تفاؤل بشأن مفاوضات الرهائن والهدنة: رئيس الموساد يتوجه إلى الدوحة، وحماس تطلع حزب الله
غانتس يبلغ نتنياهو أن حزبه المعارض سيدعم أي اتفاق مسؤول، بينما يهدد بن غفير بالانسحاب من الحكومة إذا تم الاتفاق
اكتسبت الجهود الرامية إلى التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق نار وإطلاق سراح الرهائن في غزة زخما يوم الجمعة مع سفر رئيس الموساد ديفيد برنياع إلى قطر للمشاركة في المفاوضات، وإطلاع حماس حزب الله على مقترحها الأخير.
وصل برنياع إلى الدوحة يوم الجمعة على رأس وفد مصغر لمناقشة مستقبل المحادثات وعاد إلى إسرائيل في وقت لاحق من اليوم. وقال مكتب رئيس الوزراء إنه في أعقاب محادثات الجمعة في الدوحة، وافق نتنياهو على إرسال فريق تفاوض إسرائيلي لمتابعة المناقشات الأسبوع المقبل في قطر. وأكد البيان أن “الفجوات بين الطرفين” لا تزال قائمة.
وفي غضون ذلك، أبلغت حركة حماس حليفها حزب الله بموافقتها على اقتراح بوقف إطلاق النار في غزة ورحب زعيم الحركة اللبنانية القوية بهذه الخطوة، حسبما قال مصدران مطلعان على الأمر لرويترز.
وتأتي زيارة برنياع بعد يوم من قول رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للرئيس الأمريكي جو بايدن إن إسرائيل سترسل فريقا لاستئناف المفاوضات.
ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مسؤول مطلع على المحادثات قوله إن مسؤولي الموساد أبلغوا الوسطاء أنهم متفائلون بأن الحكومة الإسرائيلية ستقبل الاقتراح الذي يجري مناقشته حاليا.
وبحسب ما ورد، أثار قرار نتنياهو باستئناف المحادثات غضب الجناح اليميني المتطرف في الائتلاف، الذي هدد بإسقاط الحكومة إذا انتهت الحرب. وورد يوم الجمعة إن زعيم المعارضة بيني غانتس عرض على نتنياهو شبكة أمان لأي “اقتراح مسؤول”.
وأعلنت حماس يوم الجمعة أنها ترفض وجود أي قوات أجنبية في غزة، مما قد يعرقل خطط نتنياهو لحكم القطاع بعد الحرب. وبحسب موقع والا الإخباري، أبلغ برنياع الوسطاء القطريين أن إسرائيل ترفض طلب حماس الحصول على التزام مكتوب من الوسطاء بأن المفاوضات بشأن المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار يمكن أن تمتد إلى أجل غير مسمى إذا لزم الأمر.
وفشلت المفاوضات التي توسطت فيها قطر ومصر والولايات المتحدة حتى الآن في التوصل إلى اتفاق هدنة وإطلاق سراح الرهائن في غزة، منذ اتفاق وقف إطلاق النار الذي استمر أسبوعا في نوفمبر والذي شهد تحرير حماس لـ 105 رهائن مقابل 240 أسيراً فلسطينيا.
وصل رئيس المخابرات الإسرائيلية إلى قطر يوم الجمعة في أحدث دفعة لتحرير الرهائن المحتجزين لدى حماس في غزة، بعد حوالي تسعة أشهر من اندلاع حرب غزة في أعقاب هجوم الحركة على جنوب إسرائيل الذي أسفر عن مقتل ما يقرب من 1200 شخص وخطف 251 آخرين.
والتقى برنياع مع رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني.
ولم يرافق برنياع في رحلته إلى الدوحة زملاءه المفاوضين، رئيس جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) رونين بار، واللواء (احتياط) نيتسان ألون، المسؤول عن المحادثات في الجيش الإسرائيلي ــ وكلاهما جزء من فريق التفاوض الإسرائيلي. وذكرت وسائل إعلام عبرية أن حتى المسؤولين من المستوى الأدنى في جهاز الأمن الداخلي والجيش لم يرافقوا برنياع في طريقه إلى الدوحة.
وانضم إلى برنياع أوفير فالك، صديق نتنياهو المقرب، وفق ما ذكر موقع والا الإخباري.
ونقل الموقع عن مسؤول إسرائيلي قوله إن فالك ليس له دور في المفاوضات، وينظر إليه المفاوضون باعتباره “مفتش” أرسله نتنياهو لمراقبة الوفد الإسرائيلي. وحتى منع أعضاء الوفد فالك من دخول جولة محادثات في القاهرة، بحسب موقع والا.
