إسرائيل في حالة حرب - اليوم 340

بحث

تقرير: إسرائيل استخدمت صاروخا لا يرصده الرادار لضرب دفاعات “إس-300” بالقرب من موقع نطنز النووي

بحسب نيويورك تايمز فإن الهجوم هدف لإظهار قدرة إسرائيل على مراوغة الدفاعات الجوية الإيرانية، وجعل طهران "تفكر مرتين" قبل القيام بهجوم آخر؛ وزير الخارجية الإيراني يزعم أن بلاده بالكاد واجهت "ألعاب" أطفال

شاحنة عسكرية إيرانية تحمل أجزاء من نظام صواريخ الدفاع الجوي S-300 خلال عرض عسكري في إطار احتفال بيوم الجيش السنوي للبلاد، في طهران، 17 أبريل، 2024. (ATTA KENARE / AFP)
شاحنة عسكرية إيرانية تحمل أجزاء من نظام صواريخ الدفاع الجوي S-300 خلال عرض عسكري في إطار احتفال بيوم الجيش السنوي للبلاد، في طهران، 17 أبريل، 2024. (ATTA KENARE / AFP)

استخدمت الضربة الإسرائيلية المزعومة ليلة الخميس والجمعة على الدفاعات الجوية الإيرانية بالقرب من موقع نطنز النووي صاروخا عالي التقنية قادرا على مراوغة أنظمة الرادار الإيرانية، في خطوة مصممة “لجعل إيران تفكر مرتين” قبل شن هجوم مباشر آخر على إسرائيل. حسبما ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” يوم السبت.

ونقلت الصحيفة عن مسؤوليّن غربييّن لم تذكر اسميهما قولهما إن الهدف من الصاروخ كان ايصال رسالة إلى طهران مفادها أن إسرائيل قادرة على مراوغة دفاعاتها وتحييدها.

وقال مسؤولان إيرانيان إن الضربة أصابت نظام دفاع جوي روسي الصنع من طراز إس-300. وقالا للصحيفة إن إيران لم ترصد أي اختراقات لمجالها الجوي من طائرات مسيّرة أو صواريخ أو طائرات.

وقالت الصحيفة إن الصاروخ أطلق من طائرة حربية “بعيدة عن المجال الجوي الإسرائيلي أو الإيراني”.

كما أفاد التقرير أيضا أن الطائرة والصاروخ لم يدخلا المجال الجوي الأردني – وهي خطوة محسوبة لإبقاء عمّان بعيدا عن أي تداعيات محتملة للضربة الانتقامية، بعد أن ساعدت في إسقاط بعض من مئات المسيّرات والصواريخ التي أطلقتها إيران على إسرائيل في نهاية الأسبوع الماضي.

أظهرت صور أقمار اصطناعية اطلع عليها “تايمز أوف إسرائيل” أضرارا في رادار نظام إس-300 في قاعدة شكاري الجوية الثامنة في أصفهان، والتي يقال إنها جزء من مجموعة تدافع عن موقع نطنز النووي السري للغاية القريب. ولم يُسمح بنشر الصور على الفور، وفقا لسياسة الوكالة التي التقطت الصورة.

وأظهرت صور إضافية التقطها رادارات الفتحة التركيبية (SAR) يوم الجمعة دليلا على استهداف موقع الرادار.

وقالت نيويورك تايمز إن الضربة كانت مصممة عمدا لإرسال رسالة حول الشكل الذي يمكن أن يبدو عليه هجوم أوسع، مع قدرة إسرائيل على اختراق الدفاعات الإيرانية دون أن يتم اكتشافها.

كما قال مسؤولو دفاع أمريكيون لصحيفة نيويورك تايمز إن هناك مخاوف من أن السابقة التي شكلها تبادل الضربات المباشرة بين الدولتين هذا الأسبوع قد تشجع على المزيد من جولات العنف في المستقبل.

وقال الخبراء للصحيفة إن التأثيرات الأخرى قد تتمثل في جهد إيراني لحماية أصولها النووية بشكل أفضل وجعل مهاجمتها أكثر صعوبة، بالإضافة إلى سعي محتمل لنقل أسلحة إلى مواقع أقرب إلى إسرائيل في حالة حدوث مواجهة أخرى.

طائرات مقاتلة أمريكية الصنع من طراز F-35 في قاعدة نيفاتيم الجوية، 13 نوفمبر، 2022. (IDF)

ذكرت وسائل إعلام أمريكية، الجمعة، أن الضربة الإسرائيلية المزعومة في إيران تجاوزت نطاق عدة طائرات مسيّرة صغيرة كما وصفتها طهران. كانت أخبار شبكة ABC أول من أفاد بأن الدفاعات الجوية في أصفهان كانت جزءا من مجموعة تدافع عن موقع نطنز السري للغاية القريب.

وذكرت قناة “فوكس نيوز” نقلا عن “مصادر عسكرية أمريكية رفيعة المستوى” قولها إن الهدف من الضربة كان قاعدة عسكرية في أصفهان، وليس المنشآت النووية شديدة التحصين نفسها، والتي تقع على بعد حوالي 100 كيلومتر إلى الشمال من المدينة  وتم وضع معظمها عميقا تحت جبل.

وقال أحد المصادر لشبكة فوكس نيوز: “لقد ضرب الإسرائيليون ما كانوا يعتزمون ضربه”، مضيفا أن هناك هدفا رئيسيا واحدا تم ضربه عدة مرات وأن نظام الدفاع الجوي الإيراني روسي الصنع أثبت عدم فعاليته.

