.
وتسعى السعودية إلى معاهدة أمن متبادل شبيهة باتفاقية حلف شمال الأطلسي، تُلزم الولايات المتحدة بالدفاع عنها إذا تعرضت الأخيرة للهجوم؛ برنامج نووي مدني تراقبه وتدعمه الولايات المتحدة؛ والقدرة على شراء أسلحة أكثر تطوراً من واشنطن، مثل نظام الدفاع الصاروخي المضاد للصواريخ الباليستية (ثاد)، والذي يمكن استخدامه لمحاربة ترسانة إيران الصاروخية المتنامية، حسبما ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز”، مؤكدة تقارير سابقة في تايمز أوف إسرائيل.
في المقابل، ترغب الولايات المتحدة في أن تقوم الرياض بتقديم حزمة مساعدات كبيرة غير مسبوقة للمؤسسات الفلسطينية في الضفة الغربية، وتقليص الصفقات مع شركات التكنولوجيا الصينية مثل “هواوي”، واستخدام الدولار الأمريكي بدلاً من العملة الصينية لتسعير مبيعات النفط، ورفض خطة بكين لإقامة قاعدة عسكرية على الأراضي السعودية وتعزيز الهدنة التي أنهت الحرب الأهلية في اليمن.
أما بالنسبة للخطوات المحددة التي سيتعين على إسرائيل اتخاذها حيال الفلسطينيين، فلم يتم تحديدها بعد. وقال دبلوماسي مطلع على الأمر لتايمز أوف إسرائيل يوم الثلاثاء إن الرياض ليست على دراية كافية بالقضية حتى الآن من أجل إصدار مطالب محددة.
وأضاف أن القضية ليست “عاجلة” بالنسبة لمحمد بن سلمان، وإنه يرغب بالتعامل مع القيادة الحالية للسلطة الفلسطينية. ومع ذلك، قال الدبلوماسي إن ولي العهد يدرك أيضا أنه لا يمكنه التوصل إلى اتفاق مع إسرائيل يتجاهل الفلسطينيين، بالنظر إلى المشاعر العامو في السعودية، ونظرة المملكة إلى نفسها كوصي على الأماكن الإسلامية المقدسة.
من جانبه، أكد نتنياهو هذا الأسبوع أن القضية الفلسطينية هي مجرد مربع “عليك شطبه… أن تقول إنك تفعل شيئا”، مشيرا إلى أنه لم يتوقع أن تكون المطالب بشأن هذه المسألة صعبة بشكل خاص.
وقال مستشار الأمن القومي تساحي هنغبي للصحيفة إن إسرائيل لم تقدم بعد بأي شروط. “في الوقت الحالي، لا نعرف حتى من أين نبدأ. لا تزال [الولايات المتحدة والسعودية] تتعامل مع القضايا الأساسية بينهما، لذلك يبدو أنه من السابق لأوانه حتى مناقشة الأمر”.
ومع ذلك، قال هنغبي إن لديه “ثقة كاملة” في أنه “مهما تقرر الولايات المتحدة” بشأن هذه القضية، ستتعامل مع المخاوف الإسرائيلية.
في الوقت نفسه، أعرب مسؤولون إسرائيليون آخرون عن عدم ارتياحهم لمطالبة السعودية ببرنامج نووي مدني.
وكتب وزير الخارجية إيلي كوهين مقال رأي في صحيفة “وول ستريت جورنال” يوم الثلاثاء تكهن فيه أنه إذا وافقت الولايات المتحدة على اتفاقية دفاع مع الرياض كجزء من صفقة تطبيع محتملة بين السعودية وإسرائيل، فسيطمئن ذلك دول الخليج بأنها محمية من العدوان الإيراني، مما يجعل طموحاتها النووية “غير ضرورية”.
ومع ذلك، من المرجح أن تواجه اتفاقية دفاع مع السعودية صعوبات في شق طريقها عبر الكونغرس، نظرا لعدم الارتياح بشأن سجل الرياض في مجال حقوق الإنسان، لا سيما بين التقدميين.
العوائق العديدة التي تقف أمام الصفقة قد تكون سبب استعداد المسؤولون الأمريكيون الاعتراف في الأسابيع الأخيرة بأن فرص النجاح لا تزال منخفضة.