تقارير: حماس أجلت هجوم 7 أكتوبر لتجنيد إيران وحزب الله؛ وخططت لتفجيرات على غرار 11/9
تسجيلات من الاجتماعات تشير إلى أن الحركة كانت مستعدة لتنفيذ الهجوم عبر الحدود بحلول سبتمبر 2022، واختارت التوقيت النهائي لأسباب منها الانقسامات بشأن التعديلات القضائية

الهجوم المدمر الذي نفذته حركة حماس على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023، كان من المخطط في الأصل تنفيذه في العام السابق، ولكن تم تأجيله وسط جهود الحركة الفلسطينية للحصول على مساعدة إيران وحزب الله، وفقا لسلسلة من الوثائق التي حصلت عليها وسائل إعلام عالمية يوم السبت.
واستشهدت التقارير بمحاضر من سلسلة اجتماعات التي عقدها قادة حماس العسكريون والسياسيون على مدار عامين، حيث خططوا للوجستيات الهجوم، بالإضافة إلى مراسلات مختلفة بين زعيم حماس يحيى السنوار ومسؤولين إيرانيين.
وعرض تقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” يوم السبت بالتفصيل محاضر 10 اجتماعات امتدت من يناير 2022 حتى أغسطس 2023، والتي قالت الصحيفة أنه تم اكتشافها في يناير على جهاز حاسوب في مركز تحكم تابع لحماس في خان يونس. وقالت الصحيفة إنها تحققت من صحة الوثائق وحصلت بشكل منفصل على تقرير داخلي من الجيش الإسرائيلي فعل الشيء نفسه.
ثم قام الجيش الإسرائيلي بمشاركة محتويات الاجتماعات والرسائل، التي ركزت في الأساس على مشاركة إيران في التخطيط للهجوم وتمويله، مع صحيفتي “واشنطن بوست” و”وول ستريت جورنال“، اللتين قالتا إنهما لم تستطيعا التحقق بشكل مستقل من صحة المعلومات التي حصلتا عليها.
وبينما لم يكن من الواضح دائما من هم المسؤولين الذين شاركوا في الاجتماعات، وجدت “نيويورك تايمز” أن قائد حماس يحيى السنوار كان حاضرا في أحد الاجتماعات، بينما حضر القياديين الكبيرين محمد الضيف ومروان عيسى، اللذين قُتلا في هجمات إسرائيلية، في العديد منها على الأقل، كما فعل محمد السنوار، شقيق يحيى.
وقالت “نيويورك تايمز” إن الخطة للهجوم عبر الحدود على البنية التحتية العسكرية والبلدات الإسرائيلية تم ذكرها لأول مرة في اجتماع عقد في يناير 2022، عندما ناقش مسؤولو حماس الحاضرون ضرورة تجنب تصعيد الصراع مع إسرائيل والتركيز بدلا من ذلك على ” المشروع الكبير”.
ومع ذلك، ربما تكون الكرة قد بدأت في التدحرج حتى قبل ذلك، حيث قالت صحيفة “واشنطن بوست” أنها حصلت على رسائل كتبها السنوار إلى مسؤولين إيرانيين طلب فيها مساعدة مالية وعسكرية لهجوم واسع النطاق على إسرائيل.
وذكر التقرير أن السنوار كتب في رسالة مؤرخة في يونيو 2021 “نعدكم بأننا لن نضيع دقيقة أو فلسا إلا إذا أخذنا نحو تحقيق هذا الهدف المقدس”.

