إسرائيل في حالة حرب - اليوم 494

بحث

تصاعد جرائم القتل في الوسط العربي مع فشل الشرطة في وقف الجريمة

القادة العرب يرون أن تكتيكات مكافحة الجريمة غير فعالة أو أسوأ من ذلك، ويتهمون سلطات إنفاذ القانون بعدم تنسيق المداهمات في أم الفحم مع القادة المحليين وتحويل المدينة إلى "ثكنة عسكرية"

مواطنون إسرائيليون عرب يحتجون ضد الجريمة المنظمة وجرائم والقتل الأخيرة بين مجتمعهم، في بلدة مجد الكروم العربية، شمال إسرائيل، 3 أكتوبر، 2019. (David Cohen/Flash90)
مواطنون إسرائيليون عرب يحتجون ضد الجريمة المنظمة وجرائم والقتل الأخيرة بين مجتمعهم، في بلدة مجد الكروم العربية، شمال إسرائيل، 3 أكتوبر، 2019. (David Cohen/Flash90)

أودت جرائم العنف في المجتمع العربي بحياة 21 شخصا في شهر يناير، وهو عدد يزيد عن ضعف عدد القتلى في الشهر نفسه من العام الماضي، وهو ما أثار قلق أجهزة إنفاذ القانون وقادة المجتمع على حد سواء.

على مدى العامين الماضيين، وصل معدل جرائم القتل في المجتمع العربي إلى مستويات غير مسبوقة، حيث تضاعف عن ذروته السابقة في عام 2021. ولكن عام 2025 من المتوقع أن يكون أكثر فتكا إذا استمرت الاتجاهات التي شهدها شهر يناير في الأشهر المقبلة.

وبحلول الثالث من فبراير، ارتفع عدد القتلى في المجتمع العربي إلى 26 شخصا، بما في ذلك ثلاثة أشخاص قُتلوا بالرصاص في بلدة أبو سنان بشمال البلاد بعد منتصف ليل الاثنين. إن العدد هو ضعف عدد ضحايا جرائم القتل العرب حتى نفس النقطة من العام الماضي وأعلى حتى من العدد المسجل في يناير 2023، وهو العام الذي سجل رقما قياسيا وشهد موجة قتل أودت بحياة 244 ضحية.

ونظرا لهذا الارتفاع، أطلقت الشرطة عملية واسعة النطاق في 28 يناير في مدينة أم الفحم العربية الإسرائيلية الكبرى بهدف معلن هو تعزيز الأمن العام ومكافحة الجرائم الخطيرة.

لكن قادة المجتمع العربي استاؤوا من نشاط الشرطة، وأصروا على أنه لم يفعل شيئا لردع جرائم القتل داخل المجتمع.

وقال رئيس بلدية أم الفحم سمير محاميد، الذي اتهم الشرطة بمداهمة منازل ومحال تجارية تابعة لمواطنين ملتزمين بالقانون دون داع، إن “ما حدث يوم الثلاثاء لم يكن ينبغي أن يحدث”.

وقال محاميد لـ”تايمز أوف إسرائيل” إن الشرطة لم تعط لمسؤولي المدينة أي تحذير مسبق بشأن العملية.

الدكتور سمير صبحي محاميد، رئيس بلدية أم الفحم، في مكتبه، 4 فبراير، 2020. (Oded Balilty/AP Photo)

وقال: “لم يكن لدي أي فكرة عن حدوث ذلك، ولم ينسقوا على الإطلاق. فجأة بدأت أتلقى مكالمات من السكان، فاتصلت بقائد المركز الذي أخبرني أن هناك عملية جارية في المدينة”.

وأصدرت بلدية أم الفحم بيانا مع تقدم العملية، نددت فيها بالعملية ووصفتها بأنها “مهينة ومذلة” وانتقدت الشرطة لقيامها بـ”تحويل المدينة إلى ثكنة عسكرية”.

من جهتها، تباهت الشرطة بالانجازات التي حققتها بعد اختتام العملية. وشارك أكثر من ألف شرطي في المناورة، التي شهدت اعتقال 31 مشتبها بهم في جرائم اقتصادية وجرائم تتعلق بمكان العمل، وتمت مصادرة 33 مركبة غير مرخصة، وخمسة كيلوغرامات من المخدرات.

لكن أي ردع حققته الشرطة انتهى بحلول يوم الجمعة، عندما قُتل ثلاثة من سكان المدينة في نهاية الشهر في جريمة إطلاق نار ودهس.

عناصر من الشرطة يتجمعون خلال عملية استمرت يوما كاملاً في أم الفحم للقضاء على جرائم العنف، 28 يناير، 2025. (Israel Police)

وقعت الحادثة عندما أطلق مسلحون النار على الشاب أحمد جبارين (25 عاما) أثناء قيادته دراجته النارية، ما أدى إلى إصابته. وبينما هرع المارة لمساعدته، صدمت سيارة الحشد، مما أدى إلى مقتل جبارين وربحي رمضان محاميد (54 عاما) على الفور وإصابة أربعة آخرين.