وذكرت تقارير أن نتنياهو لم يعد يثق في الوفد الإسرائيلي بعد قول المفاوضون للصحافة بشكل مجهول عدة مرات أن رئيس الوزراء كان يعيق التوصل إلى اتفاق.
ورد مكتب رئيس الوزراء على تقرير موقع والا قائلا إن فالك عضو في فريق التفاوض الإسرائيلي وحضر جميع جولات المحادثات السابقة.
وقال البيت الأبيض إنه يرحب بقرار نتنياهو إرسال وفد يوم الجمعة.
وجاء القرار بعد مكالمة هاتفية أجراها بايدن مع نتنياهو يوم الخميس الماضي حث فيها نتنياهو على إحياء المحادثات. ونقل موقع والا عن الرئيس الأميركي قوله لنتنياهو “نعتقد أن هناك فرصة الآن” لإعادة الرهائن إلى ديارهم.
وذكرت وسائل إعلام عبرية أن نتنياهو قرر إرسال الوفد في جلسة مغلقة مع وزير الدفاع يوآف غالانت، قبل اجتماع الحكومة مساء الخميس.
وفي الاجتماع، ورد أن وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير أعرب عن غضبه إزاء القرار، قائلا إنه يجعل الحكومة مجرد “ديكور”.
وقال بن غفير، بحسب التقارير، “أقول لك يا سيدي رئيس الوزراء، إذا اتخذت قرارًا بمفردك، فهذه مسؤوليتك، وستظل بمفردك أيضًا. لم يتم انتخابي من قبل نصف مليون شخص للجلوس في الحكومة بينما يتخذ رؤساء المؤسسة الأمنية القرارات”.
وردا على سؤال من وزيرة الاستخبارات جيلا جامليل عما إذا كان يوجه تهديدا، قال بن فير “أنا لا أهدد. هذه هي الحقيقة. إذا اتخذتم قرارات بمفردكم، فلا تتوقعوا مني أن أدعم الحكومة بعد ذلك”.
وذكرت القناة 12 الإخبارية مساء الجمعة أن بن غفير طالب الاطلاع على الصفقة المقترحة كما هي حاليا.
وقال غانتس في مكالمة هاتفية مع نتنياهو الجمعة إن حزب الوحدة الوطنية الذي يتزعمه سيدعم الحكومة في المصادقة على اتفاق هدنة “مسؤول”، بحسب مكتبه.
وكان غانتس، الذي انضم إلى الحكومة بعد فترة وجيزة من السابع من أكتوبر، قد انسحب من المجلس الحربي المنحل الآن في يونيو، متهماً نتنياهو بممارسة السياسة وسط المعارك. ويعتبر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق مرشحاً بارزاً لخلافة نتنياهو في منصب رئيس الوزراء.
وفي استطلاع للرأي أجرته القناة 12 يوم الجمعة، قال 54% من المشاركين إن الحرب لم تنته بعد بسبب اعتبارات نتنياهو السياسية، وقال 34% إن ذلك يرجع إلى اعتبارات موضوعية وعملياتية، وقال 12% إنهم لا يعرفون.
حماس تلتقي أمين عام حزب الله
في غضون ذلك، قال حزب الله اللبناني في بيان يوم الجمعة إن زعيمه التقى في بيروت مع نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في غزة خليل الحية، لمناقشة “آخر التطورات الأمنية والسياسية” في غزة ومحادثات وقف إطلاق النار الأخيرة.
ونقلت رويترز في وقت لاحق عن مصدرين قولهما إن الحية أطلع نصر الله على أحدث مقترح لحماس لوقف إطلاق النار، وإن نصر الله وافق عليه.
وتقوم القوات التي يقودها حزب الله منذ 8 أكتوبر بمهاجمة البلدات والمواقع العسكرية الإسرائيلية الواقعة على طول الحدود بشكل شبه يومي، بدعوى دعمه لغزة وسط الحرب.
وتصاعدت التوترات مع حزب الله في الأيام الأخيرة، بعد سلسلة من الضربات البارزة التي نفذتها إسرائيل ضد الحركة المدعومة من إيران. ورد حزب الله بوابل من الهجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة، مما تسبب في اشتعال حرائق في أنحاء شمال إسرائيل.
وقال قيادي في حزب الله لرويترز إن الجماعة ستوقف إطلاق النار بمجرد سريان أي اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، مكررا تصريحات سابقة للجماعة.
وأضاف “إذا صار اتفاق وقف إطلاق النار في غزة فحتما سيكون في لبنان وقف إطلاق نار من الساعة صفر نفسها”
وبدا أن هناك تفاؤل متزايد بشأن التوصل إلى اتفاق يوم الجمعة.