ويبدو أن طلبه قد تمت الموافقة عليه، حيث قالت صحيفة “وول ستريت جورنال” إنها حصلت على رسالة أكد فيها مسؤول إيراني تخصيص 10 ملايين دولار للجناح المسلح لحماس. وطلب السنوار لاحقا مبلغا إضافيا قدره 500 مليون دولار، قال إنه يمكن تسليمه على مدار عامين، مع تحويل 20 مليون دولار شهريا.
وفي أعقاب الاجتماع في يناير 2022، تمت مناقشة “المشروع الكبير” مطولا في اجتماعات لاحقة لقيادة حماس في غزة في شهري أبريل ويونيو من العام نفسه.
خلال تلك الفترة بدأ الهجوم في التبلور. في نوفمبر الماضي، تم الكشف عن وثيقة مكونة من 36 صفحة في شمال غزة، حسبما ذكرت صحيفة “واشنطن بوست”، والتي تم فيها تحديد ومراجعة سيناريوهات مختلفة لمهاجمة إسرائيل.
من بين الأهداف التي تمت مناقشتها مراكز تسوق ومراكز قيادة عسكرية، حسبما ذكرت “واشنطن بوست”، وكذلك أبراج عزريئلي في تل أبيب، التي تضم مكاتب ومركز تسوق كبير ومحطة للقطارات. في هذا السيناريو، خططت المجموعة بحسب التقرير لتنفيذ هجمات مماثلة لهجمات 11 سبتمبر 2001، على مركز التجارة العالمي في نيويورك.
ومع ذلك، تم تجاهل هذه الخطة بعد أن خلصت الجماعة إلى أنها تفتقر إلى القدرة على إسقاط الأبراج، حسبما أفاد التقرير.

ومن بين الخطط الأخرى التي قيل إن الحركة تجاهلتها، كانت هناك خطة تتضمن استخدام عربات تجرها خيول، والتي قالت الحركة إنها ستكون بمثابة “آلية سريعة وخفيفة” لنقل المقاتلين دون لفت الانتباه الذي تجذبه المركبات الحديثة.
وقالت الصحيفة أنه بحلول رأس السنة اليهودية بعد حوالي تسعة أشهر، في سبتمبر 2022، بدت حماس مستعدة للهجوم، بعد أن استقرت على خطة لمهاجمة القواعد العسكرية أولاً قبل الانتقال لاحقا إلى مساكن المدنيين. لكن الأمر استغرق 13 شهرا آخر قبل أن تنفذ هجومها.
ولم يتم ذكر سبب التأخير صراحة في المحضر الذي حصلت عليه “نيويورك تايمز”، ولكن كانت هناك دلائل على أنه مرتبط بجهود الجماعة للحصول على مساعدة إيران ووكيلها اللبناني حزب الله.
ونقلا عن محضر اجتماع عقد في أغسطس 2023، وجد التقرير أن نائب السنوار، خليل الحية، سافر إلى لبنان قبل شهر وناقش تفاصيل الهجوم المخطط له مع العضو الكبير في الحرس الثوري الإيراني، محمد سعيد إيزادي.
خلال اجتماعهما، قال الحية لإيزادي إن حماس ستحتاج إلى المساعدة في ضرب أهداف إسرائيلية خلال “الساعة الأولى” من الهجوم، الذي أطلقت عليه الحركة اسم “طوفان الأقصى”.

