تقرير: اعتقال فتى إسرائيلي ظلما لمدة 18 شهرا بتهمة تسريب معلومات سرية، بينما ضباط في الجيش قدموا له المعلومات
ورد أن الضباط جندوا الشاب البالغ من العمر 17 عامًا للقيام بحملة غير مصرح بها على وسائل التواصل الاجتماعي؛ عندما أدرك الجيش ذلك، لم ينقل الأدلة التي تبرئه إلى السلطات
تم احتجاز فتى يهودي إسرائيلي في سن المراهقة رهن الاعتقال لأكثر من عام بينما بموجب اتهامات خطيرة بالتجسس، بينما تم حجب المعلومات الرئيسية التي تبرئه عن المدعين العامين وفريق الدفاع عنه، حسبما أفاد تقرير يوم الأربعاء.
أسقطت النيابة التهم الموجهة إلى المشتبه به (17 عاما)، بعد أن حصل فريق دفاعه في نهاية المطاف على سجلات تظهر أنه حصل على المعلومات السرية التي نشرها على الإنترنت من ضباط مخابرات في الجيش الإسرائيلي، على ما يبدو كجزء من حملة تأثير غير مصرح بها على وسائل التواصل الاجتماعي، حسبما ذكرت صحيفة “هآرتس”.
وبحسب ما ورد، كان الضابط الذي أشرف على الحملة هو العميد رومان غوفمان، الذي كان في ذلك الوقت قائد الفرقة 210 في القيادة الشمالية للجيش الإسرائيلي. وشغل غوفمان مؤخرا منصب قائد قاعدة التدريب “تسيليم” في جنوب البلاد.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان له إن التحقيق وجد أن بعض الضباط تصرفوا بطريقة “غير مهنية” وأنه يتعامل مع القضية على مستوى القيادة.
وقال محامو الفتى في بيان أن “هذه واحدة من أخطر قضايا التستر التي شهدناها في إسرائيل”، مضيفين أنهم يعتزمون رفع دعوى قضائية للحصول على تعويضات عن معاملة موكلهم.
وقالوا: “لقد انقلبت حياته رأساً على عقب ولن تعود أبداً إلى ما كانت عليه. لقد تم الدوس على سمعته وتركه مصدومًا لبقية حياته. لقد تم استخدامه بطريقة مقززة من قبل القوى الأمنية… وعندما تفجرت القضية، بدلا من حمايته، أخفوها”.
بدأت القصة في مايو 2022 عندما تم اعتقال مدنيين إسرائيليين – أحدهما كان المراهق المعني – وجندي في الجيش الإسرائيلي بتهمة تسريب معلومات عسكرية سرية على وسائل التواصل الاجتماعي. واتهم المشتبه بهم الثلاثة بالعمل معًا لنشر المعلومات لكسب المصداقية أو الشعبية على الإنترنت. ولم يُشتبه في تعرضهم لضغوط من عنصر خبيث أو العمل لتحقيق مكاسب مالية، وفقًا للسلطات في ذلك الوقت. وحكم على الجندي فيما بعد بالسجن لمدة 27 شهرا.
واتهم المراهق المعتقل بتلقي معلومات سرية من المشتبه به المدني البالغ والجندي، ومشاركتها مع معارفه، ونشر بعضها علنًا. ووجهت إليه تهمة حيازة ونقل معلومات سرية، وهي تهمة تصل عقوبتها القصوى إلى السجن 15 عاما.
واحتُجز بعد ذلك لأكثر من عام. وبعد أن أمضى في البداية شهرين في الحبس الانفرادي، تم إطلاق سراحه ووضعه في الإقامة الجبرية، مع سوارة إلكترونية ومُنع من التواصل مع أو مقابلة أي شخص.
