تقرير: الجيش الإسرائيلي يستعين بغزيين لفحص المناطق التي قد تكون مفخخة قبل دخول القوات
جنود يقولون لصحيفة إسرائيلية إن القادة يرسلون المدنيين الفلسطينيين إلى الأنفاق والمباني التي يخشون أن تكون مفخخة، ويزعمون أن رئيس الأركان وكبار القادة على دراية بهذه الممارسة
ذكرت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية يوم الثلاثاء أن قوات الجيش الإسرائيلي العاملة في غزة تستخدم المدنيين الفلسطينيين كدروع بشرية، وتجبرهم على دخول الأنفاق والمنازل قبل الجنود بسبب المخاوف من أن تكون الهياكل مفخخة.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه يراجع هذه المزاعم.
وفقا للتقرير، الذي استشهد بشهادات تم الحصول عليها من جنود إسرائيليين عائدين الذين شهدوا بانتظام استخدام هذا التكتيك، فقد قامت القوات في مناسبات متعددة بالبحث عن مدنيين في غزة الذين اعتقدت أنهم سيكونون بمثابة أصول لهم أثناء العمل ضد حماس في المناطق الحضرية الكثيفة.
وفي أغلب الحالات، كان الفلسطينيون “المجندون” من الرجال البالغين، بحسب التقرير، على الرغم من أن الجنود رووا أيضا حالات تم فيها اختيار رجال مسنين أو فتية. ولا يُشتبه في أن الرجال متهمون بالإرهاب، ولكن يتم احتجازهم خصيصا لإرسالهم إلى المباني والأنفاق التي يعتقد الجنود أنها قد تكون مفخخة.
وقال جندي مقتبس في التقرير إن قائده قال له “من الأفضل أن ينفجروا هم وليس الجنود”، وأضاف أن قائده برر هذه الممارسة.
وقال جندي آخر إن الجنود أبلغوا الفلسطينيين بأنهم سيطلقون سراحهم بعد إتمام “مهمة” واحدة، وأضاف أن الفلسطينيين ظلوا محتجزين لدى القوات لفترات متفاوتة، تتراوح بين يوم أو يومين وأسبوع.
وزعمت الصحيفة أن هذه الممارسة استُخدمت على نطاق واسع في قطاع غزة في الأشهر الأخيرة، وأن كبار القادة في الجيش الإسرائيلي ــ بما في ذلك رئيس الأركان اللفتنانت جنرال هرتس هليفي ــ على دراية بها.
وقال أحد الجنود إن الجيش الإسرائيلي يدرك “أن الأمر ليس حادثة لمرة واحدة يقرر فيها قائد شاب غبي بمحض إرادته أن يأخذ شخصا”.
وفي غضون ذلك، قال جنود خدموا تحت قيادة قادة قرروا تجربة هذه الطريقة لصحيفة هآرتس إنهم لم يكونوا على علم دائما بالهويات الحقيقية لهؤلاء الرجال.
وروى أحد الجنود عن حادثة انضم فيها رجل لا يعرفه إلى فريقهم، ولكن مع حذاء رياضي بدلا من الأحذية القتالية، وبدون سترة واقية.
وقال الجندي إن الجنود تلقوا تعليمات بحراسته في جميع الأوقات، ولم يتضح لهم سبب وجوده حتى اليوم التالي، عندما طُلب منهم دخول نفق داخل منطقة قتال، حيث تم ارسال الرجل الفلسطيني أمامهم بينما كان القائد يتتبع تحركاته عبر كاميرا مثبتة على الجسم، وفقا للجندي.
وقال جندي شاهد اللقطات: “سمعنا أنفاسا عميقة، بدا الأمر وكأنه كان خائفا بعض الشيء. لقد قاموا ببساطة بإرساله حيث قام برسم خريطة [النفق] للقادة، وكان قائد اللواء يراقب من الخارج”.
وقال أحد الجنود إنه كُلف بحراسة فتى فلسطيني يبلغ من العمر 16 عاما قبل المهمة التي تم اختياره لها.
وقال الجندي: “تلتزم الصمت وتحاول إقناع نفسك، حسنا، دعنا نذهب، دعنا نستخدمهم”، مضيفا: “لقد حاولوا شرح الأمر بطريقة عقلانية، ولكن في نهاية اليوم، لديك صبي يبلغ من العمر 16 عاما يجلس داخل المنزل مقيدا، وعيناه معصوبتان”.
وأضاف الجندي أنه لم يكن على دراية أن الفتى لم يكن مشتبها به على الإطلاق إلا بعد إطلاق سراحه بعد بضعة أيام.
وأكد مصدر لم يكشف عن هويته من داخل القيادة الجنوبية للجيش الإسرائيلي لصحيفة هآرتس أن قائد القيادة الجنوبية الميجر جنرال يارون فينكلمان كان على دراية بهذه الممارسة.
وقال المصدر “في كل اجتماع أثيرت فيه القضية، كان هناك قادة حذروا من العواقب الأخلاقية والقانونية”، مضيفا أن بعض الضباط طلبوا مغادرة الاجتماعات عندما أثيرت المسألة وفضلوا ألا يكونوا طرفا في المحادثة.
في رده على هذه المزاعم، لم ينكر الجيش الإسرائيلي استخدام هذه الممارسة في خضم القتال في غزة، حيث تخوض القوات الإسرائيلية حربا مستمرة منذ عشرة أشهر مع حماس في أعقاب الهجوم الذي شنته إسرائيل في السابع من أكتوبر على جنوب إسرائيل.
وقال الجيش في رده: “إن تعليمات وأوامر جيش الدفاع تحظر استخدام المدنيين الغزيين الذين يتم القبض عليهم في الميدان في مهام عسكرية تشكل خطرا متعمدا على حياتهم”، مضيفا أن الاتهامات الواردة في التقرير “أحيلت إلى السلطات المختصة للمراجعة”.
ويعتبر استخدام الدروع البشرية جريمة حرب بموجب القانون الدولي، وتصفه المحكمة الجنائية الدولية بأنه “استغلال وجود مدني أو شخص محمي آخر لجعل نقاط أو مناطق أو قوات عسكرية معينة محصنة من العمليات العسكرية”.
واتهم الجيش الإسرائيلي عناصر حماس مرارا في غزة بالاختباء بين السكان المدنيين الفلسطينيين واستخدامهم كدروع بشرية.
اندلعت الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة في أعقاب اقتحام الأخيرة لجنوب إسرائيل في 7 أكتوبر، والذي قتلت خلاله نحو 1200 شخص واحتجزت 251 آخرين كرهائن، يُعتقد أن 111 منهم ما زالوا محتجزين في قطاع غزة.
وتقول وزارة الصحة في غزة التي تديرها حماس إن أكثر من 39 ألف فلسطيني في القطاع قُتلوا حتى الآن، رغم أنه لا يمكن التحقق من هذا العدد وهو لا يميز بين المدنيين والمقاتلين. وتقول إسرائيل إنها قتلت نحو 15 ألف مقاتل في المعركة ونحو 1000 مسلح داخل إسرائيل خلال هجوم السابع من أكتوبر.
وبلغت حصيلة قتلى إسرائيل في الهجوم البري ضد حماس في غزة وفي العمليات العسكرية على طول الحدود مع القطاع 332 قتيلا.