وبحسب التقرير، قال إيزادي للحية إن إيران وحزب الله يرحبان بالخطة، لكنه أكدا على أنهما بحاجة إلى وقت “لإعداد البيئة” المناسبة. ولم يذكر التقرير رد إيران النهائي.
وبينما كان الحية يعتزم أيضا مناقشة الخطة مع زعيم حزب الله المتوفي الآن حسن نصر الله، فقد تم تأجيل اجتماعهما ولم يكن من الواضح ما إذا كان قد تم عقده على الإطلاق.
على الرغم من استعدادهما الواضح للمشاركة، مضت حماس قدما في الخطة في نهاية المطاف دون مساعدة مباشرة من إيران أو حزب الله – على الرغم من انضمام الجماعة اللبنانية إلى المعركة بإطلاق صواريخ من جانبها بعد يوم واحد فقط، مما أدى إلى تصاعد الحرب الحالية على تلك الجبهة.
وعرضت نيويورك تايمز عدة أسباب لاستعداد حماس لشن الهجوم دون حليفيها، من بينهما قلق الحركة من أن نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي الجديد الذي تم الترويج له على نطاق واسع كان جاهزا للنشر تقريبا، ولأن القدس والرياض كانت تقتربان كما يبدو من تطبيع العلاقات بينهما.
كما أبلغت الحركة حزب الله بأنها “مضطرة للتحرك نحو معركة استراتيجية” بسبب “الوضع الداخلي” في إسرائيل – في إشارة على ما يبدو إلى الاضطرابات السياسية الداخلية في العام الماضي بسبب حملة الإصلاح القضائي التي دفعت بها الحكومة.
منذ أن بدأت التخطيط للهجوم حتى تاريخ تنفيذه، ركزت حماس على تهدئة إسرائيل وإعطائها احساسا زائفا بالأمن من خلال دفعها إلى الاعتقاد بأنها تركز على حكم غزة بدلا من السعي إلى مزيد من الصراع، وهي حيلة اعتبرت ناجحة على نطاق واسع، حيث أن إسرائيل أخذت على حين غرة.
وفي اجتماع لحماس في أبريل 2022، كان هناك ارتياح بين المشاركين لأن شهر رمضان قد مر دون وقوع حوادث، مما سمح للحركة “بتمويه الفكرة الكبيرة”. وتم التعبير عن مشاعر مماثلة في اجتماعات لاحقة، بما في ذلك في يونيو 2022 بعد “مسيرة الأعلام” السنوية لإحياء “يوم القدس” في البلدة القديمة في القدس، ومرة أخرى في نهاية شهر رمضان في العام التالي.

وبسبب عدم رغبتهم في المجازفة، قرر مسؤولو حماس أن فقط أولئك الذين يجب أن يكونوا على دراية بنواياهم هم من سيعرفون بالخطة. وعلى هذا النحو، ذكرت “نيويورك تايمز” أنه تم إخفاء الخطة عن قيادة الحركة في قطر، ولم يتم إبلاغ سوى رئيس المكتب السياسي للحركة، إسماعيل هنية، الذي اغتيل منذ ذلك الحين، بالاجتماعات السرية مع المسؤولين الإيرانيين وحزب الله.
وفي داخل غزة، تم اتخاذ قرار مماثل فيما يتعلق بالعناصر ذات الرتب الأدنى في الحركة. وكشفت محاضر اجتماع عُقد في يونيو 2022 أن السنوار قرر ألا يتم إبلاغ هذه العناصر بالحجم الكامل للهجوم المخطط له إلا في الساعات التي تسبقه.
وبحلول خريف عام 2023، وبعد تضليل إسرائيل لما يقارب من عامين، بدت حماس مرة أخرى مستعدة للهجوم. لم يتبق سوى نقطة خلاف رئيسية واحدة: هل ينبغي تنفيذ الهجوم في يوم الغفران، الذي صادف في 25 سبتمبر، أو الانتظار حتى “سمحات توراة”، في 7 أكتوبر.
وفي نهاية المطاف، في صباح يوم 7 أكتوبر، شنت الحركة هجومها. وقُتل نحو 1200 شخص في عشرات البلدات الإسرائيلية في جنوب البلاد في ذلك اليوم، وتم احتجاز 251 آخرين كرهائن. ومن بينهم، يُعتقد أن 97 رهينة ما زالوا في غزة.
وتقول وزارة الصحة في غزة إن أكثر من 42 ألف فلسطيني قُتلوا في الحرب التي تلت في القطاع. وتلك الحصيلة لا تفرق بين المدنيين والمقاتلين، ولا يمكن التحقق منها. وتقول إسرائيل إنها قتلت حوالي 17 ألف مقاتل في المعارك حتى أغسطس و 1000 مسلح آخر داخل إسرائيل في 7 أكتوبر وبعده.