وخلال استجوابه، أصر المراهق على أن بعض المعلومات التي نشرها جاءت من جنديين آخرين في المخابرات العسكرية الإسرائيلية طلبا منه نشر المواد على حسابات وسائل التواصل الاجتماعي التي يديرها كجزء من حملة التأثير على الإنترنت. ووفقا لصحيفة “هآرتس”، فإن المراهق هو طالب ناجح أكاديميا، وقد علم نفسه اللغة العربية ويدير حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي تغطي الأحداث في الدول العربية وعلى وسائل الإعلام الناطقة باللغة العربية.
وأشار التقرير إلى أن وحدة غوفمان لم تكن مكلفة بالمشاركة في حرب نفسية. ولم يطلب أي من المشاركين الحصول على إذن قانوني لمثل هذا المشروع، ويبدو أن الاتصال بالمراهق لم تتم الموافقة عليه من قبل قسم المخابرات في الجيش الإسرائيلي.
وحققت الشرطة بشكل سطحي في ادعاءات المراهق، لكن الجيش الإسرائيلي نفى أي علاقة له. ورفض المحققون مناقشة الادعاءات مع محامية الفتى، أوريت هايون، وفقا للتقرير، ويبدو أن النيابة العامة لم تكن على علم بها عندما قدمت التهم.
وكشف تحقيق داخلي للجيش الإسرائيلي، تم فتحه إلى جانب التحقيق الجنائي، عن تورط غوفمان، وفقا للتقرير، ولكن لم يتم نقل المعلومات إلى النيابة أو فريق الدفاع. وزعم غوفمان أنه لم يكن يعرف عمر المراهق، مضيفًا أنه أمر بتزويده بالمعلومات غير السرية فقط من أجل نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي.
وذكر التقرير أن المحققين رفضوا لعدة أشهر طلبا من هايون بمراجعة هاتف المراهق بحثا عن أدلة على الاتصالات بينه وبين جنود المخابرات. ونجحوا في تسليم الجهاز نهاية المطاف، وتمكن محامو الدفاع من إثبات أن ضابط مخابرات – لم يذكر اسمه في تقرير “هآرتس” – بادر للاتصال مع المراهق حول نشر مواد وأن قائد الضابط، غوفمان، وافق على العملية.
وسحب الادعاء التهم الموجهة إلى المراهق قبل شهر، وأخبر المحكمة أنه خلال المناقشات مع فريق الدفاع، “ظهرت الكثير من البيانات والمعلومات التي لم تكن موجودة في ملف التحقيق”، وتوصل المدعون “في النهاية إلى استنتاج مفاده أنه لا يمكن مواصلة الإجراءات ضد المدعى عليه”.
وقالت وحدة السايبر التابعة للنيابة العامة في بيان لصحيفة “هآرتس” إنه “بعد تحقيقات متعمقة مع جميع المسؤولين الأمنيين المعنيين، تلقى مكتب المدعي العام معلومات جديدة” أدت إلى قرار إلغاء لائحة الاتهام.
واعترف الجيش الإسرائيلي في بيان بأن بعض الضباط تصرفوا بطريقة “تتجاوز صلاحياتهم”، لكنه أضاف أن أفعالهم ترقى إلى مستوى “أخطاء مهنية” وليست جريمة جنائية. وقال إن التحقيق الداخلي ونتائجه سرية لكن تم اتخاذ “إجراءات على مستوى القيادة” ضد “عدد من المتورطين”.
وفيما يتعلق بغوفمان، الذي أصيب مؤخرا في المعارك مع مسلحي حماس خلال هجومهم في 7 أكتوبر، قال الجيش الإسرائيلي إن تصرفاته كانت “خطأ مهنيا سيتم التحقيق فيه وفحصه، وتقرر أنه سيتم التعامل معه على مستوى القيادة”.
ورفض محامو المراهق ادعاء الجيش الإسرائيلي بشأن كيفية تعامله مع القضية، وقالوا إن “التعامل مع مثل هذا الإغفال الخطير على مستوى القيادة فقط هو خروج على القانون، وسوف نطالب بتعويض عن الأضرار النفسية والاجتماعية الشديدة التي لحقت بالقاصر من النظام الأمني ومن كل المتورطين شخصياً”.