وكانت إيران قد زعمت في وقت سابق أن ثلاث طائرات مسيرّة صغيرة شاركت في الهجوم على أصفهان. وقال التلفزيون الرسمي الإيراني إن الدفاعات الجوية دمرت المسيّرات الصغيرة، ولم يشر إلى أي صواريخ أو أضرار في الهجوم.

إسرائيل الرسمية لم تعلق على الهجوم.

وعلى الرغم من التقارير، واصلت إيران الإصرار على أنه تم إطلاق عدة مسيّرات صغيرة فقط، وأنها لم تسبب أي ضرر.

وشبه وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان الموجود في نيويورك لحضور اجتماع لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن الشرق الأوسط الهجوم الذي وقع يوم الجمعة بلعبة أطفال.

متحدثا لأخبار NBC من خلال مترجم، قال أمير عبد اللهيان إن المسيّرات انطلقت من داخل إيران وحلقت لبضع مئات من الامتار قبل أن يتم إسقاطها.

وقال أمير عبد اللهيان “ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما. لقد كان تحليقا لطائرتين أو ثلاث طائرات رباعية، وهي على مستوى الألعاب التي يستخدمها أطفالنا في إيران”.

ومع ذلك، يبدو أن التقارير التي تفيد بأن إسرائيل أطلقت صاروخا واحدا على الأقل مرتبطة بالحطام الذي تم العثور عليه في العراق في الصباح بعد أن أبلغ سكان بغداد عن سماع أصوات انفجارات.

وأظهرت الصور ما يبدو أنه أجزاء من صاروخ جو-أرض يعمل على مرحلتين بالقرب من اللطيفية، جنوب غرب بغداد، والتي قد تكون سقطت بعد إطلاق الصاروخ، على الرغم من أن ذلك لا يزال غير مؤكد.

لدى إسرائيل عدة أنواع من هذه الذخائر متاحة لقواتها الجوية، مما يزيد من احتمالية أنه تم إطلاقها كجزء من الهجوم.

وفي وقت قريب من وقوع الهجوم في إيران، نقلت وكالة الأنباء السورية “سانا” الرسمية بيانا عسكريا جاء فيه إن إسرائيل نفذت ضربة صاروخية استهدفت وحدة دفاع جوي في جنوب البلاد والتي ألحقت أضرارا بالموقع. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره بريطانيا، وهو منظمة معارضة ترصد الحرب في سوريا لكن تمويلها غير واضح، إن الغارة أصابت رادارا عسكريا لقوات النظام.

وتقع هذه المنطقة من سوريا غرب أصفهان مباشرة، على بعد حوالي 1500 كيلومتر شرق إسرائيل، ويمكن أن توفر إشارة إلى المسار الذي سلكته الطائرات الإسرائيلية.

وتدير المنشأة في أصفهان ثلاثة مفاعلات بحثية صغيرة زودتها بها الصين، فضلا عن التعامل مع إنتاج الوقود والأنشطة الأخرى للبرنامج النووي الإيراني.

وفي الوقت نفسه، تم استهداف موقع التخصيب شديد التحصين تحت الأرض في نطنز بشكل متكرر من قبل ما يُشتبه بأنها هجمات تخريبية إسرائيلية.

وتقدم البرنامج النووي الإيراني بسرعة نحو إنتاج اليورانيوم المخصب بمستويات تقترب من مستوى صنع الأسلحة منذ انهيار اتفاقها النووي مع القوى العالمية، بعد أن سحب الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب بلاده من الاتفاق في عام 2018.

وبينما تصر إيران على أن برنامجها مخصص للأغراض السلمية، تقول الدول الغربية والوكالة الدولية للطاقة الذرية إن طهران كانت تدير برنامجا سريا للأسلحة العسكرية حتى عام 2003. وقد حذرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية من أن إيران تمتلك الآن ما يكفي من اليورانيوم المخصب لصنع العديد من الأسلحة النووية إذا اختارت القيام بذلك – إلا أن مجتمع الاستخبارات الأمريكي يصر على أن طهران لا تسعى فعليا للحصول على قنبلة نووية.

ويبدو أن إصرار إيران على أن الضربة نُفذت بطائرات مسيّرة ولم تسبب أي أضرار هو جزء من محاولة للتقليل من خطورة الهجوم.

وقال مسؤول إيراني كبير إن إيران ليس لديها خطة للانتقام الفوري من إسرائيل. كما شكك المسؤول الإيراني فيما إذا كانت إسرائيل تقف وراء الهجوم في أصفهان.

لقد عملت إسرائيل لسنوات في ظل استراتيجية الإنكار المقبول فيما يتعلق بهجماتها على المصالح الإيرانية في سوريا، ورفضت تحمل المسؤولية أو التحدث علنا عن طلعات جوية محددة، وأعطت إيران ووكلائها فرصة لتجنب الانتقام.

لكن هناك حدود لهذه الاستراتيجية. إسرائيل لم تعلن مسؤوليتها عن الهجوم على السفارة الإيرانية في دمشق في الأول من أبريل والذي أسفر عن مقتل عدد من عناصر الحرس الثوري الإسلامي، من ضمنهم ضابط كبير. ومع ذلك، ردت إيران فجر الأحد بإطلاق أكثر من 300 صاروخ كروز وصاروخ بالستي وطائرة مسيّرة محملة بالمتفجرات على إسرائيل.

وقد اعترضت إسرائيل القصف بأكمله تقريبا، بمساعدة الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والأردن. وأصيبت طفلة إسرائيلية، وهي الضحية الوحيدة في الهجوم، بجروح بالغة جراء سقوط شظايا. كما تعرضت قاعدة “نيفاتيم” الجوية التي كانت مستهدفة لأضرار طفيفة، بحسب مسؤولين إسرائيليين.

ساهم في هذا التقرير إيمانويل فابيان.

اقرأ المزيد عن