وقال مصدر في فريق التفاوض الإسرائيلي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته إن هناك الآن فرصة حقيقية للتوصل إلى اتفاق.
ولكن قال مسؤولون أيضا لهيئة الإذاعة العامة “كان” يوم الجمعة إن الناس يجب أن يكبحوا توقعاتهم بشأن نجاح المحادثات.
وقال مسؤول فلسطيني مقرب من جهود السلام التي تتم بوساطة دولية لرويترز إن اقتراح حماس الجديد قد يؤدي إلى اتفاق إطاري إذا قبلته إسرائيل.
وأضاف أن حماس لم تعد تتمسك بالشرط المسبق بالتزام إسرائيل بوقف إطلاق النار بشكل دائم قبل توقيع الاتفاق، وستسمح للمفاوضات بتحقيق ذلك خلال مرحلة الأسابيع الستة الأولى.
وقال المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه “إذا احتاج الجانبان إلى مزيد من الوقت للتوصل إلى اتفاق بشأن وقف دائم لإطلاق النار، فيجب عليهما الاتفاق على أنه لن تكون هناك عودة إلى القتال حتى يفعلا ذلك”.
وقالت حماس في وقت لاحق إنها ترفض وجود قوات أجنبية في غزة، مشيرة إلى معارضتها لأي خطة لإرسال قوات دولية إلى القطاع للمساعدة في حفظ السلام.
وبشكل منفصل، قالت لجان المقاومة في فلسطين، وهي جماعة فلسطينية متحالفة مع حماس، إنها ستعد أي قوات دولية أو قوات أخرى في غزة قوات محتلة.
وجاء في بيان لها “نعتبر أي محاولة لنشر قوات دولية أو غيرها في غزة بمثابة عدوان على شعبنا وسنتعامل معها كما نتعامل مع العدو الصهيوني المحتل لأرضنا”.
ويبدو أن هذه التصريحات ترد على بعض الخطط التي تم طرحها لحكم غزة بعد الحرب. وتشمل هذه الخطط إدارة القطاع من قبل حلفاء عرب للولايات المتحدة، مثل مصر والإمارات العربية المتحدة.
كما دعا نتنياهو إلى الحفاظ على السيطرة الأمنية الإسرائيلية على غزة مع تولي عشائر محلية إدارة الشؤون المدنية للقطاع. وقال ثلاثة مسؤولين لصحيفة تايمز أوف إسرائيل إن “الحكم المحلي” الذي ينادي به نتنياهو يشير إلى أفراد تابعين للسلطة الفلسطينية، التي أطاحت بها حماس من غزة في عام 2007.
ونقلت وسائل إعلام تركية عن الرئيس رجب طيب أردوغان قوله إنه يأمل في التوصل إلى “وقف نهائي لإطلاق النار في غضون يومين”، وحث دولا غربية على ممارسة ضغوط على إسرائيل لقبول الشروط المطروحة.
اقتراح إسرائيل في مايو
وتستند الجولة الأخيرة من المحادثات إلى مقترح إسرائيلي طرحه بايدن في خطاب ألقاه في 31 مايو.
وتعثرت المحادثات بعد ذلك، لكن قال مسؤول أميركي كبير يوم الخميس إنّ حماس طرحت مقترحات جديدة “قد تشكل الأساس الضروري للتوصل إلى اتفاق”، مع إقراره بأنّ “هذا لا يعني أنّ الاتفاق سيتمّ التوصل اليه خلال الأيام المقبلة”، لأنه “يبقى عمل كثير ينبغي تأديته حول بعض مراحل التطبيق”.
وقال المسؤول إن الولايات المتحدة تعتقد أن إسرائيل وحماس لديهما “فرصة كبيرة” للتوصل إلى اتفاق.
وقال مسؤول إسرائيلي إن العرض الأخير الذي قدمته حماس يقرب الجانبين من التوصل إلى تسوية بشأن البندين 8 و14 من الاقتراح الإسرائيلي. ويتعلق البند 8 بالمفاوضات بين إسرائيل وحماس التي ستُعقد خلال المرحلة الأولى التي تستمر ستة أسابيع من الاتفاق. ويتعلق البند 14 بالانتقال بين المرحلة الأولى والمرحلة الثانية من الاتفاق.
وقد سعت إسرائيل إلى إبقاء صياغة البندين غامضة بشكل يسمح لها باستئناف القتال ضد حماس في غزة إذا اختارت ذلك، في حين سعت حماس إلى ضمان عدم تمكن إسرائيل من استئناف القتال بمجرد موافقة الجانبين على المرحلة الأولية الممتدة لستة أسابيع من الاتفاق.
ساهم لازار بيرمان في إعداد هذا التقرير.