وتوفي أحد المصابين، وهو عز الدين موسى محاميد، متأثرا بجراحه في المستشفى صباح الأحد.

في وقت لاحق من اليوم، اعتقلت الشرطة ثلاثة مشتبه بهم على صلة بالحادثة، لكن كثيرين يشعرون أن الشرطة لا تبذل جهودا كافية لمكافحة الجريمة في المدن والبلدات العربية.

وتساءل محمد منعم محاميد، شقيق عز الدين، في تصريحات نشرها موقع “واينت” الإخباري “لماذا يجب أن تدخل هذه المأساة إلى كل بيت في أم الفحم”، مضيفا “علينا أن نوقف هذا العنف. إن المسؤولية تقع على عاتق الشرطة والدولة. المواطنون لا يمكنهم فعل أي شيء”.

الشرطة في مكان وقوع جريمة قتل مشتبه بها في اللد، 12 فبراير، 2023. (Police)

وأشار السياسي المخضرم أحمد الطيبي، الذي يترأس حزب “العربية للتغيير”، إلى أن الشرطة تواجه منظمات إجرامية اكتسبت قوة هائلة بفضل سنوات من إهمال الشرطة.

وقال الطيبي لـ”تايمز أوف إسرائيل”: “في الممارسة العملية، لا يشعر المجتمع العربي بوجود الشرطة، ويشعر بوجود منظمات الجريمة”، مضيفا “يبدو الأمر كما لو كانت هذه المنظمات دولة داخل دولة، فهي تحدد وتيرة الجرائم، وترتكب الجرائم مرارا وتكرارا، والشرطة لا تستطيع إيقافها”.

وألقى باللائمة في تصاعد العنف على النجاح المحدود الذي حققته الشرطة في حل قضايا القتل في المجتمع العربي. في تقرير سنوي، قدّرت منظمة “مبادرات إبراهيم” أن أجهزة إنفاذ القانون تمكنت العام الماضي من حل ما يقرب من 15٪ فقط من جرائم القتل في الوسط العربي.

موقع جريمة القتل الثلاثية في أم الفحم بتاريخ 31 يناير، 2025. (Magen David Adom)

وأضاف الطيبي “لا يوجد عقاب ولا يوجد رادع، لذلك من قام بالقتل سوف يفعلها مرة أخرى”.

ووصف يوني آرييه، الذي يدير مشروع “المجتمعات الآمنة” في مبادرات إبراهيم، عملية يوم الثلاثاء بأنها “استغلال ساخر” لمكافحة الجريمة، وقال “إنهم يستغلون هذا الصراع المهم للقيام بكل أنواع الأمور التي يريدون القيام بها، دون أي صلة على الإطلاق [بالجريمة المنظمة]”.

وأشار آرييه إلى أن من بين أهداف عملية الأسبوع الماضي في أم الفحم كانت مكاتب برنامج يهدف إلى الحد من العنف في المجتمع العربي من خلال التوسط بين العائلات المتناحرة، لكنه مرتبط برجل الدين المتطرف الشيخ رائد صلاح، الذي سُجن مرارا وتكرارا بتهمة التحريض على الإرهاب.

وقد أنشأت هيئة “نشر السلام” مجموعة موحدة من المبادئ التوجيهية للجان المصالحة المحلية في حل النزاعات التي قد تكون مميتة في المجتمع.

الشيخ رائد صلاح (وسط اليسار)، زعيم الفرع الشمالي المتطرف للحركة الإسلامية في إسرائيل، يحتفل مع أنصاره بعد إطلاق سراحه من السجن في مدينة أم الفحم العربية في شمال إسرائيل، 13 ديسمبر، 2021. (Ahmad Gharabli/AFP)

لكن وزير الدفاع يسرائيل كاتس أعلن الهيئة خارجة عن القانون، مشيرا إلى ارتباطها بصلاح، رئيس الفرع الشمالي للحركة الإسلامية.

وزعمت الشرطة أن البرنامج كان بمثابة غطاء لصلاح لمواصلة أنشطته السياسية الإسلامية، لكن تحركها لإغلاقه أثار استياء القيادة العربية في إسرائيل على نطاق واسع.

وأشاد محاميد بالبرنامج، الذي زعم أنه نجح في حل 1600 نزاع داخلي في العام الماضي.

كما انتقد رئيس حزب “القائمة العربية الموحدة” عضو الكنيست منصور عباس، الذي يرتبط حزبه بالفرع الجنوبي الأكثر اعتدالا في الحركة الإسلامية، بالخطوة التي اتخذتها سلطات إنفاذ القانون، محذرا من أنها قد تضر بالجهود الرامية لكبح جرائم العنف.

وفي اجتماع عقد يوم الخميس في الناصرة، تعهد أعضاء لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في إسرائيل، وهي منظمة جامعة رائدة للأقلية العربية في إسرائيل، بمحاربة الحظر من خلال الوسائل القانونية.

ويعتزم أعضاء اللجنة تقديم التماس لوزارة الدفاع، وفي حال فشله تقديم التماس إلى محكمة العدل العليا.

اقرأ المزيد عن